بعد اعتقالهم وترحيلهم من إسرائيل.. عمّال غزة يبحثون عن عائلاتهم بين الأحياء والأموات
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
"كنت من العمّال الفلسطينيين في إسرائيل، كنّا سعداء وأوضاعنا جيدة، لكن عندما وقعت هذه الحرب، أخذنا كلنا بنظام خطف، بتنا لا نعرف شيئاً عن أهلنا في غزة ولا هم يعرفون شيئاً عنا"، يقول عبد النجار، أحد العمال الفلسطينيين الذين رحّلتهم إسرائيل إلى قطاع غزة، بعد اعتقالهم في الأراضي الإسرائيلية عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
عبد، وهو من خان يونس، واحد من بين 7000 عامل فلسطيني أعادتهم إسرائيل، الجمعة، إلى غزة، عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي، يقول لمراسل الحرة: "نحن سعداء بالإفراج عنا، لكن نتمنى أن نجد أهلنا بخير وسلامة".
وتحدث مراسل "الحرة" إلى عدد من العمّال الفلسطينيين عند المعبر لدى دخولهم إلى غزة، حيث أعربوا جميعاً عن عدم علمهم بمصير عائلاتهم في القطاع، بسبب انقطاع الاتصال بينهم خلال فترة توقيفهم في إسرائيل، "حيث كانوا يتواجدون للعمل، عند اندلاع الحرب".
يقول أحد العمال: "ما حصل معنا أمر غريب، لم نكن نعرف أن كل ذلك سيحصل أصلاًَ، احتجزونا واقتادونا إلى السجون، وتعرضنا لعذاب هناك. واليوم أفرجوا عنا".
ويضيف: "لا أعرف شيئاً عن أهلي، ولم أتواصل معهم فليس لدي هاتف. الإسرائيليون لم يسمحوا لنا بالاتصال بأحد، أو الاطمئنان على أحد، ولا حتى سمعنا أية أخبار".
وحاول موقع الحرة التواصل مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي. ولم يتسن الحصول على رد حتى كتابة هذا التقرير.
واعتُقل عدد غير معروف من هؤلاء العمال في مداهمات بجميع أنحاء إسرائيل في الأيام التي تلت 7 أكتوبر، بحسب صحيفة "غارديان" البريطانية، وسُجنوا بموجب مبدأ الاعتقال الإداري، الذي يسمح باعتقال المشتبه بهم دون تهمة أو الوصول إلى أدلة ضدهم، على أساس أنهم "قد يخرقون القانون في المستقبل".
ويؤكد عامل ثان لمراسل "الحرة"، أنه كان محتجزا في إسرائيل منذ 25 يوماً، دون وجود اتصال بينه وبين أهله، قائلا: "وصلت الآن ولا أعرف ما حصل هناك أو هنا. لا نعرف شيئاً عن مجريات الحرب".
ويشير إلى أنه "متوجه إلى مدينة غزة لمعرفة مصير أهله"، مستطردا: "أتمنى أن يكونوا أحياء، ومثلي كل هؤلاء العمال، كل ما كنا نفعله خلال احتجازنا هو أن ننتظر وندعو بسلامة أهلنا".
وقبل هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل في السابع من أكتوبر، كان نحو 18500 من أهالي غزة يحملون تصاريح عمل إسرائيلية، بحسب "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وهي هيئة إسرائيلية مسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية.
ولم ترد الوحدة الإسرائيلية على طلب "فرانس برس" معرفة عدد الغزيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل يوم السابع من أكتوبر.
ويعمل معظم هؤلاء العمال في الزراعة والبناء، كجزء من سياسة إسرائيلية تهدف إلى تخفيف الفقر المدقع في غزة، وإنشاء شريان حياة اقتصادي، إلا أن اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، جعلهم محتجزين لدى إسرائيل، أو لاجئين في الضفة الغربية، بعد هروبهم من الملاحقة الإسرائيلية.
وبحسب تقرير لصحيفة "غارديان"، فإن هناك عدة آلاف من الأشخاص الذين شقوا طريقهم إلى الضفة الغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بحثا عن مواطنيهم وعن مكان آمن نسبيا.
وقد التقت الصحيفة بالعديد منهم في رام الله، العاصمة الإدارية للضفة الغربية، في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وبحسب التقرير، فإن لدى هؤلاء "خوف من شيئين"، هما "خوف من تلقي رسالة نصية أو مكالمة هاتفية من غزة تفيد بأن أسرهم قُتلت أو اختفت تحت الأنقاض، ومن أن الشرطة والجنود الإسرائيليين سيقتحمون ملجأهم في رام الله ويحبسونهم".
"أريد فقط الإطمئنان عنهم (عائلته) إن كانوا بين الأحياء أو الأموات، أريد فقط أن أعرف أوضاعهم"، يقول عامل آخر لمراسل الحرة أثناء دخوله المعبر الحدودي نحو غزة، بعد احتجازه 24 يوماً.
فيما يقول آخر باكياً: "ماذا أقول لكم؟.. على مدى 24 يوماً لم ندخل الحمام إلا مرتين، لا نأكل، وكنا مكبلين".
وقال العديد من العمال إنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة في مرافق السجون العسكرية الإسرائيلية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بحسب "غارديان".
وتحدثت تقارير إعلامية عن وقائع كشفتها صور وتسجيلات على هواتف جنود إسرائيليين.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إنها "مُنعت مراراً من الوصول إلى العمّال المعتقلين، الذين تم احتجازهم باعتبارهم أعداء غير مقاتلين".
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب "غارديان" للتعليق على الاعتقالات، أو مزاعم سوء المعاملة.
وقبل شهر فقط، كان هؤلاء العمال مجموعة مميزة نسبياً من الفلسطينيين في غزة، الذين لديهم تصاريح لمغادرة المنطقة الفقيرة والعمل في إسرائيل، حيث "الرواتب أعلى بـ6 أضعاف"، وفقاً لبحث صدر العام الماضي عن المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي.
إلا أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي أعلن، الخميس، في بيان، أن البلاد "تقطع كل اتصالاتها مع غزة". وأضاف: "لن يكون هناك المزيد من العمّال الفلسطينيين من غزة".
بدوره، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، مساء الخميس، أن "هؤلاء العمال من قطاع غزة الذين كانوا في إسرائيل يوم اندلاع الحرب، ستتم إعادتهم إلى غزة".
وأعربت الأمم المتحدة عن "قلقها" من هذه الخطوة، في ظل المخاطر الكبيرة جرّاء الحرب الدائرة في القطاع.
وأشارت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إليزابيث ثروسيل، إلى "عدم وجود منازل على الأرجح ليعود إليها العمّال، فيما يواجهون مخاطر كبيرة جرّاء الحرب الدائرة في القطاع".
وقالت: "فهمت أن من بين هؤلاء الأشخاص الذين تتم إعادتهم، عمّال فلسطينيون ومرضى كانوا في المستشفيات، احتجزوا في أعقاب السابع أكتوبر".
وتابعت ثروسيل: "نشعر بقلق بالغ من أن 4000 عامل فلسطيني ومريض في المستشفيات احتجزوا من دون أساس قانوني كاف في منشآت عسكرية، بعدما سحبت إسرائيل تصاريحهم".
كما أشارت إلى "تقارير مقلقة عن إعادة البعض إلى غزة، رغم خطورة الوضع هناك". وأضافت: "لا نعرف إلى أين على وجه الدقة. على الأرجح لم يتضح إن كان لديهم منازل حتى ليتوجّهوا إليها. الوضع صعب وخطير إلى حد كبير".
وفي 7 أكتوبر، شنت حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، هجوما على إسرائيل، بإطلاق آلاف الصواريخ وتسلل مسلحين تابعين لها إلى بلدات ومناطق غلاف غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال.
وردت إسرائيل على الهجوم بقصف مكثف على غزة، وتوغل بري، مما تسبب بمقتل أكثر من 9227 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة في غزة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ال الفلسطینیین هؤلاء العمال فی إسرائیل إلى غزة من العم فی غزة
إقرأ أيضاً:
مع إثارة ترامب للشكوك.. الأوروبيون يبحثون التحول المحتمل عن المظلة الأمريكية وردعهم النووي الخاص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع استمرار تزايد الشكوك حول التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو فى تأجيج المخاوف، تنخرط أوروبا فى نقاشٍ مهم حول مستقبل استراتيجيتها الدفاعية النووية. فى ظل التوترات التى شابت فترة ولاية الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى العلاقات عبر الأطلسي، يتساءل القادة الأوروبيون الآن عما إذا كان بإمكان القارة الاستمرار فى الاعتماد على الردع النووى الأمريكي، أو ما إذا كانوا بحاجة إلى التطلع إلى الداخل من أجل استراتيجية دفاعية أكثر استقلالية.
نقاش جديداكتسب النقاش حول مستقبل أوروبا النووى زخمًا بعد أن اقترح المستشار الألمانى الجديد، فريدريش ميرز، أن على أوروبا النظر فى توسيع نطاق الردع النووى ليشمل ألمانيا، لا سيما فى ضوء تنامى انعدام الثقة فى التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو. وقد عبّر هذا التعليق عن تصريحات سابقة لقادة بولنديين، بمن فيهم رئيس الوزراء دونالد توسك، الذى أشار إلى أن بولندا، إلى جانب أوكرانيا، تواجهان مخاطر أمنية متزايدة بسبب موقف السياسة الخارجية الأمريكية غير المتوقع.
وزاد الرئيس البولندي، أندريه دودا، من تأجيج النقاش باقتراحه أن تنظر الولايات المتحدة فى نقل بعض أسلحتها النووية من أوروبا الغربية إلى بولندا لتعزيز الأمن. أثارت هذه التصريحات ردود فعل فورية، نظرًا لحساسية المناقشات النووية والحساسية الجيوسياسية المحيطة بمفهوم الردع الموسع.
تحديات استبدال المظلة النووية الأمريكيةفى الوقت الحالي، لا تزال الترسانة النووية الأمريكية تُشكل العمود الفقرى للردع النووى لحلف الناتو. ومع ذلك، تمتلك كل من فرنسا وبريطانيا قدراتها النووية الخاصة، على الرغم من أن ترساناتهما أصغر بكثير من ترسانة أمريكا. تمتلك فرنسا وبريطانيا معًا ما يقرب من ٥٠٠ رأس نووي، مقارنةً بـ ٣٧٠٠ رأس نووى للولايات المتحدة، مع وجود أسلحة إضافية تنتظر التعطيل. إن غياب "الثالوث النووي" - الذى يشمل الصواريخ الأرضية والقاذفات والغواصات - يُعقّد بشكل أكبر إمكانية وجود دفاع نووى أوروبى فقط. ومع ذلك، يتميز الردع النووى الفرنسى المستقل عن نظيره البريطاني. فقد رفضت فرنسا تاريخيًا دمج قواتها النووية مع قوات حلف شمال الأطلسى (الناتو)، وتحتفظ بالسلطة الحصرية على استخدام أسلحتها النووية. يتيح هذا الاستقلال لفرنسا استجابة أكثر مرونة، ولكنه يحد أيضًا من إمكانية التعاون النووى الأوروبي.
القدرات النووية الفرنسية والبريطانية
لا تزال الاستراتيجية النووية الفرنسية، القائمة على الغواصات والقاذفات، أقل شفافية من النهج الأمريكى التقليدي. ويشير خبراء مثل كلوديا ميجور من صندوق مارشال الألمانى إلى أنه على الرغم من غموض عقيدة فرنسا عمدًا للحفاظ على الردع، إلا أنها تثير تساؤلات حول استعداد البلاد للتحرك فى مواجهة أزمة محتملة تشمل أعضاء آخرين فى حلف الناتو. وقد تركت تعليقات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الأخيرة حول "البعد الأوروبي" للردع النووى الفرنسى الكثيرين فى حيرة من أمرهم بشأن مدى استعداد فرنسا للدفاع عن جيرانها.
وفى غضون ذلك، يعتمد الردع النووى البريطانى بشكل كبير على صواريخ ترايدنت الأمريكية، مما يثير مخاوف بشأن سيطرة المملكة المتحدة على قواتها النووية. وبينما تحتفظ بريطانيا برادع قائم على الغواصات، أثار الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية نقاشات حول ما إذا كان بإمكان المملكة المتحدة الحفاظ على استقلاليتها الكاملة فى إدارة ترسانتها النووية.
التشارك النووى المحتمل
بينما تفكر أوروبا فى استراتيجيتها الأمنية المستقبلية، عاد مفهوم "التشارك النووي" إلى الواجهة. يمكن أن يمتد هذا الترتيب، حيث تستضيف دول مثل ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا أسلحة نووية أمريكية لإيصالها عبر طائراتها الخاصة، إلى دول أخرى، مثل بولندا. ومع ذلك، بالنسبة لدول مثل فرنسا، التى تفرض سيطرة صارمة على قواتها النووية، فإن التشارك النووى سيمثل خروجًا كبيرًا عن عقيدتها الراسخة.
ويجادل بعض المحللين، مثل كاميل غراند، بأنه على الرغم من أن القدرات النووية الفرنسية والبريطانية تُشكل درجة من عدم اليقين بالنسبة لروسيا، إلا أنها من غير المرجح أن تحل محل المظلة النووية الأمريكية. إن تركيز فرنسا على الدفاع الوطنى بدلًا من الردع الجماعى لحلف الناتو يعنى أن أسلحتها النووية قد لا تُعتبر ضمانةً موثوقةً للحلفاء الأوروبيين.
مستقبل الناتو
يعكس الجدل الدائر حول الاستقلال النووى الأوروبى مخاوف أوسع نطاقًا بشأن مستقبل الناتو والعلاقات عبر الأطلسي. وبينما تدرس أوروبا جدوى نظام دفاع نووى مكتفٍ ذاتيًا، تُثار مخاوف من فك الارتباط بالولايات المتحدة. وقد دفع احتمال تقليص الولايات المتحدة لالتزامها بالأمن الأوروبى - وهو أمر يخشاه الكثيرون فى أوروبا فى ظل قادة مثل ترامب - إلى إعادة تقييم الدور الذى ينبغى أن تلعبه الدول الأوروبية فى دفاعها عن نفسها.
ويشير ثورستن بينر، مدير معهد السياسات العامة العالمية، إلى أن ألمانيا قد تضطر إلى النظر فى تطوير قدراتها النووية الخاصة إذا لم تستطع الاعتماد على رادع الناتو. ورغم أن فكرة امتلاك ألمانيا لسلاح نووى كانت هامشية تقليديًا، إلا أنها تكتسب تدريجيًا اهتمامًا واسع النطاق.
تحول فى أولويات الدفاع الأوروبية؟
يرى العديد من الخبراء، مثل ماثيو كرونيج من المجلس الأطلسي، أن النقاش الدائر يشير إلى تحول فى أولويات الدفاع الأوروبية. فبينما وفّر الناتو منذ فترة طويلة إطارًا أمنيًا يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي، قد تحتاج الدول الأوروبية بشكل متزايد إلى التركيز على قدراتها الدفاعية الخاصة. ومع ذلك، يؤكد كرونيج أنه بالنسبة للقدرات المتطورة مثل الردع النووي، فإن الولايات المتحدة وحدها هى القادرة على توفير رادع موثوق فى مواجهة العدوان الروسي. ويثير النقاش حول مستقبل أوروبا النووى أسئلة معقدة حول الأمن والسيادة ومستقبل الناتو. فى الوقت الحالي، لا يبقى أمام الحلفاء الأوروبيين سوى الموازنة بين الحاجة إلى دفاع نووى أقوى والعواقب المحتملة لعزل الولايات المتحدة. وتظل مصداقية الردع التى يتمتع بها حلف شمال الأطلسى غير مؤكدة فى الوقت الذى تواجه فيه أوروبا المهمة الشاقة المتمثلة فى التنقل عبر المشهد الأمني دون تقويض تحالفها الحيوى عبر الأطلسي.