رصد – نبض السودان

دعت مدافعات سودانيات عن حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك، بصورة عاجلة، لحماية النساء في السودان من خطر العنف الجنسي المتفشي في خضم الحرب المستمرة في أنحاء متفرقة من البلاد.

جاءت هذه الدعوة من ثلاث نساء سودانيات مدافعات عن حقوق الإنسان، تحدثن مع أخبار الأمم المتحدة، خلال وجودهن في نيويورك، للمشاركة في فعاليات بمناسبة الذكرى السنوية لقرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلم والأمن.

تعقد هذه الفعاليات السنوية للتأكيد على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة وضرورة إشراكها بصورة هادفة في عمليات السلام.

وسلطت الناشطات الثلاث الضوء على معاناة المرأة السودانية بسبب الحرب التي فاقمت من معاناة السودانيين والسودانيات، وأجبرت الملايين منهم على الفرار من ديارهم. كما يواجه أطراف النزاع اتهامات باستخدام أجساد النساء “كساحات للحرب”، أي استخدام العنف الجنسي- وعلى رأسه الاغتصاب- كأسلوب من أساليب الحرب.

ممثلة للمجتمع المدني في السودان، تحدثت المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي، هالة الكارب في جلسة لمجلس الأمن عقدت تحت عنوان “مشاركة المرأة في السلم والأمن الدوليين: من النظرية إلى الممارسة”.

لا تؤخذ حيوات النساء وما يحدث لهن بالجدية الكافية، ويتم التعامل مع النساء باعتبارهن أضرارا جانبية

وقالت الكارب إن مشاركتها في الجلسة كانت بهدف تقديم إضاءة حول العنف والفظاعات الممنهجة والكبيرة التي تحدث للنساء السودانيات، وخاصة في دارفور- ولتوضيح أن ما يحدث في السودان هو انتهاك صارخ تستخدم فيه أجساد النساء وحيواتهن كتكتيك لهذه الحرب، على حد تعبيرها.

وقالت إن ما تم ارتكابه من جرائم خلال هذه الحرب “قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية”، مشيرة إلى أن حيوات النساء وما يحدث لهن لا يؤخذان “بالجدية الكافية، ويتم التعامل معنا باعتبارنا أضرارا جانبية”.

ودعت هالة الكارب المجتمع الدولي إلى القيام “بواجبه الذي تخلى عنه منذ أكثر من عشرين عاما لم تتوقف فيها الانتهاكات والتنكيل بالسودانيين وقتلهم” على حد قولها.

وأضافت قائلة: “الاغتصاب والاعتداء الجنسي ونزع الممتلكات والتهجير القسري هذه كلها جرائم مارسها نظام الرئيس السابق عمر البشير، بالتعاون مع مليشيات الجنجويد، والتي أصبحت لاحقا مليشيات الدعم السريع”.

وقالت الناشطة السودانية إن هذه الانتهاكات استمرت حتى خلال الفترة الانتقالية ولم تتم محاكمة مرتكبي الجرائم “بل تمت ترقيتهم إلى مناصب أعلى في الدولة، الأمر الذي أعطى المنتهكين إحساسا بأنهم فوق القانون” حسب قولها.

وشددت هالة الكارب على ضرورة المحاسبة عن الجرائم المرتكبة، مشيرة إلى أن العنف الجاري حاليا هو امتداد “للانتهاكات التي حدثت للمدنيين في دارفور منذ عشرين عاما بواسطة قوات الدعم السريع”.

أما الآن، وفقا للسيدة هالة الكارب، فإن الطرفين- الجيش السوداني والدعم السريع- يمارسان “انتهاكات ضد المدنيين تتمثل في القصف الممنهج للمناطق السكنية في الخرطوم ونيالا الأمر الذي يؤدي إلى وقوع ضحايا من المدنيين”.

وأكدت الكارب على ضرورة وقف العدائيات بشكل كامل، وأضافت قائلة:

“طالبنا مجلس الأمن بأن يضيف العنف الجنسي والعنف ضد النساء باعتباره أحد شروط رفع العقوبات عن السودان، لأن الحكومة السودانية ظلت، ولفترة طويلة، تعتقد أن بإمكانها أن تمارس ما تشاء من العنف الجنسي. وقد أصبحت هذه المسألة لا تطاق لأنها استمرت لأكثر من عشرين سنة”.

نعمات أحمداي، رئيسة منظمة نساء دارفور من أجل العمل الجاد تقول إن الحرب الدائرة الآن فاقمت الكارثة المستمرة في دارفور منذ عشرين عاما، داعية العالم إلى عدم نسيان السودان في خضم الكوارث الكثيرة التي تجري في أجزاء متعددة من العالم.

وأشارت أحمداي إلى لقائها بممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومسؤولي الأمم المتحدة- ومن بينهم ممثلة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع- بهدف إيصال صوت النساء السودانيات بالتركيز على المطالب بتوفير الحماية والأمن وإيصال المساعدات الإنسانية لكافة المتضررين من الحرب وخاصة النساء ودعم المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني الموجودة على الأرض التي تقوم بدور كبير في مساعدة المتضررين من الحرب وخاصة المتضررات من العنف الجنسي.

وأكدت نعمات أحمداي على ضرورة حماية المدنيين وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية، بدون أي عوائق. وقالت إن هذا الأمر لن يحدث إلا “بتدخل دولي”. وقالت إن الناس في السودان، وخاصة دارفور، عانوا بما فيه الكفاية من ويلات الحرب. وتابعت: “الوضع في السودان خطير جدا وإذا لم يحدث تدخل دولي ستحدث أزمة وموت جماعي”.

وطالبت مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة “للتدخل بهدف حماية المدنيين وخاصة النساء”.

وناشدت السيدة أحمداي الأطراف المتصارعة وقف الحرب التي قالت إن الأطراف المتصارعة استخدمت فيها “أجساد النساء ساحات للحرب”، الأمر الذي “يشكل انتهاكا وجريمة عظمى”.

كما أكدت أنه “ما من منتصر في هذه الحرب وأن الخاسر هو الشعب السوداني”.

فهيمة هاشم الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق النساء قالت إن النساء يقعن دائما ضحايا للنزاعات المتكررة التي ظل السودان يشهدها، منبهة إلى أن العنف ضد النساء يهدف إلى “كسر النساء وإجهاض العمل النسوي”.

وذكرت أن الحركة النسوية السياسية في السودان ظلت تناضل من أجل حقوق النساء في السودان، مشيرة إلى أن الحكومات المتعاقبة ظلت تتغاضى عن حقوق النساء.

كما تحدثت عن الحملات التي ظهرت عقب الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2018، والتي كانت تطالب بإشراك النساء بنسبة لا تقل عن 50 في المائة في الحكومة.

تطرقت السيدة فهيمة أيضا إلى ما وصفتها بـ”القوانين المجحفة في حق النساء” التي وضعتها حكومة الرئيس السابق عمر البشير- مثل قانوني الأحوال الشخصية والنظام العام- ولا تزال هذه القوانين موجودة على الرغم من إلغائها في أعقاب الثورة. وأضافت قائلة:

“حتى قبل الحرب، كان يتم استخدام أجساد النساء، بصورة منهجية، كساحات للحرب. وعندما اندلعت الحرب الحالية، رأى الناس وخاصة في الخرطوم مواقف مختلفة، حيث تم احتلال منازلهم واغتصاب فتياتهم وطفلاتهم أمام أعينهم واختطاف بعضهن إلى مناطق أخرى. لا يمكن أن يحدث أقبح من هذا بالنسبة للنساء”.

كل هذه الجرائم، وفقا للسيدة فهيمة، تعد بمثابة جرائم ضد الإنسانية ومن المفترض أن تتم محاسبة مقترفيها وخاصة بعد صدور القرار 1325.

وقالت إن مجلس الأمن أصدر قرارات عديدة “وكلها تؤكد أن الجرائم التي تحدث أثناء النزاعات هي جرائم ضد الإنسانية”. وشددت على ضرورة توثيق كافة الجرائم التي تحدث في السودان، وخاصة في دارفور، بهدف تحقيق المحاسبة.

وأشارت إلى أن واحدة من المشاكل التي ظل السودان يواجهها طوال تاريخه هي أن من يرتكبون الجرائم لا تتم محاسبتهم الأمر الذي جعل هذه الجرائم “أمرا عاديا” ويعتقد مرتكبوها أنه ليس بالإمكان محاسبتهم.

دعت فهيمة هاشم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية إلى إلزام الحكومات المقبلة في السودان بضرورة إعطاء الأولوية لقضية المحاسبة على الجرائم المرتكبة ضد النساء.

وقالت إنه ما لم تشارك النساء، بصورة جادة، في أي مفاوضات مستقبلية، بهدف مناقشة القضايا التي تمسهن “فلن نستطيع الحصول على حكومة قوية. وسنظل نكرر المشاكل نفسها، لأن الرجال لا يريدون أن يتعلموا ويعوا دور النساء في مجال التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي”.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: حقوقيات مدافعات يطالبن الأمم المتحدة العنف الجنسی فی السودان مجلس الأمن الأمر الذی فی دارفور على ضرورة وقالت إن عن حقوق إلى أن

إقرأ أيضاً:

تصاعد العنف بجنوب السودان يفاقم الأزمة الإنسانية ويؤدي لنزوح 125 ألف شخص

في وقت يشهد فيه جنوب السودان تفاقما في الأزمة الإنسانية، عبرت منسقة الشؤون الإنسانية في البلاد، أنيتا كيكي غبهو، عن قلقها العميق حيال التصعيد السريع للعنف الذي يجتاح المنطقة.

وقالت غبهو خلال زيارتها مدينة ملكال (عاصمة ولاية أعالي النيل) إن زيارتها كشفت عن مأساة إنسانية متزايدة جراء النزاع المستمر، حيث استمعت إلى شهادات حية تؤكد تأثير العنف على المدنيين، ومن بينهم النساء والأطفال، الذين يعانون في ظل هذا النزاع المستمر.

منذ بداية مارس/آذار الماضي، شهد جنوب السودان تصاعدا خطيرا في الاشتباكات العسكرية والقصف المدفعي بين الأطراف المتنازعة.

وأسفر هذا التصعيد عن مقتل أكثر من 180 شخصا، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 250 آخرين بجروح متفاوتة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في البلاد بحسب بيان للأمم المتحدة.

وأضاف البيان أن هذا العنف تزامن مع نزوح جماعي، حيث فر نحو 125 ألف شخص من مناطقهم بحثا عن الأمان، مما يضع ضغوطا إضافية على المخيمات الإنسانية والمنظمات المعنية.

وأشارت غبهو إلى أن العنف شمل أيضا العاملين في المجال الإنساني، إذ لقي 4 من العاملين في الإغاثة حتفهم في أثناء أداء مهامهم الإنسانية، بينما اضطرت 6 منشآت صحية إلى الإغلاق بسبب القصف والهجمات على المرافق الصحية.

إعلان

هذه الهجمات على المنشآت الإنسانية تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، إذ إنها تؤثر بشكل مباشر على قدرة المجتمع الدولي على تقديم الدعم للمحتاجين، خاصة في مناطق النزاع.

من خلال شهادات الأهالي في ملكال، أكدت غبهو أن العنف لم يقتصر على القتال المباشر بين الأطراف المتنازعة، بل امتد أيضا إلى استخدام المدنيين رهائن في معركة لا هوادة فيها، مما جعل الحياة اليومية في جنوب السودان أشبه بحرب غير معلنة.

وأشارت إلى أن كثيرا من النساء والفتيات قد تعرضن لاعتداءات جنسية خلال النزاعات، ما يزيد من الأعباء الإنسانية والمعاناة في مناطق النزاع.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدات، فإن الوضع يزداد تعقيدا بسبب القيود المتزايدة على الوصول إلى مناطق النزاع، ما يعوق جهود الإغاثة وتقديم المساعدات اللازمة.

وقد حثت غبهو جميع الأطراف المتنازعة على الامتناع بشكل قاطع عن استهداف المدنيين، ومن بينهم العاملون في المجال الإنساني الذين يواجهون المخاطر اليومية لتقديم الدعم والمساعدة.

وتجدر الإشارة إلى أن جنوب السودان، منذ انفصاله عن السودان في 2011، يعيش في حالة من النزاع المستمر بين الحكومة والمجموعات المتمردة، مما أدى إلى تدهور الوضع الأمني والإنساني في البلاد.

ورغم توقيع اتفاقية السلام في 2013، فإن أعمال العنف المستمرة والاشتباكات بين الفصائل السياسية والعسكرية قد فشلت في تحقيق الاستقرار الحقيقي.

في ظل هذه الظروف الصعبة، فإن الحاجة إلى تدخل المجتمع الدولي تصبح أكثر إلحاحا، حيث تتطلب الأزمة الإنسانية في جنوب السودان دعما أكبر من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لضمان تقديم المساعدات الأساسية وتوفير الأمان للمدنيين.

إن تصاعد العنف يهدد بزيادة معاناة ملايين الأشخاص الذين يعانون أصلا من الفقر والجوع والمرض، وهو ما يستدعي استجابة عاجلة لمنع مزيد من الدمار والموت.

إعلان

مقالات مشابهة

  • صحة الشيوخ: جولة الرئيس الخليجية تعكس قوة التحرك المصري لحماية الأمن العربي
  • تكريم رئاسي لـ«4 حيطان»| مُبادرة إنسانية تحمي النساء من العنف والتشرّد.. فدا فليب تكشف التفاصيل
  • تصاعد العنف بجنوب السودان يفاقم الأزمة الإنسانية ويؤدي لنزوح 125 ألف شخص
  • الأمن الأردني بمواجهة التحديات.. قراءة في عملية تفكيك شبكات العنف الاخواني
  • موقع أفريقي: هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة
  • الأمم المتحدة: الاغتصاب يُستخدم كسلاح حرب ضد النساء في السودان
  • الأمم المتحدة: لم يعد بإمكان العالم تجاهل السودان فيما يدخل عامه الثالث من الحرب
  • الهجرة الدولية: ثلثا سكان السودان في حاجة ماسة للمساعدات الغذائية
  • حمدوك يطالب باجتماع لمجلس الأمن بحضور البرهان وحميدتي والجيش يستهل العام الثاني للحرب بإعلان تقدم جديد في أم درمان
  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان