مدافعات حقوقيات يطالبن «مجلس الأمن» باتخاذ تدابير لحماية النساء
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
رصد – نبض السودان
دعت مدافعات سودانيات عن حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك، بصورة عاجلة، لحماية النساء في السودان من خطر العنف الجنسي المتفشي في خضم الحرب المستمرة في أنحاء متفرقة من البلاد.
جاءت هذه الدعوة من ثلاث نساء سودانيات مدافعات عن حقوق الإنسان، تحدثن مع أخبار الأمم المتحدة، خلال وجودهن في نيويورك، للمشاركة في فعاليات بمناسبة الذكرى السنوية لقرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلم والأمن.
تعقد هذه الفعاليات السنوية للتأكيد على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة وضرورة إشراكها بصورة هادفة في عمليات السلام.
وسلطت الناشطات الثلاث الضوء على معاناة المرأة السودانية بسبب الحرب التي فاقمت من معاناة السودانيين والسودانيات، وأجبرت الملايين منهم على الفرار من ديارهم. كما يواجه أطراف النزاع اتهامات باستخدام أجساد النساء “كساحات للحرب”، أي استخدام العنف الجنسي- وعلى رأسه الاغتصاب- كأسلوب من أساليب الحرب.
ممثلة للمجتمع المدني في السودان، تحدثت المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي، هالة الكارب في جلسة لمجلس الأمن عقدت تحت عنوان “مشاركة المرأة في السلم والأمن الدوليين: من النظرية إلى الممارسة”.
لا تؤخذ حيوات النساء وما يحدث لهن بالجدية الكافية، ويتم التعامل مع النساء باعتبارهن أضرارا جانبية
وقالت الكارب إن مشاركتها في الجلسة كانت بهدف تقديم إضاءة حول العنف والفظاعات الممنهجة والكبيرة التي تحدث للنساء السودانيات، وخاصة في دارفور- ولتوضيح أن ما يحدث في السودان هو انتهاك صارخ تستخدم فيه أجساد النساء وحيواتهن كتكتيك لهذه الحرب، على حد تعبيرها.
وقالت إن ما تم ارتكابه من جرائم خلال هذه الحرب “قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية”، مشيرة إلى أن حيوات النساء وما يحدث لهن لا يؤخذان “بالجدية الكافية، ويتم التعامل معنا باعتبارنا أضرارا جانبية”.
ودعت هالة الكارب المجتمع الدولي إلى القيام “بواجبه الذي تخلى عنه منذ أكثر من عشرين عاما لم تتوقف فيها الانتهاكات والتنكيل بالسودانيين وقتلهم” على حد قولها.
وأضافت قائلة: “الاغتصاب والاعتداء الجنسي ونزع الممتلكات والتهجير القسري هذه كلها جرائم مارسها نظام الرئيس السابق عمر البشير، بالتعاون مع مليشيات الجنجويد، والتي أصبحت لاحقا مليشيات الدعم السريع”.
وقالت الناشطة السودانية إن هذه الانتهاكات استمرت حتى خلال الفترة الانتقالية ولم تتم محاكمة مرتكبي الجرائم “بل تمت ترقيتهم إلى مناصب أعلى في الدولة، الأمر الذي أعطى المنتهكين إحساسا بأنهم فوق القانون” حسب قولها.
وشددت هالة الكارب على ضرورة المحاسبة عن الجرائم المرتكبة، مشيرة إلى أن العنف الجاري حاليا هو امتداد “للانتهاكات التي حدثت للمدنيين في دارفور منذ عشرين عاما بواسطة قوات الدعم السريع”.
أما الآن، وفقا للسيدة هالة الكارب، فإن الطرفين- الجيش السوداني والدعم السريع- يمارسان “انتهاكات ضد المدنيين تتمثل في القصف الممنهج للمناطق السكنية في الخرطوم ونيالا الأمر الذي يؤدي إلى وقوع ضحايا من المدنيين”.
وأكدت الكارب على ضرورة وقف العدائيات بشكل كامل، وأضافت قائلة:
“طالبنا مجلس الأمن بأن يضيف العنف الجنسي والعنف ضد النساء باعتباره أحد شروط رفع العقوبات عن السودان، لأن الحكومة السودانية ظلت، ولفترة طويلة، تعتقد أن بإمكانها أن تمارس ما تشاء من العنف الجنسي. وقد أصبحت هذه المسألة لا تطاق لأنها استمرت لأكثر من عشرين سنة”.
نعمات أحمداي، رئيسة منظمة نساء دارفور من أجل العمل الجاد تقول إن الحرب الدائرة الآن فاقمت الكارثة المستمرة في دارفور منذ عشرين عاما، داعية العالم إلى عدم نسيان السودان في خضم الكوارث الكثيرة التي تجري في أجزاء متعددة من العالم.
وأشارت أحمداي إلى لقائها بممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومسؤولي الأمم المتحدة- ومن بينهم ممثلة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع- بهدف إيصال صوت النساء السودانيات بالتركيز على المطالب بتوفير الحماية والأمن وإيصال المساعدات الإنسانية لكافة المتضررين من الحرب وخاصة النساء ودعم المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني الموجودة على الأرض التي تقوم بدور كبير في مساعدة المتضررين من الحرب وخاصة المتضررات من العنف الجنسي.
وأكدت نعمات أحمداي على ضرورة حماية المدنيين وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية، بدون أي عوائق. وقالت إن هذا الأمر لن يحدث إلا “بتدخل دولي”. وقالت إن الناس في السودان، وخاصة دارفور، عانوا بما فيه الكفاية من ويلات الحرب. وتابعت: “الوضع في السودان خطير جدا وإذا لم يحدث تدخل دولي ستحدث أزمة وموت جماعي”.
وطالبت مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة “للتدخل بهدف حماية المدنيين وخاصة النساء”.
وناشدت السيدة أحمداي الأطراف المتصارعة وقف الحرب التي قالت إن الأطراف المتصارعة استخدمت فيها “أجساد النساء ساحات للحرب”، الأمر الذي “يشكل انتهاكا وجريمة عظمى”.
كما أكدت أنه “ما من منتصر في هذه الحرب وأن الخاسر هو الشعب السوداني”.
فهيمة هاشم الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق النساء قالت إن النساء يقعن دائما ضحايا للنزاعات المتكررة التي ظل السودان يشهدها، منبهة إلى أن العنف ضد النساء يهدف إلى “كسر النساء وإجهاض العمل النسوي”.
وذكرت أن الحركة النسوية السياسية في السودان ظلت تناضل من أجل حقوق النساء في السودان، مشيرة إلى أن الحكومات المتعاقبة ظلت تتغاضى عن حقوق النساء.
كما تحدثت عن الحملات التي ظهرت عقب الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2018، والتي كانت تطالب بإشراك النساء بنسبة لا تقل عن 50 في المائة في الحكومة.
تطرقت السيدة فهيمة أيضا إلى ما وصفتها بـ”القوانين المجحفة في حق النساء” التي وضعتها حكومة الرئيس السابق عمر البشير- مثل قانوني الأحوال الشخصية والنظام العام- ولا تزال هذه القوانين موجودة على الرغم من إلغائها في أعقاب الثورة. وأضافت قائلة:
“حتى قبل الحرب، كان يتم استخدام أجساد النساء، بصورة منهجية، كساحات للحرب. وعندما اندلعت الحرب الحالية، رأى الناس وخاصة في الخرطوم مواقف مختلفة، حيث تم احتلال منازلهم واغتصاب فتياتهم وطفلاتهم أمام أعينهم واختطاف بعضهن إلى مناطق أخرى. لا يمكن أن يحدث أقبح من هذا بالنسبة للنساء”.
كل هذه الجرائم، وفقا للسيدة فهيمة، تعد بمثابة جرائم ضد الإنسانية ومن المفترض أن تتم محاسبة مقترفيها وخاصة بعد صدور القرار 1325.
وقالت إن مجلس الأمن أصدر قرارات عديدة “وكلها تؤكد أن الجرائم التي تحدث أثناء النزاعات هي جرائم ضد الإنسانية”. وشددت على ضرورة توثيق كافة الجرائم التي تحدث في السودان، وخاصة في دارفور، بهدف تحقيق المحاسبة.
وأشارت إلى أن واحدة من المشاكل التي ظل السودان يواجهها طوال تاريخه هي أن من يرتكبون الجرائم لا تتم محاسبتهم الأمر الذي جعل هذه الجرائم “أمرا عاديا” ويعتقد مرتكبوها أنه ليس بالإمكان محاسبتهم.
دعت فهيمة هاشم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية إلى إلزام الحكومات المقبلة في السودان بضرورة إعطاء الأولوية لقضية المحاسبة على الجرائم المرتكبة ضد النساء.
وقالت إنه ما لم تشارك النساء، بصورة جادة، في أي مفاوضات مستقبلية، بهدف مناقشة القضايا التي تمسهن “فلن نستطيع الحصول على حكومة قوية. وسنظل نكرر المشاكل نفسها، لأن الرجال لا يريدون أن يتعلموا ويعوا دور النساء في مجال التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي”.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: حقوقيات مدافعات يطالبن الأمم المتحدة العنف الجنسی فی السودان مجلس الأمن الأمر الذی فی دارفور على ضرورة وقالت إن عن حقوق إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل تقود الأزمة المتفاقمة في السودان إلى تدخل إنساني وشيك؟
حذر مراقبون من أن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان بدأت تخرج عن السيطرة بعد 21 شهرا من القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورأوا أن كافة المؤشرات المتوافرة تؤكد أن الخيار الممكن، بات محصورا في اتخاذ قرار دولي بتدخل إنساني وشيك لإنقاذ السودانيين.
التغيير _ وكالات
وعقد مجلس الأمن الدولي، إحاطة بشأن إنعدام الأمن الغذائي في السودان بطلب من بريطانيا. وناقش المجلس الأزمة الإنسانية في البلاد تحت بند جدول الأعمال “حماية المدنيين في النزاعات المسلحة”.
و كان قد توقع تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن تفرد مساحة واسعة خلال النقاشات للتوصيات الواردة في تقرير “مجلس الإغاثة الإنسانية” الصادر في الرابع والعشرين من ديسمبر والتي شددت على الحاجة الملحة إلى اتخاذ “إجراءات سياسية” من المجتمع الدولي لتأمين وقف إطلاق نار مستدام، والقيام بتدخل دولي إنساني شامل لدعم المتضررين وإيصال المساعدات الغذائية لنحو 25 مليون سوداني يواجهون خطر الجوع، ووقف الخسائر الواسعة النطاق في الأرواح، وسط تقارير تشير إلى مقتل نحو 150 ألف منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023 وحتى الآن بسبب القتال المباشر أو العوامل المرتبطة به مثل انعدام الغذاء والعلاج.
جدل كبيرويأتي هذا في ظل جدل كبير أثاره تقرير صدر مؤخرا عن لجنة مراجعة المجاعة التابعة لتصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل، والذي رصد المجاعة في 5 مناطق، وحدد 17 منطقة أخرى كمناطق محتملة.
وتوقع المراقبون أن يدفع المستوى المتدهور الذي وصلت إليه الأزمة الإنسانية في السودان، مجلس الأمن لاتخاذ خطوة ملموسة لمعالجة العوامل الأساسية وراء انعدام الأمن الغذائي في السودان، بما في ذلك الصراع والنزوح.
مخاطر الإنكارمع تفاقم الأزمة الإنسانية، والانتشار السريع الجوع، يرى مراقبون أن الخطر الحقيقي يكمن في الإنكار الحكومي والعراقيل التي توضع أمام منظمات العمل الإنساني.
ورغم أن التقرير الذي صدر مؤخرا اعتبر أن مناطق في شمال دارفور، وجبال النوبة الغربية في ولاية جنوب كردفان، دخلت بالفعل مرحلة المجاعة، وأن بعض المناطق المتضررة من الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد قد تشهد ظروفا مماثلة للمناطق المصنفة على أنها تواجه مجاعة فعلية، إلا أن السلطات في بورتسودان تنتقد تلك التقارير وتشكك في مصداقيتها.
وفي ظل هذه الوضعية، تتوقع الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن أن يركز أعضاء مجلس الأمن الضوء على العوائق التي تحول دون تسليم المساعدات والتأكيد على أهمية ضمان الوصول الإنساني الكامل والسريع من خلال جميع الوسائل، وهو ما يتطلب فتح مسارات إنسانية آمنة.
ولخص تقرير مجلس الإغاثة الإنسانية، القيود التي تعيق الوصول الإنساني في الحواجز الإدارية وسوء حالة الطرق، والمتطلبات البيروقراطية وتأخير عمليات الموافقة التي فرضتها أطراف النزاع.
وفي هذا السياق، تقول الحسن لموقع “سكاي نيوز عربية”: “حالة النفي المستمر والخطابات التي يسوّق لها وزراء الحكومة في بورتسودان هذه الأيام لتشويه سمعة المنظمات تؤكد المخاوف من ردة الفعل الدولية المتوقعة نتيجة إخفاء أثر المجاعة ووضع المتاريس امام المساعدات الإنسانية”.
وتضيف: “أدخلت الأزمة الإنسانية المتفاقمة حكومة بورتسودان في ورطة جديدة تضعها في مواجهة محتملة مع العالم حول الوضع الإنساني بالبلاد”.
العمليات الإنسانيةوبينما استمرت العمليات الإنسانية عبر الحدود في تشاد وجنوب السودان، يقول التقرير إنه لا توجد طرق قابلة للتطبيق من المناطق الشرقية والوسطى التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية إلى الولايات الغربية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مما يعيق توزيع المساعدات الإنسانية.
وفي تصريحات سابقة، وصف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التقارير التي تشير إلى حدوث مجاعة في السودان بأنها “ذريعة للتدخل في الشأن الداخلي”، وزار عدد من معسكرات النازحين نافيا وجود مجاعة او أزمة إنسانية. لكن الحسن ترى أن البرهان اختار توجيه “رسالة خطأ للمجتمع الدولي، حيث أنه كان يتحدث من معسكر داخل مدينة بورتسودان – العاصمة الإدارية المؤقتة، مما يجعل ذلك المعسكر ليس وحدة قياس للجوع والمعاناة، ولو خرج إلى المعسكرات في الولايات الأخرى لوجد المواطنين ينامون تحت خيم بالية ويحتاجون إلى الغذاء والكساء والغطاء والأدوية وشراء بطانية تقي أطفالهم شر البرد القارص”.
وتشير الحسن إلى أن عدم الاعتراف بوجود المجاعة وعرقلة عمل عدد من المنظمات الدولية التي تعمل في مجال العمل الإنساني سيكون البوابة التي تدخل منها القرارات الدولية.
خروج عن السيطرةوفقا لعدد من المراقبين، فإن التزايد المستمر في أعداد النازحين مع تمدد الحرب في أكثر من ثلثي ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية يفاقم من الأزمة الإنسانية بشكل كبير، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية.
ووفقا للأمم المتحدة، فقد ارتفع عدد النازحين داخليًا في السودان بنحو 27 في المئة خلال 2024، من 9 ملايين نازح في ديسمبر 2023 إلى 11.5 مليون نازحا في ديسمبر 2024.
وكانت الولايات التي شهدت أكبر زيادة في أعداد النازحين خلال العام هي القضارف، وشمال دارفور، ونهر النيل، وجنوب دارفور، والنيل الأزرق.
ويشير الأكاديمي والباحث السياسي الأمين مختار إن الحرب تسببت في أسوأ موجة نزوح وعطلت الموارد البشرية والمادية للبلاد حيث فقد أكثر من 60 في المئة من السكان مصادر دخلهم. ويضيف أن الحالة السودانية تعيش عجزا في ميزان المدفوعات وتضخم وبطالة وركود اقتصادي كبير انعكس مباشرة على أوضاع النازحين والعالقين في مناطق القتال.
ويقول مختار: “مالم تتوقف الحرب سيكون فعلا السودان في وضع كارثي يتطلب التدخل العاجل من أجل توفير الحماية اللازمة للمدنيين”.
أرقام مخيفة389 حادثة تسببت في نزوح مفاجئ في السودان خلال عام 2024، وفقًا لما أوردته تنبيهات الإنذار المبكر من مصفوفة تتبع النزوح. وشملت هذه 226 حادثة ناجمة عن الهجمات والصراع و130 حادثة بسبب الفيضانات.
تسعى خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 للسودان إلى جمع 4.2 مليار دولار لتقديم مساعدات منقذة للحياة لنحو 21 مليون شخص معرضين للخطر، واستعادة الخدمات الأساسية، وتوسيع نطاق الحماية.
الوسومالأزمة السودانية الأوضاع الإنسانية الجوع مجلس الأمن