رغم تحذيره إسرائيل وأميركا... لماذا قد تندلع الحرب بمعزل عن حزب الله؟
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
لم تُشكّل كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله مفاجأة على صعيد توتير الجبهة الجنوبيّة، أو أنّ تكون "المقاومة" هي البادئة في الحرب بين لبنان وإسرائيل، بل أطلق تحذيرات عديدة كما كان متوقّعاً للعدوّ وللإدارة الأميركيّة، بضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وتقديم المساعدات للفلسطينيين، كيّ لا تتوسّع رقعة المعارك، وتشمل الجنوب.
وكان "حزب الله" في السابق، أيّ بعد تحرير الجنوب، وصولاً إلى العام 2006، مُسيطراً على الجبهة الجنوبيّة، أمّا حاليّاً، فدخلت الفصائل الفلسطينيّة، وبعض التيّارات اللبنانيّة على خطّ الإشتباكات مع العدوّ. وكما هو معلومٌ وواضح، فإنّ "المقاومة الإسلاميّة" تخوض معارك محدودة مع الإسرائيليين، وتستهدف مواقعه العسكريّة على الحدود.
وفي هذا السياق، يقول مراقبون ، إنّ "حزب الله" لم يستخدم حتّى اللحظة ترسانته الصاروخيّة لاستهداف المستوطنات وبشكل خاصّ المدن الإسرائيليّة الرئيسيّة، كحيفا وتل أبيب، ولديه "بنك" من الأهداف داخل العمق الإسرائيليّ، مثل المطارات المدنيّة والعسكريّة، وقواعد الجيش، والصناعات النوويّة، ومنصات التنقيب واستخراج الغاز. ويوضح المراقبون أنّ تصعيد "حزب الله" مرتبط بدخوله الحرب مباشرة مع إسرائيل، والآن، هو فقط يردّ عليها وفق ما يُسمّى بـ"قواعد الإشتباك"، أيّ أنّ "المقاومة" ليست في حربٍ بعد مع العدوّ، والمعارك لا تزال مضبوطة في جنوب لبنان، وقائمة على القصف المتبادل بين عناصر "الحزب" والجيش الإسرائيليّ.
ولكن، يتخوّف المراقبون من أمرٍ خطير قد يُدخل لبنان فجأة في الحرب مع إسرائيل، وهو ،على سبيل المثال، استهداف تجمع سكنيّ داخل فلسطين المحتلة، وسقوط العديد من القتلى والجرحى، ما سيُجبر العدوّ، طوعاً عنه، على توسيع رقعة الحرب، لتطال كافة الأراضي اللبنانيّة، تماماً كما جرى خلال عمليّة "طوفان الأقصى". ويُشير المراقبون إلى أنّ "حزب الله" يُحدّد المواقع الإسرائيليّة التي يُريد ضربها، غير أنّ المشكلة تكمن في بقية المشاركين في المعارك، مثل "حماس" في لبنان، و"الجهاد الإسلامي" والجماعة الإسلاميّة، وبعض الأحزاب اليساريّة الأخرى، والفصائل الفلسطينيّة خصوصاً، التي تُطلق الصواريخ باتّجاه المستوطنات، وقد تُصيب أيّ هدف، الأمر الذي سيُفجّر المنطقة الحدوديّة الجنوبيّة.
إلى ذلك، فإنّ عدم تنسيق هذه التنظيمات لعملياتها مع "حزب الله"، سيكون له تداعيات سلبيّة، إذ يعتبر المراقبون أنّ الهجمات التي يشنّها هؤلاء غير مدروسة، والصواريخ قد تُصيب أيّ شيء، أو قد تسقط في مناطق مفتوحة، أو قد تعترضها إسرائيل. ويُضيف المراقبون أنّ البعض في الداخل اللبناني سارع إلى حثّ هؤلاء على التنسيق مع "المقاومة"، وعدم الخروج عن قراراتها، لعدم جرّ البلاد إلى الصراع بالقوّة، وانتظار ما ستؤول إليه المحادثات الدبلوماسيّة بين إسرائيل و"حماس"، التي تقودها بلدان عربيّة مثل قطر، وأخرى غربيّة.
من هنا، يُبدي أكثر من طرفٍ لبنانيّ خشيته من إستمرار المعارك في الجنوب، فهناك أيضاً ترقّب للقصف الإسرائيليّ، الذي بدأ يطال المنازل السكنيّة، وسبق وأنّ أصاب تجمّعاً صحافيّاً، ما تسبّب في استشهاد المصّور عصام خليفة، وإصابة 5 آخرين. ويقول المراقبون إنّ الردّ الإسرائيليّ سيُصبح أعنف يوماً بعد يوم، والخوف من أنّ يقوم العدوّ بمجزرة جديدة داخل لبنان، الأمر الذي سيدفع "حزب الله" إلى ردّ عنيف، وستدخل البلاد حكماً في الحرب. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
لماذا ترفض إسرائيل أي دور عسكري لتركيا في سوريا؟
صعّدت إسرائيل عدوانها العسكري في سوريا في مطلع أبريل/نيسان الجاري، في سياق أوسع من انتهاكاتها المتواصلة في الأراضي السورية برا وجوا، وبررت ذلك برفضها للتعاون العسكري المتزايد بين أنقرة ودمشق في ظل الإدارة السورية الجديدة.
وقام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ هجمات واسعة في سوريا، شملت مطار حماة العسكري، ومطار" تي فور" بريف حمص، إضافة إلى قصف ثكنة عسكرية في منطقة الكسوة بريف دمشق.
ولا يقتصر التحرك الإسرائيلي على الهجمات العسكرية، حيث يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتأثير على الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتعلق بالملف السوري، وهو أحد الدوافع الرئيسية للقاء المرتقب بينهما في 7 أبريل/نيسان الجاري.
دأبت إسرائيل على التصعيد في سوريا بعد كل خطوة تتخذها الإدارة الجديدة لتعزيز شرعيتها الداخلية والخارجية، حيث أتت الهجمات الأخيرة بعد أيام قليلة من الإعلان عن حكومة جديدة موسعة ضمت مختلف المكونات السورية ولقيت ترحيبا إقليميا ودوليا.
وسبق أن نفذت إسرائيل حملة قصف على مواقع سورية في أعقاب انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في أواخر فبراير/شباط الماضي، والذي أكد وحدة الأراضي السورية واحتكار الدولة للسلاح، في وقت يطالب فيه المسؤولون الإسرائيليون بعدم تقديم المجتمع الدولي الدعم للحكومة الجديدة وبتعزيز موقف الأقليات.
ووفقا لمصادر عسكرية سورية، فإن الهجمات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي مؤخرًا على مطار حماة تركزت على مرابض لطائرات حربية سورية كانت لا تزال صالحة للاستخدام. واللافت أن الهجمات أعقبت عودة الطائرات السورية للتحليق في أجواء البلاد، بالتوازي مع العمل على هيكلة سلاح الجو وتكليف ضباط مختصين بهذا الملف، مما يوحي بأن إسرائيل تسعى لإفشال عملية إعادة هيكلة الجيش السوري.
إعلانوأفاد تقرير نشرته وكالة رويترز في 4 أبريل/نيسان الحالي بأن الهجمات الإسرائيلية على قواعد جوية سورية استبقت تحركًا تركيًّا لنشر قوات في هذه القواعد، إذ أشار التقرير إلى أن خبراء أتراكًا تفقدوا 3 قواعد جوية على الأقل قد يتم نشر قوات فيها بموجب اتفاق دفاع مشترك من المتوقع إبرامه بين أنقرة ودمشق.
وتحدثت تقارير تركية عديدة خلال شهر مارس/آذار عن استعداد أنقرة لتقديم التدريب للقوات السورية، وإمكانية دعمها بمنتجات الصناعات الدفاعية التركية.
ويبدو أن تل أبيب لا ترفض تأسيس جيش سوري جديد فحسب، بل لا ترغب أيضًا بأن تضطلع أنقرة بدور محوري في هذا الخصوص.
ويظهر التصعيد الإسرائيلي رفض امتداد الوجود العسكري التركي إلى وسط سوريا، وربما تقبله شمال غربي البلاد، حيث تتجنب أي تهديد للنقاط العسكرية التركية في محافظتي إدلب وحلب.
تتخوف إسرائيل في ما يبدو من نشر الجيش التركي لمنظومات دفاع جوي مزودة بتقنيات إلكترونية وسط سوريا، وعلى بعد لا يزيد على 230 كيلومترًا عن هضبة الجولان المحتلة، فقد تحدثت تقارير أمنية إسرائيلية عن مخاوف تل أبيب من إمكانية أن تؤدي الخطوة التركية إلى تقييد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية.
وتحدثت تقارير تركية في وقت سابق عن احتمالية أن تنشر أنقرة منظومة "حصار" المخصصة للدفاع الجوي ضمن قواعد وسط سوريا، وهي منظومة محلية الصنع قصيرة ومتوسطة المدى يراوح مداها بين 15 و25 كيلومترًا، وتتيح حمل 6 صواريخ في آن واحد، ويتم توجيهها بالأشعة تحت الحمراء، وتستطيع إسقاط 5 أنواع من الأهداف من ضمنها المقاتلات الحربية، والطائرات المروحيات، والطيران المسير، والصواريخ المجنحة، وصواريخ جو-أرض.
وأفادت تقارير أخرى باحتمال أن تلجأ أنقرة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بعد سحب قواتها من سوريا، إلى نشر منظومة إس 400 الروسية -التي أثار شراؤها من قبل أنقرة استياء واشنطن التي فرضت عقوبات عليها- في سوريا، كجزء من تسوية للخلاف بين الجانبين، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة تركيا إلى برنامج تصنيع طائرات إف 35 والسماح بتمرير صفقات مجمدة لبيعها طائرات إف 16.
إعلان
من جهة أخرى، تعمل إسرائيل منذ أن تولت الإدارة السورية الجديدة السلطة في البلاد على منع انتشار قوات تتبع لهذه الإدارة في منطقة الجنوب السوري، ولا يخفي الجيش الإسرائيلي هذا الهدف، إلى جانب إبقاء "سماء سوريا نظيفة" حسب وصفه، في إشارة إلى الرغبة بالإبقاء على السيطرة الجوية.
وتشير التسريبات المتكررة التي صدرت عن مصادر تركية وسورية وعربية إلى أن الاتفاقية المرتقبة بين أنقرة ودمشق ستركز على تدريب الجيش السوري الجديد وتسليحه، وهو ما يشكل تحديا مضاعفا لتل أبيب، لعدم ثقتها بالإدارة السورية الجديدة كما تؤكد باستمرار، بالإضافة إلى الخشية من أن تعمل أنقرة على تقوية "جيش سني" موال لها، وتكرار سيناريو هجمات 7 أكتوبر الذي حدث في غلاف غزة، وفقا لما يتم تداوله في الأوساط الأمنية الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، تنظر إسرائيل إلى النشاط التركي في سوريا على أنه قاعدة لدور أوسع في الإقليم، وهو مضمون تقرير أمني نشرته صحيفة إسرائيل هيوم، أشارت فيه أيضًا إلى النفوذ التركي في أذربيجان وليبيا، حيث تعتقد الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن أنقرة تعمل على عرقلة مشاريع إسرائيلية خاصة بنقل الغاز في منطقة البحر المتوسط إلى أوروبا.
واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر خلال مؤتمر صحفي له في باريس أنقرة بأنها تلعب دورًا سلبيا في لبنان وسوريا.
وبينما تصرح إسرائيل بمخاوفها من الدور التركي في سوريا، يعتقد مراقبون أن مخاوفها الحقيقية لا تتعلق في المقام الأول بتركيا بل بسوريا وعودتها مع استكمال المرحلة الانتقالية إلى لعب دور في مواجهة الاحتلال والمطالبة باستعادة الجولان المحتل، لذلك تطلب من واشنطن -كما أفادت تقارير- الإبقاء على سوريا ضعيفة ومفككة.
خيارات تركيا
لا يبدو أن تركيا تسعى للانجرار إلى تصعيد متبادل مع حكومة نتنياهو، فقد سارع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أعقاب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة إلى نفي رغبة أنقرة بالصدام مع إسرائيل في سوريا.
كما أرسل فيدان رسالة طمأنة إلى تل أبيب بأن أنقرة لا تعارض عقد اتفاقية بين الإدارة السورية وإسرائيل، وبالتالي من المحتمل أن تدفع أنقرة باتجاه تفاهمات تسهم في تهدئة المخاوف الإسرائيلية في سوريا بدلا من دعم الصدام، حيث تدعم أنقرة حصول الحكومة السورية الجديدة على شرعية كاملة، على أمل سيطرتها على كامل الأراضي السورية وتجنب سيناريو التقسيم.
بناء على ذلك، من المتوقع أن تدفع تركيا باتجاه الحلول الدبلوماسية لوقف الهجمات الإسرائيلية التي قد تتحول على المدى المتوسط والبعيد إلى تهديد وجودي للإدارة السورية الحالية.
إعلانومن المتوقع أن تلجأ أنقرة إلى تنسيق خطواتها في سوريا مع إدارة ترامب مع التأكيد بأن نشاطها سيكون موجهًا بدرجة أساسية لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة، على أمل أن تقوم واشنطن بالضغط على إسرائيل للحد من هجماتها على سوريا، خاصة مع التصريحات الإيجابية التي أدلت بها الخارجية الأميركية في أعقاب تشكيل الحكومة السورية الجديدة.
فقد أكدت واشنطن تأييدها لسيطرة الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، بالإضافة إلى تأكيدات إدارة ترامب رغبتها بالتعاون مع تركيا في سوريا وفقًا لتصريحات وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو التي سبقت الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
ومن المحتمل أيضًا أن تسعى أنقرة للاستفادة من الموقف الأوروبي الرافض للتصعيد في سوريا، حيث عبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس عن رفض الضربات الإسرائيلية على سوريا واعتبرتها "غير ضرورية"، خاصة في ظل الحديث عن تقارب بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، واحتمالية مشاركة تركيا في خطة دفاعية للاتحاد.