لم يكن خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على قدر توقعات من كان ينتظر منه خطاباً على شاكلة "انظروا إليها تحترق"، ويعلن فيه الحرب الشاملة على إسرائيل والقواعد العسكرية الاميركية في المنطقة،لكن الكلمة التي انتظرتها الولايات المتحدة الأميركية أكثر من إسرائيل كانت عملياً مليئة بالرسائل المبطنة ورسمت مساراً شاملا وكاملا، لطبيعة الصراع الحاصل وللمعركة العسكرية.

شكل خطاب نصرالله امس محطة أساسية في مسار التصعيد لا يمكن للقوى الدولية والاقليمية الا أن تأخذها بعين الإعتبار.

عملياً شكل خطاب نصرالله البيان رقم واحد للمحور المتحالف مع حماس والذي تقوده إيران، ووضع خلاله قواعد وخطوط حمراء أساسية، أهمها المعركة البرية، اذ أشار الى أن أي خطأ في الحسابات الاسرائيلية خلال الهجوم البري قد يؤدي الى تفجير المنطقة وفتح إشتباك عسكري غير محدود عند الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة. ولعل حديثه العام عن ان تطور الاشتباك والحرب على غزة سيعني حكما الذهاب الى توسيع المعركة من لبنان خرقه تفصيل مرتبط بالحرب البرية.

لقد حذر نصرالله من تخطي الخطوط الحمراء في هذه الحرب، كأنه يقول أن كل زيادة في الانخراط الاسرائيلي في الحرب البرية في قطاع غزة سيوازيه تصعيد عسكري من جنوب لبنان، وهذه هي المعادلة الاولى التي وضعها امين عام الحزب على الطاولة والتي قد تؤدي الى التدحرج.
ثانياً تحدث نصرالله عن استهداف المدنيين في لبنان والذي رد عليه الحزب بحذر في الاسابيع الماضية، لكنه أعاد معادلة العام ١٩٩٦ الى الواجهة مع ما تعنيه من توسع للمعركة في الظروف الحالية. وعليه أَفإن المعادلة الثانية تقول أنه في حال استمرت اسرائيل بإستهداف المدنيين في لبنان فإن "حزب الله" سيستهدف المدنيين في اسرائيل، وهذا يعني انه سيقصف المستوطنات، وبما ان المستوطنات الشمالية مخلاة حتى عمق ٥ كلم، فإن الاستهداف سيطال مستوطنات في العمق.

حرر نصرالله نفسه بشكل جدي من عدم قصف المستوطنات موحيا ببدء معركة جديدة، لن يعود فيها قصف الكاتيوشا حكراً على المقاومة الفلسطينية او قوات الفجر، وهذا بحد ذاته معادلة قد تفجر الصراع وتأخذه الى مستوى آخر، لذلك عبّر نصرالله ان الحزب لن يكتفي بالمستوى الحالي من التصعيد ما يوحي بإنتقاله عسكريا الى مرحلة جديدة تكون بين الاشتباك الحالي والحرب الشاملة. الأهم أن نصرالله لم يخسر في خطابه سلاح الغموض، اذ ترك الأبواب مفتوحة أمام كل الاحتمالات وهذا ما شدد عليه بشكل علني وصريح، أي إطلالته لم يكن فيها خسائر ولم تسلبه سلاح الغموض

الرسالة الأهم في الخطاب كانت للولايات المتحدة الأميركية، اذ ان نصرالله حمّل المسؤولية الكاملة لواشنطن معتبرا انها تقف وراء استمرار الحرب، وهذا بحد ذاته له تبعات، اذ من المتوقع ان تزداد عمليات استهداف القوات الاميركية في العراق وسوريا في الايام المقبلة.
إستخف نصرالله بإسرائيل وحوّل معركته السياسية والعسكرية بإتجاه الاميركيين، وهذا ما يتطابق مع الخطاب الايراني، وتحديدا خطاب مرشد الثورة، الذي يجد أن واشنطن هي التي تجعل اسرائيل قادة على الصمود.

كان لا بد، ضمن مسار التصعيد الذي يرسم "حزب الله" قواعده ومستوياته بدقة، أن يتم توجيه تهديد رادع لاميركا، وان يخرج هذا التهديد من الحزب تحديدا (وليس من ايران كدولة) الذي جاءت الحاملات لردعه.
تهديد نصرالله للبوارج الاميركية، في رأي مراقبين، يضبط واشنطن ويحد من امكانية تورطها في الحرب في حال نشوبها، خصوصا أنه يعلم جيداً انها غير راغبة بالانزلاق الى صراع كبير في الشرق الاوسط في ظل التقدم الصيني والروسي في اكثر من مستوى.
عطّل نصرالله مفاعيل التهديد الاميركي لحزبه في حال تدخله في المعركة واعطى واشنطن فرصة جديدة للضغط على اسرائيل لوقف الحرب، وهذا ما تريده اميركا أصلا، وقد اعطى امين عام الحزب لخطابه المتوجه نحو الاميركيين طابعا استثنائيا من خلال تبنيه، وان بطريقة ضمنية، للمرة الأولى للتفجيرات التي طالت قوات المارينز عام ١٩٨٣ واحداثا اخرى كثيرة في تلك المرحلة. 

اراد نصرالله القول انه على اسرائيل القبول بأن تكون خسارتها في هذه الحرب جزءاً من مسار تراجعها، بدل ان تكون حرباً شاملة تجعلها مع الاميركيين أكبر الخاسرين.

رسائل نصرالله لم تنته هنا، اذ من الواضح ان الرجل أراد مراعاة الساحة الداخلية، مسجلاً خطاباً لا يملك أي من خصومه فرصة اعتباره تصعيدياً او يجرّ لبنان الى الحرب، بل يبدو ان خصوم الحزب سرعان ما وقعوا في الفخ الاعلامي الذي اتقن نصرالله نصبه لهم، اذ جعلهم ينتقلون بسرعة من خطاب: "لا نريد حربا" الى خطاب "ترك فلسطين وحيدة"، وهذا يعني انهم سيفشلون سياسيا عند اي تصعيد لانه عندها سيكون الحزب قد لبى دعواتهم بالوقوف الى جانب غزة. سلّف نصرالله بعض القوى السياسية خطاباً هادئاً يفيدهم داخل بيئاتهم وتحديدا رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والنائب السابق وليد جنبلاط.

حجج نصرالله ورسائله توحي بأنه البيان رقم واحد ضمن سلسلة بيانات سيكون هو الناطق الرسمي فيها، اذ اعطى الرجل مهلة واضحة للمفاوضات لوقف العدوان على القطاع ستترافق مع تصعيد ميداني في غير ساحة، ليطل مجددا في ذكرى يوم "شهيد" حزب الله" في ١١ تشرين الثاني، ويبني على التطورات مقتضاها.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

تفاصيل جديدة: خامنئي حذر نصر الله قبل أيام من الاغتيال والأمين العام لحزب الله آثر البقاء في لبنان

أشار المسؤول إلى أن أحد أفراد الحرس الثوري الذي كان يسافر بانتظام إلى لبنان أثار الشبهات بعد استفساره عن أماكن تواجد نصر الله والفترات التي سيمضيها في مواقع معينة.

اعلان

ذكرت ثلاثة مصادر إيرانية، أن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، طلب من الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، مغادرة لبنان قبل أيام من اغتياله. المصادر أشارت إلى أن خامنئي يشعر بقلق كبير بشأن احتمالية وجود عملاء إسرائيليين داخل الحكومة الإيرانية.

وفقا للمصادر، جاء هذا الطلب في أعقاب الهجوم على أجهزة النداء الخاصة بعناصر حزب الله، الذي وقع في 17 سبتمبر/أيلول. 

وذكرت في تصريح لـ "رويترز"، أن خامنئي بعث برسالة عبر مبعوث خاص إلى نصر الله، محذرا إياه من مخطط إسرائيلي لاغتياله، بناء على تقارير استخباراتية تشير إلى وجود عملاء إسرائيليين داخل حزب الله. 

أحد المصادر، وهو مسؤول إيراني كبير، أكد لوكالة "رويترز" أن المبعوث كان العميد عباس نيلفروشان، قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني، الذي التقى نصر الله قبل أن يتم اغتيالهما معا في هجوم إسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت في 27 سبتمبر.

رفع المشاركون في تجمع حاشد في إيران صور الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وذلك بعد اغتياله في ضربة جوية إسرائيلية، تعبيرا عن الحزن والتضامن.Hussein Malla/Copyright 2018

وأشار المسؤول الإيراني إلى أن خامنئي، الموجود منذ السبت في مكان آمن داخل إيران، أصدر أوامر مباشرة بإطلاق حوالي 200 صاروخ على إسرائيل يوم الثلاثاء كجزء من الانتقام لمقتل نصر الله ونيلفروشان.

الحرس الثوري الإيراني أصدر بيانا أكد فيه أن الهجوم الصاروخي جاء ردا أيضا على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران في يوليو/تموز، وكذلك على الهجمات الإسرائيلية المتكررة على لبنان.ولم تتبن إسرائيل علنا مسؤوليتها عن مقتل هنية. 

Relatedإسرائيل تستخدم قنابل خارقة للتحصينات في استهداف المقر المركزي لحزب الله وتدمر 6 مبانمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر: نصر الله أولهم.. أبرز قادة حزب الله بين أكثر من 20 اغتالتهم إسرائيلحزب الله ينعى أمينه العام حسن نصر الله

ويوم الثلاثاء أعلنت بدء توغل بري "محدود" في جنوب لبنان لمواجهة حزب الله، مما أسفر عن مقتل وجرح العديد من الجنود في صفوف ألويتها.

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية، ولا حزب الله، ولا مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المشرف على الموساد، على طلبات التعليق على تلك الأحداث.

جاء اغتيال نصر الله ضمن سلسلة من عمليات الاغتيال الإسرائيلية التي استهدفت قادة بارزين في حزب الله داخل لبنان. 

الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله Hussein Malla/Copyright 2018

وتأسس حزب الله بدعم إيراني في الثمانينيات، ويعتبر اليوم أحد أقوى الفصائل المسلحة في المنطقة، حيث يشكل جزءا من تحالف يمتد إلى فلسطين واليمن والعراق.

وبحسب أربعة مصادر لبنانية، فإن الفوضى الحالية تجعل من الصعب على حزب الله تعيين خليفة جديد لنصر الله، وسط مخاوف متزايدة من أن تؤدي عمليات التسلل الإسرائيلية المستمرة إلى تهديد حياة الخليفة القادم.

تحقيق واسع النطاق في إيران

وأشار مسؤول إيراني كبير آخر، إلى أن مقتل نصر الله دفع السلطات الإيرانية إلى فتح تحقيق واسع النطاق في احتمالية وجود اختراقات داخل صفوف الحرس الثوري والمؤسسات الأمنية العليا في البلاد.

وذكر المسؤول أن هناك تركيزا خاصا على الأفراد الذين يسافرون إلى الخارج أو لديهم علاقات عائلية خارج إيران.

وأضاف أن أحد أفراد الحرس الثوري الذي كان يسافر بانتظام إلى لبنان أثار الشبهات بعد استفساره عن أماكن تواجد نصر الله والفترات التي سيمضيها في مواقع معينة. 

هذا الشخص تم اعتقاله، إلى جانب عدد آخر من المشتبه بهم، بعد تزايد المخاوف في أوساط الاستخبارات الإيرانية. عائلة المشتبه به انتقلت خارج إيران، دون أن يتم الكشف عن هوياتهم.

اعلان

مصادر أخرى أفادت بأن خامنئي فقد الثقة في العديد من المسؤولين، مشيرة إلى أن المخاوف الإيرانية بشأن التسلل الإسرائيلي تعود إلى سنوات، حيث كان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قد كشف في عام 2021، أن رئيس وحدة استخبارات إيرانية كان يعمل كعميل للموساد. 

كما كانت إسرائيل قد حصلت في 2018 على وثائق سرية حول البرنامج النووي الإيراني من خلال عملية تجسس واسعة النطاق، وهو ما أكده رئيس الموساد السابق يوسي كوهين.

وجاء طلب خامنئي من نصر الله الانتقال إلى إيران بعد انفجار آلاف من أجهزة البيجر والاتصال اللاسلكي التي يستخدمها حزب الله في 17 و18 سبتمبر/أيلول.

يتجمع الناس بالقرب من موقع اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، الأحد 29 سبتمبر 2024.Hussein Malla/Copyright 2018 نصر الله أصر على البقاء في لبنان.

هذا الهجوم، المنسوب إلى إسرائيل رغم عدم إعلانها المسؤولية رسميا، زاد من مخاوف إيران من التسلل.

اعلان

وعلى الرغم من تلك التحذيرات، كان نصر الله واثقا في سلامته ويثق تماما في دائرته الأمنية المقربة، وفقا لمسؤول إيراني. 

هذا وأرسل خامنئي تحذيرا آخر عبر نيلفروشان، ولكن نصر الله أصر على البقاء في لبنان.

وفي الوقت نفسه، بدأ حزب الله تحقيقا واسعا داخل صفوفه بعد انفجارات أجهزة النداء، حيث استدعى المئات من أعضائه للتحقيق، بحسب ما ذكرته ثلاثة مصادر في لبنان. 

قاد الشيخ نبيل قاووق، أحد كبار المسؤولين في حزب الله، هذا التحقيق، ولكن تم اغتياله في غارة إسرائيلية بعد يوم واحد من مقتل نصر الله.

اعلان

التصعيد الإسرائيلي الأخير يأتي بعد مرور عام تقريبا على اندلاع المواجهات الحدودية، إثر تدخل حزب الله لدعم حركة حماس والشعب الفلسطيني في مواجهة إسرائيل.

الحرب الدامية التي تخوضها الدولة العبرية أسفرت عن مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة في قطاع غزة.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كيف أظهر اغتيال نصر الله مدى الاختراق الإسرائيلي العميق لحزب الله؟ جنرال عسكري إسرائيلي بارز: كان لدينا عدة فرص لاغتيال نصرالله لكننا لم نفعل ذلك دمار في مدينة النبطية جنوب لبنان إثر غارات إسرائيلية مكثفة إسرائيل إيران لبنان علي خامنئي حسن نصر الله حزب الله اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الحوثيون يعلنون استهداف هدف حيوي في تل أبيب ومعارك ضروس بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في الشمال يعرض الآن Next روسيا تتصدى لـ113 مسيرة أوكرانية وبوتين يفتح باب العفو العام للمحاكمين الراغبين في الانضمام للقتال يعرض الآن Next اليوم الـ362 للحرب: قصف بلا هوادة على الضاحية وإسرائيل تتوعد إيران برد مؤلم والغرب يتدافع لحمايتها يعرض الآن Next أوضاع صعبة يعيشها سكان الجنوب الشرقي للولايات المتحدة.. إثر انقطاع الماء والكهرباء، جراء إعصار هيلين يعرض الآن Next بعد مسح نقدي.. البنك المركزي الياباني يتفاءل بشأن معدلات النمو اعلانالاكثر قراءة الأردن يعيد مشهد نيسان ويعترض صواريخ إيران وهي بطريقها إلى إسرائيل.. "موقف مبدئي للمملكة"

مقالات مشابهة

  • بين رد اسرائيل وامساك خامنئي بالبندقية مؤبناً نصرالله: إما هدنة أو حرب شاملة
  • اسرائيل تتأكد من اغتيال هاشم صفي الدين.. وهؤلاء كانوا برفقته في مقر مخابرات الحزب
  • خبير عسكري: ما يجري على حدود لبنان نقطة تحول وهذا هو الاختبار الأكبر
  • هل تسبب حرب اسرائيل وحزب الله موجة هجرة جديدة إلى تركيا؟
  • تفاصيل جديدة: خامنئي حذر نصر الله قبل أيام من الاغتيال والأمين العام لحزب الله آثر البقاء في لبنان
  • وزير خارجية لبنان: «نصرالله» وافق على وقف النار قبل أيام من اغتياله
  • إسرائيل تزعم مهاجمة 200 هدف لـ الحزب.. وهذا ما حصل في مبنى بلدية بنت جبيل
  • وزير خارجية لبنان لـCNN: حسن نصرالله وافق على وقف إطلاق النار المؤقت قبل أيام من مقتله
  • حسن نصرالله.. شهيدا على طريق القدس
  • حسن نصرالله.. شهيدٌ على طريق القدس