عربي21:
2024-12-21@11:29:14 GMT

أين تركيا من العدوان الإسرائيلي على غزّة؟

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

في مايو الماضي، أحيا الاتراك الذكرى الـ13 للعدوان الإسرائيلي على سفينة "ماوي مرمرة" التركيّة، وهي واحدة من سفن المساعدات الإنسانية ضمن أسطول بحري أكبر قرّر التوجه من تركيا إلى غزّة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها. إسرائيل اعترضت السفينة في 31 مايو/أيار عام 2010، وشنّت قوات تابعة لسلاح البحرية الخاص بها هجوماً أودى بحياة 10 أتراك وأدّى الى إصابة 56 آخرين.

وقبلها بحوالي عام، إشتبكت تركيا دبلوماسياً مع إسرائيل على خلفية العدوان على غزّة، وكان للموقف التركي وقعه ليس على مستوى العلاقة بين الطرفين فحسب وإنما على العلاقة مع الولايات المتّحدة أيضاً، وموقع ودور عدد من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين.

لكن تركيا آنذاك تختلف عن تركيا اليوم في عدد من المعطيات، كما أنّ توقّعات العامّة مرتفعة أكثر من اللزوم وغير واقعية في كثير من الأحيان ولعل هذا مرّر في جزء منه إلى تصوّراتهم الخاصة عن تركيا أكثر مما هو عائد إلى موقف الجانب التركي أو تصوّرات تركيا عن نفسها. آنذاك، كانت علاقة تركيا مع جميع اللاعبين الرئيسين قويّة، وكانت أنقرة تلعب دور الوسيط في أكثر من ملف حسّاس، وكان وضعها الاقتصادي والداخلي وسياساتها الخارجية في أوجها، ممّا أمّن لها تواجداً قوياً في الملفات الأساسية وأوراق ضغط لا يستهان بها.

اليوم، يبدو الوضع مختلفاً تماماً، تركيا لا تمتلك نفس الموقع القوي دبلوماسيا، ووضعها الداخلي صعب، وليس لديها علاقات قوّية مع أي من طرفي النزاع، وليس لديها نفوذ على أي منهما. وإذا ما أضفنا ذلك إلى حقيقة أنّها ليست على تماس جغرافي مع النزاع وليس لديها ـ حتى الآن ـ ما يخوّلها أن تكون على تماس جغرافي أو موضوعي مع القضية، فهذا يعني ببساطة من الناحية الواقعية أنّها تفتقد الى الأوراق والأدوات التي تخوّلها أن تكون منخرطة في الملف بقوّة.

وفضلاً عن ذلك، هناك جملة من المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية التي توحي بأنّ هناك قيوداً على أي دور تركي فعّال في الملف الفلسطيني، وأنّ ما يمكن أن تفعله أنقرة محدود جداً. على المستوى الداخلي، البلد مُتعب ومستنزف سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً. صحيح أنّ أردوغان وحزب العدالة إنتصرا في الانتخابات الأخيرة بعد معركة ضارية مع الداخل والخارج، لكّنه كان نصراً مكلفاً جداً.

لا شك أنّ الدعم الشعبي التركي غير مسبوق ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الإسلامي والدولي أيضاً كما رأينا في التظاهرات الحاشدة، ولا شك أنّ الدبلوماسية التركية لم تدّخر جهداً في سبيل التحشيد الرسمي والإعلامي والدولي، لكن هذا لا يرتقي إلى هول العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى أنّ الخيارات تبدو محدود للغاية.ترافق ذلك مع حالة وهن وإرهاق داخلي بعد الزلزال العظيم والمدمّر الذي ضرب البلاد، وموجة غير مسبوقة من العنصريّة المدفوعة بأجندة سياسية من المعارضة. قوّضت هذه الموجة صورة البلاد وسمعتها وإستقرارها ونفوذها. المعارضة المهزومة لا تزال توظّف عدداً من المواضيع في السجال الداخلي لتقويض الحكم من بينها "ملف الإخوان المسلمين"، و"حماس" وهذا يشكّل عامل إلهاء أو تشتيت في أفضل الأحوال.

لا شك أنّ الدعم الشعبي التركي غير مسبوق ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الإسلامي والدولي أيضاً كما رأينا في التظاهرات الحاشدة، ولا شك أنّ الدبلوماسية التركية لم تدّخر جهداً في سبيل التحشيد الرسمي والإعلامي والدولي، لكن هذا لا يرتقي إلى هول العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى أنّ الخيارات تبدو محدود للغاية.

على الصعيد الإقليمي، رفع سقف الخطاب التركي أو التحرّكي التركي إزاء القضية الفلسطينية بشكل يتجاوز موقف بعض الدول العربية من الممكن أن يُسبّب مشكلة لجهود السنوات الثلاث الأخيرة في التطبيع مع الدول العربية، لكن لا يبدو أنّ هذه هي المشكلة الوحيدة. قيام تركيا بدور ريادي أو قيادي في القضية الفلسطينية –إذا ما إفترضنا انّها تجاوزت القيود الداخلية-، من شأنّه أن يُسبّب ردّة فعل عند عدد من الدول العربية، وربما سيكون في طليعة المعترضين على الدور التركي كل من مصر والسعودية. هذا يعني أنّ انقرة ستتسبّب لنفسها وللقضية الفلسطينية بمشاكل دون ان يكون هناك عائد حقيقي، نظراً لإفتقادها الى الأوراق التي تخوّلها لعب دور فعّال في القضية.

على المستوى الدولي، لا يوجد أحد يريد للأتراك أن يكونوا عنصراً فاعلاً في المعادلة، لا الأمريكيين يريدون لك، ولا الأوروبيين، ولا الإسرائيليين بطبيعة الحال.  وفي هذا الوضع، ما لم تكن موجوداً من خلال قوتك الصلبة في الملف أو على تماس الفاعلين الأساسيين فيه، فمن الصعب جداً إن لم يكن مستحيلاً أن تحضر رغماً عن إرادة الراعين لأطراف النزاع او المنخرطين فيه، إلاّ اذا كنت مستعداً للتصعيد ضدهم، ولا اعتقد أنّ الجانب التركي في موقف التصعيد ضد كل هؤلاء الاعبين بقدر ما هو في موقع توضيب وضعه الداخلي وإعادة ترتيب أوراقه.

هناك من يشير إلى أنّه إذا كان الوضع كذلك، فلماذا عادت الحكومة التركية إلى التصعيد الكلامي ضد إسرائيل، ولماذا لا تترجم هذا التصعيد إلى خطوات عملية. والحقيقة أنّ التصعيد ارتبط بقرار إسرائيل الدخول برّياً إلى غزّة، وربما كان الجانب التركي يأمل في تحقيق وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية حتى يتسنى له لعب دور ما في مجال الوساطة، لكن قرار إسرائيل تصعيد المجازر التي ترتكبها مصحوباً بقرار الدخول البرّي لم يترك للحكومة التركية أي مجال لإحتواء أزمة دبلوماسية.

ماذا باستطاعة الجانب التركي أن يفعل في ظل هذه الظروف؟ اذا لم يحصل أي تغيير جوهري على أي من المستويات الثلاث السابقة الذكر، سيكون من الصعب توقّع الكثير فيما يتعلق بالموقف التركي. ومع ذلك، يبقى هناك أمل لدى البعض بأنّ يتم التحرك خارج إطار الممكن نظراً لهول الكارثة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا موقف الفلسطيني تركيا فلسطين غزة حرب موقف مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإسرائیلی على الجانب الترکی على المستوى

إقرأ أيضاً:

ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة لأكثر من 45 ألف شهيد

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة حيث وصل منها للمستشفيات 32 شهيد و 94 اصابة خلال الـ (24 ساعة الماضية).

وقالت الصحة الفلسطينية في تقريرها الاحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الاسرائيلي المستمر لليوم ال 440  على قطاع غزة : لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وأشار التقرير إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45,129 شهيدا و 107,338  إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.

وناشدت الوزارة ذوي شهداء ومفقودي الحرب على غزة ضرورة استكمال بياناتهم بالتسجيل عبر الرابط التالي “  https://sehatty.ps/moh-registration/public/add-order”، لاستيفاء جميع البيانات عبر سجلات وزارة الصحة.
 

مقالات مشابهة

  • الرئيس التركي يحمل أمريكا مسؤولية غزو إسرائيل لسوريا
  • تركيا تدين قرار إسرائيل توسيع المستوطنات في الجولان
  • قناة عبرية : هناك تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس 
  • عاجل - الرئيس التركي يثمن جهود مصر وقطر في وقف العدوان الإسرائيلى على غزة
  • رئيس إندونيسيا: نؤكد إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان
  • كلمة لقائد الثورة حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة الـ 7:15 مساءً
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة لأكثر من 45 ألف شهيد
  • كلمة مرتقبة لقائد الثورة حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة
  • بعد قرار إسرائيل إغلاق سفارتها هناك.. إيرلندا تستفز الاحتلال بهذه الخطوة
  • عاجل. وزير الطاقة الإسرائيلي: سنكون في سوريا لأشهر طويلة وسيستغرق الأمر وقتًا لفهم ما يحدث هناك