أين تركيا من العدوان الإسرائيلي على غزّة؟
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
في مايو الماضي، أحيا الاتراك الذكرى الـ13 للعدوان الإسرائيلي على سفينة "ماوي مرمرة" التركيّة، وهي واحدة من سفن المساعدات الإنسانية ضمن أسطول بحري أكبر قرّر التوجه من تركيا إلى غزّة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها. إسرائيل اعترضت السفينة في 31 مايو/أيار عام 2010، وشنّت قوات تابعة لسلاح البحرية الخاص بها هجوماً أودى بحياة 10 أتراك وأدّى الى إصابة 56 آخرين.
لكن تركيا آنذاك تختلف عن تركيا اليوم في عدد من المعطيات، كما أنّ توقّعات العامّة مرتفعة أكثر من اللزوم وغير واقعية في كثير من الأحيان ولعل هذا مرّر في جزء منه إلى تصوّراتهم الخاصة عن تركيا أكثر مما هو عائد إلى موقف الجانب التركي أو تصوّرات تركيا عن نفسها. آنذاك، كانت علاقة تركيا مع جميع اللاعبين الرئيسين قويّة، وكانت أنقرة تلعب دور الوسيط في أكثر من ملف حسّاس، وكان وضعها الاقتصادي والداخلي وسياساتها الخارجية في أوجها، ممّا أمّن لها تواجداً قوياً في الملفات الأساسية وأوراق ضغط لا يستهان بها.
اليوم، يبدو الوضع مختلفاً تماماً، تركيا لا تمتلك نفس الموقع القوي دبلوماسيا، ووضعها الداخلي صعب، وليس لديها علاقات قوّية مع أي من طرفي النزاع، وليس لديها نفوذ على أي منهما. وإذا ما أضفنا ذلك إلى حقيقة أنّها ليست على تماس جغرافي مع النزاع وليس لديها ـ حتى الآن ـ ما يخوّلها أن تكون على تماس جغرافي أو موضوعي مع القضية، فهذا يعني ببساطة من الناحية الواقعية أنّها تفتقد الى الأوراق والأدوات التي تخوّلها أن تكون منخرطة في الملف بقوّة.
وفضلاً عن ذلك، هناك جملة من المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية التي توحي بأنّ هناك قيوداً على أي دور تركي فعّال في الملف الفلسطيني، وأنّ ما يمكن أن تفعله أنقرة محدود جداً. على المستوى الداخلي، البلد مُتعب ومستنزف سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً. صحيح أنّ أردوغان وحزب العدالة إنتصرا في الانتخابات الأخيرة بعد معركة ضارية مع الداخل والخارج، لكّنه كان نصراً مكلفاً جداً.
لا شك أنّ الدعم الشعبي التركي غير مسبوق ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الإسلامي والدولي أيضاً كما رأينا في التظاهرات الحاشدة، ولا شك أنّ الدبلوماسية التركية لم تدّخر جهداً في سبيل التحشيد الرسمي والإعلامي والدولي، لكن هذا لا يرتقي إلى هول العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى أنّ الخيارات تبدو محدود للغاية.ترافق ذلك مع حالة وهن وإرهاق داخلي بعد الزلزال العظيم والمدمّر الذي ضرب البلاد، وموجة غير مسبوقة من العنصريّة المدفوعة بأجندة سياسية من المعارضة. قوّضت هذه الموجة صورة البلاد وسمعتها وإستقرارها ونفوذها. المعارضة المهزومة لا تزال توظّف عدداً من المواضيع في السجال الداخلي لتقويض الحكم من بينها "ملف الإخوان المسلمين"، و"حماس" وهذا يشكّل عامل إلهاء أو تشتيت في أفضل الأحوال.
لا شك أنّ الدعم الشعبي التركي غير مسبوق ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الإسلامي والدولي أيضاً كما رأينا في التظاهرات الحاشدة، ولا شك أنّ الدبلوماسية التركية لم تدّخر جهداً في سبيل التحشيد الرسمي والإعلامي والدولي، لكن هذا لا يرتقي إلى هول العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى أنّ الخيارات تبدو محدود للغاية.
على الصعيد الإقليمي، رفع سقف الخطاب التركي أو التحرّكي التركي إزاء القضية الفلسطينية بشكل يتجاوز موقف بعض الدول العربية من الممكن أن يُسبّب مشكلة لجهود السنوات الثلاث الأخيرة في التطبيع مع الدول العربية، لكن لا يبدو أنّ هذه هي المشكلة الوحيدة. قيام تركيا بدور ريادي أو قيادي في القضية الفلسطينية –إذا ما إفترضنا انّها تجاوزت القيود الداخلية-، من شأنّه أن يُسبّب ردّة فعل عند عدد من الدول العربية، وربما سيكون في طليعة المعترضين على الدور التركي كل من مصر والسعودية. هذا يعني أنّ انقرة ستتسبّب لنفسها وللقضية الفلسطينية بمشاكل دون ان يكون هناك عائد حقيقي، نظراً لإفتقادها الى الأوراق التي تخوّلها لعب دور فعّال في القضية.
على المستوى الدولي، لا يوجد أحد يريد للأتراك أن يكونوا عنصراً فاعلاً في المعادلة، لا الأمريكيين يريدون لك، ولا الأوروبيين، ولا الإسرائيليين بطبيعة الحال. وفي هذا الوضع، ما لم تكن موجوداً من خلال قوتك الصلبة في الملف أو على تماس الفاعلين الأساسيين فيه، فمن الصعب جداً إن لم يكن مستحيلاً أن تحضر رغماً عن إرادة الراعين لأطراف النزاع او المنخرطين فيه، إلاّ اذا كنت مستعداً للتصعيد ضدهم، ولا اعتقد أنّ الجانب التركي في موقف التصعيد ضد كل هؤلاء الاعبين بقدر ما هو في موقع توضيب وضعه الداخلي وإعادة ترتيب أوراقه.
هناك من يشير إلى أنّه إذا كان الوضع كذلك، فلماذا عادت الحكومة التركية إلى التصعيد الكلامي ضد إسرائيل، ولماذا لا تترجم هذا التصعيد إلى خطوات عملية. والحقيقة أنّ التصعيد ارتبط بقرار إسرائيل الدخول برّياً إلى غزّة، وربما كان الجانب التركي يأمل في تحقيق وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية حتى يتسنى له لعب دور ما في مجال الوساطة، لكن قرار إسرائيل تصعيد المجازر التي ترتكبها مصحوباً بقرار الدخول البرّي لم يترك للحكومة التركية أي مجال لإحتواء أزمة دبلوماسية.
ماذا باستطاعة الجانب التركي أن يفعل في ظل هذه الظروف؟ اذا لم يحصل أي تغيير جوهري على أي من المستويات الثلاث السابقة الذكر، سيكون من الصعب توقّع الكثير فيما يتعلق بالموقف التركي. ومع ذلك، يبقى هناك أمل لدى البعض بأنّ يتم التحرك خارج إطار الممكن نظراً لهول الكارثة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا موقف الفلسطيني تركيا فلسطين غزة حرب موقف مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإسرائیلی على الجانب الترکی على المستوى
إقرأ أيضاً:
أخبار التوك شو| أبو العينين لقن ممثل إسرائيل درسًا قاسيًا.. رسالة نارية من مصطفى بكري لـ الإعلام الإسرائيلي
تناولت برامج التوك شو خلال الساعات الماضية عددا من الاخبار الهامة نرصد أبرزها فى التقرير التالى:
فلسطين: ندين اقتحام مخيم طولكرم بالضفة الغربية وتهجير المواطنين بالقوة
أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، اقتحام نتنياهو ووزير دفاعه مخيم طولكرم بالضفة الغربية في ظل تهجير المواطنين بالقوة حسبما ورد في نبأ عاجل لفضائية "القاهرة الإخبارية".
عمرو أديب: ترامب حول روسيا من عدو لحبيب وأوكرانيا من صديق إلى خصم
علق الإعلامي عمرو أديب، على موقف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المنتخب دونالد ترامب مع أوكرانيا، مطالبة بالحصول على ثروات أوكرانيا.
دمار غير مسبوق .. خبير استراتيجي: تكلفة إعادة إعمار غزة تصل إلى 35 مليار دولار.. فيديو
قال اللواء خالد ربيع، الخبير الاستراتيجي، إن تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة، وفق التقديرات الأولية، تصل إلى 35 مليار دولار.
قطاع المعادن الثمينة في مصر: 3000 منشأة توفر فرص عمل لـ 250 ألف شخص
أكد إيهاب واصف، رئيس شعبة المعادن الثمينة باتحاد الصناعات المصرية، أن مصر تُعد من الدول البارزة في صناعة المعادن الثمينة، مشيرًا إلى أن المعادن الرئيسية التي تركز عليها مصر هي الذهب، الفضة، والبلاتين.
انتوا مش حمل مصر ولا شعبها .. رسالة نارية من مصطفى بكري لـ الإعلام الإسرائيلي
وجه الإعلامي مصطفى بكري، رسالة نارية لـ الإعلام الإسرائيلي، قائلا: "انتوا مش حمل مصر ولا شعبها".
التهجير الطوعي مؤامرة إسرائيلية-أمريكية | عرض تفصيلي مع روان أبو العينين .. فيديو
كشفت المذيعة روان أبو العينين تفاصيل خطة بديلة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين تحت غطاء 'المغادرة الطوعية'، مؤكدة أن هذا المخطط يحظى بدعم مباشر من الولايات المتحدة.
مصطفى بكري: النائب أبو العينين لقن ممثل إسرائيل درسًا قاسيًا في جلسة برلمان البحر المتوسط
أكد الإعلامي مصطفى بكري أن النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، أعلن رفضه القاطع لمخططات التهجير، وذلك خلال اجتماعات برلمان البحر الأبيض المتوسط في دورته الـ19 بالعاصمة الإيطالية روما.
مصطفى بكري: اتصالات الرئيس مع الأطراف الدولية حفّزت الموقف المصري لأجل غزة
أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن الرئيس السيسي أعلن بشكل واضح وصريح رفض التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة أو تصفية القضية الفلسطينية.
نائب رئيس بنك مصر الأسبق: خفض الفائدة المحتمل قد يتراوح بين 1% إلى 2%
توقعت الخبيرة المصرفية الدكتورة سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر الأسبق، أن قد يتجه البنك المركزي خلال اجتماعه الأسبوع الجاري يوم الخميس القادم ، إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه القادم، في ظل تراجع معدل التضخم إلى 22%، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سياسات البنك المركزي لدعم النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمار.
ترامب: فوجئت بعدم ترحيب مصر والأردن بخطتي حول غزة
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه فوجئ بعدم ترحيب مصر والأردن، بالخطة التي طرحها بشأن غزة حسبما أكدت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.