قراءات متناقضة لخطاب السيد.... بين التاريخي والكلمة المتواضعة
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
قبل دخول العدوان الاسرائيلي على غزة شهره الأول، أطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس في خطاب وصف ب"خطاب اللحظة"،وإن كان الغموض المتعمد اكتنفه في جوانب متعددة بهدف بث المزيد من الذعر والقلق في صفوف الإسرائيليين والاميركيين أيضاً. قدم السيد نصر الله شرحاً متسلسلاً لواقع الاحداث منذ 7 عملية طوفان الاقصى مروراً بالعدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والمجازر التي ترتكب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وصولاً إلى الدعم الغربي لا سيما الاميركي لإسرائيل في حربها الهمجية.
ركز السيد نصر الله في حديثه على موقف الحزب، فحدد المسؤوليات وتحدث عن الأُفق، أما في ما خص لبنان وكيفية التعاطي مع العدوان ومع تطورات الجنوب فترك السيد نصر الله تفنيد المشهد إلى اطلالته المرتقبة في 11 من تشرين الحالي (يوم الشهيد)، والتي سيركز خلالها على المسار الجديد لعمل المقاومة ربطاً بمتطلبات المرحلة وتطورات غزة، خاصة وان ثمة معلومات تشير إلى أن العدوان الاسرائيلي قد يتوقف قبل القمة العربية الطارئة التي ستعقد في 11 الجاري في الرياض.
ويرى الاستاذ الجامعي والخبير في الشؤون الدولية طارق عبود أن خطاب السيد نصرالله أمس كان خطابًا تاريخيًا،في مرحلة حرجة في المنطقة والعالم، ولكنه كان خطابًا دقيقًا، الكلمة فيه كانت محسوبة بدقة متناهية، فابتعد فيه عن الانفعالات التي تصيب كثيرًا من القادة في ظروف مماثلة، وركّز على مضمون الرسائل التي أرسلها في اتجاهات أربعة.
في الاتجاه الداخلي اللبناني، كان واضحًا بأننا لن نكتفي بما يجري حالياً على الحدود مع فلسطين المحتلة، ويجب أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات والفرضيات المقبلة وأن الجبهة اللبنانية جبهة تضامن ومساندة لقطاع غزة.وأننا دخلنا الحرب منذ اليوم الثاني لبدايتها وأن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة قد تشهد حرباً واسعة. أما في الاتجاه الفلسطيني فأكد حتمية انتصار غزة والمقاومة،ولكن المعركة تحتاج إلى صبر، فضلاً عن أنه مجموعة من الأولويات أبرزها وقف العدوان وانتصار غزة وقال إنها أولوية رئيسية. أما في الاتجاه الاسرائيلي، فقال إن المقاومة تخوض حربًا على الحبهة الجنوبية مع العدو الذي سخّر لها نصف دفاعه الصاروخي ونحو ثلث القوات الإسرائيلية اللوجستية الموجه ناحية لبنان.
ولكن الرسالة الأهم كانت للادارة الأميركيةالتي حمّلها مسؤولية الأوضاع في غزة والمسؤولية الاميركية المباشرة عن القتل، لأنها تمنع إدانة إسرائيل في مجلس الأمن.وهي من تمنع وقف إطلاق النار في غزة وهي المسؤول الأول عن كل المجازر في المنطقة.
أما مدير "المركز اللبناني للابحاث والاستشارات"حسان القطب فيعتبر في حديث لـ"لبنان24" أن حملة اعلامية واسعة سبقت خطاب السيد نصرالله بالامس، ولذلك كان من المفترض أن يتضمن نقاطا ومواقف وربما قرارات حساسة ومهمة للغاية، لكن ما جرى هو العكس تماماً فقد جاءت الكلمة التي ألقاها متواضعة، وغير متماسكة، ولم تتضمن أي موقف قد تهتز له المنطقة. ومن المعلوم،وفق القطب، أن خطابات السيد نصرالله يتم تحضيرها من قبل فريق إعلامي وسياسي، بحيث تأتي كلمته متناسقة ومتماسكة شكلاً ومضموناً، وتتوافق مع استراتيجية حزب الله السياسية والعسكرية، وتستثير جمهور الحزب إيجاباً وتغيظ الخصوم وتقلق الاعداء.
بالنسبة إلى القطب، فإن تأخير الخطاب، والحملة الإعلامية التي سبقت إطلالة السيد، استند إلى قراءة من فريق حزب الله الإعلامي- السياسي، بأن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار في الحرب على غزة، لمدة أطول، والمفاوضات التي تجري في قطر، بين عدد من المسؤولين الاقليميين والدوليين ومن بينهم وزير خارجية إيران، لا بد أن تفضي إلى اتفاق على هدنة حتى لو كانت انسانية.. وبالتالي يأتي خطاب الأمين العام لحزب الله تتويجاً لنتيجة هذه المفاوضات، ويعلن مواقف تتناسب مع إعلان الهدنة ودور الحزب ومحور طهران في فرض معادلات جديدة على إسرائيل، أي كان من المفترض أن يكون خطاب نصرالله،إعلان نصر بعد غياب طال مدة شهر.. ولكن لم تجر الرياح بما يشتهيه هذا الفريق..
ويعتبر القطب أن رسائل السيد نصرالله السابقة التي رسمها له الفريق الاعلامي – السياسي، جعلته اسير مواقفه، وذلك حين أطلق شعار وحدة الساحات ومحذرا من الاستفراد بجبهة محددة، لان باقي الجبهات سوف تفتح على مصراعيها، لأن محور إيران متماسك من طهران إلى غزة مروراً باليمن والعراق وسوريا ولبنان طبعاً. لكن السيد نصر الله في كلمته أمس لم يثبت ذلك، عندما أعلن أن قرار المواجهة كان فلسطينياً حصراً، وأكد أن المناوشات مع جيش العدو الاسرائيلي في جنوب لبنان هي لتخفيف الضغط عن غزة.وبحسب القطب، تبين من سياق الكلمة أن محور المقاومة يستند إلى الفصائل العراقية واليمنية فقط، فقد غاب الدور السوري عن الكلمة.
لقد رفع السيد نصر الله، بحسب القطب، سقف مواجهته مع الولايات المتحدة مباشرةً فكانت معركة غزة تفصيلا بسيطا في معركة المواجهة ولا تستدعي تدخلاً سريعاً من قبل كل المحور، ومن إيران على وجه التحديد.
وبالتأكيد سوف يجري حزب الله، كما يتوقع مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات، جردة سريعة لكافة المواقف السياسية والحملات الاعلامية التي سبقت كلمة السيد نصرالله الاخيرة لإعادة تصويب مواقفه بحيث تكون أكثر تواضعاً، كما أن عليه مراجعة حجم وطبيعة علاقاته مع القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان وغزة والضفة، حتى لا يتوقع قادة هذه الفصائل دعماً لا يستطيع حزب الله ومحوره تقديمه لهم.. فهو أكد في خطابه أنه لن يفتح معركة واسعة النطاق مع إسرائيل وسوف يكتفي بالمناوشات وإن كان قد حذر العدو من شن هجوم على لبنان،لأن الحزب سيكون على أهبة الاستعداد للرد. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: السید نصر الله السید نصرالله حزب الله خطاب ا
إقرأ أيضاً:
السيد عبدالله بن حمد .. الصفي الرضي
السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي جاءنا في مسقط مع عمر الخامسة عشرة برفقة أبيه القاضي السيد حمد بن سيف وكان منزلهم في منطقة الحمرية قريبا من بيت الشيخ أحمد بن عبد الله الحارثي وكنا حين نذهب لزيارة الشيخ أحمد بن عبد الله نمر أحيانا لزيارتهم ونجد هناك العديد من القضاة والأعيان.
وكان وقتها بين الصبا والشباب شابا يلفت النظر، وعمل مع صغر سنه منسقا لمكتب الشيخ أحمد رئيس هيئة المخطوطات وقتها ثم حين تأسست وزارة الإسكان وصار السيد محمد بن أحمد وزيرا لها وتعين الشيخ أحمد بن عبد الله بمعيته وكيلا للوزارة ذهب هو معه وكان السيد محمد صديقا لوالده فأخذه منسقا خاصا لمكتبه وأسهم بقدر واسع في تأسيس الوزارة الوليدة ومضت به مسيرة العمل، وفي غضون سنوات أصبح مديرا عاما وفي تلك الفترة صرت أنا ملحقا ثقافيا في سفارة سلطنة عمان بالبحرين وجاء لزيارتي هناك لأكثر من مرة ويوم أسسنا النادي الوطني الثقافي انضم هو إلينا وصار من أبرز الشباب النشطين وقد لفتت همته العالية ونشاطه المتميز المسؤولين فتم تعيينه وزيرا للإسكان حيث أسهم في تأسيس الوزارة وتطويرها وأطلق الناس آنذاك على وزارة الإسكان اسم وزارة الأخلاق الحميدة ولكن الزمن لم يطل به في الوزارة فنقل سريعا ليكون مندوبا لسلطنة عمان في الجامعة العربية أيام وجودها في تونس وكان أمين عام الجامعة العربية الشاذلي القليبي حينئذ ورئيس تونس يومها الحبيب بو رقيبة وتطورت علاقته بهما وصارت له معهما قصص كثيرة وحكايات متنوعة وبعد وقت يسير تم تعيينه سفيرا لسلطنة عمان في تونس وكان دوره كبيرا ملحوظا وأقام علاقات واسعة مع الوزراء والمسؤولين هناك ومع زملائه السفراء وحين أعيدت الجامعة إلى مقرها في القاهرة عاد هو معها فطاب له المقام في مصر وتوطدت علاقاته مع الرئيس ومع كبار المسؤولين وشهدت العلاقات العمانية المصرية تطورا كبيرا وكان أمين عام الجامعة العربية بعد عودتها إلى مصر د. عصمت عبد المجيد وأصبحت العلاقة بينهما وثقى ومتينة وكم مرة رأينا د. عصمت زائرا له في بيته بالقاهرة إضافة إلى صلاته الحسنة مع الكتاب والمثقفين الذين ارتبط معهم بصداقات حميمة يقيم لهم الضيافات في بيته ويجتمعون حوله في ندوات علمية وثقافية ومن أبرز من صاروا أصدقاءه المقربين الدكتور جابر عصفور و د. حسن حنفي والأستاذ جمال الغيطاني ود. صابر عرب ود. أحمد درويش والمؤرخ د. جمال زكريا قاسم وعشرات غيرهم ومنزله كان منتدى فكريا وملتقى دائما لصفوة أهل الثقافة ثم أسس هناك منتدى الفراهيدي الذي تحدد وقته كل أربعة أشهر حول شؤون ثقافية مصرية وعمانية وعربية يحاضر فيه نخب العلماء وقادة الفكر والمثقفين من المغرب والعراق والجزائر وسوريا وتونس واليمن وعمان ومصر والخليج وذلك المنتدى كان منارة عمانية مضيئة في القاهرة وكانت لا تكاد تفوته ندوة أو محاضرة ثقافية في القاهرة على كثرتها وكثرة مشاغله وكنت رفيقه غالبا في تلك المحاضرات والندوات وله -رحمه الله- قدرة فائقة على التوفيق والإصلاح بين المختلفين ومما اشتهر من ذلك استطاعته جمع السفيرين الكويتي والعراقي في بيته أثناء شدة الخصومة بين الكويت والعراق خلال الاحتلال العراقي للكويت ما دعا الصحافة المصرية إلى نشر صورة السفيرين وهو بينهما في استغراب شديد وفي فترات معرض القاهرة للكتاب يكون حريصا أن أكون معه باستمرار وما أذكره عنه أيام وجوده في تونس رسالة مطولة أرسلها لي بشأن موضوع معين كان يبتغيه والرسالة ما زالت معي حتى الآن وبعد عودته إلى الوطن كنا على تواصل غير منقطع يدعوني لزيارته ببيته وأحيانا يفاجئني في بيتي فأسعد بزيارته.
ومن مآثره التي لا يمكن إغفالها إنشاء مكتبة باسم والده تضمنت بعض المخطوطات والكتب القديمة وكذلك دوره في تأسيس جامعة الشرقية التي أحاطها بالرعاية والاهتمام والتي أصبحت اليوم من بين أرقى الجامعات العمانية الخاصة ولا نستطيع حصر وتعداد ما قام به من إنجازات مهمة وهو قبل ذلك وبعده من محبي الثقافة والقراءة وحين يلقاه المرء يبادره بابتسامته العذبة المشرقة.
رحمه الله وكتب له الثواب والمغفرة وجزيل الإحسان.
أحمد الفلاحي أديب عماني