عربي21:
2025-02-22@13:56:14 GMT

نصر لله.. كثير من الأيديولوجيا وقليل من الفعل

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

لم يكن خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر لله مفاجئا، سواء لقاعدته الشعبية أو لأولئك الذين كانوا يتمنون منه إعلان الحرب على إسرائيل، فقرابة الشهر من الحرب الإسرائيلية الشرسة على أهالينا في قطاع غزة، مع اقتصار الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة على مناوشات عسكرية مدروسة من كلا الجانبين الإسرائيلي و"حزب الله"، يؤكد أن ما سمي بساحات "المقاومة والممانعة" ليست واحدة ومتكاملة.



فأوجاع غزة لم تسمع كما يجب لا في لبنان وجنوبه، ولا في سوريا، ولا في إيران، ناهيك عن مصر والسعودية وباقي البلدان العربية.

نعم، لقد جانب الصواب السيد نصر لله في حديثه عن عظمة عملية "طوفان الأقصى"، وعن الهوان والضعف العربيين، وقد أصاب كبد الحقيقة حين قال إن انتصار المقاومة في غزة هو انتصار لمصر والأردن ولبنان وسوريا وباقي البلدان العربية.

في هذا الجانب ـ وأمام حالة الخذلان والدعم الذي تبديه بعض الأنظمة العربية لإسرائيل للقضاء على المقاومة في غزة ـ يبدو خطاب السيد نصر لله صادقا يعبر عن مشاعر حقيقية داعمة لغزة، لا شك في ذلك.

غير أن الأمين العام لحزب لله، ومن ورائه محور "المقاومة والممانعة" حاولوا إقناعنا على مدار سنوات طويلة بأنهم القلة التي "اختارهم الله" لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتقديم الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة.

ووفقا لهذه السردية، التي تقول في إحدى تعبيراتها إن "طريق القدس يمر من القصير السورية"، كنا نتوقع أن يبادر الحزب بعد مرور أسبوعين من الحرب الإسرائيلية على القطاع أن يرفع مستوى القتال، من مجرد مناوشات وإطلاق بضعة صواريخ لا تشكل تهديدا عسكريا للاحتلال، إلى شن هجمات قوية توقع قتلى في صفوف الاحتلال.

لكن ما سمعناه هو كلام عام وفضفاض حين يجري الانتقال من المشاعر إلى الفعل، فقد حاول نصر لله إقناع مستمعيه بأن الحزب منخرط في الحرب منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، في رد على الأصوات التي اعتبرت أن حدود المناوشات الثانوية غير مؤثرة، ولا ترقى إلى مستوى اشتباكات خطيرة تهدد بحرب حقيقية، فقد اعتبر أن عمليات الحزب في الجنوب أجبرت الاحتلال على إبقاء ثلث الجيش الإسرائيلي ونصف القوات البحرية وربع القوات الجوية، مما يخفف الحمل عن مقاتلي حماس في غزة.

غير أن نصر لله لم يكتف بتوصيف الحال على الجبهة اللبنانية ـ الفلسطينية فحسب، بل أعلن أن مسار الحرب على الجبهة اللبنانية ـ الفلسطينية مرتبط بأمرين: أولهما يتعلق بتطور الأحداث في غزة، والثاني مرتبط بسلوك إسرائيل تجاه لبنان.

تفرض علينا الأمانة القول بأن "حزب الله" بهذه المناوشات العسكرية التي أدت إلى استشهاد نحو ستين شخصا في الجنوب اللبناني بين لبنانيين وفلسطينيين، متقدم عن الدول العربية قاطبة، تلك الدول التي يمتلك بعضها مقدرات اقتصادية كبرى وبعضها الآخر مقدرات عسكرية وبشرية، بما فيها مصر التي ظهرت سيادتها منقوصة على معبر رفح بين مصر وقطاع غزة.نحن هنا أمام خطاب ممتلئ بالأيديولوجيا والشعارات، وهو نفسه الذي قال في منتصف خطابه أن عملية "طوفان الأقصى" والحرب الإسرائيلية على غزة حدث تاريخي مفصلي يختلف تماما عما جرى في السابق.

ألا يستدعي هذا الحدث التاريخي والمفصلي رد فعل من الحزب ومحور "المقاومة والممانعة" رد فعل يتناسب مع اللحظة التاريخية والمفصلية.

كان الأجدى بالأمين العام لـ "حزب الله" التحدث بلغة سياسية واقعية تعكس حالة المأزق والارتباك في "المحور المقاوم": لم يعد الحزب بعد حرب تموز عام 2006 قادرا على التحرك عسكريا كما كان الأمر قبل ذاك التاريخ أولا، وهو يدرك أن فتح جبهة عسكرية سيُستتبع برد عسكري إسرائيل لا يتحمله لبنان بما قد يؤدي إلى انفجار الوضع الداخلي ثانيا، فضلا عن عدم رغبة طهران في هذه المرحلة من التوافق مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي أن تعيد خلط الأوراق بعد مسار طويل من المفاوضات ثالثا، وأيضا عدم رغبة النظام السوري بفتح جبهة الجنوب اللبناني بعدما تلقت دمشق تحذيرات من أبو ظبي من مغبة القيام بذلك بما ينعكس سلبا على العلاقات الإماراتية ـ السورية رابعا.

لم يحدثنا نصر لله عن هذه المعطيات الواقعية التي تحول دون اتخاذ "محور المقاومة والممانعة" بقرار الحرب على إسرائيل في هذا المفصل التاريخي الخطير الذي قد يؤدي، إذا ما تم القضاء على المقاومة في غزة، إلى السقوط الأخلاقي والسياسي لهذا المحور.

ومع كل ذلك، تفرض علينا الأمانة القول بأن "حزب الله" بهذه المناوشات العسكرية التي أدت إلى استشهاد نحو ستين شخصا في الجنوب اللبناني بين لبنانيين وفلسطينيين، متقدم عن الدول العربية قاطبة، تلك الدول التي يمتلك بعضها مقدرات اقتصادية كبرى وبعضها الآخر مقدرات عسكرية وبشرية، بما فيها مصر التي ظهرت سيادتها منقوصة على معبر رفح بين مصر وقطاع غزة.

ليس هدف هذا المقال مهاجمة "حزب الله" ولا مهاجمة أمينه العام، فالقصد هو أن الحدث التاريخي الذي تمر به غزة يفترض لغة واقعية توضح طبيعة محور "المقاومة والممانعة" وقدراته وحدود تأثيره، بدلا من الوعد والوعيد والتهديد.

لقد مر أقل من شهر على الحرب الإسرائيلية الغاشمة على القطاع، استشهد فيها نحو تسعة آلاف شخص، وأصيب عشرات الآلاف، ودمرت أكثر من نصف مباني القطاع: أبعد كل ذلك، هل المناوشات العسكرية على الجبهة اللبنانية ترتقي إلى مستوى الحدث؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله الحرب غزة الفلسطينية فلسطين غزة حزب الله حرب موقف مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب الإسرائیلیة حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

محللون: هذه الأسباب تمنع نتنياهو وترامب من استئناف الحرب في غزة

يعتقد خبراء أن محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفخيخ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة لن تصل إلى شيء بسبب تغير الموقف المصري وتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهديداته.

ويرى هؤلاء أن نتنياهو دخل الاتفاق منذ البداية وهو عازم على عدم إكماله لكنه اصطدم بأن الرئيس الأميركي ألقى بالكرة في ملعب دول المنطقة التي أصبح دورها من القضية مختلفا عما كان عليه في السابق ولاسيما الموقف المصري.

وأمس الأربعاء، قالت وسائل إعلام إن إسرائيل قررت البدء في مفاوضات المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى بشرط نزع سلاح المقاومة، في حين رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أي مقترح بنزع السلاح أو إبعادها من القطاع.

وقالت هيئة البث الإسرائىلية إن مفاوضات المرحلة الثانية ستبدأ مع وصول المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف إلى إسرائيل. في حين قالت القناة 12 الإسرائيلية إن نتنياهو التزم بأن تتضمن المرحلة الثانية من الصفقة نزع السلاح في غزة ورفض خطة نقل السيطرة من حماس إلى السلطة الفلسطينية.

ترامب خلال استقباله لنتنياهو في البيت الأبيض (تصوير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي عممها للاستعمال الحر لوسائل الإعلام) حرب من أجل الحرب

ووفقا للخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين فإن مشكلة نتنياهو تكمن في أنه دخل الحرب من أجل الحرب وليس من أجل خلق واقع سياسي معين، وأنه أيضا كان يعول على ترامب في إفشال الاتفاق بعد المرحلة الأولى وهو ما لم يحدث.

إعلان

وحتى اللحظة، يعلن نتنياهو رفضه أي دور لحماس أو السلطة الفلسطينية في حكم القطاع لكنه في الوقت نفسه لا يقدم البديل الذي يراه مناسبا، كما يقول جبارين.

وفي حين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يعول على ترامب لتقديم هذا البديل، فإن تراجع الأخير عن تهديداته وإلقائه كرة اللهب في ملعب الدول العربية لم يكن في حسابات نتنياهو، برأي جبارين.

ويتهم نتنياهو رئيسي الموساد والشاباك بإدارة مفاوضات الاتفاق على أساس تقديم تنالازت دون الحصول على شيء في المقابل، وهي -كما يقول جبارين- محاولة منه لتصوير الصفقة على أنها فاشلة بالنسبة لإسرائيل وأنه ليس مسؤولا عن الفشل.

غير أن المشكلة في رأي خالد صفوري رئيس مؤسسة المصلحة الوطنية في واشنطن، لا تكمن في مواقف نتنياهو الرامية لتخريب الاتفاق بقدر ما هي في نظرة الرئيس الأميركي قصيرة الأمد للأمور.

فترامب، كما يقول صفوري، يتعامل مع المفاوضات السياسية بمنطق الصفقات العقارية، ومن ثم فقد كان مهتما فقط بالتوصل لاتفاق وليس بمواصلة تنفيذه لأنه يعتقد أن هذا الأمر منحه انتصارا لم يتمكن جو بايدن من تحقيقه.

كما أن اعتماد الرئيس الأميركي وثقته المفرطة في قدرات مبعوثه الخاص للمنطقة ليست في محلها، كما يقول صفوري- لأن ويتكوف أيضا لا يمتلك خبرة في السياسة وإنما في سوق العقارات.

وعلى هذا، فإن ترامب غير معني بإفشال الاتفاق وهو ما جعله يدفع نتنياهو نحو طرح شروط جديدة لم تكن موجودة عندما تم توقيع الصفقة، وفق صفوري، الذي أشار إلى خطورة المسؤولين الأميركيين الحاليين على قضية فلسطين ككل.

فهؤلاء المسؤولون -كما يقول المتحدث- يعتبرون إسرائيل أولوية حتى قبل الولايات المتحدة نفسها لأنهم ينتمون للمسيحية الصهيونية ومن ثم فهم يدفعون الرئيس لإطلاق يد إسرائيل من منطلقات عقائدية وليست سياسية.

إعلان

المقاومة تملك أوراق قوة

ومع ذلك، يعتقد المحلل السياسي أحمد الحيلة أن المقاومة والوسطاء لن يقبلوا بضم شروط جديدة للاتفاق في مرحلته الثانية، خصوصا بعدما التزم الجانب الفلسطيني بكل ما عليه في حين لم تلتزم إسرائيل بكل ما عليها.

ويرى الحيلة أن ترامب وويتكوف أيضا لا يرغبان في إفشال الاتفاق لأن هذا سيفتح الأبواب أمام أمور كثيرة قد لا يمكن توقعها، وهو ما دفع الرئيس الأميركي للتراجع عن خطة التهجير غالبا وإحالتها إلى الدول العربية.

ومع امتلاك المقاومة أوراق قوة في مقدمتها بقية الأسرى الأحياء وغالبيتهم من العسكريين، ستكون محاولة إضافة شروط جديدة لم يتم الاتفاق عليها مثل تسليم سلاح حماس أو إخراجها من المشهد، تراجعا إسرائيليا غير مقبول بنظر الوسطاء.

وخلص الحيلة إلى أن الموقف العربي الحالي وخصوصا الموقف المصري لم يعد كما كان في السابق لأن البدائل المطروحة ليست مقبولة أبدا بالنسبة له.

لكن صفوري يرى أن المواقف العربية غير موحدة وأن بعض المواقف تبدو قريبة للجانب الإسرائيلي والأميركي، ويرى أن هذا يساعد واشنطن وتل أبيب على عدم احترام الاتفاقات، ومن ثم فإن ورقة القوة الحقيقية تظل في يد حماس، برأيه.

وتتمثل هذه الورقة في الأسرى الأحياء والسلاح، وهما أمران لو تخلت عنهما المقاومة فإنها ستخسر كل شيء، كما يقول صفوري، مؤكدا أن المقاومة لا يمكنها قبول أي ضمانة مقابل إلقاء السلاح.

مقالات مشابهة

  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • هل ينجح نتنياهو في استغلال جثة بيباس لتفجير اتفاق غزة؟
  • معاملة الأسرى بين إنسانية المقاومة ووحشية الاحتلال
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • ما نوع القنابل التي عرضتها المقاومة خلال تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين؟
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
  • غزة وسوريا محور التقرير السنوي لمركز الجزيرة للدراسات
  • رسائل موجعة من المقاومة لنتنياهو خلال تسليم أول دفعة من جثث الأسرى
  • ما هي الصورة التي أخفتها المقاومة على منصة التسليم ؟
  • محللون: هذه الأسباب تمنع نتنياهو وترامب من استئناف الحرب في غزة