بسبب العمالة.. كيف تضر مقاطعة الشركات والعلامات التجارية الكبرى بمصالح المصريين؟
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
تباينت ردود الأفعال بين الكثيرين حول تأثير دعوات مقاطعة الشركات المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، والتي انتشرت بداية من السابع من أكتوبر 2023 بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، وظهرت عدد من الشركات العالمية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما قوبل بالغضب الشديد من قبل الكثيرين، ما أدى إلى شن دعوات لمقاطعة منتجات شركات داعمة لإسرائيل، وتصدرت المنتجات المصرية الوطنية البديلة.
وعلى الرغم من أن هناك الكثير من المؤيدين لحملات المقاطعة، فهناك من يرفضها، محذرين من "تأثيرها السلبي على الاقتصاد المصري بسبب توفيرها آلاف فرص العمل".
تأثير سلبي على الاقتصادطالب الاتحاد العام للغرف التجارية، بعدم الانسياق خلف دعوات المقاطعة لشركات مصرية تحمل علامة تجارية أجنبية (قيل إنها تدعم إسرائيل فى حربها على غزة)، لأن ذلك يضر الاقتصاد المصرى، بينما أكد المهندس بهاء ديمترى، مقرر لجنة الصناعة بالحوار الوطنى، أهمية المقاطعة كقرار شعبى، مناشدا تشجيع المنتجات المحلية، فيما قرر مجلس أعمال «أغادير»، مقاطعة أى سلع إسرائيلية بشكل واضح، لافتا إلى أن المقاطعة رغم آثارها على الاقتصاد المصرى، إلا أنها محاولة جديدة لدعم المنتج المحلى وتشجيع الصناعة الوطنية.
وقال الاتحاد فى بيان، إنه يقف مع الأشقاء فى غزة، ويشارك مع منتسبيه واتحادات الغرف العربية فى توفير المعونات اللازمة، لكن الشركات التى تم الدعوة لمقاطعتها تعمل بنظام «الفرانشايز»، أى أن الشركة الأم لا تملك أيًا من الفروع الموجودة فى مختلف دول العالم.
وأضاف أنها شركات مساهمة مصرية، وتوظف عشرات الآلاف من أبناء مصر، وتسدد ضرائب وتأمينات لخزانة الدولة، كما أن من يقوم بدعم جيش الاحتلال فى غالبية الأحوال هو الوكيل فى إسرائيل وليس الشركة الأم.
وأكد أن مثل تلك الحملات لن يكون لها أى تأثير على الشركات الأم، لأن مصر تشكل أقل من 1 فى الألف من حجم الأعمال العالمية، ونصيب الشركة الأم من الفرانشايز لا يتجاوز 5% من إيرادات الشركة المصرية، وبالتالى فالأثر على الشركة الأم لا يُذكر، لكن الأثر سيكون فقط على المستثمر المصرى والعمالة المصرية.
وقال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن دعوات المقاطعة لبعض المنتجات والعلامات التجارية العالمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي «غير مقبولة» وغير «منطقية» لما لها من تأثير سلبي على الاقتصاد المصري والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأضاف أن المنتجات التي يتم الدعوة لمقاطعتها 98%-99% منها عمالة مصرية وتقوم بتسديد الضرائب للدولة وتعتبر منتجا مصريا وليس كما يروج البعض لأن تصنعيها يكون بمصانع داخل مصر، مؤكدا أن تلك الدعوات سينتج عنها انخفاض في المبيعات، وبالتالي انخفاض في الضرائب المسددة.
وطالب وكيل الخطة والموازنة بالفصل بين الاقتصاد والتعاطف الوطني، قائلا: «الظروف الاقتصادية الحالية تحتم علينا مراعاة ذلك لأن الضرر الاقتصادي الناتج عنها أكبر بكثير على مصر».
ولفت إلى أن المنتجات المحلية التي يتم الترويج لها على أنها البديل موجودة في السوق المحلية منذ سنين ولا تتمتع بإمكانيات ولا قدرة إنتاجية تستوعب العمالة التي ستتضرر من تلك الدعوات، وتابع: «هذا الأمر اثبت فشله منذ 50 عامًا مضت».
فيما اعتبر النائب معتز محمود، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن دعوات المقاطعة لبعض المنتجات والعلامات التجارية العالمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» لها مردود سلبي على الاقتصاد الوطني، خاصة العمالة المصرية التي تعمل بها، مقترحا حلا جذريا للأزمة من خلال دعوة أصحاب الشركات التي تحمل علامات تجارية اجنبية «الفرنشايز» أو المتضررين من المقاطعة وسائل الإعلام المختلفة وعمل مؤتمر صحفي واسع وإعلان تخصيص نسبة من إيراداتهم لدعم غزة بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري.
وقال «محمود» إن النسبة التي يتم تخصيصها لدعم غزة تتراوح بين 2% -3% من إيرادات الشركة، مؤكدا أن هذا المقترح سيعطي رسالة إلى المستهلك المقاطع لمنتجاتهم بأن الشركة داعمة للقضية الفلسطينية وليس العكس، وبالتالي تنفرج أزمة المقاطعة وتأثيراتها السلبية عليهم.
وأضاف أن المنتجات التي تتم الدعوة لمقاطعتها أغلبية العمالة بها مصرية وتعتبر منتجا مصريا وليس كما يروج البعض لأن تصنعيها يكون بمصانع داخل مصر.
ضرب العمالة المصريةوعلق الإعلامي عمرو أديب، على آخر تطورات حملة المقاطعة لأصحاب محال يعتقد أنهم يدعمون الكيان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هناك مئات الآلاف من المواطنين يعملون فيها مهددون بالتسريح.
وقال عمرو أديب، مقدم برنامج “الحكاية”، المذاع عبر قناة “ام بي سي مصر”، مساء أمس الجمعة، إن هذه المقاطعة لم تصل لأصحابها ومن يتأثر هم العاملون فيها من المصريين، متابعا أن المبيعات قلت بالفعل، ولكن ليس بالشكل المؤثر لأصحابها.
وأضاف مقدم برنامج “الحكاية”، أنه “يتم حاليا تسريح عمال غلابة، وهذا كله في وضع اقتصادي مؤلم، وإحنا بنعاقب مين يا جماعة، ومين هيقف جنبهم، لم تؤثر ولن تؤثر”.
وأيضاً انتقد الإعلامي شريف مدكور حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، طارحًا سؤالًا حول وضع الشباب الذي يعمل في الشركات التي تصنع منتجات خاصة بإسرائيل.
وكتب شريف مدكور عبر حسابه بموقع “فيس بوك”: “أحب بس أفهم الشباب اللي عليه أقساط ومصاريف دراسة، خصوصًا اللي بيشتغلوا دليفري توصيل طلبات وبيشتغلوا في الشركات اللي الناس مقطعها مين حيدفع تعويض للشباب دول أو مين حيشغلهم، يا ريت بس أفهم شكرا، طب وبالنسبة للأدوية، خصوصًا الكيماوي نقطعه كمان!!!! مهو من نفس البلاد على فكرة”.
وقالت المحامية نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان، إن حملات مقاطعة التوكيلات الأجنبية والمنتجات التي يحتمل أنها أمريكية أو إسرائيلية هي دعوات بها نوايا طيبة، موضحة أن كل المنتجات الأجنبية العاملة في مصر بها صناعة مصرية ولكن هي تستخدم العلامة التجارية فقط، قائلة: “زجاجة البيبسي في مصر هي صناعة مصرية ومقاطعتها ضرب للعمالة المصرية في المصانع بجانب السلسلة التي تغذي عملية الإنتاج”.
وأوضحت “أبو القمصان”، في تصريحات إعلامية، أنه يجب التركيز في حملات المقاطعة على المنتجات المستوردة كالزيوت والسيارات والمنتجات المستوردة بشكل كامل من الخارج، مشيرة إلى أن اللجان الإلكترونية التي تتحدث عن مقاطعة المنتجات على أنها ستحدث خسائر في الشركة الأم التي تحصل على 0.5% من مكاسب الشركة.
وأشارت إلى أنه يتم توثيق ما يحدث في غزة هو توثيق حقوقي وقانوني، مشددة على أنه تم توصيفه بـإبادة جماعية، موضحة أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان توصف الحرب في غزة بـإبادة جماعية وهو أقصى الدرجات في المحكمة الجنائية الدولية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مقاطعة إسرائيل حماس حملات المقاطعة الاقتصاد على الاقتصاد الشرکة الأم إلى أن
إقرأ أيضاً:
في ظل الحرب التجارية.. العالم بين مفترق الطرق !
لسان العاقل يقول: «العالم ليس بحاجة إلى أزمات جديدة»، والواقع يؤكد أن العالم يعج بالكثير من تحديات البقاء في ظل تراجع ملموس في رفاهية العيش على الأرض.
فما بين جراح مفتوحة سببتها الكوارث البيئية، والحروب الضروس التي تخلف وراءها الآلاف من القتلى واليتامى والأرامل والمشردين، ينام العالم ويصحو على وجع جديد، يتجلى بوضوح مع أول ضوء للشمس يسطع على هذا الكوكب المزدحم بالمآسي والآلام التي هي من صنع البشر وأطماعهم التي لا تنتهي.
لم تعد بعض الشعوب تحتمل المزيد من الضغوط والقلق؛ فالمشاكل التي يُرَحِّلها الساسة كل عام كفيلة بأن تُشعر جميع الكائنات الحية بالخطر الذي ينتظرها مع اكتمال المشهد المخيف في أي لحظة.
لم تعد الأطماع البشرية وحدها الخطر الداهم الوحيد الذي يهددنا ككائنات تعيش في شقاق ونزاع، بل أصبحت تقلبات المناخ، وما تسببه من انعكاسات، تزيد من حالة التشرذم والتوجس، وتكشف المعطيات عن أنياب ومخالب جديدة، تمزق أجساد الأحياء، وتفرض عليهم واقعًا جديدًا يزيد من معاناتهم، ويخبرهم عن مصير غامض، وتحدٍّ آخر عليهم أن يتنبهوا له جيدًا؛ فهناك قحط قادم، ومجاعات تتربص بكارثة إنسانية، وينابيع مياه بدأت تجف، وأنهار لم تعد قائمة في أماكنها القديمة.
كل ذلك والعالم لا يزال يفكر في كيفية الهيمنة على أرواح الأبرياء وسرقة فرصهم في الحياة والعيش بسلام. ومع كل تلك المؤشرات والإنذارات التي تبعثها الطبيعة، لا يزال الساسة في العالم يجتمعون وينفضّون سريعًا دون أي نتائج ملموسة أو قرارات تخفف من معاناة الشعوب، وتحمي الأرض من الدمار الذي يحيط بها ويهدد ساكنيها. فكل يوم يحمل مستجدات تدفع الناس إلى الخوف من المستقبل المجهول، بينما يتسابق الأقوياء إلى أماكن السيطرة على مفاصل الدول وثرواتها، دون حسيب أو رقيب.
حالة من العداء المفتعل تشتعل في قشّ الأرض لتحرق الأخضر واليابس، بينما الضعفاء هم من يدفعون الفواتير الباهظة من قوت يومهم، ومن مدخراتهم وممتلكاتهم، فقط من أجل أن ينالوا قسطًا من فرص الحياة، أو ضمانًا للعيش وسط ضجيج البنادق وأصوات القنابل.
وإذا كانت الحرب التجارية التي تدور دوائرها عبر فرض رسوم جمركية بين واشنطن وبكين والاتحاد الأوروبي وغيرها من دول العالم وإن كان بنسب متفاوتة، فإن تأثير ذلك لن يكون محدودًا كما يتوقع البعض، بل سيمتد أثره ليصل إلى أعماق أبعد مما نتخيل خلال السنوات المقبلة خاصة إذا استمر العالم في القتال من أجل ثراء الأقوياء، وترك الفقر يجتاح الدول المنكوبة.
في علم الاقتصاد والسياسة، «لا مجال للعواطف أو التمني»، فالمعادلات الحسابية معروفة ومحددة الأطر سلفًا، وما القرارات الاقتصادية إلا وسيلة ضغط على الآخرين، حتى وإن كانت مجحفة، فإنها تبقى جزءًا من سياسة الأقوياء. أما الضعفاء، وإن أبدوا مقاومتهم ورفضهم في البداية، فإنهم لا يصمدون طويلًا تحت نيران الحجب والمنع والإذلال. وحتى يكون هناك أمل في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فعليهم أن يدركوا ما يجب عليهم فعله، بدون نقاش أو جدال، حتى وإن كان المستقبل بالنسبة لهم غامضًا ومخيفًا.
دائمًا ما تتحول بعض «المفاوضات» إلى «مواجهات»، و«الأسئلة» إلى «اتهامات». فالقوي يقول: ماذا ستقدم لنا كي تنعم بالأمان؟ وماذا لديك لتعطينا لنضمن لك الحماية؟
وهذان السؤالان هما جزء يسير من أسئلة أعمق وأخطر، في زمن التنازلات وانتزاع الحقوق وحجب المطالب، فقط لتبقى واقفًا على قدميك!
إذا كانت هناك جدلية محتدمة حول اعتبار الاقتصاد مرآة للسياسة، فمن الصعب الفصل بينهما، سواء في القوة أو التأثير، فهما توأمان، يكمل أحدهما الآخر.
وكما هو موثق في الكتب: السياسة الحكيمة هي لبّ الحكمة وحسن التدبير من أجل تطور المجتمع وإدارة شؤونه بحرية، وتأمين رقي أفراده. أما الاقتصاد فهو عملية تعمل على تلبية الاحتياجات المادية الضرورية للمجتمع لتحقيق ازدهاره.
لكن في عصر الهيمنة والسيطرة، يخرج هذا التعريف عن مساره، ويتخذ كل منهما طريقًا بعيدًا عن الآخر.
ومع كل ما أُسلف، هل وصل العالم إلى مصطلح «صراع البقاء»؟
أعتقد أن فكرة الصراع من أجل البقاء تطورت، وسلكت منعطفًا خطيرًا..هذا الصراع لم يعد محدود المساحة، بل بات يحتل حيزًا كبيرًا في عقول البشر.. أيضا ليس معناه الاستماتة في تقديم التنازلات من أجل الغذاء والماء والدواء فقط، بل إن حفظ الأرواح من الفناء والإبادة هو ما يدفع الحلقة الأضعف لاستنزاف كل ما لديها من قوة لتضمن الحياة لشعوبها.