واصلت العملة اليمنية تراجعها أمام العملات الأجنبية مسجلة انخفاضاً جديداً مع اقترابها من حاجز 1550 ريالاً مقابل الدولار، وسط قلق واسع في الأسواق المحلية من اتساع الحرب على غزة، وارتباك حكومي في كيفية التعامل مع مشكلة هبوط سعر الصرف التي تجددت بالتزامن مع أزمة حادة في الطاقة الكهربائية.

 

ويعاني اليمن منذ أيام من أزمة سيولة خانقة ترافقت مع اشتعال المضاربة وتدهور سعر صرف الريال، إذ يرجع متعاملون مصرفيون سبب ذلك إلى العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث يسود قلق واسع في سوق الصرف في مختلف المناطق اليمنية، وسط ضبابية الأوضاع في المنطقة ومآلاتها وحجم تأثيراتها على التمويلات والمنح الدولية التي تعتمد عليها اليمن في توفير العملة الصعبة لضبط السوق النقدية وتمويل استيراد السلع والمواد الأساسية.

 

ولفتت مصادر "العربي الجديد" إلى أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي عقد اجتماعاً طارئاً للفريق الاقتصادي الحكومي على أثر تقرير، نشره "العربي الجديد"، بعنوان: "حرب غزة تطاول اليمن: شح السيولة وتدهور الريال واشتعال المضاربة"، الذي رصد عودة الاضطراب إلى سوق الصرف في عدن ومدن يمنية أخرى، واشتعال المضاربة وتدهور سعر صرف الريال اليمني إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عامين.

 

وقال مصدر حكومي مسؤول، فضل عدم ذكر هويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الاجتماع وقف على مستوى المتغيرات الأخيرة والتطورات الإقليمية والدولية والحرب الإسرائيلية، وبحث كيفية مواجهة تداعياتها ليس فقط على العملة الوطنية بل على مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية.

 

وأضاف أن اليمن يعاني منذ أكثر من عام من تأثيرات توقف تصدير النفط نتيجة استهداف الحوثيين موانئ التصدير الحكومية، وتبعات ذلك في توفير العملة الصعبة التي تستخدمها الحكومة في تغطية ما أمكن من الاحتياجات الخدمية لتخفيف معاناة المواطنين.

 

كما ناقش الاجتماع الإجراءات الحكومية المتخذة لتحسين الأداء الاقتصادي، ومواصلة الإصلاحات المالية والخدمية المنسقة مع الحلفاء الإقليميين والشركاء الدوليين، بما يضمن تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، والحد من المعاناة التي تتسبب بها الانقطاعات الكهربائية المتكررة على كافة المستويات.

 

وتوقع المحلل الاقتصادي علي بشير، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تفاقم الأزمات في الخدمات العامة وفي الأسواق التجارية مع استمرار التدهور الحاصل في سوق الصرف وشحة السيولة النقدية وتحكم الصرافين في سعر الصرف، بسبب احتكارهم السيولة المتوفرة من العملات الأجنبية خصوصاً الدولار والريال السعودي، مشيراً إلى أن استمرار تصاعد الأحداث في المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة سيفرض تعقيدات واسعة على الجهود التي يصفها بالشحيحة والخجولة لمواجهة تبعات المتغيرات الجديدة التي تستمر بالتصاعد بشكل متواصل من يوم لآخر.

 

بحسب المحلل الاقتصادي، فإن الحكومة اليمنية تعتمد على الاستيراد في توفير البنزين لمحطات التوليد الكهربائي، لذا هناك ارتباط بين الأزمة المالية والمصرفية وشح السيولة النقدية وعملية توفير الاحتياجات من الوقود والبنزين، إذ يتوقع انعكاس الحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة وتبعاتها في تصاعد الأحداث في المنطقة لتطاول الأسواق العالمية وارتفاع أسعار النفط.

 

وفي السياق، قال مواطنون من سكان عدن إن أزمة مفاجئة في الكهرباء تشهدها العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً منذ أيام، بالتزامن مع تدهور العملة المحلية. وأشار المواطن صهيب العبادي، من سكان منطقة الشيخ عثمان جنوب عدن، لـ"العربي الجديد"، إلى أن انقطاع التيار الكهربائي تجاوز 10 ساعات مقابل ساعة واحدة في اليوم.

 

في حين يعبر المواطن أيمن ناجي عن غضبه من تدهور وضعية الكهرباء. من جانبه، رأى الناشط الاجتماعي خالد الأحمدي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التساهل مع ما يجري من أحداث ومتغيرات، سواء على المستوى المحلي أو على مستوى المتغيرات المتصاعدة في المنطقة والحرب الإسرائيلية على غزة، يضاعف تكلفة تلافي تبعاتها كما هو حاصل حالياً مع الانخفاض الحاصل في العملة وتراجع الريال بنحو 10 إلى 15 ريالاً للدولار الواحد بشكل يومي، ونفس الأمر ينطبق على الكهرباء التي زادت ساعات انقطاعها بشكل تدريجي لتتجاوز 10 ساعات يومياً وأحياناً أكثر.

 

وبحث الاجتماع الرئاسي مع الفريق الاقتصادي الحكومي المعالجات المنفذة، والدعم المطلوب للتغلب على المشكلة المستدامة في قطاع الطاقة، وأهمية التنسيق الكامل بين وزارات الكهرباء، والنفط والمعادن، والمالية، لتوفير الموارد، والوقود الكافي لتشغيل محطات التوليد، والحد من ساعات الانقطاعات المبرمجة إلى أدنى مستوى، وصولاً إلى حلول جذرية للأزمة في هذا القطاع الحيوي. كما جرى تحديد أوجه الحلول العاجلة في قطاع الكهرباء والطاقة، وتحسين الإيرادات، والتسريع في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية والخدمية.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد الحرب مضاربة العملة الحرب الإسرائیلیة العربی الجدید فی المنطقة على غزة

إقرأ أيضاً:

جبريل إبراهيم وسياسات الأزمة-هل تقود السودان إلى المجهول؟

يواجه السودان واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، في ظل استمرار الحرب واستنزاف الموارد الوطنية لصالح المجهود العسكري. تصريحات وزير المالية جبريل إبراهيم مؤخرًا في مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان كشفت عن حجم الكارثة، وأظهرت بوضوح أن السياسات الحالية لا تسير إلا نحو تعميق الأزمة.

الإدارة الكلاسيكية للأزمة الاقتصادية
من خلال تصريحاته، يبدو أن وزير المالية يعتمد على أساليب تقليدية في إدارة الاقتصاد، وهي سياسات لم تعد مناسبة للتحديات الراهنة. الصرف العسكري المرهق والمراهنة على السوق السوداء لتوفير العملات الأجنبية يعكس فشل الحكومة في تقديم رؤية إصلاحية قادرة على احتواء الأزمة. ففي ظل انخفاض الإيرادات بنسبة 80%، تتآكل قيمة العملة المحلية بشكل غير مسبوق، حيث قفز سعر الدولار من 570 جنيهًا قبل الحرب إلى أكثر من 1,200 جنيه حاليًا.

الدولار الجمركي وتأثيره الكارثي
من أبرز القرارات التي أثرت على الاقتصاد المحلي هو الدولار الجمركي، الذي تسبب في شلل حركة الاستيراد. نتيجة لذلك، باتت الأسواق السودانية تعج بالبضائع المهربة ذات الجودة الرديئة القادمة من دول الجوار. هذا القرار لم يؤثر فقط على المستوردين، بل أصاب الاقتصاد السوداني بركود وأفقد الدولة القدرة على تنظيم السوق بشكل فعال.

بيع الأراضي الزراعية ونسال هنا تفريط أم ضرورة؟
واحدة من أخطر ما ورد في تصريحات الوزير هي نية الحكومة بيع الأراضي الزراعية لدول الجوار لتغطية تكاليف الحرب. هذه الخطوة، التي قد تبدو حلاً مؤقتًا لأزمة مالية طاحنة، تُعتبر تفريطًا في موارد سيادية حيوية. الأراضي الزراعية ليست فقط مصدرًا للأمن الغذائي للسودان، بل هي أيضًا ركيزة لتنمية اقتصادية طويلة الأمد. أي خطوة بهذا الاتجاه قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة، تشمل تفاقم البطالة وزيادة الفقر، فضلًا عن احتمالات تصعيد الاستياء الشعبي.

أزمة العملة والسياسات النقدية
الانهيار السريع للجنيه السوداني يعود إلى سياسات نقدية غير مدروسة. الطلب المتزايد على العملات الأجنبية، مقابل انعدام الاحتياطات النقدية، يدفع الحكومة إلى السوق السوداء، مما يزيد من تدهور سعر الصرف. هذا الوضع يؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات الأساسية، ويُثقل كاهل المواطنين الذين يعيشون بالفعل في ظل ظروف معيشية صعبة.

الصرف العسكري على حساب التنمية
أصبحت أولويات الحكومة متركزة بشكل كبير على تمويل المجهود الحربي، حيث أُدرجت كتائب البراء ضمن بنود الموازنة العامة. هذا الصرف المستمر على العمل العسكري يأتي على حساب القطاعات الحيوية الأخرى، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. في ظل هذا السياق، تزداد معاناة السودانيين يومًا بعد يوم، دون أي بوادر لتحسين الأوضاع.

العزلة الدولية ايضا عامل إضافي للأزمة
تصريحات الوزير أشارت أيضًا إلى عزلة السودان عن المؤسسات الدولية ورفض الدول تقديم قروض أو منح جديدة. هذه العزلة الاقتصادية تعكس فقدان الثقة الدولية في قدرة السودان على إدارة أزماته السياسية والاقتصادية. من دون تعاون دولي، ستزداد صعوبة تجاوز الأزمة الحالية.

وعلينا ننقاش الامر من مطلق إلى أين يتجه السودان؟
ما يحدث في السودان اليوم يعكس أزمة شاملة، تجمع بين سوء الإدارة المالية والاقتصادية وتصعيد الصراعات العسكرية. اعتماد الحكومة على حلول مؤقتة مثل بيع الأراضي الزراعية لن يسهم إلا في تعميق الأزمة على المدى الطويل. السودان بحاجة إلى قيادة تمتلك رؤية شاملة لإنقاذ البلاد، تبدأ بوقف الحرب كأولوية مطلقة.

مقترحات للخروج من الأزمة

وقف الحرب واستعادة الاستقرار يجب أن تكون الخطوة الأولى هي تحقيق السلام، لأن الحرب هي المصدر الرئيسي لاستنزاف الموارد.

إصلاح هيكلي للاقتصاد أن تعزيز القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، والبحث عن مصادر إيرادات مستدامة بعيدًا عن الاعتماد على الموارد الطبيعية وحدها هو بداية الحل .

التفاوض مع المجتمع الدولي و يجب إعادة بناء الثقة مع المؤسسات الدولية والدول المانحة، والعمل على جذب استثمارات خارجية.

إدارة موارد الدولة بشفافية عليهم التوقف عن اتخاذ قرارات تؤدي إلى تفريط في الموارد السيادية، والعمل على إصلاح السياسات المالية بشكل جذري.

الأزمة التي يمر بها السودان اليوم ليست وليدة اللحظة، لكنها نتيجة تراكمات طويلة من سوء الإدارة والصراعات. تصريحات وزير المالية تعكس بوضوح حجم المشكلة، لكنها أيضًا تدعو إلى التفكير بجدية في حلول جذرية. السودان بحاجة ماسة إلى قيادة تعيد ترتيب الأولويات، وتضع مصلحة المواطنين فوق كل اعتبار. استمرار الوضع الحالي لن يؤدي إلا إلى المزيد من التدهور، وسيظل الشعب هو المتضرر الأكبر. الحل يبدأ بوقف الحرب وبناء اقتصاد يعتمد على الإنتاج والشفافية والتعاون الدولي.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • استهداف محطة الكهرباء التابعة للعدو الإسرائيلي وهدف عسكري في يافا
  • القوات المسلحة تستهدف محطة الكهرباء التابعة للعدو الإسرائيلي وهدف عسكري في يافا
  • جمعة رجب.. ذكرى الدمار والمؤامرة التي هزّت اليمن والعالم
  • جبريل إبراهيم وسياسات الأزمة-هل تقود السودان إلى المجهول؟
  • هل سينهي حذف الاصفار انهيار الليرة السورية؟
  • اغتيال ناشط مجتمعي في شمبات على يد قوات الدعم السريع
  • عملة معدنية في البرتغال تحمل صورة رونالدو
  • الكشف عن الأهوال التي يتعرض لها الفلسطينيين في غزة
  • أمريكا الصهيونية ستنكسر في اليمن!!
  • محلل صهيوني: الحرب على اليمن لن تنتهي إلا بوقف العدوان على غزة