مقبرة الفرعون الذهبي.. 101 عام على اكتشاف كارتر الضخم
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
قبل 101 عام، وفي 4 نوفمبر 1922، شهدت الحضارة المصرية القديمة واحدة من أهم اللحظات في تاريخها والبشرية معا، عندما وقف البريطاني هيوارد كارتر - وقد اعتادت عيناه الظلام- ليرى بريق الذهب الذي يُشكّل محتويات قبر الملك الذي سيصير الأشهر بين من حكموا مصر القديمة "توت عنخ آمون".
وأعلن كارتر عن اكتشاف أكثر مقابر ملوك مصر القديمة اكتمالًا، ليُحقق ما بدا أنه حلم حقيقي، في وقت كان يستعد فيه ممول عملياته للتنقيب ومواطنه من النبلاء "إيرل أوف كارنرفون" إيقاف هذه العمليات.
قال كارتر عن تلك اللحظة: "في البدء لم أستطع رؤية شيء، وأتى عليّ هواء دافئ خارجًا من الحجرة، مما جعل شعلة الشمعة تترنح. بعد أن تعودت عيناي على الظلام بدأت أتبين ما بداخل الحجرة. حيوانات غريبة، وتماثيل، وذهب. في كل ناحية بريق ذهب".
قبل الاكتشاف الضخم كان تاريخ تلك البقعة في الجبل لا يتجاوز قطع عليها خرطوش توت عنخ آمون وجدتها بعثة 1905 - 1906. هناك كذلك مواد تحنيط وكوب عليه اسم توت عنخ آمون؛ وفي عام 1909 عُثر على مقبرة الملك "آي" أحد كبار القصر في عهد توت عنخ آمون، والذي خلفه في الحكم بعد مماته.
لم يكن كل هذا يكفي لإثارة حماس المحامي الأمريكي "ثيودور ديفيز"، والذي أعياه البحث عن مقبرة الملك الشاب؛ لذا فقد أنهى عمليات تنقيبه ورد تصريح بحثه عن المقبرة إلى السلطات المصرية؛ هنا أسرع "كارنرفون" بالحصول على تصريح من مصلحة الآثار ليقوم بحفريات في وادي الملوك، وتعثر المشروع قليلًا بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى فلم يبدأ إلا في عام 1917.
كان كارتر المتحمس يقود رجاله بينما تتناثر أمامه قطع أخرى غير مفيدة في حل الأحجية والوصول للملك الذي اختفى جثمانه طيلة آلاف الأعوام، منها بقايا مساكن لعمال قدماء بين مقبرتي رمسيس الثاني ورمسيس السادس. بينما كان اللورد الذي يتنقل بتأنق بين ضيعته وعاصمة الضباب قد بدأ يتأفف من ذلك الغارق في الغبار والعرق مُستنشقًا الأتربة وسط عُمّاله المصريين الذين يُنشدون الأغاني وهم يحفرون، قد قرر في عام 1921 عدم تمويل أكثر من ذلك للمشروع. ولكن كارتر -الذي كان يشعر أنه يضرب معوله الأخير- استطاع إقناعه بالاستمرار.
لم يكن كلاهما يدري أن الموافقة المُتأففة التي حصل عليها الشاب في زيارة اللورد إلى وادي الملوك ستقوده إلى البقاء في صفحات التاريخ إلى الأبد.
فقد عثر كارتر على 16 سلمة أزاح عنها ترسيبات من طمي النيل وحطام بعض الصخور، ثم وصل إلى باب عليه أختام من العهد القديم، كانت عدة طبعات أختام بيضوية الشكل وعليها نقش إله المصريين القدماء أنوبيس فوق تسعة سجناء -والتي تسمى "الاقواس التسعة"- وهو ختم القبور الملكية.
هكذا، ردم كارتر المدخل ثانية بالرمل والأحجار وانتظر حضور اللورد المتأفف، والذي وصل بصحبة ابنته الليدي "إيفيلين" التي وقفت تُشاهد كارتر مع مجموعة العمال معه.
في عصر يوم 26 نوفمبر وصل كارتر إلى مانع ثاني مختوم بعدة أختام، فقام بكسر فتحة صغيرة فيه وأدخل يده بشمعة.
وكتب تلك اللحظة في يومياته: "في البدء لم أستطع رؤية شيء، وأتى عليّ هواء دافئ خارجًا من الحجرة، مما جعل شعلة الشمعة تترنح.. بعد أن تعودت عيناي الظلام بدأت أتبين ما بداخل الحجرة، حيوانات غريبة، وتماثيل، وذهب. في كل ناحية بريق ذهب".
المقبرة التي استمرت أعمال التنقيب فيها حتى عام 1932، شهدت في 3 يناير عام 1924 الوصول إلى حجرة التابوت، التي وصل إليها كارتر والمجموعة العلمية العاملة معه وهم منهمكون في الوقت نفسه في تصوير جميع الموجودات وتدوينها في قوائم، ونقلها إلى مختبر أنشئ مؤقتًا، وقد استغرق اخلاء محتويات الحجرة الأمامية نحو 50 يوما.
وطبقًا للنقوش، تبدأ رحلة توت عنخ أمون إلى العالم السفلي بمشاهد من كتاب الموتى ممثلة على الحائط نحو الشرق؛ وتصف الكتابة الهيروغليفية والرسومات الملونة الطقوس الجنائزية وما يختص بها من توابيت، كما تُبيّن كبار القصر في ملابس بيضاء في حالة حزن.
يكتمل تزيين الحائط الشمالي بثلاثة مشاهد تبين استعداد الملك للانتقال إلى العالم الآخر.
يصور المشهد الأول طقوس فتح الفم التي تجري للملك وهو في هيئة أوزوريس مع الوزير آي الذي يلبس التاج الأزرق المميز لملوك الأسرة الثامنة عشر، كما يرتدي جلد نمر مميزة لمقامه ككبير الكهنوت، ويذكر اسم آي مكتوبًا داخل خرطوش دليلًا على تقلده عرش مصر بعد وفاة توت عنخ أمون؛ ويبين المشهد اليساري منه مقابلة إلهة السماء نوت مع الملك، ويتبعه مشهد مقابلته مع أوزوريس والـ كا تبعه ويصحبهما إلى العالم الآخر.
ومرسوم عل الناحية اليسرى للحائط الغربي أجزاء من كتاب الآخرة، وهي تصف رحلة فرعون مصاحبًا للإله رع في هيئة خنفساء في مركب الشمس؛ حيث قيل أن المصريين القدماء كانوا يرمزون لـ رع بقرص الشمس أثناء النهار، ويرمزون له بالخنفساء أثناء الليل - لأنهم كانوا يعتقدون أن الخنفساء تخلق نفسها بنفسها- واعتمدوا في ذلك الاعتقاد رؤيتهم لها تخرج من الرمال تتدحرج مكورة كالشمس، وهو شكل بيضها المحفوظ في شرنقة كرية الشكل تدفعها أمامها.
ومرسوم أسفل الخنفساء 12 قردًا من البافيان تمثل الاثنى عشر ساعة لليل الذي سوف يعبره توت عنخ آمون في طريقة إلى الآخرة، طبقا لوصف الكتاب وما يجري في كل ساعة من أحداث وما يقابل توت عنخ أمون خلالها.
وتستمر النقوش الخاصة برحلة انتقال توت عنخ آمون إلى العالم السفلي على الحائط الذي أزاله كارتر لكي يخرج التابوت من المقبرة. يحيط بتوت عنخ أمون الإلهان أنوبيس وهاتور، وكذلك بصحبة إيزيس في مشهد لا يوجد اليوم، وبيستقبله آلهة أخرى في العالم السفلي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مقبرة كارتر توت عنخ أمون الحضارة المصرية القديمة توت عنخ آمون توت عنخ أمون إلى العالم
إقرأ أيضاً:
دماغ شاب تحول إلى زجاج.. اكتشاف نادر يُذهل العلماء!
أعلن علماء عن اكتشاف حالة نادرة ومذهلة تمثلت في تحول دماغ بشري إلى زجاج داخل جمجمة إحدى ضحايا ثوران جبل فيزوف عام 79 ميلادي في إيطاليا، وهو اكتشاف غير مسبوق أدهش الباحثين.
يرجح العلماء أن هذه الظاهرة النادرة حدثت، نتيجة تعرض الدماغ لسحابة من الرماد الساخن الكثيف لفترة قصيرة نسبياً، ما أدى إلى تسخينه بسرعة فائقة قبل أن يبرد بشكل مفاجئ، وهي عملية أسفرت عن تكوين ما يُعرف بـ"الزجاج العضوي". ولا يزال العلماء يواصلون تحليل التكوين الدقيق لهذا الزجاج.
قاد فريق العلماء والباحثين، ومن بينهم جويدو جيوردانو، دراسة شاملة شملت تحليل عظام الضحية والمادة الزجاجية المكتشفة داخل الجمجمة والحبل الشوكي، وفقاً لما ورد في "إنترستينغ إنجينيرينغ".
وباستخدام التحليل الحاسوبي والمجهر الإلكتروني بالأشعة السينية، توصل الفريق إلى أن تحول أنسجة الدماغ إلى زجاج تم عبر عمليتين: الأولى تعرّض الأنسجة لدرجات حرارة تجاوزت 950 درجة فهرنهايت (510 درجة مئوية)، تلاها تبريد سريع ومفاجئ.
هذا الاكتشاف يثير مفارقة علمية غريبة، حيث وصلت التدفقات البركانية التي دفنت مدينة "هيركولانيوم" إلى أقصى درجة لها وهي 465 درجة مئوية، وهي ليست ساخنة بما يكفي لتحويل المواد العضوية إلى زجاج، كما بردت هذه التدفقات تدريجياً، مما يجعل من غير المحتمل أن تكون وحدها مسؤولة عن تكوين الزجاج.
ولازال البحث جارياً في أسباب ما جرى للمخ الزجاجي.
ولا يوفر هذا الاكتشاف نظرة ثاقبة للظروف القاسية التي واجهها ضحايا هيركولانيوم فحسب، بل يمثل أيضاً مثالاً فريداً من نوعه لتكوين الزجاج العضوي.
ومن خلال دراسة هذه البقايا الزجاجية، يمكن للعلماء اكتساب فهم أعمق لكيفية تأثير الحرارة الشديدة على الأنسجة البيولوجية، مما يزيد من معلومات البحث في الكوارث البركانية الماضية والمستقبلية.