المزاد الفلسطيني لا يزال مفتوحا
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
آخر تحديث: 4 نونبر 2023 - 9:47 ص بقلم: فاروق يوسف ما معنى أن يدعو علي خامنئي إلى مقاطعة إسرائيل في ما لا تساهم بلاده في البحث عن حل للخروج من المأزق الذي اخترعته حركة حماس التي انحرفت بطريقة أو بأخرى بغزة إلى الخندق الإيراني وتحول إلى كارثة إنسانية يدفع ثمنها أهل غزة موتا وجوعا وتشردا؟ خامنئي الإيراني مثله في ذلك مثل رجب طيب أردوغان التركي لا يخفى عليه أن الكارثة أكبر من أن تُحل بالتظاهرات المليونية التي لم تخرج والهتافات التي ظلت حبيسة الحناجر والخطابات الرنانة البلهاء التي تنتمي إلى قائمة المأكولات الفاسدة التي سبق لها وأن سمّمت شعوب المنطقة عقودا طويلة في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تتوسع على حساب الحق الفلسطيني وتبني ترسانتها العسكرية في مواجهة شعب يزداد بؤسا وتخلفا وفقرا وجهلا بسبب هيمنة بعض المنتفعين من القضية عليه والمتاجرة بعذاباته.
يوما ما كانت هناك حركة تحرير وطني فلسطيني وكان لتلك الحركة وقعها على المجتمع الدولي الذي وجد نفسه مضطرا بسببها للإنصات إلى الصوت الفلسطيني والاعتراف بالحق الفلسطيني الذي اعتبره العرب قضيتهم الأولى، بل وقضيتهم المركزية. غير أن الفلسطينيين اقتنعوا أنهم لن يُخرجوا الصراع من عنق الزجاجة إلا إذا سايروا العالم في قناعة مفادها أن الحق الفلسطيني بات منحصرا في فلسطين السياسية التي رسمت خرائطها القوانين الدولية وليس في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر. وحين وقّع الفلسطينيون اتفاقية أوسلو عام 1993 صار عليهم أن يديروا الصراع بأسلحة جديدة مستندين أصلا إلى امتدادهم العربي الرسمي والشعبي وإلى الدعم الذي لم ينقطع عنهم سواء من الدول التي طبّعت مع إسرائيل أو الدول التي لم تقم بذلك. كان اختيارهم للحل السلمي والانتهاء من مسألة الكفاح المسلح يوجب عليهم أن ينتقلوا إلى لغة حوار مع العالم تكون منسجمة مع حقيقة الطريق التي قرروا أن يستأنفوا نضالهم من خلالها. كل الحديث المنافق عن النصر لفلسطيني غزة إنما يشير إلى أن المزاد الفلسطيني لا يزال مفتوحا. خامنئي وأردوغان يقولان ما لا يفعلان. وحسن نصرالله قد خبّأ رأسه ووضع اللبنانيين على شفرة سكين غير أنه لن يفعل شيئا سوى المزايدة على بضاعة، يعرف جيدا أنه لن يحصل عليها ما كان صادما لإسرائيل ومقلقا لخططها أن يتخلى الفلسطينيون عن العنف من خلال استعمال لغة السياسة الهادئة، رفيعة المستوى، مرتفعين بقضيتهم إلى مستوى الخطاب الدبلوماسي متخلّين عن التهديد والوعيد الفارغين. ففي ذلك يكمن تحول حضاري لا ترغب إسرائيل في أن يكون الفلسطينيون جزءا منه. ما حدث بعد ذلك كان نافعا للدولة العبرية. عمليا فقد أدار الفلسطينيون ظهورهم إلى العرب وصاروا يديرون الحوار بأنفسهم من غير أن ينقطع الدعم المالي العربي عنهم. غير أنهم كما يبدو لم يكونوا مؤهلين لمواجهة عدوهم ودفعه إلى أن ينتقل إلى واقع جديد، ولم يحدث ذلك إلا لأن جبهتهم الداخلية متصدعة ومنخورة وغير آمنة ومُخترقة من قبل قوى إقليمية، فكان أن تحولت قضيتهم من قضية وطن إلى قضية دين ومن قضية إنسان إلى قضية جامع. أدى اضطراب الفلسطينيين وهم يتفاعلون مع تحولات قضيتهم إلى اضطراب علاقتهم بالعالم العربي. ذلك ما كان مطلوبا إسرائيليا. فبعد أن ظهرت حركة حماس وهي تنظيم ديني متشعب الصلات تشظى الخطاب الفلسطيني ما بين العودة إلى العنف يأسا وتنفيذا لأجندات خارجية وبين الاستمرار في مفاوضات غير مجدية مع عدو عرف أن الطرف الآخر قد استضعف نفسه من خلال تخليه عن الغطاء العربي. بالنسبة إلى فلسطينيي السياسة الرسمية فإن دور العرب ينبغي أن ينحصر في تقديم الدعم المادي من غير أن يتدخلوا في خططهم التي تبين في ما بعد أنها تقوم على الفساد. ما حدث ويحدث في غزة مؤخرا وهو الذي صنع الكارثة التي يدفع ثمنها الآن أهل تلك المدينة المبتلاة بحركة حماس، المحاصرة إسرائيليا منذ سنوات طويلة هو انعكاس لانتقال القضية الفلسطينية من إطارها العربي إلى إطار فضفاض سمّته حركة حماس بالإسلامي. ذلك ما سمح بعودة فلسطين إلى المزاد المليء بضجيج المزايدين من أمثال خامنئي وأردوغان وحسن نصرالله وسواه من المقاومين الذين لا يهمهم مصير القضية ولا مصير الشعب الفلسطيني بقدر ما يهمهم أن تظل الشعارات والهتافات والخطابات حية في شارع، يذهب المارون فيه إلى النوم من غير أن يتذكروا أن أهل غزة يعيشون تحت القصف الذي لا يفرّق بين مسلح ومدني. فإسرائيل كما حركة حماس لا تنظر إلى الفلسطيني إلا باعتباره مشروعا لقتيل. كل الحديث المنافق عن النصر لفلسطيني في غزة إنما يشير إلى أن المزاد الفلسطيني لا يزال مفتوحا. خامنئي وأردوغان يقولان ما لا يفعلان. وحسن نصرالله قد خبّأ رأسه ووضع اللبنانيين على شفرة سكين غير أنه لن يفعل شيئا سوى المزايدة على بضاعة، يعرف جيدا أنه لن يحصل عليها. كلهم يكذبون في ما القضية الفلسطينية تُذبح مرة أخرى.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: حرکة حماس أنه لن غیر أن
إقرأ أيضاً:
فضيحة فساد كبرى تهز إيران وسط تكهنات بدعم مجتبى خامنئي.. تورط 52 مسؤولاً.. والتسريبات هدفها تمهيد الطريق لصعود مجتبى كخليفة محتمل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت فضيحة فساد كبرى، متورط فيها مسؤولون سابقون رفيعو المستوى، عن زلزال سياسي هز المشهد الإيراني، وسط شكوك بأن هذه التسريبات تهدف إلى دعم ترشح مجتبى خامنئي لخلافة والده في منصب المرشد الأعلى.
الفضيحة تمثلت في مقابلة مطولة مع عباس بليزدارد، الذي شغل سابقاً منصب أمين لجنة التحقيق والمراجعة القضائية في البرلمان الإيراني في أوائل العقد الأول من الألفية.
خلال المقابلة التي استمرت ساعتين ونصف، ناقش بليزدارد وثيقة تتألف من 54,000 صفحة تكشف قضايا فساد تشمل 52 مسؤولاً إيرانياً رفيع المستوى وأفراد من دائرتهم المقربة.
ما يثير الشكوك هو أن هذه التسريبات تستهدف بشكل رئيسي مسؤولين سابقين أو متوفين، مما يشير إلى أن الهدف من هذه الكشفيات قد لا يكون محاربة الفساد بقدر ما هو محاولة تمهيد الطريق لصعود مجتبى خامنئي كخليفة محتمل.
في المقابلة، استغل بليزدارد الفرصة لتقديم مجتبى خامنئي كقائد قادر على تنظيف النظام من الفساد، متحدثاً عن إصلاحات جذرية يمكن أن ينفذها. لكنه في الوقت نفسه ألمح إلى تورط شخصيات بارزة مثل محمد يزدي ومحمود هاشمي شهرودي، وكلاهما شغلا منصب رئيس القضاء في إيران.
رغم أن بعض المراقبين يرون أن هذه التسريبات تهدف إلى تعزيز صورة مجتبى خامنئي، فإن آخرين، بمن فيهم معلقون على شبكات الإعلام الفارسية خارج إيران، يرون أن هذه الفضيحة قد تستخدم أيضاً لتشويه سمعة خامنئي الأب وابنه، إذ أن جميع هذه الفضائح وقعت خلال فترة حكم علي خامنئي.
من الأسماء البارزة التي تم تسليط الضوء عليها في الفضيحة محمد يزدي، الذي استخدم منصبه للاستحواذ على شركات وأراضٍ، ومحمود هاشمي شهرودي، المتورط في استحواذه على منجم ذهب كبير، كما شمل الاتهام غلام علي حداد عادل، صهر مجتبى خامنئي، الذي شغل منصب رئيس البرلمان.
مع تصاعد الحديث عن خليفة المرشد الأعلى، يبقى مستقبل القيادة في إيران مرهوناً بتطورات هذه الأحداث، حيث يبدو أن مجتبى خامنئي بات يلعب دوراً أكبر في التأثير على التعيينات والمناصب العليا في البلاد.