نابلس- "هاجموني بوحشية أمام زوجتي وأطفالي، وأطلقوا علي النار مباشرة وأنا أعزل لمحاولتي إنقاذ ابني من بين أيديهم بعدما رأيتهم يتجمعون خلفه وينهالون عليه بالضرب المبرح، فكانت النتيجة إصابتي بالرصاص الحي وطفلتي بشظاياه".

بهذه الشهادة أدلى المواطن الفلسطيني عبد السلام معلا للجزيرة نت، مؤكدا تعرضه لعنف غير مسبوق ووحشية بات يتعمدها جيش الاحتلال الإسرائيلي في عمليات اعتقاله الأخيرة ضد الفلسطينيين، سواء ضد من يعتقلهم من الأسرى أو بحق ذويهم كحال المواطن معلا الذي كاد رصاص الجنود أن يقتله أو يشل حركته على أقل تقدير.

وكان لافتا -خاصة منذ بدء العدوان على غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- تصعيد عمليات التنكيل بالأسرى وذويهم خلال تنفيذ الاعتقال بحق الفلسطينيين، من خلع لأبواب المنازل وتفجيرها، واحتجاز الأهالي لساعات، والتحقيق الميداني معهم بظروف قاسية، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، وصولا إلى إطلاق النار المباشر عليهم واحتجازهم كرهائن -خاصة الآباء والأمهات- إلى حين تسليم الأسير نفسه.

ووصل قمع الأسرى إلى حد تقييدهم وتعصيب عيونهم وضربهم بعنف وفي أماكن حساسة بأجسادهم، إضافة إلى تعريتهم وسحلهم فرادى وجماعات على وقع أغانٍ صاخبة والشتم بألفاظ نابية، وتجلت أبشع صور سادية الاحتلال بقتل الأسرى تحت وطأة التعذيب كحال الأسيرين الشيخ عمر دراغمة (58 عاما) والشاب عرفات حمدان.


إطلاق نار واحتجاز كرهائن

وما حدث مع عائلة معلا فاق التصور، إذ يقول عبد السلام إنه بادر إلى فتح باب منزله بعدما شعر بمحاولة جنود الاحتلال خلعه، فهاجموه واحتجزوه وعائلته معا، ثم اعتقلوا نجله عبادة (21 عاما) بعد أن قيدوه.

وخارج المنزل -يتابع معلا- أداروا نجله للخلف وانهالوا عليه بالضرب المبرح وهو مقيد، ويقول "خرجت مسرعا محاولا منعهم، لكنهم اعترضوني واعتدوا علي بالضرب".

ويضيف محاولا البحث عن تفسير لعنف جنود الاحتلال -ولا سيما أن ابنه غير مطلوب لهم- "دون سابق إنذار أطلق أحدهم الرصاص الحي صوبي من مسافة صفر، وأصابني في رجلي وأصيبت طفلتي بشظايا الرصاص، وتركنا ننزف وسط حالة من الهلع لكل العائلة".

تجلت وحشية الاحتلال باستخدام ذوي الأسرى دروعا بشرية، واحتجاز الأهالي كرهائن للضغط على أبنائهم لتسليم أنفسهم كما حصل مع عائلة الأسيرة المسنة عائشة أبو جحيشة (67 عاما) في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية فجر الثلاثاء الماضي، حيث اقتحمت قوات الاحتلال منزلها الذي لم يكن فيه أحد من عائلتها لحظتها، وبعد تكبيلها وتعصيب عينيها اقتيدت إلى مركز تحقيق عتسيون شمال الخليل، واحتجزت لأكثر من 20 ساعة بظروف صعبة رغم مرضها المزمن بالضغط والسكر.

ويقول مهند أبو جحيشة نجل الأسيرة عائشة للجزيرة نت إن "اعتقال والدتي كان بهدف الضغط على بعض إخوتي لتسليم أنفسهم بعد أن فشل الاحتلال باعتقالهم خلال اقتحامات كثيرة للمنزل".

ويضيف "تعمدوا إيذاء أمي بالأغاني الصاخبة، ثم هددوها بهدم المنزل وقتل أبنائها واحدا تلو الآخر، وأطلقوا سراحها بعد أن استدعونا لأخذها من أمام سجن عتسيون شمال الخليل الساعة الواحدة فجرا".

توثيق الإجرام

ووثقت مؤسسات تعنى بشؤون الأسرى جرائم وحشية بحقهم وذويهم لحظة الاعتقال، فيما ضجت مواقع التواصل بمقاطع فيديو لجنود الاحتلال وهم يتلذذون بتعذيب معتقلين بعد تجريدهم من ملابسهم عند حدود غزة، وآخرين في الخليل وبيت لحم، وآخرهم في بلدة ترمسعيا برام الله في ظروف تحط من الكرامة الإنسانية.

وكشف مسؤول الإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين ثائر شريتح للجزيرة نت عن شهادات جمعوها تؤكد إجرام الاحتلال بحق ذوي الأسرى، وأنه يتعمد منهجية واضحة بتعذيب الأسرى وذويهم وبقرار مدعوم سياسيا وعسكريا، وبدافع أكبر من الانتقام إلى انتهاك آدمية الإنسان الفلسطيني.

وقال "اعتقل الاحتلال زوجة أسير محرر من بلدة سلواد شرق رام الله فجر أمس الخميس، وهي حامل ومعها طفلتها (سنة ونصف) للمساومة والضغط على زوجها لتسليم نفسه، ولاحقا أفلتت سراح الطفلة لدى الجيران وأبقت عليها معتقلة".

وتعكس ممارسات ضباط مخابرات الاحتلال بتصوير الأسرى في محاولة لردع الشارع الفلسطيني شيئا يتجاوز الانتقام، وهو ما ينذر حسب شريتح "بنطاق أوسع من الجرائم الأكثر بشاعة وانتقامية بحق الأسرى وذويهم"، مذكرا بما حدث قبل أيام من قتل الاحتلال لأسيرين داخل السجون.

نهج مدعوم

واتفق مدير مركز حريات الحقوقي حلمي الأعرج على أن ما تمارسه سلطات الاحتلال بحق الأسرى وذويهم "سياسة ممنهجة وفاشية دموية غير مسبوقة ضد الفلسطينيين".

وقال الأعرج للجزيرة نت إن الاحتلال يستغل إعلان حالة الطوارئ ليقتل الفلسطينيين ويهجرهم ويعتقلهم بوحشية.

وأكد الحقوقي الفلسطيني أنه لا مسوغ قانونيا للاحتلال وإجراءاته بحق الأسرى وذويهم، وقال "هذه عنجهية إسرائيلية أكبر من الانتقام هدفها إذلال وتحطيم الإنسان الفلسطيني ونفسيته، وامتهان كرامته وإرهابه، ومحاولة لتخويفه وردعه".

وحذر الأعرج أمام هذا الوضع الخطير كما وصفه من "انفجار" إذا ما استمر الاحتلال باعتداءاته وتجاوزاته إلى حد تعرية المعتقلين وإطلاق النار عليهم وقلتهم وذويهم، وصولا إلى تنفيذ "إعدامات ميدانية" على نطاق أوسع تحت أي ذرائع.

ومنذ العدوان على غزة اعتقلت إسرائيل نحو ألفي فلسطيني، بينهم نساء، وانتهكت بشكل غير مسبوق إنسانيتهم وكرامتهم أثناء اعتقالهم وداخل السجون، حيث نكلت بهم بأساليب عنصرية، وحرمتهم من كل الحقوق من ماء وكهرباء واتصال، وعزلتهم عن بعضهم البعض داخل الأقسام وعن العالم، وحرمت زيارة ذويهم أو محاميهم، ومارست صنوفا مختلفة من التعذيب وصلت إلى القتل، وزاد الاحتلال قمعه لعائلاتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

صور مؤثرة تُوثق اللقاء الأول بين الأسرى المُحررين وذويهم

شهدت نقطة التسليم بالضفة الغربية، اليوم السبت، وصول الأسرى الفلسطينيين الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن الدفعة الرابعة لصفقة التبادل.

اقرأ أيضاً.. عدوى النيران تنتقل إلى نيويورك.. إصابة 7 أشخاص في حريق هائل

والتقطت كاميرات المصورين اللقاء الأول بين الأسرى المُحررين وذويهم في بيتونيا بالضفة الغربية. 

وجاء ذلك في أعقاب تسليم الأسرى الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر، وعودتهم إلى بيوتهم.

وكان مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين قد أعلنت، أمس الجمعة، أن الاحتلال سيُفرج اليوم السبت عن 183 أسيراً فلسطينياً. 

وأشار بيان المكتب إلى أن من بين الأسرى المُحررين 111 أسيراً مُحرراً تم اعتقالهم في غزة بعد 7 أكتوبر.

وأصدرت حركة حماس، اليوم السبت، بياناً رسمياً واكب عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة للصليب الأحمر في إطار الدفعة الرابعة في المرحلة الأولى لصفقة تبادل الأسرى. 

وقال الحركة في بيانها :" عملية التسليم اليوم أمام منصة تحمل صور القادة الشهداء الضيف وإخوانه أعضاء المجلس العسكري، رسالة عهد ووفاء، أن رجال القسام باقون وسيكملون المشوار".

وأضاف بيان حركة حماس :" رغم الظروف القاسية، حرصت كتائب القسام على توفير الرعاية الصحية اللازمة للأسير (الإسرائيلي) الذي يحمل الجنسية الأمريكية ويعاني من أمراض متعددة".

وقالت الحركة في بيانها إن صور الالتفاف الجماهيري والحشود الشعبية المرافقة والمحتفلة بهذا الإنجاز يُعد استفتاء حقيقي على نهج المقاومة سبيلاً لتحرير الأرض والمقدسات.

وأكمل بيان حركة حماس :"الحالة الجسدية والنفسية الجيدة التي يظهر بها أسرى العدو، تُثبت قيم مقاومتنا والتزامها الأخلاقي تجاه الأسرى، بينما يرتكب الاحتلال المجرم أبشع الانتهاكات بحق أسرانا في السجون".

وتابع نص البيان: "إنجازُ المقاومة لعملية التبادل الرَّابعة اليوم بكل إبداع وكبرياء هو ترسيخ لِقِيَمِها والتزامها المبدئي ببنود الاتفاق".

تحكم القوانين الدولية، وخاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949، معاملة الأسرى خلال النزاعات المسلحة، حيث تنص على حماية حقوق الأسرى وضمان معاملتهم بكرامة. وفقًا للقانون الدولي الإنساني، يجب إطلاق سراح أسرى الحرب عند انتهاء النزاع، أو من خلال اتفاقيات خاصة، مثل صفقات تبادل الأسرى. تلعب اللجنة الدولية للصليب الأحمر دورًا أساسيًا في الإشراف على هذه العمليات، لضمان تنفيذها وفقًا للمعايير الإنسانية، ومنع أي انتهاكات مثل الإجبار أو سوء المعاملة. كما تمنع القوانين الدولية استخدام الأسرى كـ"ورقة مساومة" بطرق تخالف المبادئ الإنسانية، إلا أن الواقع يشهد انتهاكات متكررة لهذه القوانين، خاصة في النزاعات غير المتكافئة.

تحديات تنفيذ صفقات تبادل الأسرى

رغم الإطار القانوني الذي ينظم تبادل الأسرى، تواجه هذه الصفقات صعوبات قانونية وسياسية، خاصة في النزاعات طويلة الأمد. في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تُستخدم صفقات التبادل كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، ما يثير جدلًا حول شرعيتها وفق القانون الدولي. غالبًا ما تماطل بعض الدول في تنفيذ التبادلات، أو تعيد اعتقال الأسرى المفرج عنهم لاحقًا، ما يُعد خرقًا للقوانين الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الضغوط الدولية والمفاوضات غير المباشرة في نجاح أو فشل هذه الصفقات. ورغم هذه التحديات، تظل صفقات تبادل الأسرى إحدى الوسائل القليلة التي تتيح الإفراج عن المعتقلين وإنهاء معاناتهم الإنسانية، حتى لو كانت مشروطة بظروف سياسية معقدة.

 

 

مقالات مشابهة

  • نشأت الديهي: الأحداث بالمنطقة الآن حذر منها الرئيس السيسي منذ طوفان الأقصى
  • تنكيل ومنع للاحتفالات.. الاحتلال يطلق سراح 183 أسيرا بالدفعة الرابعة للصفقة
  • الشاباك هددهم بدفع الثمن إذا تحدثوا للإعلام.. أسرى محررون يروون قصصهم للجزيرة
  • مكتب إعلام الأسرى: «طوفان الأحرار» مستمر حتى تحرير ‏كل الفلسطينيين من سجون الاحتلال
  • صور مؤثرة تُوثق اللقاء الأول بين الأسرى المُحررين وذويهم
  • حركة فتح: اعتقال ماهر النمورة لن يسكت صوتنا في الدفاع عن الشعب الفلسطيني
  • حماس: طوفان الأقصى أسقط هيبة الاحتلال وجيشه
  • أسماء الأسرى المقرر الإفراج عنهم في الدفعة الرابعة لصفقة طوفان الأقصى
  • من مركز إيواء.. عائلة الضيف تحكي للجزيرة عن قائد طوفان الأقصى
  • شاهد | مشاهد تسليم الأسرى الصهاينة تعزيز لصورة النصر وتكريس لهزيمة العدو