علماء آثار مغاربة يكتشفون منطقة أول ميناء أثري في الرباط
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
أعلن علماء آثار مغاربة، أمس الجمعة، اكتشاف منطقة "أول" ميناء قديم في المغرب، وهي امتداد لموقع شالة أو (سلا) في الرباط، المدرج ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
وعلى الضفة اليسرى لنهر أبي رقراق، كشفت أعمال حفر أثرية أجراها فريق من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث (INSAP) عن مساحة مرصوفة بالحجر الجيري الأزرق، تحيط بها مبان بينها أعمدة أو مذبح للبخور المستخدم في الطقوس الدينية.
وتعتلي شالة -إحدى أقدم المدن التاريخية بالمغرب- ربوة تطل على نهر أبي رقراق، تثير بغموضها وشموخها فضول الزائرين، وتفخر بما تحويه أعماقها من أسرار الغابرين، فهي معبر الحضارات ومقبرة الملوك والشهداء وخلوة الصالحين والعلماء، وأيضا معقل الأساطير والحكايات.
وأشار عالم الآثار عبد العزيز الخياري، خلال زيارة للصحافيين في الموقع، إلى أن "هذا اكتشاف مهم لأنها المرة الأولى التي نعثر فيها على بقايا تشهد على وجود منطقة ميناء قديمة في المغرب".
وقد يعود تاريخ منطقة الميناء هذه إلى القرن الأول أو الثاني الميلادي من العصر الروماني، بحسب الخياري، المسؤول عن هذا المشروع الذي جرى إطلاقه في أبريل/نيسان 2023.
وأضاف الخبير "سنواصل البحث والتنقيب لتحديد وظيفة هذه المباني وتاريخها. ولكن أيضا للعثور على آثار أخرى يمكن أن تقودنا إلى ميناء سلا".
وعلى مسافة قصيرة من منطقة الميناء، توصل علماء الآثار أيضا إلى اكتشافات أخرى مرتبطة بالمدينة القديمة.
وتشمل هذه الاكتشافات أولا حمامات عمومية بُنيت في تاريخ لا يتجاوز بداية القرن الثاني الميلادي، وتغطي بالفعل مساحة تقرب من ألفي متر مربع، مما يدل على أن الموقع كان يضم إحدى أكبر المنشآت الحرارية في المغرب القديم، بحسب وزارة الثقافة المغربية.
كما تضمّ المواقع المكتشفة مقبرة جديدة تعود إلى القرن الثاني الميلادي، وهي عبارة عن "كولومباريوم (مقبرة وثنية قديمة) بـ5 محاريب كانت تحتوي على جرار رماد" جنائزية، بحسب عالم الآثار عبد العزيز الخياري.
كذلك، اكتشف علماء الآثار جزءاً من سور المدينة القديمة بالإضافة إلى تمثال أنثى مقطوعة الرأس.
وقال الباحث في التاريخ والحضارة المغربية جمال بامي للجزيرة نت إن كلمة شالة أصلها من اللغة الأمازيغية ويعني الوفرة والكثرة، فقد بنيت في مكان يتوافر فيه كل شيء، ومن ثم فاسمها دال عليها، وأضاف في حديث سابق للجزيرة نت إن المدينة في عهد الفينيقيين صار اسمها "شالا"، ثم أصبحت "سلا" في عهد الرومان، وهذا الاسم انتقل إلى مدينة سلا الحالية التي كانت تمثل ضواحي شالة.
معبر الحضارات
وعلى امتداد تاريخها الطويل، تعاقبت على سلا حضارات عديدة، وعرفت فترات ازدهار في مجالات متعددة، بخاصة في المجال العمراني حيث شكلت متحفا مفتوحا لأنواع العمارة المختلفة من أسوار وحصون وأبراج وسقايات وأبواب وفنادق وأضرحة.
ترجع العهود الأولى لموقع شالة إلى الفترة الفينيقية، أي القرن السابع أو السادس قبل الميلاد، وكان موقعها الإستراتيجي بين النهر والبحر (أبي رقراق، والمحيط الأطلسي) دافعا أساسيا لتشييد المدينة وإعمارها، لتربط بين مدينتي ليكسوس (العرائش) وموكادور (الصويرة).
وبعد الفينيقيين، صارت شالة عاصمة القرطاجيين، وبلغت شأوا أيام الرومان وتضاءلت أهميتها زمن الوندال، ثم استعادت مجدها على طول العهد البيزنطي والقوطي.
وفتح عقبة بن نافع المدينة أيام يزيد بن معاوية عام 62 للهجرة، فاعتنق أهلها الإسلام ثم ما لبثوا أن ارتدوا إلى المسيحية، وتكرر الحال عندما فتحها مرة ثانية موسى بن نصير سنة 90 للهجرة في عهد عبد الملك بن مروان، إلى أن دخلها المولى إدريس مؤسس أول دولة إسلامية مستقلة في المغرب الأقصى سنة 172 هجرية (القرن الثامن الميلادي).
وقال هشام الأحرش المهتم بتاريخ الرباط في تصريحات نشرت في –تقرير سابق للجزيرة نت– إن حدود مدينة شالة خلال الفترة الرومانية ما زالت مجهولة إلى الآن، وتتجاوز حدود الأسوار المحيطة بها التي بنيت خلال حكم الدولة المرينية للمغرب في القرن الثالث عشر الميلادي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی المغرب
إقرأ أيضاً:
إضاءة مبنى أثري في بريطانيا لتكريم ضحية السرطان
تخليداً لذكرى امرأة بريطانية، توفيت بعد 18 يوماً من اكتشاف إصابتها بالسرطان، تم إضاءة مبنى "رويال ليفر" في لندن باللون الأرجواني، أمس الخميس.
وتهدف المبادرة إلى زيادة الوعي حول خطورة السرطان، الذي غالباً ما يُكتشف في مراحل متقدمة، مما يجعل العلاج صعباً، ويؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة المفاجئة، وفقاً لصحيفة "ذا صن" البريطانية.
عانت سيان أشكروفت (35 عاماً) من أعراض ظنّ الأطباء في البداية أنها ناتجة عن تسمم غذائي. لكن بعد أشهر من المعاناة، اكتشف أنها كانت مصابة بـ "سرطان القنوات الصفراوية"، أحد أكثر أنواع السرطان فتكاً في بريطانيا.
وبحسب بيانات "بحوث السرطان في المملكة المتحدة"، يتسبّب هذا المرض بمقتل نحو 6 آلاف شخص سنوياً في البلاد، ويصل معدل الوفاة في هؤلاء المرضى إلى 70% خلال 12 شهراً فقط من التشخيص.
رحلة العذاب
تعود تفاصيل قصتها إلى ربيع 2023، حيث لاحظت سيان، الأم لثلاثة أبناء، مشكلة صحية بعد محاولة التبرع بالدم، فتم تشخيصها بفقر الدم، وبعد أسابيع قليلة، تفاقم الألم وامتد إلى بطنها، فاعتقدت أنه تسمم غذائي، لكن الفحوصات الطبية أظهرت أنها مصابة بحصوات في المرارة، ثم أدخلت إلى المستشفى، حيث تبيّن وجود ورم في كبدها.
في نهاية العام الماضي، شُخّصت إصابتها بالسرطان الخطير، ثم توفيت بعد 18 يوماً فقط.
كانت قوية لآخر اللحظةقالت سو داولينغ، والدة سيان، إن تشخيص ابنتها بالسرطان كان بمثابة صدمة كبيرة للجميع، حيث تدهورت حالتها بسرعة، خاصةً بعد أن جاء التشخيص متأخراً جداً لإنقاذها.
وأشارت الأم إلى أن سيان كانت تحاول دائماً إظهار الإيجابية، ولم تفقد حس الفكاهة، بل أظهرت شجاعة استثنائية، ومع ذلك، لم تتوقف عن التفكير في عائلتها حتى اللحظات الأخيرة.
حملة تبرعات
أطلقت لورين داولينغ، شقيقة سيان، وابنها آرثر، حملة جمع تبرعات عبر منصة "جست غيفنغ" لصالح مؤسسة خيرية تكريماً لذكراها.
وللمساهمة في دعم الحملة، سيشاركان في تحدي السباحة في المياه الباردة على شاطئ "تراث بايكان" في أنغليسي، وهو المكان الذي كانت سيان تستمتع بزيارته مع عائلتها.