بعض المصريين وكثير من الأجانب يسألون ببراءة حيناً وبخبث في معظم الأحيان: إذا كانت مصر قد سمحت للعديد من الجنسيات التي تشهد بلدانها صراعات سياسية وفوضى واضطرابات وحروباً أهلية بالدخول إلى البلاد، فلماذا تتشدد مع الأخوة والأشقاء الفلسطينيين في غزة وتصر على رفض دخولهم للإقامة في سيناء في حين أنهم يتعرضون للقمع والقتل على يد الاحتلال الإسرائيلي؟!
سؤال يبدو منطقياً من الوهلة الأولى لكن إجابته سهلة وبسيطة وأكثر منطقية.المسألة ببساطة أن كل الجنسيات التي لجأت إلى مصر في السنوات الأخيرة يمكنها أن تعود إلى بلدانها في أي لحظة تقرر ذلك، لكن الفلسطيني إذا غادر بلده فإن هناك احتلالاً استيطانياً سوف يستولي على بيته ويمنعه من العودة، كما فعل مع غالبية الفلسطينيين الذين غادروا منذ النكبة عام 1948.
في تفصيل ذلك، فإن التقديرات تقول إن هناك حوالي 5 ملايين سوداني موجودون في مصر قبل اندلاع الصراع المسلح بين قوات الجيش النظامي وقوات الدعم السريع.
هؤلاء الأشقاء فروا من ويلات الحرب، لكن أي شخص منهم يستطيع العودة إلى بلده اليوم أو غداً ويذهب للإقامة في أي ولاية سودانية، ولا يستطيع أي من أطراف الأزمة هناك أن يمنعه من العودة. وبالتالي فلا يوجد أي خطر من وجودهم في مصر بالمرة.
الأمر نفسه بالنسبة للأشقاء في ليبيا، فالصراع بين الشرق والغرب بعد سقوط نظام معمر القذافي دفع مئات الآلاف من الليبيين للمجيء إلى مصر، وهؤلاء يمكنهم العودة لبلدهم في أي وقت، وقد حدث هذا بالفعل مع فترة الهدنة الموجودة بين مختلف أطراف الصراع.
عدد كبير من الأخوة السوريين وعقب اندلاع الصراع المسلح في أوائل عام 2011، غادروا بلدهم إلى العديد من المنافي، ومنها مصر، وجاءوا بأعداد كبيرة بالفعل، وبعضهم استقر هنا، وامتهن العديد من المهن والحرف، لكن مرة أخرى لا يوجد ما يمنع السوري من العودة لبلده في أي وقت.
والأمر نفسه حدث مع اندلاع الأزمة في العراق، حينما تعرض لغزو أمريكي في مارس 2003، لكن غالبية العراقيين عادوا إلى بلدهم مع استقرار الأوضاع نسبياً، ولم يكن هناك ما يمنع عملياً من عودتهم.
الوضع بالنسبة للأشقاء الفلسطينيين مختلف تماماً، خصوصاً بعد التصريحات الإسرائيلية المتتالية ومحاولة إجبارهم على الفرار إلى مصر والإقامة في سيناء مقابل معونات وإغراءات اقتصادية كبيرة لمصر على أن تتخلص إسرائيل نهائياً من «صداع غزة». الأمر هنا مختلف تماماً فنحن بصدد مشروع تهجير قسري دائم، فلا يوجد ما هو مؤقت في الأعراف الإسرائيلية.
والذين خرجوا من بلدهم عقب نكبة 1948 حاملين مفاتيح بيوتهم ظناً أنهم سيعودون بعد أيام وشهور، لكنهم لم يعودوا وكثير منهم مات ولا يزال أقاربهم يحتفظون بمفاتيح البيوت نفسها. وبالمناسبة فهؤلاء الفلسطينيين، وخلافاً للأكاذيب، لم يبيعوا أرضهم أو يخرجوا برغبتهم، بل بقوة السلاح.
وفي ظل انكشاف المخطط الإسرائيلي يصبح من الخطر الشديد على مصر أن تسمح بدخولهم، لكن الأهم أن الفلسطينيين صاروا أكثر وعياً بأهمية التمسك بالأرض.
مصر قالت بوضوح أكثر من مرة، إن معبر رفح كان مفتوحاً معظم الأوقات، خصوصاً لإدخال المساعدات، أما وقد كشفت إسرائيل عن نواياها الخطيرة بضرورة دفع الفلسطينيين للمغادرة والنزوح إلى سيناء المصرية، فلم يعد الأمر يحتمل التهاون، وبالتالي فالقاهرة ستدرس كل الوسائل لمنع إسرائيل من تهجيرهم، وثانياً حض الفلسطينيين على البقاء في أرضهم، لأنهم لو غادروها فقد لا يعودون إليها مرة أخرى.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
الرئيس سليمان: لاستخلاص العبر من الهزيمة وفلسفتها
أكد الرئيس العماد ميشال سليمان في تصريح اليوم، أن "العدو الاسرائيلي يبقى عدو لبنان طالما لم يقبل بالمبادرة العربية للسلام التي اقرت في بيروت واعلنت الدولة اللبنانية مرارا التمسك بها كما والجامعة العربية".
ورأى أن "نتائج الحروب غير المحسوبة مثل اختراق ٧ تشرين الاول وحرب الاسناد، تساعد العدو وتعطيه اعذارا وتزيده قوة واستبدادا وتزيد لبنان وغزة وايران واليمن تدميرا وضحايا واحباطا"، آملا ان "تأخذنا الاتفاقات المعقودة مع لبنان وغزة الى استخلاص العبر من الهزيمة وفلسفتها، ان الدولة هي وحدها التي تستطيع حماية ارضها وشعبها لان قرارها مدعوم من الشعب، وهي التي ستقوم بالتعويض عن الخسائر وسترمم البنى التحتية، هذه الاعباء سيتحملها المكلف اللبناني وتأخذ من دخل الفرد واسلوب حياته. لذلك لا ينبغي ان يحمل سلاح او تشن حروباً خارج قرار الشعب الممثل بسلطاته ومؤسساته الدستورية".
ودعا المقاومة في لبنان لان "تمتثل لارادة القاعدة الشعبية اللبنانية بكل شرائحها وتلاوينها وليس لدول ومحاور وساحات اخرى، فتسلم سلاحها للجيش اللبناني فوراً على قاعدة الدستور والقوانين قبل ان تنفذ طبقاً لاتفاق وقف اطلاق النار والقرارين ١٧٠١ و١٥٥٩ الى ما هنالك من قرارات دولية وعربية ولبنانية وجلسات حوار وطني".
وختم آملا "باقفال هذا الفصل المدمر لانتظام الدورة السياسية والاقتصادية اللبنانية وينخرط حزب الله في العمل السياسي بقوة الشرعية وليس بتشريع القوة وتتفرغ قدراته البشرية التي تدور في فلكه لانهاض لبنان وتطويره واعماره".