جريدة الوطن:
2024-11-05@05:38:09 GMT

كتاب “الخليج واللحظة الدولية”

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

كتاب “الخليج واللحظة الدولية”

 

كتاب “الخليج واللحظة الدولية”

 

 

ظل المحللون الاستراتيجيون في العالم طويلاً وهم ينظرون إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي باعتبارها ليست أكثر من مجرد دول مصدراً للنفط لا أكثر.

والمؤسف في الأمر أن البعض من أبناء الخليج اقتنع بهذا الاعتقاد وربما لا يزال بعضهم رغم كل التحولات التنموية التي تعيشها هذه الدول بفعل الاستقرار والأمن ليس كما كنا نقول قبل فترة قصيرة في “إقليم الشرق الأوسط” لا يعرف الهدوء السياسي؛ وإنما حتى في العالم الذي يعيش حالة من الارتباك الاستراتيجي غير واضح المعالم والملامح انتظاراً لولادة نظام جديد قد يدفع إلى الاستقرار النسبي وقد يؤدي إلى كارثة دولية.

استقرت نظرية “الدول النفطية” في أذهان الناس ولم يُعد يرون غير ذلك عن هذه الدول الست؛ مع أن التاريخ الدولي ومكانة هذه المنطقة في مجال التنافس القوى الدولية يؤكدان أهميتها بعيداً عن النفط ولعل ما رسخ هذا الاعتقاد أو النظرية وعززها في أذهانهم (بعضهم أكاديميون) ما حدث في عام 1973 عندما قررت الدول الخليجية استخدام “سلاح النفط” ضد الدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل في حربها ضد العرب بعد تلك المقولة التاريخية للزعيم العربي الخالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”: “النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي” استقرت،رغم أن ذلك القرار العربي لم تكن سوى أحد أدوات السياسة الخارجية الخليجية في ممارسة الضغط الدبلوماسي بالاستفادة من: “نظرية الندرة” في العلاقات الدولية.

كتابان اثنان يحفظهما عن “ظهر غيب” كل طلبة العلوم السياسية في دولنا الخليجية، أو هكذا أعتقد، الكتاب الأول يحمل عنوان: “الخليج ليس نفطاً”، للأستاذ الدكتور محمد الرميحي الذي صدر في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وهي أوج لحظات النفط الخليجي في السياسة الدولية ومحل تنافس القطبين الرأسمالي والاشتراكي. فالكتاب بجانب أنه يدعو قادة دول الخليج إلى الاستفادة من حالة “الوفرة” النفطية في التنمية الشاملة ومنها الاستثمار في الإنسان الخليجي الذي يعتبر الثروة الحقيقية لكل المجتمعات الإنسانية؛ إلا أنه (الكتاب) في مضمونه أيضاً أن الدول الخليجية قبل دول نفطية فهي دول صاحبة حضارة إنسانية.

أما الكتاب الثاني المهم في توثيق إرث منطقة الخليج سياسياً: فهو لأستاذنا الدكتور عبدالخالق عبدالله والذي حمل عنوان: “لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر” ومع أنه صدر في أوج بروز الدور الخليجي عام 2018 كسند وداعم للاستقرار السياسي والأمني لأشقائه العرب إلا أن هذا الكتاب أثيرت حوله الكثير من الانتقادات والشبهات وعرضت الدكتور لانتقادات من الذين ما زالت “تعشش” في أذانهم “نظرية الحجم” في تفسير دور الدول في النظام العالمي مع أنه لم يفعل سوى “توثيق لحظة تاريخية” حقيقية تثبتها وقائع على الأرض واليوم استشراف الدكتور عبد الخالق نراه. الكل يتناسى “إدراك القائد السياسي” لمقدرات دولته الحقيقية ويغيب عنه أن التوظيف الأمثل تلك المقدرات هو الذي يفرق بين دولة وأخرى.

“دول الخليج في النظام الدولي الجديد: مصادر القوة وحدود التأثير” هو العنوان الذي تحمله دراسة جديدة كنت قد أعددتها لـ”مركز تريندز للبحوث والاستشارات” الذي دشن (بجانب هذه الدراسة) عدداً من الإصدارات الجديدة لباحثين إماراتيين وذلك في مشاركته الفاعلة في معرض الشارقة الدولي للكتاب.

الدراسة التي جاءت في أربعة مباحث رئيسية حملت عدداً من الاعترافات في بدايتها كي تؤكد الفرق بين الحجم والتأثير وتسد الباب على أصحاب “نظريات الحجم” التقليدية من تلك الاعترافات أنها: دول صغيرة الحجم جغرافياً وأن قواتها العسكرية ليست كبيرة، بمعنى آخر أن ليس شرطاً أن تكون الدولة كبيرة الحجم ليكون لها تأثير أو نفوذ في النظام الدولي والعكس صحيح. وهنا يأتي “إدراك القيادة الخليجية” لمقومات دولها ومن القدرة على توظيفها لخدمة لمصالحها الوطنية.

أما فيما يخص محتويات المباحث الأربعة فهي كالآتي. المبحث الأول: هو الجانب النظري فيه لأنه يستعرض المقومات الاقتصادية والعسكرية والسياسية لهذه الدول مجتمعة. أما المبحث الثاني، فيعتمد على النظرية الواقعية في العلاقات الدولية في تفسير سلوكيات الدول عندما يبرر الخطوات الاستراتيجية التي قامت بها الدول الخليجية في “تصفير أزماتها” مع المجال الحيوي لجغرافيتها بالقدر الذي يؤهلها للانتقال على المستوى الدول وهنا جاء المبحث الثالث، أما المبحث الرابع والأخير، فكان استشراف مستقبل هذا الدور الخليجي وفق مؤشرات ومتغيرات منها تأثير القيادة السياسية الشابة في دول الخليج السياسة الخارجية للدول الخليجية.

كثيرة هي “اللحظات الخليجية السياسية”منذ السبعينيات من القرن الماضي في خدمة القضايا العربية والدولية لكنها مرت، بكل أسف، دون أن يكون لها بيان في الإرث التاريخي. وما يزيد الامر “غصة” اتهام البعض (وهم كثر) دولنا الخليجية بالتقصير في مواقفها القومية والدولية نتيجة، يصل الأمر أحياناً أن البعض من أبناء الخليج يصبحون “أبواق” لأصحاب المشروعات السياسية والأيديولوجيين لسبب بسيط لأن هناك أجيال خليجية لا تعرف ما قامت به دولها بسبب أننا كباحثين ومؤسسات بحثية لا نوثق تلك اللحظات فهي مرجعيات لحق هذه الأوطان.

مركز تريندز للبحوث والاستشارات يعيش هو الآخر “لحظة أكاديمية” في النشر العلمي وخاصة في القضايا الوطنية لأن القائمين عليه يدركون، أنه بجانب الأدوار التقليدية لمراكز الدراسات في العالم مثل تنظيم المؤتمرات وإجراء البحوث التي تخدم صانع القرار الأدوار البحثية وخدمة صانع القرار فإن توثيق اللحظات التاريخية من خلال رصد وتحليل الأحداث الكبرى والتحولات السياسية للدول مهمة ليست هامشية بل مهمة ومهمة للغاية وإلا ستضيع حقوق الأوطان، لذا من المهم إجادة هذه المساحة لباحثين إماراتيين من خارج المراكز طالما توفرت في الدراسة المقومات البحثية.

 

 

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الخليج.. و"اليوم التالي" في غزة

 

د. عبدالله باحجاج

"اليوم التالي" هي فكرة صهيونية- أمريكية لمرحلة ما بعد توقف حرب الإبادة الجماعية على غزة، وهي تعني غزة الخراب، بعد إنهاء سيطرة حركة حماس عليها، وإخلاء حزب الله اللبناني من حدود الكيان المحتل، وإتمام صفقات تطبيع مع دول خليجية بإغراءات أمريكية في امتلاك تكنولوجيا مدنية وعسكرية مُتقدِّمة تُحدِث الفارق في التفوُّق الإقليمي في المنطقة، هكذا يُخطِّطون، ويقول الله تعالي: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال: 30).

هذه الآية الكريمة بقدر ما تمنحنا الثقة، تُحمِّلُنا مسؤولية استشراف خُطط مكرهم داخل منطقتنا الخليجية، حتى نضعها فوق الطاولات السياسية، رغم علمنا بأنَّ بعض دولها قد وصلت إلى مرحلة اللاعودة في التطبيع مع الصهاينة، والهاجس الأول والمُلِح الذي يشغلنا في اليوم التالي؛ بل وحتى لو لم يأتِ هذا اليوم، يدور حول التساؤل التالي: هل تعتقد الحكومات وشعوبها التي وقفت ضد الحرب على غزة منذ اندلاعها وحتى الآن أنها ستكون في منأى عن استهدافها؟ لماذا؟ لأنها قد رفعت منظومة القيم والأخلاق الى قِممها العُليا بصورة مشتركة في مثاليةٍ غير متوقعة، ولأنها شكَّلت مجموعة عُقَد سيكولوجية للصهاينة، ولأنها عرَّت المُتصهْيِنِين في وضح النهار، ولأنها عزَّزت من صمود أهل غزة من خلال رفع معنوياتهم، ولأنها تمنحهم قوة اليقين بأنَّه مهما خذلهم الشقيق، فليس كُلُهم سواء؛ فهناك- مهما بعُدت المسافات- إخوة مخلصون صادقون في الأفعال والأقوال، ولأن من أرحام الإبادات الجماعية في غزة يُولد جيل جديد مُؤطَّر بفكرة الجهاد، وتأصيل فكرة العدو المستدام، وبيقينيات الرفض المُطلق للتطبيع وإعادة رسم مستقبل الشرق العربي تحت غطاء تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

وقد أصبح في وعي هذه الشعوب أنَّ السلام في اليوم التالي سيكون استسلامًا وقفزًا فوق حقوق الشعب الفلسطيني، ومن أبرزها حق العودة وحدود 1967، ووعيهم هذا يُرشدهم إلى عدم مشاركتهم في شرعية اغتصاب الصهاينة للحقوق الفلسطينية مهما كانت الإكراهات عليهم؛ لذلك سيستهدفونهم ليس من قبل الصهاينة فحسب، وكذلك المُتصهينيين؛ حيث سيشتركون في استهداف القوى الناعمة المُناصِرة لغزة، وهذه القوى الناعمة لا تنحصر في نُخب فكرية وإعلامية وثقافية واجتماعية فقط؛ بل وفي مؤسسات دينية وصحفية، وغيرها، وربما تكون هناك قوائم مُعدَّة الآن، وتنتظر التنفيذ، إن لم يكن قد بدأ التنفيذ!

هُنا لا نخشى على حكومات هذه القوى من أي استهدافات؛ سواء تحت حكم دونالد ترامب أو كامالا هاريس؛ لأن أي رئاسة أمريكية مُقبِلة- جمهورية أم ديمقراطية- ستكون مُنشغِلة بالتحدي الأول عالميًا وهو الصين، واختراقاتها الاقتصادية والجيوسياسية في العالم، وتحديدًا في منطقة المحيطين الهندي والهادي، بإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وبالتالي لن يترك ظهر قواته وأساطيل بلاده مكشوفة. وهنا تظهر الدول الشاطئية لبحر العرب والمحيط الهندي ذات أهمية استراتيجية مُستدامة للغرب عامةً ولواشنطن خاصةً؛ إذ إنَّ مياهها ضامنةً لخلفية الوجود الأمريكي الغربي في المحيطين الهندي والهادي، ولن تكشف خلفياتها.

الخطر الذي نخشاه هنا يتمثل في تآمر الصهاينة مع المُتصهيِنين في استهداف القوى الناعمة عبر عدة وسائل، لن نستبعد أي وسيلة، لكننا يُمكن أن نحدد بعضها في اختراقات النخب بالإغراءات المالية والضغوط القهرية المُتعددة الأشكال، وشغل أمنها واستقرارها بجماعات إرهابية، ومحاولة المساس بمناعتها الاجتماعية. ولا شك أن تداخل المُتصهينين مع الصهاينة سيُعطي لقضية الاستهداف خطورةً أكبر مما يُتصوَّر؛ حيث ستتداخل معها أبعاد تاريخية وأطماع إقليمية جيوسياسية حديثة، وسيكون المُتصهينون أكثر حماسًا من الصهاينة، في استهداف هذه الدول؛ للأسباب سالفة الذكر.

وحتى الدول المُطَّبِعة وتلك التي تُفكِّر في التطبيع، نُنبِهُها من خطر اليوم التالي أنها الآن غارقة إلى ما فوق مرحلة اللاعودة، بعد أن سمحت بتغلغل صهيوني بنيوي، وأبرز مؤشراته إقامة بنيات تحتية لاستدامة وجوده في المنطقة الخليجية، مثل إقامة أحياء يهودية ومؤسسات تعبُّدية، وتشكيل رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية لرعاية شؤون الجاليات اليهودية في دول الخليج الست، رغم أنه لا يوجد يهود من أصول خليجية، ما عدا دولة واحدة جاءوا إليها من دول مجاورة لها.

لكن الرابطة هي خطوة تكشف لنا خُططهم المستقبلية في التهويد في الخليج، وكل الأبواب مفتوحة لها في هذه الدول بعد أن فكَّكت التحوُّلات الداخلية فيها التي تؤثر على سيكولوجية وطموحات الشباب على وجه الخصوص، وتُشكِّل الدول المُطبِّعة على دول القوى الناعمة الحيَّة أكبر التحديات كذلك، لأنه عن طريق الاتفاقيات الجماعية معها يُمكن أن يمتد التغلغل الصهيوني بسهولة، ويمارسوا اختراقاتهم لقواها الناعمة بسهولة؛ حيث إن الظرفيات الداخلية كلها لدول القوى الناعمة الحية مُهيَّأة لنجاح اختراقات الصهاينة والمتصهينين وأكبر مما يُتصوَّر.

وليس مُستبعدًا تمامًا أن تفتح الرابطة ملف الحقوق التاريخية لليهود في الخليج، كما يحدث الآن في دولة مغاربية بقوة القانون المحلي، بحيث رصدنا عودة يهودية إليها تُثير القلق وتُحدِث فتنة داخلية، وهل هناك دولة في المنطقة لا يزعم اليهود الصهاينة أن لهم حقوقًا فيها؟! فلماذا نفتح لهم الأبواب في ضوء اختلالات سُكانية خطيرة، وتراجع نسبة المواطنين مقارنة بالوافدين؟

إنَّنا نضعُ هذا الملف بكل حثياته سالفة الذكر فوق الطاولات السياسية الخليجية كلها- دون استثناء- وعاجلًا من أجل إدارة الإكراهات المُقبِلة بوعي هذه الاستشرافات الحتمية في حالة نجاح اليوم التالي، والمحتملة في حالة فشله، ونسأل الله له الفشل الذريع.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الجيش الذي “لا يقهر” يستنجد بالمرتزقة
  • “التخاذل العربي والإسلامي” شجع العدو الصهيوني على مواصلة الإبادة في غزة ولبنان
  • “المجلس الانتقالي” يعلن عدم مشاركته في الاجتماع المرتقب للأحزاب السياسية اليمنية في عدن
  • الخليج.. و"اليوم التالي" في غزة
  • الخليج يحقق انتصارًا عريضًا على الترجي وينفرد بصدارة “ممتاز اليد”
  • عقب تغلبه على الترجي.. الخليج ينفرد بصدارة “ممتاز اليد”
  • الخليج ينفرد بصدارة ” ممتاز اليد “
  • معركة طوفان الأقصى.. كتابٌ يزخر بالتحليلات السياسية والاستراتيجية
  • مجمع إتصالات الجزائر يفوز بجائرة “رائد الإبتكار العربي الإفريقي في بروتوكول الأنترنت”
  • بالصور.. تركيا تستعيد “مصباح علاء الدين” الذي يعود تاريخه لـ1500 عام