كتاب “الخليج واللحظة الدولية”
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
كتاب “الخليج واللحظة الدولية”
ظل المحللون الاستراتيجيون في العالم طويلاً وهم ينظرون إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي باعتبارها ليست أكثر من مجرد دول مصدراً للنفط لا أكثر.
والمؤسف في الأمر أن البعض من أبناء الخليج اقتنع بهذا الاعتقاد وربما لا يزال بعضهم رغم كل التحولات التنموية التي تعيشها هذه الدول بفعل الاستقرار والأمن ليس كما كنا نقول قبل فترة قصيرة في “إقليم الشرق الأوسط” لا يعرف الهدوء السياسي؛ وإنما حتى في العالم الذي يعيش حالة من الارتباك الاستراتيجي غير واضح المعالم والملامح انتظاراً لولادة نظام جديد قد يدفع إلى الاستقرار النسبي وقد يؤدي إلى كارثة دولية.
استقرت نظرية “الدول النفطية” في أذهان الناس ولم يُعد يرون غير ذلك عن هذه الدول الست؛ مع أن التاريخ الدولي ومكانة هذه المنطقة في مجال التنافس القوى الدولية يؤكدان أهميتها بعيداً عن النفط ولعل ما رسخ هذا الاعتقاد أو النظرية وعززها في أذهانهم (بعضهم أكاديميون) ما حدث في عام 1973 عندما قررت الدول الخليجية استخدام “سلاح النفط” ضد الدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل في حربها ضد العرب بعد تلك المقولة التاريخية للزعيم العربي الخالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”: “النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي” استقرت،رغم أن ذلك القرار العربي لم تكن سوى أحد أدوات السياسة الخارجية الخليجية في ممارسة الضغط الدبلوماسي بالاستفادة من: “نظرية الندرة” في العلاقات الدولية.
كتابان اثنان يحفظهما عن “ظهر غيب” كل طلبة العلوم السياسية في دولنا الخليجية، أو هكذا أعتقد، الكتاب الأول يحمل عنوان: “الخليج ليس نفطاً”، للأستاذ الدكتور محمد الرميحي الذي صدر في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وهي أوج لحظات النفط الخليجي في السياسة الدولية ومحل تنافس القطبين الرأسمالي والاشتراكي. فالكتاب بجانب أنه يدعو قادة دول الخليج إلى الاستفادة من حالة “الوفرة” النفطية في التنمية الشاملة ومنها الاستثمار في الإنسان الخليجي الذي يعتبر الثروة الحقيقية لكل المجتمعات الإنسانية؛ إلا أنه (الكتاب) في مضمونه أيضاً أن الدول الخليجية قبل دول نفطية فهي دول صاحبة حضارة إنسانية.
أما الكتاب الثاني المهم في توثيق إرث منطقة الخليج سياسياً: فهو لأستاذنا الدكتور عبدالخالق عبدالله والذي حمل عنوان: “لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر” ومع أنه صدر في أوج بروز الدور الخليجي عام 2018 كسند وداعم للاستقرار السياسي والأمني لأشقائه العرب إلا أن هذا الكتاب أثيرت حوله الكثير من الانتقادات والشبهات وعرضت الدكتور لانتقادات من الذين ما زالت “تعشش” في أذانهم “نظرية الحجم” في تفسير دور الدول في النظام العالمي مع أنه لم يفعل سوى “توثيق لحظة تاريخية” حقيقية تثبتها وقائع على الأرض واليوم استشراف الدكتور عبد الخالق نراه. الكل يتناسى “إدراك القائد السياسي” لمقدرات دولته الحقيقية ويغيب عنه أن التوظيف الأمثل تلك المقدرات هو الذي يفرق بين دولة وأخرى.
“دول الخليج في النظام الدولي الجديد: مصادر القوة وحدود التأثير” هو العنوان الذي تحمله دراسة جديدة كنت قد أعددتها لـ”مركز تريندز للبحوث والاستشارات” الذي دشن (بجانب هذه الدراسة) عدداً من الإصدارات الجديدة لباحثين إماراتيين وذلك في مشاركته الفاعلة في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
الدراسة التي جاءت في أربعة مباحث رئيسية حملت عدداً من الاعترافات في بدايتها كي تؤكد الفرق بين الحجم والتأثير وتسد الباب على أصحاب “نظريات الحجم” التقليدية من تلك الاعترافات أنها: دول صغيرة الحجم جغرافياً وأن قواتها العسكرية ليست كبيرة، بمعنى آخر أن ليس شرطاً أن تكون الدولة كبيرة الحجم ليكون لها تأثير أو نفوذ في النظام الدولي والعكس صحيح. وهنا يأتي “إدراك القيادة الخليجية” لمقومات دولها ومن القدرة على توظيفها لخدمة لمصالحها الوطنية.
أما فيما يخص محتويات المباحث الأربعة فهي كالآتي. المبحث الأول: هو الجانب النظري فيه لأنه يستعرض المقومات الاقتصادية والعسكرية والسياسية لهذه الدول مجتمعة. أما المبحث الثاني، فيعتمد على النظرية الواقعية في العلاقات الدولية في تفسير سلوكيات الدول عندما يبرر الخطوات الاستراتيجية التي قامت بها الدول الخليجية في “تصفير أزماتها” مع المجال الحيوي لجغرافيتها بالقدر الذي يؤهلها للانتقال على المستوى الدول وهنا جاء المبحث الثالث، أما المبحث الرابع والأخير، فكان استشراف مستقبل هذا الدور الخليجي وفق مؤشرات ومتغيرات منها تأثير القيادة السياسية الشابة في دول الخليج السياسة الخارجية للدول الخليجية.
كثيرة هي “اللحظات الخليجية السياسية”منذ السبعينيات من القرن الماضي في خدمة القضايا العربية والدولية لكنها مرت، بكل أسف، دون أن يكون لها بيان في الإرث التاريخي. وما يزيد الامر “غصة” اتهام البعض (وهم كثر) دولنا الخليجية بالتقصير في مواقفها القومية والدولية نتيجة، يصل الأمر أحياناً أن البعض من أبناء الخليج يصبحون “أبواق” لأصحاب المشروعات السياسية والأيديولوجيين لسبب بسيط لأن هناك أجيال خليجية لا تعرف ما قامت به دولها بسبب أننا كباحثين ومؤسسات بحثية لا نوثق تلك اللحظات فهي مرجعيات لحق هذه الأوطان.
مركز تريندز للبحوث والاستشارات يعيش هو الآخر “لحظة أكاديمية” في النشر العلمي وخاصة في القضايا الوطنية لأن القائمين عليه يدركون، أنه بجانب الأدوار التقليدية لمراكز الدراسات في العالم مثل تنظيم المؤتمرات وإجراء البحوث التي تخدم صانع القرار الأدوار البحثية وخدمة صانع القرار فإن توثيق اللحظات التاريخية من خلال رصد وتحليل الأحداث الكبرى والتحولات السياسية للدول مهمة ليست هامشية بل مهمة ومهمة للغاية وإلا ستضيع حقوق الأوطان، لذا من المهم إجادة هذه المساحة لباحثين إماراتيين من خارج المراكز طالما توفرت في الدراسة المقومات البحثية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
“وول ستريت جورنال”: سياسة ترامب الجمركية ستسمح للصين بتعزيز مكانتها في جنوب شرق آسيا
الصين – ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن تطبيق إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية جديدة على الواردات سيُمكن بكين من تعزيز مواقعها في جنوب شرق آسيا، والظهور كبديل لواشنطن.
وقالت الصحيفة: “بغض النظر عما يُقال، فإن حرب ترامب التجارية تفتح فرصا اقتصادية ودبلوماسية جديدة – للصين. هذا الأسبوع، انطلق [رئيس جمهورية الصين الشعبية] شي جين بينغ في جولة إلى جنوب شرق آسيا، حيث يقود حملة مناهضة للرسوم الجمركية تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية وغيرها من الروابط [لدول المنطقة مع الصين] كبديل للولايات المتحدة”.
في وقت سابق من يوم الاثنين، وصل شي جين بينغ في زيارة دولة إلى فيتنام، على أن يزور بعد ذلك كلا من ماليزيا وكمبوديا.
وأضافت الصحيفة: “إذا أغلقت الولايات المتحدة أبوابها في وجه هذه الدول، فإن الصين ستصبح سريعا اللاعب الرئيسي بالنسبة لها. اقتصادات جنوب شرق آسيا لا تزال في طور النمو، ومئات الملايين من السكان يعيشون في فقر. قادة هذه الدول لا يمكنهم الانتظار إلى ما لا نهاية من أجل توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية، بينما يحدد ترامب سياسته المتعلقة بالتعرفة الجمركية. ومن الصعب في المستقبل فك الارتباط مع العلاقات التجارية والاقتصادية التي تتطور الآن”.
وبحسب “وول ستريت جورنال” فإن “نجاح الدبلوماسية الإقليمية لشي [جين بينغ]، إن تحقق، سيكون ترامب قد أسهم فيه جزئيا، إذ إن سياسته تُسهل كثيرا مهمة الزعيم الصيني”.
يذكر أن ترامب أعلن في الثاني من أبريل، فرض رسوم جمركية على الواردات من 185 دولة وإقليما. ودخلت الرسوم الموحدة بنسبة 10% حيّز التنفيذ في الخامس من أبريل، في حين بدأت الرسوم الفردية في التاسع من الشهر ذاته. وقد بلغت الرسوم على فيتنام 46%، وعلى كمبوديا 49%، وعلى ماليزيا 24%. وفي التاسع من أبريل، أعلن ترامب تعليق العمل، لمدة 90 يوما، بالرسوم الإضافية المفروضة على بعض الدول والأقاليم بناء على مبدأ المعاملة بالمثل.
وأوضح البيت الأبيض أن هذا التوقف مرتبط بإجراء مفاوضات تجارية، وخلال هذه الفترة سيتم تطبيق “رسوم موحدة بنسبة 10%”.
المصدر: RT + وكالات