الوطن:
2024-10-05@18:03:46 GMT

محمد مصطفى أبوشامة يكتب.. إهدار «الغضب الساطع»

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

محمد مصطفى أبوشامة يكتب.. إهدار «الغضب الساطع»

نمتلك فى بلادنا قدرات متميزة نُحسد عليها فى إبداع «إهدار الفرص»، لهذا اخترنا، مثلاً، أن ندعم الأشقاء الفلسطينيين بـ«مقاطعة البضائع» التى تنتمى لعلامات تجارية أجنبية، مغفلين أن معظم هذه السلع أصبحت بطبيعة الحال منتجات مصرية، برأسمال مصرى وعمالة مصرية، فأصبحنا كمن قرَّر أن يصفع نفسه انتقاماً من إهانة تلقاها من شخص آخر.

واستغل نشطاء -سأفترض فيهم حسن النية- طاقة الغضب داخل شعوبنا الطيبة فى توظيف هذا الضغط الشعبى المتصاعد لتحقيق مصالح اقتصادية وأرباح خيالية، فروَّجوا لقوائم سوداء تضم المنتجات والسلع المراد مقاطعتها، ودون قصد أسهموا فى نشر اتهامات باطلة عن شركات ومتاجر كبرى، ليشحذوا همّة الجماهير للمقاطعة، كما نظَّموا حملات على مواقع التواصل الاجتماعى، منحت قرار المقاطعة ختم «الوطنية»، وبالغت فى قيمتها وأثرها وكأنها جهاد فى سبيل الله.

وظهرت فى المقابل «قوائم بيضاء»، تطرح البدائل من السلع والمنتجات، وأقحمت شعارات رنانة مثل: «شجّع صناعة بلدك»، و«اشترى المصرى»، فيما تضخمت القوائم (السوداء)، واتسعت لتشمل أغلب المنتجات والشركات التى تحمل جنسية دول تبنَّت السردية الإسرائيلية ودعمت خطوات حكومة الحرب فى تل أبيب بقيادة بنيامين نتنياهو، وبالطبع تصدَّرت القوائم كل من أمريكا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وكبرى «برانداتهم» العالمية، التى تحتكر المنتجات والسلع الأكثر استخداماً واستهلاكاً حول العالم.

وبلغ التجلى فى الإبداع حداً مبهراً، فقد طالعت مؤخراً فى العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية خبر تدشين تطبيق «قضيتى»، الذى وصفته الزميلة ندى قطب على موقع جريدة «الوطن» قائلة: «قضيتى، تطبيق مصرى أصبح قِبلة للمقاطعين على مدار الأيام المنقضية، باعتباره دليلاً شاملاً للمنتجات الذى يجب الامتناع عن تناولها باعتبارها تخرج من بلاد تدعم كيان الاحتلال الإسرائيلى، إلى جانب تصحيح بعض المعلومات غير الدقيقة عن منتجات المقاطعة». إن ضعف الخسائر المتوقعة من حملات المقاطعة بفرض قدرتها على الاستمرار لفترات طويلة، وإصابتها الهدف الصحيح باختيارها لمنتج أجنبى تنطبق عليه كل الشروط، ومقارنة هذه الأرقام بحجم خسائر إسرائيل الاقتصادية الفادحة يومياً بسبب الحرب على غزة، يجعل الأمر مثيراً للسخرية، ويبدو ساذجاً.

الغضب طاقة هائلة، غالباً ما تكون مدمرة، لكن التعامل الذكى معها يجعلها «طاقة إيجابية»، وبرغم أن مصدر الغضب سلبى ويصاحبه الحزن والألم، فإن استثمار الغضب فى سياقه الإيجابى المحفز يخفف من وطأة هذه المشاعر ويبددها، وهو ما بشرنا الرحبانية بأنه «من كل طريق آتٍ»، إنه «الغضب الساطع»، الذى سيهزم «وجه القوة»، والذى يشبه «وجه الله الغامر»، سمعنا ذلك وتعلمناه من صوت السيدة فيروز فى رائعتها الخالدة «زهرة المدائن».

حديث الغضب مفهوم دوافعه، ومعروف أسبابه، فكل الشعوب العربية غاضبة موجوعة لما يجرى للأشقاء فى غزة، وما يضاعف حزننا هو إهدار هذا «الغضب الساطع» وتفريغه من قيمته واستهلاكه فيما لا طائل منه، لتصبح نصرة فلسطين، تحت لافتة «قضيتى» هى «مقاطعة بضائع وسلع»، ليكتمل المخطط المستمر لمسخ القضية، وتفريغ شحنات الغضب العربى فى فراغ.. وهراء.

لتختزل «قضية فلسطين» القضية السياسية والعسكرية العربية الأولى، وقصة الشعب البطل الذى غُدر به وسُرق وطنه وانتهكت أرضه وعرضه، وتتحول قضيته إلى قضية إغاثة إنسانية ووصول مساعدات غذائية وطبية، ويتقلص السلام العادل وحل الدولتين، إلى هدنة مؤقتة وممرات آمنة، ويتبدل حق عودة ملايين اللاجئين المطرودين من أراضيهم المحتلة إلى وساطة أممية حول آلاف الأسرى فى السجون الإسرائيلية.

إن استثمار الغضب فى سياقه الصحيح يستدعى منا أن نوجه كل طاقتنا لبناء أجيال مدركة لخطر إسرائيل وأن معركتنا معها مؤجلة لكنها حتمية وأكيدة، أجيال تؤمن بالسلام خيار الأقوياء وعقيدة المنتصرين، أجيال تعتنق المقاومة كركيزة أساسية لتحقيق النصر، وتعلم أن الذكاء الحقيقى فى هذا الصراع الأبدى بين الغرب وإسرائيل، هو ما قاله الفيلسوف العسكرى الصينى فى كتابه «فن الحرب» قبل أكثر من 2300 عام: «إن إحراز مائة انتصار فى مائة معركة ليس هو الأفضل بل إن إخضاع العدو من دون قتال هو أفضل ما يكون».

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دعم الأشقاء الفلسطينيين مقاطعة البضائع فلسطين

إقرأ أيضاً:

البطولة... المغرب التطواني يواصل إهدار النقاط بعد انهزامه أمام اتحاد تواركة

واصل المغرب التطواني إهدار النقاط، عقب انهزامه بهدف نظيف أمام الاتحاد الرياضي التوركي، في المباراة التي جرت أطوارها، اليوم الجمعة، على أرضية ملعب 18 نونبر بالخميسات، في افتتاح لقاءات الجولة الخامسة من البطولة الاحترافية في قسمها الأول.

ودخل الفريقان المباراة في جولتها الأولى بعزيمة افتتاح التهديف مبكرا، ومن ثم البحث عن أهدافٍ أخرى، أو على الأقل الحفاظ على التقدم، بغية تسيير اللقاء بالطريقة التي يريدانها، وكسب بالتالي النقاط الثلاث، حيث يتطلع المغرب التطواني إلى تحقيق انتصاره الأول هذا الموسم، بعدما فشل في ذلك خلال الجولات الأربع السابقة، في الوقت الذي يطمح الاتحاد الرياضي التوركي إلى تحقيق فوزه الثاني للانفراد بالصدارة.

وحاول كل فريق الوصول إلى شباك خصمه بشتى الطرق الممكنة، من خلال المحاولات التي أتيحت له، إلا أن تألق يحيى الفيلالي، وعبد الرحمان الحواصلي، في التصديات حال دون تحقيق المبتغى، ناهيك عن تسرع اللاعبين في إنهاء الهجمات، بعد الوصول إلى مربع العمليات، سواء أثناء التسديد أو التمرير، لتتواصل الأمور على ما هي عليه من دون أي تغيير في عداد النتيجة، ما جعل الجولة الأولى تنتهي على وقع البياض.

وكانت الجولة الثانية مختلفة تماما عن سابقتها، بعدما تمكن الاتحاد الرياضي التوركي من افتتاح التهديف في الدقيقة 68 بفضل اللاعب رضوان أيت المقدم، ليجد المغرب التطواني نفسه متأخرا في النتيجة، ومطالبا بإحراز التعادل، إلا أن كل المحاولات التي أتيحت له باءت بالفشل، جراء غياب النجاعة الهجومية، لتنتهي بذلك المباراة بانتصار تواركة بهدف نظيف على الحمامة البيضاء.

ورفع الاتحاد الرياضي التوركي رصيده إلى تسع نقاط في صدارة البطولة الاحترافية مؤقتا، فيما تجمد رصيد المغرب التطواني عند ثلاث نقاط في الصف 13 بشكل مؤقت، بنفس عدد نقاط حسنية أكادير المتواجد في الرتبة 14.

كلمات دلالية الاتحاد الرياضي التوركي البطولة الاحترافية المغرب التطواني

مقالات مشابهة

  • عبقرية الإعلام المصرى على أرض الميدان
  • الضوء الساطع: وسيلة فعّالة في مواجهة الاكتئاب
  • معارك ذات الكبارى وآخر اليد
  • قائد سرية مشاة: الجندي المصري أظهر معدنه.. ورأيت أسودا تركض نحو النصر
  • البطولة... المغرب التطواني يواصل إهدار النقاط بعد انهزامه أمام اتحاد تواركة
  • غزة عام الحرب والمقاومة
  • شمشون يكتب نهايته في لبنان.. قراءة في كتابات إسرائيلية وغربية
  • حرب أكتوبر.. وصناعة التاريخ
  • «نصر أكتوبر» معجزة التاريخ
  • موسم رمضان 2025 ملىء بالنجوم