البوابة نيوز:
2024-09-19@05:05:57 GMT

طوفان الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

واهمٌ من يعتقد أن ما يحدث الآن من عدوان إسرائيل الوحشي؛ سيقف عند حدود قطاع غزة. كل متابع لما يجري، أيًا كان موقفه من الأحداث، سيكون مخطئًا إذا ظن أنه في مأمن من أية أخطار – سواء أكان هذا المتابع حاكمًا أو مواطنًا – ذلك لأن ما تمارسه إسرائيل اليوم هو انتهاك بشع لكل القوانين الإنسانية، فهى تسلك وفقًا لقانون الغابة وتعمل على ترسيخه؛ إنه القانون الذي بمقتضاه يفترس القوي الضعيف دون وازع أو رادع، في الوقت الذي يفر فيه بقية القطيع، مرتعدة فرائصهم، حامدين الله على نعمة النجاة.

إنهم يحمدون ربهم على نعمة السلامة من بشاعة الأهوال التي يتعرض لها غيرهم، مرددين في غبطة وطمأنينة: «الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلًا كثيرًا». 

هذا هو الوهم الكبير، وهذه هى الحماقة بعينها. إن أطماع إسرائيل في المنطقة بدعم ومساندة دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، تجعل أية بقعة في منطقة الشرق الأوسط – حين نشوب صراع عسكري مع إسرائيل – تتعرض لما تتعرض له غزة الآن!! هذا ما تسعى إسرائيل لترسيخه في وجدان كل عربي في المنطقة. كل شئ مباح ومتاح لإسرائيل: قتل للأطفال والنساء والشيوخ، وهدم للبيوت على قاطنيها، وتدمير المستشفيات، وحظر وصول الماء والدواء والكهرباء والمأكل والمشرب والطاقة بكل أنواعها إلى المناطق المستهدفة. 

إن من يجلسون الآن أمام شاشات التليفزيون في منطقتنا العربية، يشاهدون ما يحدث في غزة وكأنهم يتابعون أحداث أحد أفلام الرعب، مع قدر من التعاطف مع الضحايا!! ستدور عليهم الدوائر في المستقبل الذي قد لا يكون بعيدًا. إن ما يجري اليوم في غزة له ما بعده، أعني أن تداعيات تلك الأحداث لها توابع على كافة المجتمعات العربية – حكامًا ومحكومين – ذلك لأن الهزيمة التي قد تلحق بغزة – لا قدر الله – ستكون هزيمة لكل العرب والمسلمين الذين لم يهبوا لنجدة النساء والأطفال الذين يستغيثون بحكام وشعوب المنطقة ويناشدونهم أن يهبوا لنجدتهم. ولا تلقى صرخاتهم صدى سوى تصريحات جوفاء لذر الرماد في العيون. إننا لا نبالغ إذا قلنا إن الهزيمة التي قد تلحق بغزة – لا قدر الله – ستكون هزيمة للإنسانية جمعاء.

إن محاولة ترديد النغمة القائلة إن حماس مسئولة عما يحدث في هذه اللحظات من مذابح وجرائم في حق الشعب الفلسطيني في غزة بسبب ما قامت به في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ من هجوم على إسرائيل؛ هو قول باطل من أوجه كثيرة؛ فهو أولًا ترديد لدعاية صهيونية زائفة ومضللة، وهو ثانيًا يكشف عن فهم قاصر لطبيعة المشكلة، وجذورها التاريخية؛ إن عملية غزة لم تبدأ في السابع من أكتوير، ولن تنتهي عندها. إن الفلسفة في تعريف أرسطو لها هى «البحث عن العلل البعيدة للظواهر» أي البحث عن الأسباب الحقيقية للظواهر، وإذا أمعنا النظر سنكتشف أن عدوانية إسرائيل واحتلالها لأراضي الغير، واستخدامها للقوة المفرطة هو سبب التوتر والقلق والحروب والنزاعات الدموية في منطقتنا العربية. 

إسرائيل لها تاريخ أسود فيما يتعلق بقتل المدنيين الآمنين. إن جرائمها في هذا المجال أكثر من أن تُحصى.. فالمذابح التي ارتكبتها إسرائيل طوال ٧٥ عامًا كثيرة وبشعة، منها على سبيل المثال لا الحصر مجزرة بحر البقر حين شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجومًا في صباح الثامن من أبريل عام ١٩٧٠ م، حيث قصفت طائرات من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، أدى الهجوم إلى استشهاد ٣٠ طفلًا وإصابة ٥٠ آخرين وتدمير مبنى المدرسة تمامًا. هل كان هؤلاء التلاميذ عسكريين أو ينتمون إلى منظمة حماس؟ وهل كانت القوات المسلحة المصرية قد قصفت مدرسة إسرائيلية أو منزلًا يسكنه مدنيون إسرائيليون؟ 

وخلال حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل، وبينما كانت المعارك محصورة في الجبهة، قامت إسرائيل بغارة جوية صباح يوم ١٢ فبراير ١٩٧٠ قصفت خلالها مصنع أبو زعبل الذي كانت تملكه الشركة الأهلية للصناعات المعدنية، أثناء وردية قوامها ١٣٠٠ عاملًا، فاستُشْهِد منهم ٧٠ وأصيب ٦٩، وحُرِقَ المصنع.

وكذلك هجوم إسرائيل على نجع حمادي، وبالتحديد على محطة محولات كهرباء السد العالي، حيث أغارت يوم ٢٩ أبريل ١٩٦٩ على محطة محولات نجع حمادي، وأسقطت عبوات ناسفة زمنية قرب إدفو أصابت بعض المدنيين الأبرياء.

أما فيما يتعلق بإجرام إسرائيل مع الأسرى المصريين عام ١٩٦٧، فقد ارتكبت جرائم حرب ضدهم؛ إذ أطلقت النار على بعضهم وهم مقيدون، ودفنت بعضهم أحياء. 

إسرائيل دولة محتلة لأرض فلسطين، والشعب المحتل – وفقًا للقانون الدولي – من حقه مقاومة الاحتلال.. أما ما تفعله إسرائيل من اعتداءات وحشية على سكان غزة الآن، فاللوم لا يقع على حماس، إنما يقع على الدولة الغاصبة لأراضي الغير.. سواء قامت حماس بما قامت به في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ أو لم تقم بذلك؛ فإن إسرائيل تعامل الفلسطينيين بوصفهم حيوانات وليسوا بشرًا.. وهذا ما يصرح به قادة إسرائيل على الدوام.

واليوم قد تتسع رقعة الصراع في المنطقة، لتشمل حزب الله وإيران. إن اضطلاع الولايات المتحدة الأمريكية بضرب إيران لتدمير قدراتها العسكرية والاقتصادية هى - في حقيقة الأمر - أمنية غالية لدى قادة إسرائيل وبخاصةٍ نتنياهو، الذي حاول مرات كثيرة حث الولايات المتحدة الأمريكية على ضرب إيران. قد تكون هذه فرصة سانحة لتحقيق ذلك، لكن إيران ليست بالصيد السهل، وأمريكا تعلم ذلك جيدًا. ولكن قد تأتي الأحداث بما لا تتمناه الدول!! 

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن مصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل تتلاقى عند فكرة تهجير أهالي غزة إلى سيناء، فضلًا عن أن هذا المخطط يمثل جانبًا مهمًا من جوانب صفقة القرن. ترفض مصر هذا المخطط، وماتزال الأيام القادمة حبلى بالأحداث الجسام. 

د. حسين علي: أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بآداب عين شمس

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حماس السابع من أكتوبر إسرائيل العرب فلسطين طوفان الشرق الأوسط المتحدة الأمریکیة

إقرأ أيضاً:

الغارديان: حرب التفخيخ التي تشنها إسرائيل غير قانونية وغير مقبولة

تناول المقال الافتتاحي في صحيفة "الغارديان" البريطانية، تفجيرات الاحتلال في لبنان التي استهدفت عددا من المدنيين وعناصر حزب الله.

وقالت الصحيفة، "في الحرب العالمية الثانية، نشرت قوات الفدائيين كميات ضخمة من الأجسام المفخخة التي يحتمل أن تجذب إليها المدنيين، وكانت الفكرة من ذلك التسبب في القتل العشوائي على نطاق واسع".

وأضافت، أن اليابانيين صنعوا غليون تدخين مفخخا بمواد فجرت بصاعق مرتد، أما الإيطاليون فأنتجوا سماعة تنفجر عند توصيلها.



وبعد مرور أكثر من قرن، تم إبرام معاهدة عالمية "حرمت في كافة الظروف استخدام الأجسام المفخخة أو أي وسائل أخرى تتخذ شكل ما يبدو أنها أجسام غير ضارة، ولكنها في الواقع مصممة ومركبة بحيث تحتوي على مواد متفجرة"، وفقا للمقال.

وتساءلت، هل أخبر أحد إسرائيل وأنصارها المبتهجين بأنها، كما أشار إلى ذلك برايان فينوكان من مجموعة الأزمات الدولية، أحد الموقعين على البروتوكول؟

ويوم الثلاثاء، انفجرت بشكل متزامن تقريبا أجهزة المناداة (البيجر) المستخدمة من قبل المئات من أعضاء مجموعة حزب الله في لبنان وسوريا، ما أفضى إلى مقتل ما لا يقل عن اثني عشر شخصا – بما في ذلك طفلان وأربعة من العاملين في المستشفيات – وكذلك إلى جرح آلاف آخرين.

وبينت الصحيفة، أن هذا الوضع مشابه تماماً للممارسات التاريخية التي تحرمها صراحة معاهدات التسليح العالمية الحالية.

وتقول وسائل الإعلام الأمريكية إن إسرائيل تقف من وراء الهجوم، وإن البلد لديه الحافز والوسائل الكفيلة باستهداف أعدائه المدعومين من قبل إيران.

وأشارت إلى أن زعماء إسرائيل يمتلكون تاريخا طويلا في تنفيذ العمليات المعقدة عن بعد، والتي تتراوح ما بين الهجمات السيبرانية، إلى الهجمات التي تنفذ بواسطة مسيرات انتحارية، إلى الأسلحة المتحكم بها عن بعد والمستخدمة في اغتيال العلماء الإيرانيين.

ويوم الأربعاء، نشرت تقارير تفيد بأن إسرائيل فجرت الآلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية المستخدمة من قبل أعضاء حزب الله في لبنان، ما نجم عنه مقتل تسعة وجرح المئات.

وبينت أن هجمات هذا الأسبوع لم تكن، كما زعم المدافعون عن إسرائيل، "جراحية" أو أنها "استهدفت بدقة عمليات ضد الإرهاب"، ولا ريب في أن إسرائيل وحزب الله عدوان لدودان لبعضهما البعض.

فقد شهدت الجولة الحالية من القتال نزوح عشرات الآلاف من الإسرائيليين من الحدود الإسرائيلية اللبنانية بسبب صواريخ وطلقات المدفعية التي تنهال عليهم من طرف "المليشيات الشيعية"، وفق تعبير الصحيفة.

وأردفت بأن تفجيرات أجهزة المناداة قصد منها بوضوح استهداف الأفراد المدنيين – وبعضهم من الدبلوماسيين والسياسيين – الذين لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال القتالية.

وتابعت، يبدو أن الخطة كانت ترمي إلى إنتاج ما قد يطلق عليه المحامون "أضرار بليغة تلحق بالمدنيين عن طريق الصدفة"، لقد استخدمت نفس هذه الحجج ضد روسيا للزعم بأن موسكو ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا.

وبحسب المقال، فإنه يصعب القول لماذا لا يتم تطبيق نفس المنطق في حالة إسرائيل – فيما عدا أنها حليف للغرب.

ومثل هذه الهجمات غير المتكافئة، والتي يبدو أنها غير قانونية، ليست فقط غير مسبوقة، بل ويمكن أيضاً أن تصبح أمراً طبيعيا، إذا كان الأمر كذلك، فإن الباب سيفتح أمام دول أخري لاختبار قوانين الحرب بشكل فتاك وفقا للغارديان.

وأشارت إلى أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتدخل وتقيد حليفها، ولكن لا يظهر جو بايدن أي أمارات على الرغبة في التدخل لوقف سفك الدماء. يمر الطريق نحو السلام بغزة، ولكن خطة السيد بايدن للسلام – وتحرير الرهائن – لم تجد قبولاً لا لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا لدى حماس.



ويُخشى أن تفضي أفعال إسرائيل إلى صراع كارثي واسع النطاق، يجر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية، بحسب وجهة نظر الصحيفة، التي ترى العالم يقف على شفا هوة من الفوضى، لأن استمرار نتنياهو في إحكام قبضته على السلطة، وبالتالي تحصين نفسه من الملاحقة بتهم الفساد، يتوقف إلى حد كبير على خوض بلده للحرب.

وبين أنه لا يمكن لشيء من ذلك أن يحصل دون تواطؤ الولايات المتحدة ومساعدتها، لربما فقط بعد انتخاباتها الرئاسية قد تتمكن الولايات المتحدة من القول إن ثمن إنقاذ السيد نتنياهو لا ينبغي أن يدفعه الناس في شوارع لبنان أو الفلسطينيون في المناطق المحتلة.

وختمت، "حتى ذلك الحين، سوف يستمر النظام الدولي القائم على القواعد والأحكام عرضة للتقويض من نفس البلدان التي أوجدت النظام".

مقالات مشابهة

  • الغارديان: حرب التفخيخ التي تشنها إسرائيل غير قانونية وغير مقبولة
  • الولايات المتحدة تهنئ اليمن على الريادة في الشرق الأوسط
  • الولايات المتحدة: تهانينا لليمن على كونها أول دولة في الشرق الأوسط تستخدم هذه التقنية
  • الولايات المتحدة تهنئ اليمنيين بإدخال تقنية اتصالات هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط
  • هيرميس: مستثمرو الخليج أصبحوا أكثر انتقائية بعد طوفان الطروحات بالمنطقة
  • طالبة تونسية تحتج على أستاذ اعتبر إسرائيل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط
  • العرب في مصيدة الانتخابات الأمريكية
  • بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • ما دلالات هروب حاملة الطائرات الأمريكية “روزفلت” من الشرق الأوسط؟
  • كاتب الشرق الأوسط: فليمت السودانيون حفاظاً على السيادة الوطنية..!