مستشار شيخ الأزهر: معاهد الأزهر تتميز فى أخ ثانٍ والرابط إنساني
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
أكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين الدكتورة نهلة الصعيدي رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، على استمرار فعاليات برنامج «أخ ثانٍ والرابط إنساني» الذي أطلقه مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، في المعاهد الأزهرية المشاركة في البرنامج، عبر منهجية علمية وعملية تعزز من قدرات الطلاب ومهاراتهم الحياتية عبر مصفوفة قيم مستمدة من وثيقة الأخوة الإنسانية والمعنية بنشر قيم الإخاء والسلام.
وأشارت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، أن البرنامج في موسمه الثاني، مطبق على(206) إدارة بواقع (206) معاهد على مستوى (27) محافظة من محافظات الجمهورية، بواقع معهد واحد من كل إدارة تعليمية أزهرية، تابعة للمنطقة ويهدف إلى تنمية مهارات طلاب المعاهد الأزهرية، والتعرف على قيم التسامح والسلام، وتطبيق مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والمعنية بنشر قيم الإخاء والمحبة والسلام حول العالم.
تفعيل قيمة التسامح في الأسبوع الأول
وأوضحت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين إن الخطة التنفيذية للبرنامج تتضمن العديد من القيم، حيث تم تفعيل قيمة التسامح في الأسبوع الأول، بينما خصص هذا الأسبوع لتفعيل قيمة «العدالة والمساواة» بكافة المعاهد المشاركة بالبرنامج على مستوى مناطق الجمهورية، وتستعد المعاهد الأزهرية حاليًا لتفعيل القيمة الثالثة «التعاون» اعتبارًا من السبت المقبل ٤ نوفمبر وتستمر لمدة أسبوع.
وأضافت أنه تم عقد عدد من الندوات الدينية والثقافية بمختلف الإدارات التعليمية بالمناطق الأزهرية، كما تم تفعيل عدد من الأنشطة الفنية والثقافية للطلاب، بإشراف ومتابعة من منسقي الإدارات وشيوخ المعاهد والمعلمين، التي تعكس القيم المستهدفة، فضلاً عن تنفيذ عدد من المسرحيات التعليمية داخل الصفوف الدراسية، تعكس أثر القيم المتناولة، وتصميم مطويات وصحف حائط وبعض الرسومات التي تناولت قيم«التسامح والعدالة والمساواة».
وبينت الدكتورة نهلة الصعيدي، أنه مع ختام فعاليات الأسبوع الأول تم تكريم (30) معهدًا أزهريًا متميزًا على مستوى الجمهورية، وذلك لمشاركتهم الفعالة في البرنامج في موسمه الثاني، حيث بلغ إجمالي عدد الأنشطة في الأسبوع الأول لقيمة التسامح (1524) ما بين «أنشطة تربوية صفية، ولا صفية، وإعلام تربوي»، وسيتم الإعلان عن أسماء المعاهد المتميزة في الأسبوع الثاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مستشار شيخ الأزهر شؤون الوافدين التميز أخ ثان والرابط إنساني معاهد الازهر مستشار شیخ الأزهر الأسبوع الأول فی الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الفن لغة التسامح والتعايش
شرُفتُ بحضور محاضرة فكرية متميّزة في مجلس محمد بن زايد، حملت عنوان “التسامح والتعايش في الفكر الإسلامي”، شارك في تقديمها كل من د. شايع الوقيّان، ود. مشهد العلاّف، ود. فاطمة الدهماني.
جاءت المحاضرة ثرية في مضمونها، راقية في خطابها، حيث تجاوزت المفهوم السطحي للتسامح إلى تناول عميق يجمع بين المرجعية الفكرية والدينية، والرؤية الإنسانية الواسعة، مما أتاح للمستمع أن يرى في التسامح أكثر من مجرد فضيلة، بل أسلوبًا لبناء الإنسان والمجتمع.
استعرض المحاضرون كيف أن التعدد سنة كونية، وأن الاختلاف ليس تهديدًا، بل فرصة لفهم الذات عبر مرآة الآخر. واستشهدوا بالآية الكريمة: “لا إكراه في الدين”، للدلالة على أن التسامح في جوهره قائم على الحرية، والعقل، والاحترام. لكن اللحظة التي استوقفتني حقًا، ووسّعت أفق المحاضرة من الفكر إلى الشعور، هي حين تم التطرّق إلى الفن كجسر إنساني يجسّد معنى التسامح، بل ويُمارسه بطريقته الخاصة.
كان التحوّل في سياق النقاش لحظة فارقة بالنسبة لي، فقد كشف عن وجهٍ آخر للتسامح، لا يُبنى على الجدل ولا يُستدعى عبر الخطابات، بل يتجلى في لحظة صامتة نعيشها حين نخاطَب بجمال صادق يلمس وجداننا. هناك، حيث يتكلم الإبداع بما تعجز عنه الكلمات، تتوارى الحواجز، وتذوب الفروق، ويتقدّم الإنسان فينا على كل هويةٍ فرعية أو انتماءٍ ضيّق.
في هذا الأفق، لا يعود الانتماء للغة أو الدين أو الجغرافيا شرطًا للفهم أو التفاعل، فالصورة، واللحن، والقصيدة، تتجاوز هذه الحواجز، لتخاطب ما هو أعمق: إنسانيتنا المشتركة.
قد نأتي من ثقافات متباعدة، ونتحدث بألسن مختلفة، ونسكن أوطانًا متفرقة، لكننا حين نقف أمام لوحة تُحرّك فينا شعورًا غامضًا، أو نستمع إلى لحنٍ يوقظ فينا ذكرى قديمة، نُدرك فجأة أن هناك شيئًا واحدًا يوحّدنا، شيءٌ غير مرئي، لكنه حاضر بقوة: الفن.
فالفن يوحّدنا تحت مظلّة إنسانية واحدة، ويجمعنا على طاولة واحدة، لا نسأل فيها عن الأسماء أو الخلفيات، بل نشعر فيها بكل ما هو جميل ومشترك فينا كبشر: الشوق، الفرح، الحنين، التأمل، والرغبة في السلام.
وحين نُقبل على هذا الجمال بانفتاح القلب، لا نكون متذوّقين فحسب، بل نكون مشاركين في فعلٍ من أرقى أشكال التعايش، حيث نُصغي بعمق، ونتفاعل بإحساس، ونتعلّم، دون أن نشعر، كيف نكون أكثر رحابة، أكثر تسامحًا، وأكثر وعيًا بإنسانية الآخر.
وهكذا يصبح الفن ليس فقط أداة تعبير، بل وسيلة لترويض الذات، وتهذيب الرؤية، وتعليم القلب كيف يتسع للجميع، دون شروط، ودون حذر. هو المساحة التي نمارس فيها التسامح شعورًا حيًّا، لا مفهومًا نظريًا، ونعيشه كما نعيش الموسيقى أو الألوان أو الشعر… بتلقائية، وصدق، ودهشة.
ولعلّنا لا نجد وصفًا أبلغ لما يفعله الفن من قول الرسّام بابلو بيكاسو: “الفن يُزيل الغبار عن الروح.”
ذلك الغبار الذي يتراكم من الأحكام المسبقة، ومن توترات الحياة اليومية، ومن المسافات التي نضعها بيننا وبين الآخر. الفن لا يمنحنا متعة بصرية فحسب، بل يُطهّر أعماقنا من ثِقل الواقع، ويُعيد إلينا طهارة النظرة الأولى: تلك النظرة التي ترى الإنسان، لا صفته.
وحين نتأمل لوحة، أو نستمع إلى موسيقى تمسّ أرواحنا، نُصبح أكثر استعدادًا للقبول، أكثر قابلية للتفاهم، وأقرب إلى لحظة التسامح الحقيقية، التي لا تُملى علينا بل تنبع منا.
ويضيف الفيلسوف جاك مارتيان رؤيةً مكملة حين يقول: "الفن الحقيقي يُعبّر عن الكائن الإنساني في جوهره، ويكشف عن وحدة الإنسان رغم اختلاف مظاهره.” ليست هذه مجرّد عبارة فلسفية، بل رؤية تُلخّص دور الفن في كشف الجوهر الواحد الذي يسكن خلف التعدّد الظاهري. إن الفن يُزيل القشور، ويأخذنا إلى نقطة التقاء داخلية، حيث لا أسماء ولا أعراق ولا لغات، بل نبض مشترك يربطنا كبشر.
وكلما تعمّقنا في الفن، ازددنا فهمًا للآخر، لا من خلال ما يقوله، بل عبر ما يشعر به، وما يُخفيه أحيانًا خلف صمته.
إن مجلس محمد بن زايد، من خلال فسحه لهذا النوع من الحوار، يُثبت أن التسامح لا يُبنى بالخطاب وحده، بل يحتاج إلى الأدب، إلى الفن، إلى المساحات الوجدانية التي تُهذّب النفس وتُنعش العقل. فالتعايش لا يكون فقط بقبول وجود الآخر، بل بفهمه، والإحساس به، والانفتاح عليه بصدق.
وفي النهاية، الفن هو اليد التي تُمدّ حين تعجز الكلمات، وهو الصدى الذي يسمعه القلب حين يضيق صدر العالم. وعندما نمنح الفن مكانًا في خطاب التسامح، فإننا لا نُزيّنه، بل نُعمّقه. وعندها فقط، يصبح التسامح ليس مجاملة اجتماعية، بل أسلوب حياة، وثقافة راسخة، ومشروع إنساني دائم.