تعد حرب المدن من أصعب الحروب للمدرعات والدبابات، لأن المقاتلين في الطرف المقابل يستطيعون مباغتتها من مسافات قريبة، إضافة إلى الاختباء بين المباني السكنية واستغلال نقاط الضعف الأخرى للآليات.

ورصد تقرير بثته قناة الجزيرة أبرز نقاط قوة الدبابات وتأثيرها على مجريات المعارك ومدى اعتمادها على قوات المشاة وأسباب صعوبة حرب المدن على المدرعات.

وتعتبر الدبابات والمدرعات العمود الفقري للقوات البرية، فهي تجمع عناصر مختلفة، كما تؤمّن الكثافة النارية في المعركة والتدريع وقوة المدفعية، ولذلك تستخدمها الجيوش سلاحا هجوميا وفي الاقتحامات وعلى الجبهات.

لكن طاقم الدبابة له مدى رؤية محدد من الداخل، وزوايا عمياء تمنعه من تحديد الأهداف القريبة، لذا فهي تحتاج إلى قوات المشاة لحمايتها، وبالتالي تفقد قدرة المناورة عند الدخول إلى المدن، ويصبح احتمال اقتراب المهاجمين منها أكبر لقدرتهم على الاستفادة من الزوايا العمياء لها.

وحتى في حال تم تركيب كاميرات لفحص المكان حول الدبابة فإن وجود الكتل الإسمنتية يسمح للمهاجمين بالاختباء والاقتراب منها ومباغتتها.

ولوجود الأنفاق دور آخر في إخفاء المقاتلين، حيث يمكنهم الحركة مع صعوبة كشفهم من قبل القوات المقابلة، إذ من الممكن أن يظهر المهاجمون من تحت الأرض وليس من فوقها فقط، وحينها يسهل عليهم استهداف المدرعة، ويعطي المدى القريب في هذه الحالة أفضلية للمهاجمين.

لذا، تعتبر المدن من أصعب البيئات لعمل الدبابات، فهي تحتاج إلى الحماية من قوات المشاة التي بدورها تكون عرضة لرصد واستهداف المدافعين عن المدينة والمتخفين في الأبنية والأنفاق.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

صناعة المعجزات لا انتظارها

بقلم عمر العمر

لابد من الحلم بسلام دائم .فالأحلام الجميلة بذور الانجازات الكبيرة. لكنّ تحقيقَ حلمنا الوطني يتطلب مثل الحرب صبر اً. فلدى أطراف هذه الحرب الحمقى قناعةٌ بأ ن لا أحد منهما سيربح الحرب مثلما هي قناعته بأنه لن يخسرها مالم تطرأ معجزةٌ تبدل موازين القوى .فأياً كانت خسائرُ كلٍ منهما المتراكمة تحت الحرب فهي أقلُ كلفةً بكثيرٍ مما سيدفع أيٌ منهما مقابلَ فاتورة السلام . هكذا يطول صبرُنا على الحرب انتظارا للمعجزة. الطرفان أدركا عملياً أن إشعال الحرب لم يكلّف جهدا بينما اطفاؤها يتطلب جهوداً باهظة .هما لايعلمان أن مرحلة الانتقال من الحرب إلى السلم فصلٌ لايقل قسوةً وشراسةً من معارك الاقتتال .فالعديد من قضايا التسوية تتحول إلى محاور نزا عٍ شاقٍ وربما صراعٍ مسلْح. نحن كغيرنا لم نتعلم من التاريخ كما يود الفيلسوف الألماني هيغل (الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ).فليس ثمة درس أشدُّ تبيانا وألما ومعاناة أكثر من الحرب.لكنّا لا نحاول استيعاب الدرس.
*****

ربما حربنا الراهنة كارثية مدمرة لكنّا لسنا استثناءاً.فالتاريخُ الانسانيُ يبدو كأنه سردٌ لحكايا الحروب .أو ربما قصصُ الاحتراب هي كتاب التاريخ. تلك قضيةٌ شغلت عقول الفلاسفة ،المفكرين والأدباء أكثر مما هيمنت على روؤس الساسة والجنرالات. إلا أن هناك رأي يغلّب نشوب الحرب تحت ضغط انسداد سياسي يستعصي اختراقه عقليا. بفعل ذلك الانسداد يتوالد التعصّب فتتناسل الكراهية والضغائن فتشتعل الحروب. ربما انسداد حربنا شخصيٌّ أكثر مما هو وطني . مع ذلك فهي ككل الحروب في اتونها عذابات نساء وأطفال، مؤسسات ،حقول وبيوت مدمَّرة، كوارث ، فوضى ، جرائم متباينة و وحشية تشارف أو تماثل الجنون. فالحرب عنف يطارد (المجالات الاقتصادية والثقافية كما الاجتماعية) كما أوضح عالم الاجتماع الفرنسي بيير بوردو .
*****
نحن لسنا استثناءاً إذ يظل السلام حلمنا لأن لسلام خيار الانسان الأبدي بغض النظر عن جنسه، دينه أو مكانه على الأرض. لكن علينا استيعاب دروس التاريخ . فإذا كان السلام خياراً إنسانياً قبل كونه سياسياً فإنه مطلب وطني عاجل .نحن نتلقى دروسا يومية بأن الحرب فعل مدمر لمرتكزات الوطن مثلما هي مسرفة في القتل والابادة والتجويع. ألم نتسوعب بعد أن الحرب تزيد أعداد المهمشين (الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق)وتضاعف عذاباتهم ؟ ألم يدرك هؤلاء الجهلة المتكبرون قول ابن خلدون (الحرب جورٌعلى الأرض وخيراتها وغايتها فرض السيطرة وتوسيع النفوذ.)ألم تترجم حربنا القذرة بعد مقولة الفيلسوف البريطاني توماس هوبز (عنف الحرب مصادره التنافس والكبرياء).كل بنات وأبناء الشعب باتوا على قناعة بأ بواعث حربنا الكارثية شهوة السلطة والثروة.
*****
لابد لنا من الحلم بالسلام ليس لأنه فقط الخيار الإنساني بل لأنه كذلك مناخ التعايش، التسامح، المساواة والعدالة.هو فوق ذلك وقبله ضرورة حتمية للبناء، التنمية والتقدم.التاريخ يحدثنا عن استحالة إنجاز السلام إلا بهزيمة أسباب الصراع. كما يخبرنا التاريخ أن ( السلام المفروض بالقوة والقهر أشبه بالهدوء الذي يخيّم على القبور ) وفق رؤية الفيلسوف الألماني عمانويل كانط.ذلك انجاز يتحقق عندما نعترف بأن الحرب تبدأ في العقول .من ثم يجب حسمها هناك أولا.أزمتنا تكمن في عدم وجود عقول لدى مشعلي الحرب وأنصارها!هم أسرى غرائزهم البدائية المتوحشة.
*****
الداخل إلى مقر المنظمة الأممية في نيو يورك يلحظ في الردهة الأرضية جدارية زرقاء تنطوي على نساء يحتضن اطفالا قتلى يتوسلن لانهاء العذاب.تلك تحفة فنية ابدعها كانديو بورتيناري أحد أبرز الفنانين البرازيليين بتكليف من دولته بناء على طلب من الامين العام الاول للمنظمة الدولية النرويجي تريغفه لي.تلك الجدارية شاهدٌ على ويلات الحروب .لكنها شاهد كذلك على عجز المنظمة الأممية أزاء إطفاء الحروب دع عنك فرض السلام. فكما قال الفيلسوف الالماني (مجلس الأمن وحوش من ورق).لذلك فالرهان على الخارج لإنهاء حربنا النتنة رهان خاسر مثلما هو الزعم بتحميل قوىً خارجية أوزار حربنا الحمقى زعم أحمق.
*****
عندما تنهض الروح الوطنية الجماعية بغية تغليب المصالح العليا للشعب والوطن على التنافس ضيّق المنبت والأفق لا يمكن فقط إطفاء نار الحرب بل الإنتصار على الحَمَق ،العنف، الأذى والمعاناة .لكن يبدو نهوضنا نحن معجزة عصية التحقق . لكنها ليست مستحيلة إذ لم يعد إنسان العصر ينتظر معجزات لاصلاح أحواله .بل يناضل لتحويل الأحلام بما في ذلك مايبدو معجزة إلى واقع.ففي هذا العصر أمسى في خُسرمن يترقب المعجزات. فالانسان المناضل ليس من يكتب التاريخ .بل هو من يصنع التاريخ.هو من يصنع المعجزات.

aloomar@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • رئيس فولكسفاغن: السوق الأوروبية تتقلص وسط منافسة أصعب
  • رئيس فولكس فاغن: السوق الأوروبية تتقلص وسط منافسة أصعب
  • أخطر الحروب!
  • منها جدري القرود.. لماذا تطلق على الأمراض والأوبئة أسماء الحيوانات؟
  • خبير عسكري: جيش الاحتلال مستنزف ويفتقد القدرات لخوض حرب مع حزب الله
  • خبير عسكري: الاحتلال الإسرائيلي مستنزف ولا يستطع دخول حرب مع حزب الله
  • كنز فى مصر اسمه سيوة
  • الدبابات على الأسوار.. ما دلالات زيارة رئيس أركان جيش مصر لمعبر رفح؟
  • صناعة المعجزات لا انتظارها
  • شرطة ولاية الجزيرة تنظم الدورة الثانية لحرب المدن والتعامل مع المسيرات