خلافا لاتجاهات وممارسات حركة النهضة التونسية الإخوانية، يصر زعيمها راشد الغنوشي على وصف نفسه بـ"منظر الوسطية والاعتدال"، ليأتي حكم محكمة تونسية، الثلاثاء الماضي، ليدين الغنوشي بالسجن نحو ١٥ شهرا، وغرامة مالية قدرها ١٠٠٠ دينار، ومراقبة إدارية لمدة ٣ سنوات، وذلك في القضية التي تعود إلى فبراير ٢٠٢٢ عندما استخدم الغنوشي تعبير "الطواغيت" أثناء تأبينه لأحد قيادات حركة النهضة، في إشارة منه إلى جهات الأمن في البلاد.


ومن الملاحظ أن تعبير "الطواغيت" هو تعبير الجماعات الإرهابية والتكفيرية بامتياز، حيث دأبت عناصرها على وصف قوات الأمن والجيش بهذا الوصف الذي يحمل معاني تكفيرية وتحريضية ضد الجهات الأمنية، كما تحمل إهانات مباشرة، وباستخدامها يكون الغنوشي قد توحد في خطابه السياسي مع خطاب الجماعات المتطرفة والتكفيرية، لتسقط رسميا شعاراته البراقة عن الوسطية والاعتدال، إذ كيف يستبيح المفكر الوسطي أن يطلق على قوات أمن بلاده لفظ الطواغيت، وهي الكلمة الأبرز في أحاديث الجماعات الإرهابية، ومن المفارقات أن حركته دائمة التنصل ظاهريا من الانتماء للكيانات الإرهابية، بينما تواجه قيادات الحركة عدة تهم متعلقة بالإرهاب والفساد المالي والإداري.
وتكشف التحقيقات القضائية مع عناصر وقيادات الحركة في اتهامات خطيرة أبرزها قضية "التآمر"، عن الكثير من جرائم الحركة أمام الشعب التونسي، ما جعلها تسعى لكسب التعاطف الشعبي بتنظيم إضراب مزعوم عن الطعام، شكك فيه مسئولون تونسيون، وأيضا لتحويل الرأي العام عن الجرائم التي يحاكمون عنها إلى ترسيخ أنهم يواجهون تصفية سياسية.
وفي الوقت الذي تواجه فيه الحركة سقوطا لقيادتها في قبضة الأمن التونسي، خاصة وأن رئيس الحركة الغنوشي أصبح مدانا أمام القضاء ويواجه مع آخرين عدة تهم أخرى، كما تم إيقاف رئيس الحركة بالإنابة منذر الونيسي على خلفية التحقيقات معه في تسجيل صوتي منسوب له يفصح فيه عن اتهامات خطيرة، كما تم إلقاء القبض على رئيس مجلس شورى حركة النهضة، والوزير الأسبق عبدالكريم الهارونى فيما يتعلق بتجاوز قرارات الأمن بمنع الاجتماعات في المقرات الرئيسية للحركة. لذا تحاول الحركة إثبات نوع من الاستقرار أمام أنصارها بإعلان العجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي ونائب رئيس الحركة أمينا عاما جديدا لحزب حركة النهضة، وهو المنصب الشاغر أصلا منذ العام ٢٠١٩.
وتواجه قيادات وشخصيات مرتبطة بحركة النهضة تهمة التآمر على أمن الدولة، وتهمة التسفير إلى بؤر الإرهاب، ومنح جوازات سفر بطريقة غير قانونية، ومن الأسماء الموقوفة: راشد الغنوشي، منذر الونيسي، رياض بالطيب، سيد الفرجاني، أحمد المشرقي، علي العريض، نور الدين البحيري، عبد الكريم الهاروني، وجميعها قيادات من الصف الأول ووصلت إلى مناصب عليا في مؤسسات الدولة.
وفي بيان صادر عن حملة إخوانية تحمل اسم "لست وحدك" تطالب بالإفراج عن الغنوشي، علقت على حكم القضاء التونسي، أن الغنوشي وفريق دفاعه قد بينوا بشكل واضح خلال جلسات الاستماع التي تمت قبل اعتقاله أن هذه التهمة باطلة وتخلو من أي أركان قانونية لإثبات جريمة التكفير ضد راشد الغنوشي باستعمال مصطلح 'الطاغوت' وأن الكلمة تم إخراجها تعسفا من سياقها خلال تأبين المرحوم فرحات العبار. 
وفي محاولة للرد على اتهام الغنوشي بالتكفير خاصة بعد استخدامه لكلمة "الطواغيت"، أضاف البيان أن مسيرة راشد الغنوشي الطويلة سواء الفكرية أو السياسية والتي تمتد إلى عقود تثبت أنه كان من أهم الأصوات التي حاربت التكفير والتطرف سياسيا وفكريا عن طريق عشرات الكتابات والمحاضرات. وبذلك فإن بيان حملة الغنوشي يتجاهل بصورة تامة أثر كلمة الغنوشي وما تحمله من تحريض كما أنها تتجاهل علاقات الحركة بجميع التنظيمات الإرهابية خارج تونس، وما فعلته الحركة من تسهيل تسفير الشباب التونسي إلى مناطق الصراعات وبؤر الإرهاب في سوريا، وهي تهمة ينظرها القضاء التونسي منذ مدة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: راشد الغنوشي الوسطية والاعتدال راشد الغنوشی حرکة النهضة

إقرأ أيضاً:

حقوق الإنسان كيف لها أن تُسترد؟

تطرق مسامعنا كلمات رنانة تحمل شعارات مفخمة، تسعى بعض الدول والمؤسسات إلى توظيفها لتوصيل صورة لامعة، ولكننا كثيرًا ما نتفاجأ بأنها عكس ما توقعناه.

كمثال، منظمة حقوق الإنسان المعروفة بشهرتها العالمية، ها هي اليوم يتضح خزيها بعد العدوان الإسرائيلي الغاشم وانتهاكاته المستمرة لأرض فلسطين العربية المحتلة.

لم نرَ أي قرار صارم أو تحرك جاد يجدي نفعًا ضد هذا الإرهاب، بل كانت كلها مجرد شعارات جوفاء تُتداول في الاجتماعات الدولية، فمنذ سنوات طويلة، ونحن نسمع عن هذه الاجتماعات والحوارات، لتتضح حقيقتها أمامنا مع كل تدمير واعتداء جديد، مثلما حدث في غزة التي حل بها كل ما لكلمة منكوبة من معنى.

بات كرسي هذه المنظمة مجرد إطار للاستعراض السياسي وحفظ ماء الوجه الساقط من الأمم المتحدة.

حقوق الإنسان والمساواة بين البشر أصبحت شعارات لا أثر لها في الواقع، خصوصًا بعد ما شهدناه من تهجير وظلم وتعذيب للشعب الفلسطيني.

صرنا عاجزين أمام التناقضات المخزية الصادرة عن أعضاء تلك المنظمة التي لا ترى بعين واحدة بل بعينين اثنتين.

الدول الأوروبية الكبرى تبجل شعارات وقوانين، ومن بينها قانون «حقوق الإنسان»، لكنها أثبتت كذبها في مواقف متعددة.

فأين اتفاقية محاربة التعذيب التي أُقرت عام 1974 واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما حدث في سوريا؟ هل ساهمت هذه الاتفاقية في وقف التهجير، والظلم، أو القتل الذي تعرض له السوريون في أماكن مثل سجن صيدنايا؟ ألم تكن هذه المنظمة مسؤولة بشكل أو بآخر عن مراقبة ومنع تلك الانتهاكات؟

ما يحدث في الوقت الحالي يكشف تمييزًا صارخًا بين المستضعفين في الشرق والغرب. الأوضاع الكارثية التي يعيشها العالم العربي ليست سوى نتيجة لتنازلات طويلة الأمد، صمت عنها الجميع ليتمادى العدو في أخطائه. المنظمات الدولية لا تزال في سبات عميق أمام كل هذه الانتهاكات.

شهدنا جرائم الاحتلال الإسرائيلي من قتل وتدمير واغتصاب للأراضي، كما حدث عندما استحوذت إسرائيل على هضبة الجولان السورية، في ظل مؤامرات مكشوفة أمام العالم. ومع ذلك، لم نشهد أي رد فعل يرقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة، بل تبرر إسرائيل جرائمها بذريعة «السلام»، وهو في الواقع إرهاب مستتر.

لقد سئمنا من هذه المنظمات ومن خداعها. نحن لسنا بحاجة إلى مساومات أو رد اعتبار منها، فالقرارات التي تصدرها في معظم الأحيان خالية من أي فعالية. الإسلام وحده، إذا تم تطبيقه كما جاء في القرآن والسنة، كفيل بحماية حقوق الإنسان العربي بمختلف أطيافه وأديانه وأعراقه، لأنه لا يفرق بين البشر على أساس جنسياتهم.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يدين رواندا ويطالبها بسحب قواتها من الكونغو فورا
  • مجلس الأمن يدين رواندا ويطالبها بوقف دعم متمردي الكونغو
  • حقوق الإنسان كيف لها أن تُسترد؟
  • رئيس مجلس الشورى الإندونيسي يشيد بجهود الأزهر في تعزيز قيم الوسطية
  • سجن رئيس الاتحاد التونسي السابق 4 سنوات بتهم فساد وتدليس
  • في أزمة هيرموسو.. تغريم روبياليس 20 يورو يوميا لمدة 18 شهرا
  • القضاء التونسي يفرج عن المعارضة سهام بن سدرين  
  • القضاء التونسي يفرج عن الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين
  • إعادة الحركة المرورية لطبيعتها على الطريق الزراعي بالقليوبية
  • لزرق لـRue20: احترافية و يقظة أجهزة الأمن المغربي عززت الإستقرار الداخلي والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب