يتزايد منسوب العُنف في "الضفة الغربية" مُنذ مطلع العام الماضي في ظل عمليات مُتكررة وعنيفة لجيش الاحتلال وهجمات يُنفذها مُستوطنون إسرائيليون فضلا عن هجمات فلسطينية ضد قوات إسرائيلية ومُستوطنين، وقُتل أكثر من 120 فلسطينيًا في الضفة مُنذ اندلعت الحرب على غزة في السابع من أكتوبر.

ويقول أحد سكان قرية خربة زنوتا في الخليل واسمه ناصر، "بعد يوم 7 أكتوبر، بدأ المُستوطنون بمُهاجمة منازلنا وهم يرتدون الزي العسكري، وهددوا الناس بالمغادرة"، وتقوم العائلات الفلسطينية هناك بهدم منازلها بسبب قرار السُلطات الإسرائيلية بإخلاءها، بحجة أنها "بنيت بدون ترخيص".

"مُزعزع للاستقرار بشكل كبير"

وصفت الولايات المتحدة، العُنف من قبل مُستوطنين في الضفة الغربية في ظل الحرب بين حماس وإسرائيل بأنه "مُزعزع للاستقرار بشكل كبير" وحضت إسرائيل على ضبطهم.

وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحافيين إن عنف المستوطنين في الضفة الغربية "مُزعزع للاستقرار بشكل كبير ويأتي بنتائج عكسية على أمن إسرائيل على الأمد الطويل فضلاً عن كونه، بالطبع، مضر للغاية بالنسبة للفلسطينيين الذين يقطنون الضفة الغربية".

وتابع "بعثنا برسالة واضحة للغاية لهم مفادها بأن ذلك غير مقبول، يجب أن يتوقف وينبغي محاسبة المسؤولين عنه"، في إشارة إلى اتصالات الولايات المتحدة مع الجانب الإسرائيلي.

ردود فعل دولية وأممية "غاضبة" على قصف الاحتلال مخيم جباليا في غزة

تتوالى ردود الفعل "الغاضبة" على قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم جباليا في غزة، إذ أعرب أمين عام الأمم المتحدة عن "صدمته"، وقال منسق الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي إنه "فزع" لعدد الضحايا، وبرلين تُؤكد على حق "تل أبيب" في الدفاع عن نفسها وحماية المدنيين.

أدانت الأمم المتحدة، الغارات التي استهدفت مخيم جباليا في قطاع غزة وأوقعت عشرات القتلى من الفلسطينيين في هجوم قالت إسرائيل إنه استهدف قياديًا في حماس، وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة مارتن غريفيث في بيان: "هذه مجرد أحدث الفظائع التي لحقت بسكان غزة حيث دخل القتال مرحلة أكثر رعبًا، مع عواقب إنسانية مروعة بشكل متزايد"، موضحًا "يبدو العالم غير قادر وحتى مترددا في التحرك" لوضع حد لهذه الحرب.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربات الجوية التي شنها الثلاثاء على جباليا، أدت إلى مقتل القيادي في حماس إبراهيم البياري، الذي قال إنه لعب دورا محوريا في تخطيط وتنفيذ هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل، بالإضافة إلى عشرات آخرين من مسلحي حماس. وقال الجيش الإسرائيلي في تغريدة إن "القوات البرية قتلت نحو 50 إرهابيا".

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه لا يستطيع تحديد عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم في القصف الذي أستهدف في جباليا، وقال دانيال هاجاري المتحدث باسم الجيش اليوم للصحفيين إن حركة حماس، التي تسيطر على غزة، تختبئ عمدا خلف البنية التحتية المدنية هناك، "إنهم يريدون صورة الدمار هذه". وتحدث هاجاري عن معضلة بالنسبة للجيش، فمن ناحية، قال إن الجيش يعلم أن هذه المنطقة تضم مدنيين، ومن ناحية أخرى، يمثل نشاط حماس في مخيم اللاجئين تهديدا للجيش الإسرائيلي ويتعين أن يرد عليه.

برلين تُؤكد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعلى أهمية حماية المدنيين

وشدد المستشار الألماني أولاف شولتس في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على أهمية حماية المدنيين في قطاع غزة وضمان إيصال المساعدات الإنسانية لهم، وفق ما أعلنت برلين. وقال مكتب شولتس في بيان بعد المكالمة إنه "جدد التعبير عن تضامن ألمانيا الثابت مع إسرائيل". كما "شدد على أهمية حماية المدنيين والإمدادات الإنسانية لسكان قطاع غزة".

وأكدت الحكومة الألمانية على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفي الوقت نفسه على أهمية تناسب الإجراءات التي تتخذها إسرائيل في هذا الأمر. وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية الأربعاء: "في دفاع إسرائيل المشروع الذي يحق لها في إطار القانون الدولي، ضد منظمة حماس الإرهابية وضد هجماتها المستمرة، يجب إعطاء الأولوية أيضاً لحماية السكان المدنيين". وأضاف المتحدث أن "من الضروري أيضاً التصرف بالتناسب الضروري في القتال ضد حماس".

من جانبه، وصف المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت "بالطبع لا يزال التناسب ضروريا"، وقال إن الحكومة الألمانية أعربت خلال محادثاتها مع إسرائيل عن قناعتها بأن إسرائيل بوصفها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة "ستلتزم بداهة بكل الشروط التي يمليها القانون الدولي الإنساني". وأِشار المتحدث بأن حماس تواصل هجماتها وإنها لا تزال غير مستعدة لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، وأردف أن "المعتدين من جانب حماس يسيئون استغلال السكان المدنيين في غزة كدروع بشرية".

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "صدمته" من القصف الإسرائيلي لمخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة. وقال ستيفان دوجاريك "يشعر الأمين العام بالقلق من تصاعد العنف في غزة، بما في ذلك مقتل فلسطينيين، بمن فيهم نساء وأطفال، في القصف الإسرائيلي على مناطق مأهولة في مخيم جباليا للاجئين المكتظ".

وبدوره، قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء إنه "فزع" بسبب العدد الكبير من الضحايا جراء القصف الإسرائيلي لمخيم جباليا للاجئين في غزة، ودعا الأطراف المتحاربة إلى احترام القواعد الدولية للحرب. وأضاف في بيان على موقع إكس "بناء على الموقف الواضح لمجلس الاتحاد الأوروبي بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي وضمان حماية جميع المدنيين، أشعر بالفزع إزاء العدد الكبير من الضحايا في أعقاب القصف الإسرائيلي لمخيم جباليا للاجئين".

الاحتلال الإسرائيلي يُواصل قصفه العنيف على غزة وارتقاء عشرات الشهداء

واصلت "طائرات الاحتلال الإسرائيلي"، قصف مناطق مختلفة في قطاع غزة، مُخلفة عشرات الشهداء والجرحى، وذلك في اليوم الـ 28 من الحرب على القطاع، وبذلك ترتفع حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة إلى أكثر من 9061 شهيدًا منهم 3760 طفلًا و 2326 سيدة، وإصابة نحو 23 ألفًا بجراح مُختلفة مُنذ 7 أكتوبر الجاري.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الضفة حماس الحرب إسرائيل الضفة الغربية بوابة الوفد مخیم جبالیا للاجئین فی الدفاع عن نفسها القصف الإسرائیلی حمایة المدنیین الضفة الغربیة فی قطاع غزة على أهمیة على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤولة سابقة في الشاباك تتحدث عن اليوم التالي لمحمود عباس

نشر "معهد واشنطن" مقالا للمسؤولة السابقة في جهاز "الشاباك" نعومي نيومان، تحدثت فيه عن واقع الضفة الغربية في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

نيومان التي عملت سابقاً كرئيسة لوحدة الأبحاث في "الشاباك"، وفي وزارة الخارجية الإسرائيلية، قالت إنه إذا انهارت قيادة السلطة الفلسطينية تحت الضغوطات الإسرائيلية، فقد تكون النتيجة إعادة ضبط الأوضاع على نحو مزعزع للاستقرار في الساحة، وقيام فراغ ما بعد الحرب على غزة.

كما تحدثت نيومان عما أسمته "اليوم التالي لمحمود عباس" أيضا.

وتاليا نص المقال كاملا:
إذا انهارت قيادة السلطة الفلسطينية تحت وطأة الضغوط الإسرائيلية وتدهوَرَ الوضع في الضفة الغربية، فقد تكون النتيجة إعادة ضبط الأوضاع على نحو مزعزع للاستقرار في الساحة الفلسطينية وقيام فراغ ما بعد الحرب في غزة.

مع استمرار الحرب في غزة، يصبح الوضع في الضفة الغربية أكثر قابلية للاشتعال يوماً بعد يوم، ولم تتخذ إسرائيل ولا المجتمع الإقليمي والدولي الخطوات اللازمة لمنع المزيد من التدهور. ونتيجة لذلك، تتضاءل القيود التي منعت سكان الضفة الغربية من الانضمام إلى صراع "حماس" العنيف بشكل جماعي، في حين يخسر زعيم المنطقة، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وبسرعة الشرعية التي يحتاج إليها للحفاظ على الاستقرار. وهذه الاتجاهات مثيرة للقلق بشكل خاص لأنها يمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة داخل السلطة الفلسطينية، في وقت يتوقع فيه العديد من الجهات الفاعلة أن تملأ المنظمة الفراغ القيادي الذي سيحدث بعد الحرب في غزة. فكيف ينبغي على الولايات المتحدة وإسرائيل والأطراف الأخرى أن تستعد لاحتمال تزامن "اليوم التالي" في غزة مع عملية خلافة مضطربة في السلطة الفلسطينية؟ وما هي التحوّلات الفورية اللازمة في السياسات لضمان عدم انهيار السلطة الفلسطينية بالكامل؟

عباس والانزلاق الدراماتيكي للسلطة الفلسطينية
في ظاهرها، منحت الحرب في غزة لعباس كل ما كان يحلم به خلال "ولايته" التي استمرت قرابة عقدين من الزمن، أي: إحياء المشاركة الدولية والإقليمية مع القضية الفلسطينية؛ وتعزيز التدابير المناهضة لإسرائيل في المحاكم الدولية؛ وتجديد الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ وجعل السلطة الفلسطينية مرشحاً محتملاً لحكم غزة؛ وأكثر من ذلك. وللحظة، بدا وكأنه قد يصبح الفائز الأكبر في النزاع.

ولكن مع استمرار الحرب وصمود "حماس"، فقد يخسر عباس الكثير حالياً. فأجندة الساحة الفلسطينية، التي كان مسؤولاً عنها إلى حد كبير، تنهار أمام عينيه، بينما تتشكل أجندة جديدة لا تزال غير واضحة.

وسابقاً، كانت السلطة الفلسطينية مركز القوة في هذه الساحة، وليس "حماس"، لكن أصبح يُنظر إليها حالياً على أنها جهة فاعلة ضعيفة تواجه الانهيار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني. فجهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية، الذي كان ذات يوم القوة الأقوى والأكثر تنظيماً في الضفة الغربية، يتفكك ويواجه صعوبة في الحفاظ على موطئ قدم له في المنطقة. وقد كان الفلسطينيون في الضفة الغربية يتمتعون بحياة طبيعية نسبياً حتى وقت قريب، وكانت لديهم تحفظات بشأن أجندة "المقاومة". فهم لم ينظروا إلى "حماس" كبديل جذاب لـ"فتح"، ولكن حتى هذا التفضيل بدأ يتغير.

وإذا انتهت الحرب في المستقبل القريب، فمن شأن هذه التحوّلات أن تقوض سلطة عباس والسلطة الفلسطينية وتدفعه إلى مواصلة اتخاذ خطوات لمواجهة إسرائيل. ويصبح هذا السيناريو أكثر حتمية إذا تمكنت "حماس" من البقاء في غزة، وإذا رفضت إسرائيل التحدث مع السلطة الفلسطينية حول الأفق السياسي ومنعتها من تولي الشؤون المدنية في غزة. فلدى عباس العديد من سبل الاستفزاز المحتملة، التي تشمل التحركات الدبلوماسية في الخارج (مثل تعزيز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية) والإجراءات الداخلية (مثل المصالحة مع "حماس"، والدعوة إلى إجراء انتخابات، وزيادة إمكانية دمج المزيد من الفصائل الفلسطينية ضمن مؤسسات "منظمة التحرير الفلسطينية").

وفي سيناريو بديل، إذا لم تنتهِ الحرب قريباً، فسوف يستمر وضع السلطة الفلسطينية بالتدهور ما لم تتغير سياسة إسرائيل في الضفة الغربية أو يتبنَ المسؤولون الفلسطينيون إصلاحات كبيرة. وسيستمر هذا التدهور إلى أن تنهار السلطة الفلسطينية، اقتصادياً في البداية ثم اجتماعياً وأمنياً.


سيناريوهات الخلافة
في ضوء هذه الاتجاهات، يحتاج المسؤولون إلى النظر في ما قد تبدو عليه الضفة الغربية إذا صادف "اليوم التالي" لحرب غزة و"اليوم التالي" لعباس ضمن هامش زمني قريب من بعضهما البعض. ومن المرجح أن يكون لطريقة مغادرة عباس المسرح السياسي - من خلال العنف، أو الاتفاق، أو الوفاة الطبيعية - تأثير حاسم على كيفية تطور الأحداث.

يبدو أن لدى قادة حركة "فتح"، وهي أكبر فصيل في "منظمة التحرير الفلسطينية"، ثلاثة مرشحين ليحلوا محل عباس وهم: مسؤول "فتح" حسين الشيخ، وعضو اللجنة المركزية لـ"فتح" محمود العالول، والمسؤول الأمني جبريل الرجوب. وإذا غادر عباس المشهد، ستحاول الحركة على الأرجح جمع مؤسساتها و"منظمة التحرير الفلسطينية" الأوسع نطاقاً من أجل تعيين خلف أو خلفاء له بسرعة، ولن تفكر في إجراء انتخابات عامة إلا في وقت لاحق. وسيؤثر مدى استكمال الحركة لهذه العملية دون وقوع حوادث بشكل كبير على استقرار السلطة الفلسطينية والضفة الغربية.

ومن الممكن أن يختار المرشحون بأنفسهم خليفة واحد لكل مناصب عباس، علماً أنه سيتم استغلال أي نزاع فيما بينهم من قبل عناصر المعارضة، لا سيما "حماس"، من أجل إسقاط "فتح" وإحداث الفوضى في الضفة الغربية. ولكن من الممكن أيضاً ألا يتفق المرشحون على خليفة واحد وأن يعتمدوا واحداً أو أكثر من الحلول التالية:
تقسيم المناصب الثلاثة التي يشغلها عباس، أي رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس "فتح"، ورئيس "منظمة التحرير الفلسطينية"، بين خلفاء محتملين متعددين. وقد يؤدي ذلك إلى تنافس وصراع على السلطة من شأنه أن يؤثر في نهاية المطاف على استقرار الوضع الأمني. فمن يسيطر على حركة "فتح" سيسيطر على الأرجح على فصيل "التنظيم" المسلح التابع لها، ومن يسيطر على السلطة الفلسطينية فسوف يسيطر ظاهرياً على أجهزتها الأمنية. وإذا حدث ذلك، قد تتراجع قدرة الأجهزة الأمنية على كبح جماح "التنظيم" من قدرتها الحالية.

تقسيم السلطة الفلسطينية وظيفياً إلى مستويين: المستوى السياسي الأعلى، الذي سيشمل الرئاسة ولكن بصلاحيات محدودة، والمستوى الأدنى، الأكثر عملية، والذي سيشمل رئيس الوزراء ومجلس الوزراء وسيمارس معظم السلطات الأمنية والاقتصادية. وكان هذا النموذج قائماً في السلطة الفلسطينية عندما شغل عباس منصب رئيس الوزراء ومحمد دحلان وزيراً للداخلية في عهد الرئيس ياسر عرفات (2003-2004)، وخلال ولاية سلام فياض كرئيس للوزراء في عهد الرئيس عباس (2007-2013).

تقسيم الضفة الغربية بين مختلف المرشحين بما من شأنه أن يخلق كانتونات، مما يجبر إسرائيل على التعامل مع كيانات متعددة.

وحتى لو كانت العملية الانتقالية سلسة نسبياً، فمن المرجح أن يؤدي رحيل عباس إلى عملية طويلة مليئة بالصراعات، مما سيجعل من الضروري إعادة صياغة الأهداف الوطنية. والواقع أن من سيتم تعيينه خلفاً له سيفتقر للشرعية وسيتعين عليه إقناع الجمهور بأنه لا يواصل اتباع طريق عباس "الفاشل". وسيتعيّن عليه أيضاً أن يستجيب لرغبة الجمهور في المصالحة مع "حماس" ويثبت أن سلطته لا تعتمد على الحراب الإسرائيلية.

ومن المرجح أيضاً أن يضطر جميع الخلفاء المحتملين إلى التعامل مع مطلب الجمهور بتعيين مروان البرغوثي، عضو «اللجنة المركزية لحركة "فتح"» المسجون في إسرائيل، في منصب رفيع. فالجهود الحالية لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل السجناء الفلسطينيين تثير آمال الفلسطينيين بشأن حصول هذا السيناريو. وقد يقرر خلفاء عباس أن يحصل البرغوثي على تعيين رمزي بينما يتولون هم فعلياً إدارة الضفة الغربية. وفي كلتا الحالتين، من شأن ذلك أن يخلق صعوبات لإسرائيل، لا سيما إذا لم يتم إطلاق سراح البرغوثي ضمن صفقة ويصبح قضية دولية مشهورة.

ولعل السؤال الأكثر أهمية هو كيف سيكون رد فعل الفلسطينيين في الضفة الغربية عند وفاة عباس أو تنحيه؟ فمنذ انتهاء الانتفاضة الثانية، لم ينخرطوا في احتجاجات شعبية واسعة النطاق أو في الإرهاب لعدة أسباب، منها الخوف من الثمن الذي قد يدفعونه، والافتقار إلى قيادة بديلة، وتراجع إحساسهم بالجماعية.

ولسنوات، دعم فلسطينيو الضفة الغربية عباس بشكل غير نشط على الرغم من الاستياء المتزايد منه ومن السلطة الفلسطينية و"فتح" على نطاق أوسع. ومع ذلك، يبدو أن الحرب في غزة وزعزعة الاستقرار في الضفة الغربية على مدى العام الماضي قد ضخت طاقة جديدة في وسط الجماعة الوطنية الفلسطينية، وهو ما قد يترجم برغبة في التأثير على اختيار خليفة عباس وأجندته. ونتيجة لذلك، قد يُقابل انتقال السلطة باحتجاجات واسعة النطاق أو حتى بالعنف والفوضى. فقد بلغ العنف الفلسطيني في الضفة الغربية أساساً أعلى مستوياته منذ عام 2002، حيث تم تسجيل 291 حادثاً إرهابياً منذ تشرين الأول/أكتوبر.

من الصعب التوصية بسياسة إسرائيلية شاملة من دون تعريف متفق عليه للإطار السياسي المنشود. فهذا التعريف مطلوب، أو على الأقل يجب الاتفاق على أن الفلسطينيين وإسرائيل بحاجة إلى كيان فلسطيني موحد موثوق يتمتع بالشرعية في الداخل والخارج. ويجب أن يكون هذا الكيان أيضاً على استعداد للتعاون مع إسرائيل بشأن أمن الضفة الغربية وضمان الاستقرار للمدنيين، حتى لو استمرت بعض الاحتكاكات في العلاقة.

يجب على إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية أن تعمل على إضعاف "حماس" بشكل دائم، وفي الوقت نفسه، تعزيز السلطة الفلسطينية من خلال تدابير مختلفة، ودفعها إلى تنفيذ إصلاحات فورية لكي تتمكن من إعادة التموضع كزعيم شرعي في الضفة الغربية، ولاحقاً في غزة. فرئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد مصطفى ليس قادراً على تنفيذ الإصلاحات اللازمة، وليس مخولاً للقيام بذلك، والخطوات التي اتخذها في هذا الاتجاه ليست إلا شكلية.

وإذا تم تنفيذ إصلاحات كبيرة، فمن الضروري أن تدرك إسرائيل أن ذلك قد يؤدي إلى تحديات مستقبلية. فكلما كان الكيان الفلسطيني أكثر قوة، كلما زادت رغبته في دعم القضايا الوطنية والسياسية، وليس فقط قضايا الرفاه والأمن.

وفي هذا السياق، فإن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش "لمعاقبة" السلطة الفلسطينية على محاولاتها الحصول على الاعتراف الدولي تتعارض مع المصالح الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه الإجراءات في النهاية إلى انهيار السلطة الفلسطينية، مما يخلق حالة من الفوضى في الضفة الغربية ويمهد الطريق لاستيلاء "حماس"، بدعم إيراني، في إطار جهد يبذله "محور المقاومة" لإنشاء "حزام من النار" في محيط إسرائيل. وقد صرح سموتريتش مؤخراً بأنه سيرفع أحد الإجراءات العقابية الرئيسية من خلال إلغاء تجميد عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية. ومع ذلك، فإن الخطوات التي اتخذها أساساً تترك بصمتها على أرض الواقع، حيث يتعرض الاستقرار الاقتصادي باستمرار لخطر الانهيار.

وأخيراً، يتعين على الولايات المتحدة والدول العربية إقناع عباس بالاستعداد لـ "اليوم التالي" من خلال إنشاء آلية للانتقال المنظم للسلطة، من بين خطوات أخرى. وهذا من شأنه أن يساعد أيضاً في منع "حماس" من السيطرة على الضفة الغربية. فبدون مثل هذه التدابير، قد تؤدي الاتجاهات الحالية بسرعة إلى إعادة ضبط جذرية في السلطة الفلسطينية والساحة الفلسطينية الأوسع نطاقاً، ولن تكون بالضرورة إيجابية.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

مقالات مشابهة

  • مسؤولة سابقة في الشاباك تتحدث عن اليوم التالي لمحمود عباس
  • حماس تنتظر الرد الإسرائيلي على اقتراح وقف إطلاق النار
  • وزير العمل الصومالي ومسؤول أممي يبحثان سبل تعزيز التعاون
  • اليمين المتطرف الإسرائيلي يستغل حكومة نتنياهو لشرعنة أكبر عدد من البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية
  • صعود إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية
  • “كلاب وتعذيب”.. تفاصيل مروّعة لمعتقلين داخل سجون إسرائيل
  • «بوليتيكو»: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي فى الضفة الغربية يزيد من حدة التوتر
  • تنامي الآمال في وقف إطلاق النار مع استئناف المفاوضات .. وحماس ترفض أي تصريحات تدعم دخول قوات أجنبية إلى غزة
  • سقوط عدد من الشهداء في عملية لجيش الأحتلال بجنين وجباليا تنامي الآمال في وقف إطلاق النار مع استئناف المفاوضات .. وحماس ترفض أي تصريحات تدعم دخول قوات أجنبية إلى غزة
  • مقتل سبعة فلسطينيين في عملية عسكرية إسرائيلية في جنين