رغم أن قلوبهن تفيض بالحنان، إلا أنها صلبة تقاوم الانكسار.. سنوات من الظلم والقهر كانت كافية لتشكيل ملامحن البائسة.. توارثن «باسبور لاجئ» من آبائهن ليقضين رحلة الشقاء من بلد إلى بلد.. حلم «الوطن» راودهن منذ نعومة أظافرهن ليكون دافعاً فى غرس «مشروع شهيد» داخل وجدان أبنائهن جيلاً بعد جيل.

هذا هو حال الفلسطينيات المقيمات بعيداً عن وطنهن فى وقت الأزمة، آلاف منهن أجبرتهن الأهوال التى حدثت فى فلسطين طوال الأعوام الماضية على الخروج منها والعيش فى مكان آخر، كثير منهن وجدن فى مصر المأوى والملاذ لاستئناف الحياة مرة أخرى، مع هؤلاء عايشنا لحظات الألم والدموع على الأهل والأصدقاء الذين ما زالوا يعيشون فى فلسطين، استمعنا لحكايات «توجع القلب» لأبناء وأمهات يعيشن فى الخارج، بينما عائلاتهم تصارع الموت داخل فلسطين.

«شال كاروه أسود» بمثابة وسام على صدروهن.. شرف لا يضاهيه شرف.. قوة إيمانهن بقضية التحرير من جيش الاحتلال كانت سبباً فى تقديم ملايين من فلذات الأكباهن شهداء ثمناً لتحقيق الحلم.. أطفالهن لا يختلفون كثيراً عنهن، لا تستهويهم الألعاب ذات الألوان المبهجة، فلعبتهم المفضلة هى «لعبة الشهيد» حيث يحمل بعضهم بعضاً على «ترولى» ويترجلون الشوارع مرددين الشهادة.

مع شروق شمس اليوم السابع من أكتوبر الماضى.. عشرات من الأمهات الفلسطينيات اللاتى يقمن فى بالقاهرة استيقظن على خبر كان بمثابة رد كرامة حسبما وصفن لنا خلال لقائنا معهم.

تداولت الفلسطينيات على صفحات «فيسبوك» صور إهانة عناصر جيش الاحتلال على يد المقاومة الفلسطينية.. فرحة شعرن فيها بروح النصر العربى الذى كسر هيبة إسرائيل أمام العالم.. قلوبهن كادت تتوقف بين لذة الفرح وهن يشاهدن قيادات إسرائيلية بين أيدى عناصر فلسطينية، والقلق مما هو آت عليهن وعلى أسرهن.

ما إن مرت الساعات على روح النصر داخل قلوبهن وحلم بناء الوطن الفلسطينى حتى تحول الأمر إلى «كابوس مفزع» لضربات نارية براً وبحراً وجواً لأسرهن فى غزة، ليعشن أجساداً فى القاهرة بينما أرواحهن معلقة بغزة ومن فيها.

محرر «الوفد» عايش آلامهن وانفطار قلوبهن على ذويهن خاصة فى وقت انقطاع الاتصالات، ورصد ساعات من الألم والآهات والدموع خلال هذه السطور.

«فدوى»: فرحة العودة للوطن انتهت بكابوس

 

كانت أولى لقاءاتنا بالسيدات الفلسطينيات مع فدوى عبدالهادى على، مسئولة لجنة العلاقات الداخلية فى اتحاد المرأة الفلسطينية فى القاهرة، التى سردت كواليس «الأيام السوداء» حسب وصفها، وهى الأيام التى انقطع فيها الإنترنت والاتصال عن غزة.

«فدوى» متزوجة ومقيمة فى القاهرة لديها ابنان هما مروان ومازن، جاءت منذ 15 عاماً وخلالها لم ترى أسرتها سوى مرات معدودة كان آخرها شقيقها فى أكتوبر من العام الماضى، وقالت إن عائلتها تقيم فى منطقة الرملة داخل غزة، وعلى مدار سنوات وجودها فى القاهرة كانت زيارات أقاربها متواصلة حتى عام 2006 حينما انقطعت الزيارات بعض الشىء.

فى يوم السابع من أكتوبر الماضى استيقظت «فدوى» على أنباء هجوم المقاومة الفلسطينية على جيش الاحتلال ليكون نصراً انتظرته كثيراً مثل المئات من الأمهات الفلسطينيات وقالت: «وأنا بشوف الصور روادتنى أحلام العودة للوطن والعيش وسط عائلتى».

«كان حلم... فى وقت الفرحة كنا مرعوبين من رد فعلهم الوحشى».. تستكمل السيدة فدوى حديثها قائلة: إن المقاومة اذا استكملت مساعيها فى تحرير الأرض الفلسطينية ولو ليلة واحدة كنا قضينا على جيش الاحتلال لكن سرعان ما تبدلت أحلامنا ببناء الوطن إلى كابوس.

مع إطلاق أول صاروخ على غزة كان قلبها يدق بصوت يفوق صوت القصف خوفاً على أفراد عائلتها المقيمين فى «انسراط» فأسرعت للتواصل معهم هاتفياً فلم تستطع.. ازداد الخوف أكثر وحاولت التواصل معهم عبر الماسنجر وظلت منتظرة الرد ساعات طويلة.

«كنت بموت مع كل ثانية بتعدى عليا فى انتظار ردهم». . قالتها «فدوى» وهى تحاول أن تتذكر سيناريو الأسبوع الأول من حرب جيش الاحتلال وقوات المقاومة الفلسطينية.

وأخيراً وجدت السيدة فدوى أيقونة الماسنجر الخاصة بوالدتها نشطة لترتد إليها الحياة من جديد.. وكاد قلبها يتوقف عندما رأت عبارة «يكتب الآن،...» على ماسنجر والدتها، وقالت: «مليون سؤال جه فى بالى.. يا ترى الرسالة دى علشان تطمنى ولا علشان تقولى ان اسرتى ماتت».

ماما 75 سنة كانت قد غرست فينا روح المقاومة منذ نعومة أظافرنا.. فهى مثل الكثير من الأمهات الفلسطينيات اللاتى يربين أبناءهن على أنهم مشروع شهيد، مؤكدة: «نحن لا نهاب الموت لكن ما يؤلمنى بعدى عن أهلى، فلم أعلم عنهم شيئاً ولو كنت موجودة معهم فسأكون افضل حتى لو استشهدت معهم».

كغيرها من الفلسطينيات تحرص فدوى على التواصل مع غيرها من السيدات الفلسطينيات المقيمات فى مصر، للاطمئنان على أحوال ذويهم فى فلسطين، حتى قالت لها إحدى صديقاتها إن عائلتها بأكملها تم قصفها ولم يتبق منهم أحداً.

لم تتمالك فدوى نفسها ودخلت فى نوبة بكاء شديد وقالت بصوت حزين: «فى الوقت ده تخيلت إن عائلتى أنا هى اللى ماتت واترعبت أكتر وأكتر وبقيت بتواصل مع والدتى كل شوية».

تستكمل فدوى حديثها قائلة: إن منزل عائلتها ملىء بالنازحين فمنزل كل فلسطينى يضم ما لا يقل عن عشرة أسر جميعهم هربوا من نار جيش الاحتلال إلى مكان آمن بعض الشىء، وتابعت: «انا من يوم 7 اكتوبر بصحى على كوابيس ده لو عرفت اغفل ساعة أصلاً، ومن ساعتها بخاف أنام اشوف كابوس وانا صاحية بموت مع كل دقيقة مش بطمن فيها على أسرتى».

منال العبادلة: وصيتى «لا تورثوا أبناءكم المخيمات»

 

منال العبادلة، نائبة رئيس اتحاد المرأة الفلسطينية، واحدة من الأمهات اللاتى فتحن قلوبهن لمحرر «الوفد» وسردن بعض الحكايات التى تنفطر لها القلوب حزناً.

بدأت السيدة الفلسطينية حديثها وقالت إنها من مواليد السعودية وتزوجت من فلسطينى، وجاءت إلى مصر عام 1967، ومنذ ذلك الحين لم ترَ فلسطين قط، وظلت تعيش على حلم العودة للوطن وبنائه.

تصمت منال قليلاً وتتذكر مشاهد الدم والألم على شاشة التليفزيون لمجازر جيش الاحتلال ضد أهل فلسطين خاصة النساء والأطفال وهدم المدارس والمستشفيات وقالت: «ابنى قال لى جملة صعبة أوى خلانى بكيت الليل كله حينما قال «يا ماما ليه إحنا مش زى بقية الأطفال نعيش حياة طبيعية؟»، ترد عليه الأم قائلة: «نفس السؤال ده سألته لبابا زمان وماما يابنى نعمل إيه نصيبنا أننا نحلم بوطن طول عمرنا».

لم تتمالك الأم نفسها وتنهمر من البكاء وقالت بنبرة حزينة إن ابنتها جاءتها ذات يوم باكية، وقالت لها: «ماما زمايلى فى المدرسة على طول بيقولوا سمعنا جدتنا سمعنا خالتنا وخالنا.. فين عائلتنا عمرى ما سمعت أن لى خالاً أو عمة أو قريباً».

كلمات قالتها الطفلة لوالدتها كانت كالسهام اخترقت قلبها، وظلت الأم تبكى ليلاً حتى الصباح، وتقول: «متى يكون لنا وطن؟».

مع يوم السابع من أكتوبر الماضى ومع تداول ما فعلته المقاومة الفلسطينية تجاه جيش الاحتلال شعرت الأم بنصرة كبيرة واقتراب حلم العودة وأسرعت لأبنائها وقالت: «خلاص هنرجع لوطننا قريب أوى».

لم تمر الساعات القليلة حتى تبدلت الأحلام وهى ترى هولوكوست للفلسطينيين واعمال ابادة جماعية وقالت: «ملحقتش افرح بالنصر.. وأطفالنا سلبت منهم طفولتهم حتى اذا أرادوا اللهو يجسدون بأنفسهم أدوار الشهداء ويرددون الله اكبر».

لما تحل الأعياد فى مصر وأرى الأطفال يقبلون على شراء الألعاب من سيارات وغيرها ذات ألوان مبهجة يراودنى سؤال يحزننى كثيراً: «متى أرى الطفل الفلسطينى مثل هؤلاء الأطفال؟».

ووجهت منال رسالة لأبناء فلسطين وشبابها قائلة: «أهالينا ورثونا المخيمات.. وورثونا وثيقة لاجئ.. بلاش إنتوا كمان تورثوها لعيالكم قاوموا لبناء الوطن».، وأشارت إلى أن إجمالى الشهداء فى عائلتها وعائلة زوجها حتى الآن منذ بداية القصف وصل إلى 1000 شهيد.

«آمال»: إحنا مش عايزين دموع العالم.. كلنا مشروع شهيد

 

إحنا مش عايزين دموع ولا عايزين نصعب على حد.. بهذه الكلمات استهلت الفلسطينية آمال الأغا حديثها وهى تشعر بشموخ واعتزاز بما فعلته قوات المقاومة الفلسطينية تجاه جيش الاحتلال وكسر الحواجز العسكرية، وتدمير أجهزة اتصالاتهم وسحلهم أمام العالم، كانت فرحة كبيرة لها بكسر هيبة جيش الاحتلال المسلح بأخطر الأسلحة التى تمده بها الولايات المتحدة الأمريكية.

وأكدت آمال أن ما يحدث تجاه فلسطين مؤامرة أيضاً على مصر، مشيرة إلى أنها حريصة على متابعة تصريحات جميع قيادات جيش الاحتلال أولاً فأولاً وسمعت بعض المقترحات الخاصة بإزالة غزة من على الخريطة.

آمال الأغا التى جاءت لمصر منذ عام 1965 لم تجد أماناً مثلما وجدته فى المحروسة وقالت: «مع أول دقيقة وصلت فيها لمصر حسيت انى وسط أهالى وناسى».

تشير الأم الفلسطينية التى رفضت مفردات الانكسار إلى أنها مثل الكثير من الأمهات الفلسطينيات الموجودات فى عين شمس وحلوان ومصر الجديدة وإمبابة يرفضن الظهور فى انكسار خاصة أنها تعلم جيداً منذ نعومة أظافرها أنها مشروع شهيدة ونشأت على ذلك.

عملتى إيه مع أسرتك علشان تقويهم فى يوم 7 أكتوبر وهم شايف الصواريخ بتنزل على أهلهم فى خان يونس؟، ترد المرأة الفلسطينية قائلة: «هو انت فاكر ان أسرتى كانت خايفة؟ وأجابت: لا طبعاً، هما عارفين ان ده رد فعل طبيعى لإسرائيل، وكلنا متوقعين أن أهلنا وأقاربنا ممكن يموتوا فى لحظة، كلنا عايشين وعارفين هذه الحقيقة».

تستكمل الأم الفلسطينية حديثها قائلة: إنها لا تعنى بما سبق أنها ليست بشراً تشعر بالآلام وبما يحدث حولها لكنها تعنى أنها قوية داخلياً هى وأسرتها، بل أن أسرتها وأسرة زوجها المقيمين فى غزة يمدونهم بالقوة قائلة: «كل ما نسألهم على الماسنجر عاملين ايه.. يقولوا لنا كله تمام وإحنا عايشين» وأضافت: «إحنا بنستمد قوتنا منهم»

سونيا عباس: عائلة العروسة ماتت تحت الأنقاض.. والفرح تحول إلى مأتم

 

روايات أخرى سردتها السيدة الفلسطينية سونيا عباس عن أحوال الأمهات فى فلسطين قائلة: إن آلاف الأمهات الفلسطينيات المقيمات فى غزة يعجزن عن إشباع أطفالهن الرضع بعدما جفت صدورهن بسبب الجوع والعطش.

وتسرد سونيا قصة أحد أقاربها وهو نجل ابنة خالتها وكان فرحه الشهر المقبل، إلا أن قذيفة أصابت بيت عائلة العروسة فمات الجميع وظل العريس يبكى، وقالت: «فرحة النصر اللى عشناها فى أول ساعات مع يوم 7 أكتوبر الماضى تحولت لانكسار بسبب الإبادة الجماعية التى يتعرض لها الفلسطينيون».

سونيا مقيمة فى مصر مع زوجها المصرى منذ عام 2015 ولم تزر فلسطين إلا مرة واحدة لظروف الحياة، وقالت إنها تشعر بحنين شديد للوطن الذى كان يرادوها كثيراً فى أحلامها، وبعد مشاهدة صور ضرب المقاومة الفلسطينية لجيش الاحتلال تجددت هذه الآمال، وشعرت باقتراب حلم العودة لوطنها ولكن جاءت الآمال مخيبة.

«مش متخيلة نفسى لما ببقى فى بيتى وبشوف المية نازلة من الحنفية بقول لنفسى معقول احنا عندنا كل ده وأهلنا فى غزة لا يجدون قطرة ماء تبل ريقهم ولا كسرة خبز تسد جوعهم؟».

تستكمل الأم الفلسطينية حديثها قائلة: لا أشعر بطعم الطعام والشراب هنا بسبب المأساة التى تعيشها الأمهات الفلسطينيات هناك وحديثهن عن العطش والجوع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فلسطينيات الاحباب توجع القلب الوطن مشروع شهيد الفلسطينيات فيسبوك لعبة الشهيد فلسطين المقاومة الفلسطینیة جیش الاحتلال حدیثها قائلة فى القاهرة فى فلسطین فى غزة فى مصر

إقرأ أيضاً:

كيف عمل الاحتلال على تهويد ومحو المساجد التاريخية في فلسطين؟

يعمل كيان الاحتلال الإسرائيلي على طمس التاريخ الفلسطيني الإسلامي منذ أحداث النكبة عام 1948، عبر العديد من الطرق والأساليب، وأبرزها هدم أو تهويد المساجد البارزة والتاريخية.

وطوال العقود الماضية عمل الاحتلال على تحويل المساجد التاريخية القليلة الناجية من النكبة إلى كُنس ومساكن ومستودعات، ومقاهي، حتى أن بعضها جرى تحويله إلى حانات وحظائر للحيوانات.

وجرى تحويل مسجد "يازور" بقبابه التي تظهر على الطريق الواصل بين تل أبيب يافا والقدس، في الوقت الحالي إلى كنيس يسمى “شعاري تسيون”، وما زال المبنى يحمل الطابع المعماري المملوكي، بينما تحول مسجد قرية سلمة الكبير والمسوّر في يافا خلال منتصف سنوات الثمانينات إلى نادٍ للشباب، ثم تم إغلاقه وهجره حتى الوقت الحالي، كما أنه جرى تدمير معظم المساجد في قطاع غزة، بما في ذلك الأثرية.

احتلال المساجد
أنشأ ظاهر العمر، وهو أحد الحكام في فلسطين في فترة الحكم العثماني، مسجدين في طبريا منذ أكثر 300 عام، وهما المسجد الزيداني والمسجد البحري.


وبعد أحداث النكبة عملت بلدية طبريا على تحويل المسجد البحري إلى متحف، ثم عملت لجنة المتابعة للجماهير العربية في الداخل على القضية، وحصلت على تسوية تتحوّل المساجد بموجبها إلى أماكن سياحية تمنع الصلاة فيها، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير سابق.

المسجد البحري في #طبريا المحتلة
بُني على ضفة البحيرة ومنها أخذ اسمه - الفترة العثمانية

مهجور وترميمه ممنوع، أرادت بلدية طبريا الإسرائيلية تحويله لمتحف وتصدى فلسطينيو الداخل عام 2019 لمخططها وأوقفوا بلدوزراتها عن الحفر في ساحة المسجد
أحرقه مستوطن حاقد مخمور عام2000#مساجد_فلسطين pic.twitter.com/CKMsbdBpjS — Alyateema (@AlaqsaLion) July 13, 2020
وفي ذات الفترة جرى تحويل مسجد السوق في مدنية صفد إلى معرض فنون يقدم اللوحات والمنحوتات، بينما أصبح مسجد الخالصة في مستوطنة "كريات شمونة" حاليا متحفًا، ومسجد الحمة في الجولان تحول إلى حانة وملهى ليلي.

مسجد السوق (اليونسي) في حي السوق بمدينة #صفد المحتلة شمال #فلسطين
يعود تاريخ بناء المسجد للفترة العثمانية
بعد احتلال المدينة في #النكبة 1948 حول الصهاينة المسجد إلى متحف للتراث اليهودي

الصور من ????https://t.co/vVj4476nBp#مساجد_فلسطين pic.twitter.com/3F71cGJ04S — Alyateema (@AlaqsaLion) July 14, 2020
وجرى تحويل المسجد الكبير في بئر السبع تحول إلى متحف، ومن ثم تم إهماله وهجره حاليًا، بينما أصبح مسجد قرية العباسية كنيسا يهوديا  في مستوطنة يهودية، والمسجد في عين حوض تحوّل إلى مطعم.

للمهتمين حفلة الغناء صارت بساحة المسجد الكبير في بئر السبع
والصhاينة غنوا ورقصوا وشربوا ودنسوا المكان ويمكن الحين روحوا pic.twitter.com/PawN310oHw — محمد الحناجرة ???? (@hanjori11) June 27, 2022
وجرى تحويل مسجد العفولة، ومسجد أبوهريرة في يبنا ضمن قضاء الرملة، إضافة إلى مسجد حارة الجورة في صفد وتحوله إلى كُنس يهودية، بينما جرة هدم مسجد صرفند ضمن قضاء حيفا 2000، وتحول مسجد اللجون ضمن قضاء جنين إلى ورشة نجارة ومن ثم تم إغلاقه.

وتم إغلاق مساجد الصغير في حيفا، وسراقة غرب قليلية، ومسجد زكريا ضمن قضاء الخليل، بينما أصبح مسجد عين كارم في القدس مهملًا ويستعمله المجرمون كملتقى، أما المسجد الجديد في قيساريا فتم تحويله إلى مطعم، والمسجد الأحمر في صفد تحوّل إلى نادٍ للفنانين، ومسجد عين الزيتون في صفد صار حظيرة للأبقار، بحسب ما أكد موقع "ذاكرات".

في 15 آذار/ مارس 2009، قدم الشيخ عبد الله نمر درويش، والشيخ إبراهيم صرصور، وأعضاء عرب في الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى وجمعية الأقصى والمركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في "إسرائيل" (عدالة) التماسًا إلى المحكمة العليا لإعلان سلسلة من المساجد في أماكن مختلفة كأماكن مقدسة للإسلام.

وتقد هذه المساجد في القرى العربية المحتلة عام 1948، وهي التي وتم إهمالها وتدنيسها وتحويلها إلى نوادٍ ليلة وحانات ومحلات تجارية، رغم ذلك رفضت المحكمة الالتماس وعملوا على احتلال هذه المساجد، بحسب ما ذكر موقع "نيوز 1" الإسرائيلي.

وخلال أحداث النكبة، تم تدمير ما يزيد عن 400 قرية عربية، وتحولت العديد من المدن من أغلبية عربية إلى أغلبية يهودية، كما تم تدمير عدد غير معلوم حتى الآن من المقابر والمقامات والمساجد.

وورد في تقرير من جمعية الأقصى للحفاظ على المقدسات أنه في عام 1948 هُدم 1200 مسجد ومقبرة للمسلمين في داخل الخط الأخضر (يفصل بين الأراضي المحتلة عام 1948 والمحتلة عام 1967)، بشكل مباشر على يد “إسرائيل" أو بسبب منع ترميمها.

قطاع غزة
وخلال تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة في عام 2014، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، إنه جرى تدمير 60 مسجدا بشكل كلي، إضافة إلى تضرر 150 مسجدا بشكل جزئي.

وكشفت الوزارة أن 11 مسجدا من المساجد المدمرة في شمال قطاع غزة، و20 في مدينة غزة، و10 بالمحافظة الوسطى، و17 في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، و2 في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

وقصفت "إسرائيل" في ذلك الوقت 11 مقبرة، و3 لجان زكاة، وقصفت مدرسة شرعية للبنين.
وشنّت "إسرائيل" حربًا عسكريةً واسعةً على قطاع غزة، في 7 تموز/ يوليو 2014، بدعوى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من غزة، باتجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية.


وتسببت هذه الحرب في استشهاد 1894 فلسطينيًا، فيما أصيب 9817 آخرون، فضلا عن تدمير وتضرر 38080 منزلا سكنيًا ومقرات حكومية ومواقع عسكرية في غزة، حسب أرقام رسمية فلسطينية.

ووفقًا لبيانات رسمية إسرائيلية، قُتل 64 عسكريًا و3 مدنيين إسرائيليين، وأصيب حوالي 1008، بينهم 651 عسكرياً و357 مدنياً. بينما تقول كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، إنها قتلت 161 عسكريا، وأسرت آخر.

وخلال حرب الإبادة التي امتدت من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى 19 كانون الثاني/ يناير 2025، أكد المتحدث باسم وزارة الأوقاف في قطاع غزة إكرامي المدلل أن "صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجدا بالأرض، ودمرتها تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا في قطاع غزة، بما نسبته 79 بالمئة".

لحظة تفجير جنود الارهاب الاىىىرائيلي مسجد في قطاع غزة ، هذا ما نشره جندي على حسابه على انستغرام مفتخراً بتدمير مساجد المسلمين . pic.twitter.com/ZRMffsY0Fm — Tamer | تامر (@tamerqdh) May 11, 2024
وأضاف "تضرر 189 مسجدا بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائس تدميرا كليا جميعها موجودة في مدينة غزة".

وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضا 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميرا كليا و18 جزئيا.

????????
كارثة الآن في وسط غزة ،

الجيش الاسرائيلي المجرم يقصف مسجد مليء بالنازحين، تطايرت أوراق القرآن والصراخ في كل مكان

ليلة كارثية ، يارب الرحمة pic.twitter.com/NyOsuX4K19 — MO (@Abu_Salah9) October 5, 2024
وأوضح أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب".

كما أكد المدلل أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حربه الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية".

ويستمر عدوان الجبناء على بيوت الله تعالى، مدعومين ومؤيدين عربيا ودوليا.
تفجير مسجد الفاروق في النصيرات في غزة.
تصور جريمة من يعينهم على الاستفراد بالمسلمين وهدم بيوت الله حتى لا يبقى في غزة مسجد يُعبد فيه الله. pic.twitter.com/221fGrJhO1 — د. إياد قنيبي (@Dr_EyadQun) November 23, 2024
وأضاف "يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر".

ولم يكتفِ جيش الاحتلال بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين.

أبرز مساجد غزة
العمري الكبير، أقدم وأعرق مساجد المدينة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.

ويضم 38 عمودا من الرخام، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، ويعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريما للخليفة عمر بن الخطاب.


وفي تاريخه الطويل، تحوّل الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.

تأسس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وسُمي بالعمري تكريما له بعد فتحه بيت المقدس..

الاحتلال الإسرائيلي يدمر المسجد العمري الكبير في غزة، أحد أعرق وأقدم وأكبر المساجد التاريخية في فلسطين. pic.twitter.com/pGNnU2W0PT — رضوان الأخرس (@rdooan) December 8, 2023
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما تعرض للدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقا في العام 1925.

مسجد السيد هاشم، يقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه بمدينة "غزة هاشم".

مسجد السيد هاشم يعتبر مسجد السيد هاشم من أقدم مساجد #غزة. pic.twitter.com/dxkAVznXvv — لاجئ Refugee (@Refugee148) March 29, 2016
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

مسجد كاتب ولاية، يشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتُقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.

أثار غزة ,, مسجد كاتب ولاية وكنيسة الروم ,, تعانق الإسلام والمسيحية pic.twitter.com/XSYS9KsMGp — Palestine فلسطين (@pal_tweets) July 16, 2013
يرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي 1341 و1309 ميلادية، وتعرض لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 متسببا في أضرار جسيمة.

مقالات مشابهة

  • كيف عمل الاحتلال على تهويد ومحو المساجد التاريخية في فلسطين؟
  • رمضان في غزة.. جوع وصمود رغم الألم في معركة الاتّفاق
  • رئيس الوزراء: لن يكون هناك استقرار في المنطقة بدون الحل الدائم والعادل للقضية الفلسطينية
  • بعيدا عن "الوصايات والهيمنات".. عون يكشف وجه لبنان الجديد
  • استعراض واعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة.. الرئيس السيسي يدعو إلى إطلاق مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية ويثق في دور ترامب
  • الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل ترأس السيسي قمة فلسطين
  • نص كلمة السيسي التاريخية في القمة العربية الطارئة لنصرة فلسطين
  • فلسطين للأمن القومي: قمة القاهرة محطة تاريخية لمواجهة تحديات القضية الفلسطينية
  • أسرى الألم.. جرحى غزة محرومون من بهجة رمضان والعلاج
  • يومين مليانين ضحك بالدموع..فدوى عابد تعلق على صورة من كواليس أشغال شقة