هل أصبح الذكاء الاصطناعي واعيا بذاته؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
نماذج اللغة الكبيرة هي برمجيات حاسوبية تم تدريبها على الكثير من البيانات النصية لفهم اللغة البشرية وتوليدها، ويمكن لذلك النوع من التعلم العميق مثل "شات جي بي تي" فهم الأسئلة والرد عليها، بل وكتابة المقالات وحتى ترجمة اللغات.
وكلما ازداد كم البيانات التي يتم تدريب تلك النماذج عليها، أصبحت أفضل في فهم اللغة وتوليدها، مما يعني أنها بشكل أو بآخر تصبح أكثر قدرة كل يوم.
في دراسة جديدة نُشرت بدورية "تريندز إن نيوروساينس" بقيادة باحثين من "جامعة تارتو" في إستونيا، يحاول علماء الأعصاب اتخاذ زاوية علمية عصبية للإجابة عن هذا السؤال.
وبحسب الدراسة، يشير هذا الفريق إلى أنه على الرغم من أن استجابات أنظمة مثل "شات جي بي تي" تبدو واعية، إلا أنها على الأرجح ليست كذلك، ويسوق هذا الفريق 3 دلائل على ذلك الادعاء:
أولها أن المدخلات في نماذج اللغة تفتقد الإدراك المتجسد والمضمّن الذي يميز اتصالنا الحسي بالعالم من حولنا. والإدراك المضمّن المتجسد مفهوم يشير إلى أن الإدراك لا يقتصر على الدماغ فحسب، بل يتم توزيعه عبر الجسم ويتفاعل مع البيئة المحيطة، حيث تتشابك قدراتنا المعرفية بشكل عميق مع تجاربنا الجسدية وتفاعلاتنا الحسية الحركية مع العالم، بينما تتمحور نماذج اللغة الكبيرة حول النص فقط.
أما الدليل الثاني بهذا السياق فيتعلق بافتقاد بُنيات خوارزميات الذكاء الاصطناعي الحالية إلى السمات الرئيسية الطبيعية التوصيلية للنظام القشري المهادي في الدماغ، والذي يمكن أن يرتبط بالوعي في الثدييات.
وثالثا، فإن مسارات النمو والتطور التي أدت في المقام الأول إلى ظهور كائنات حية واعية ليس لها مثيل في الأنظمة الاصطناعية كما يتم تصورها اليوم.
وبحسب الدراسة فإن الخلايا العصبية الحقيقية مماثلة للشبكات العصبونية الاصطناعية، فالأولى كيانات مادية حقيقية يمكنها أن تنمو وتغير شكلها، في حين أن الشبكات العصبونية في نماذج اللغة الكبيرة مجرد أجزاء من التعليمات البرمجية لا معنى لها.
وفي مقال لعالم اللسانيات والفيلسوف الأميركي الشهير نعوم تشومسكي، فإن العقل البشري ليس فقط محركا إحصائيا يهدف لتحليل الأنماط في كم هائل من البيانات وكنتيجة لذلك يستنبط الاستجابة الأكثر احتمالا، ولكنه نظام فعال يعمل بكميات صغيرة من المعلومات، ولا يسعى إلى استنتاج الارتباطات بين نقاط البيانات، ولكن لإنشاء تفسيرات أكثر عمقا من مجرد جمع مخرجات البيانات الاحتمالية.
وفي هذا السياق، تعد هذه النماذج محاكاة للبشر ولا تمتلك وعيا بشريا، كما يوضح جون سيرل أستاذ فلسفة العقل واللغة بجامعة كاليفورنيا بيركلي، حينما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي يتحدث ويكوّن الجمل بطريقة نحوية وليست دلالية أو ذات معنى، وهما أمران منفصلان تماما، فبناء الجمل لا يمكن له أن يكون مؤسسا لمكونات عقلية مثل المعنى أو الدلالة التي يمتلكها البشر.
في النهاية، يوضح الباحثون بالدراسة الجديدة أنه ما يزال أمام علماء الأعصاب والفلاسفة طريق طويل لفهم الوعي، وبالتالي فالطريق أطول للوصول إلى الآلات الواعية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
«الإمارات العلمي» ينظم «الذكاء الاصطناعي إلى أين؟»
دبي: محمد نعمان
نظّم نادي الإمارات العلمي التابع لندوة الثقافة و العلوم المجلس الرمضاني السنوي الخامس عشر تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي إلى أين؟»، في مقر الندوة بدبي، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، وبحضور بلال البدور، نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، والدكتور سهيل البستكي، الرئيس التنفيذي للعلاقات المجتمعية لتعاونية الاتحاد.
أدار الجلسة الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي ورئيس نادي الإمارات العلمي.
وشهدت الندوة تفاعلاً من الحضور الذين طرحوا أسئلة عن مستقبل الذكاء الاصطناعي والتحديات المرتبطة به، فيما أكد المتحدثون أهمية تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والحكومية والخاصة لتسريع تبني هذه التقنيات وتطويرها.
وركزت مناقشات الندوة على توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، حيث تطرّقت إلى التطبيقات الصحية، والاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية المستدامة، والتعليم الشخصي والذاتي، والسياحة الذاتية والرقمية، وأتمتة النقل، إضافة إلى استكشاف علوم الفضاء.
الاستثمار في التكنولوجيا
وأكد د. عيسى البستكي، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية، بل أصبح محركاً رئيسياً للتغيير والتطوير في مختلف جوانب الحياة، وتأثيره غير المسبوق سيمتد إلى المجتمعات والاقتصادات في العالم، ما يجعل الاستثمار في هذه التكنولوجيا ضرورة استراتيجية.
وتحدث د. محمد العلماء، رئيس جمعية الإمارات لجراحة المخ والأعصاب، عن توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، الذي سيحدث نقلة نوعية في القطاع الصحي خلال السنوات العشر المقبلة.
وأكد د. عبداللطيف الشامسي، مستشار الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، على إعداد المواهب للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة. مشيراً إلى ضرورة تمكين كل طالب من التعلم الفردي وتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تطوير مهاراته.
تحليل البيانات
وأكد سعيد المنصوري، مدير إدارة الاستشعار عن بُعد في مركز محمد بن راشد للفضاء، أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصراً محورياً في تحليل البيانات المستمدة من الأقمار الصناعية، ما يسهم بشكل كبير في دعم صناع القرار في مختلف القطاعات الحيوية.
وأكد المهندس مساعد الحمادي، مدير إدارة الاستراتيجية وحوكمة التقنيات لقطاع خدمات الدعم التقني المؤسسي في هيئة الطرق والمواصلات بدبي، أهمية تطوير بنية تحتية رقمية متكاملة لدعم هذا التحول، لأن هيئة الطرق والمواصلات في دبي تضع استراتيجيات متقدمة للاستفادة من هذه التقنيات في تطوير خدمات النقل وتعزيز كفاءتها.
وأشار د. عبدالرحمن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد، إلى الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في دعم وتنمية القطاعات الاقتصادية، مؤكدًا أن هناك توجهاً استراتيجياً لمضاعفة الدخل القومي وتعزيز الابتكار والتجارة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.