أثار المؤتمر الحكومي لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في شمال سيناء والكشف عن خطة خمسية جديدة بمئات المليارات لتنمية وتعمير سيناء بالتزامن مع الحديث عن تهجير سكان قطاع غزة ودعوة واشنطن للقاهرة لاستقبال مواطنيين من القطاع، تساؤلات حول توقيته وأهدافه.

وأعلن مدبولي في حماسة غير معتادة وسط عدد من السياسيين والعسكريين ورموز المجتمع المصري المصري من داخل كتيبة عسكرية، الثلاثاء، عن خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية بقيمة نحو 363 مليار جنيه في شمال سيناء خلال السنوات الخمس المقبلة، (الدولار يساوي 30.

9 جنيها).

‌وتضمن خطاب مدبولي وعد جديد متجدد بإعادة أهالي شمال سيناء إلى المنطقة المتاخمة للحدود في رفح والشيخ زويد بعد سنوات من الإخلاء والتهجير، مشيرا إلى أن الدولة نفذت أكثر من 1000 مشروع منذ يونيو/حزيران 2014 باستثمارات 283 مليار جنيه.



لكن الخطة وبحسب مراقبين ومعنيين تبدو أكبر بكثير من مجرد تنمية منطقة حدودية لا تتمتع بأي ثقل سكاني، حيث تتوسع إلى إنشاء ميناء بحري وميناء جوي ومناطق تجارية وصناعية وحرة في شمال سيناء وبينها منطقة لوجستية في رفح لخدمة حركة التجارة بين مصر وجيرانها، فضلا عن مخطط منطقة لوجستية لتداول السلع في بئر العبد.

كما تتضمن الخطة تنفيذ مشروعات مياه شرب وصرف صحي  ومشروعات طاقة كهربائية، ومشروعات للغاز الطبيعي، ومشروعات تنمية سياحية، وموانئ وكورنيش لخدمة أهالي شمال سيناء وتجمعات سكنية بمناطق رفح والشيخ زويد والعريش بتخطيط عمراني جديد فضلا عن منطقتين صناعيتين في رفح ونخل، و مجمعين صناعيين في رفح والحسنة، و10 مصانع للرمال السوداء.

وكان منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي قد قال في وقت سابق إن السلطات الأمريكية تتحدث مع مصر وشركاء آخرين في المنطقة، حول إمكانية استضافة لاجئين يرغبون بالهروب من الحرب في غزة "مؤقتا".

ونقلت صحيفة " فاينانشال تايمز " عن دبلوماسيين غربيين، القول إنهم يعتقدون بأن الضغط الناجم عن الهجوم الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة قد يؤدي إلى تغيير في الموقف المصري وقبول مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر .

"هجرة اقتصادية و3 لاءات أمريكية"

إرهاصات تطوير وتنمية شمال سيناء دون التطرق إلى أي تفاصيل تجري منذ 2015، يقول السياسي المصري والمرشح الرئاسي السابق، أيمن نور، حيث شرعت السلطات في إقامة مشاريع بنية تحتية في شمال سيناء وإخلاء المنطقة من السكان (الحدودية) كان من الواضح أنه "يتم تنفيذها تمهيدا لشيء ما أكبر من مجرد تنمية اقتصادية".

وأوضح لـ"عربي21": "لو رجعنا لصور الأقمار الصناعية هناك تغير كبير جرى على المنطقة الحدودية بشكل ينبئ بأن شيء يُعد له في الخفاء وفي السر، ولكن دعني أقول ليست كل المؤسسات المصرية طرفا فيما يجري ولا أستبعد تورط دول عربية في القضية".


وفيما يتعلق بحديث المسؤولين الأمريكيين أنه تهجير مؤقت، كشف نور "كل تهجير مؤقت يتحول إلى تهجير دائم ولم نر مهجرين عادوا إلى بلادهم جزء من مخطط التهجير هو مثلث ذهبي جديد يحظى بقبول أمريكي وبعض الدول الغربية ويتضمن 3 لاءات، الأولى غزة بلا حماس واللاء الثانية الضفة بلا عباس والثالثة إسرائيل بلا نتنياهو وأقربهم إلى التحقيق الأخير، مشيرا إلى أنه يجري التخطيط للإطاحة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس لصالح شخصية أخرى من حركة فتح يتم إعدادها منذ سنوات".

"خطة اقتصادية أم مخطط سياسي"


قامت السلطات المصرية ما بين عامي 2014 و 2018 بإقامة منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة، وشرعت في تنفيذ مئات المشاريع التنموية والعمرانية بدعوى القضاء على الجماعات المسلحة وقامت بتهجير السكان على وعد بعودتهم بعد الانتهاء من خططها وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وكان الكاتب البريطاني جوناثان كوك قال في تحليل موسع لصحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية إبان الترويج لما يسمى "صفقة القرن"  أن أحد الأهداف الرئيسية هي وضع غزة وسكانها تحت إشارة الاحتلال دون أن تتحمل أي مسؤولية أو لوم.

تتلخص الخطة، بحسب الكاتب البريطاني، بناء مشروعات للبنية التحتية لقطاع غزة خارج القطاع، أي في شمال سيناء، وتوفير الكهرباء والمياه والوظائف والميناء والمطار والمناطق الصناعية ومنطقة للتجارة الحرة لسكان القطاع، وتشجيعهم للعمل في شمال سيناء للاستقرار نهائيا هناك.



ظهرت الخطة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابق، وكان يديرها جاريد كوشنر صهره ومستشاره في البيت الأبيض، ووصفها في يونيو/ حزيران بأنها "صفقة القرن"، وهي تتجاهل فكرة حل الدولتين التي كانت تمثل الصيغة الأمريكية والدولية المقبولة لإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة إلى جانب دولة الاحتلال.

صفقة القرن التي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطلع عام 2021 بـ"التاريخية" قوبلت بترحيب مصري ورفض فلسطيني واسع والتهديد بالانسحاب من اتفاقية أوسلو، وقال مسؤولون فلسطينيون على إطلاع بالخطة حينها لوكالة رويترز إن الخطة تتصور على الصعيد السياسي توسعة قطاع غزة في جزء من شمال مصر تحت سيطرة مصرية.

"خطط مستقبلية غير معلنة"


اقتصاديا، يعتقد أستاذ الاقتصاد، الدكتور أحمد ذكر الله، أن "كل ما يثار عن تنمية سيناء وتحديدا المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة هذه الأيام تزامنا مع العدوان على القطاع والكشف عن مخططات للتهجير يثير العديد من علامات الاستفهام، وإعلان رئيس الوزراء المصري عن تنمية شمال سيناء بمئات مليارات الجنيهات خلال السنوات الخمس المقبلة فضلا عن إنفاق مئات مليارات الأخرى خلال العقد الماضي يجب التوقف عنده".

مضيفا لـ"عربي21" أن "إنشاء ميناء العريش والمطار الدولي من الواضح أن هناك أمور تتم في سيناء في 2015 لم يكن لها أي مبررات وتفسيرات، وإنشاء مجتمعات سكانية دون سكان دون تسليمها إلى أهالي سيناء الذين تم تهجيرهم بدعوى التنمية والتطوير وعدم السماح بعودتهم، كل هذه قد يفسره ما يجري الآن في قطاع غزة وفي شمال سيناء".



يبدو أن هناك خطط مستقبلية ترسم على أرض الواقع حاليا على أن تنفذ لاحقا، أعتقد أن حجم البنية التحتية الكبير في شمال سيناء يمثل أهمية كبيرة لمصر نظرا لأهميتها الاستراتيجية، والتي ظلت مناطق فارغة وغير مؤهلة بالسكان إلا من سكان محليين بأعداد قليلة، لا يمكن الجزم بما سيحدث ولكنه يؤشر على خطط غير معلنة".

وأبرمت كل من السعودية ومصر اتفاقا تاريخيا ينبئ بتنمية اقتصادية ضخمة لواحدة من أهم المناطق الاستراتيجية غير المستغلة في الوطن العربي، لإنشاء منطقة حرة في شمال سيناء، عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي المصري شمال سيناء غزة مصر غزة شمال سيناء المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی شمال سیناء قطاع غزة فی رفح

إقرأ أيضاً:

الشهداء فى الذاكرة.. والدة الشهيد محمد غنيم: اكتشفت أنه بيخدم فى سيناء

في قلب كل شهيد، قصة بطولة لا تموت، وتضحية نقشها التاريخ بحروف من نور، في هذه السلسلة، نقترب أكثر من أسر شهداء الشرطة والجيش، نستمع إلى حكاياتهم، نستكشف تفاصيل حياتهم، ونرصد لحظات الفخر والألم التي عاشوها بعد فراق أحبائهم.

هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن، لم يرحلوا عن ذاكرة الوطن ولا عن قلوب ذويهم من خلال لقاءات مؤثرة، نروي كيف صمدت عائلاتهم، وكيف تحولت دموع الفقد إلى وسام شرف يحملونه بكل اعتزاز.

هذه ليست مجرد حكايات، بل رسائل وفاء وتقدير لمن بذلوا أرواحهم ليحيا الوطن.

"الحياة بقت وحشة من غيرك قوى يا حبيبى صحيح إحنا بناكل وبنشرب بس برضو مبقاش في فرحة تفرحنا طول ما أنت مش موجود معانا ومستنيا اليوم اللى أجيلك فيه وأخدك في حضنى زى زمان"، بهذه الكلمات بدأت والدة الشهيد الرائد محمد أحمد غنيم، شهيد الواجب على أرض الفيروز، أثر عبوة ناسفة وضعتها الجماعات التكفيرية الإرهابية في سيناء لاستهداف مركبته أثناء عمليات المداهمة التي يقوم بها الجيش في إطار العملية الشاملة "حق الشهيد"، لتطهير سيناء من تلك الوجوه القبيحة التي اتخذت من أرض سيناء الحبيبة مكانا لهم لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة.
وأضافت والدة الشهيد، أنها أخر لقاء جمع بينها وبين الشهيد كان وقت انتهاء أجازته وعودته إلى وحدته مرة آخرى، مضيفة أن نجلها الشهيد لم يخبرهم حتى وقت استشهاده أن وحدته في شمال سيناء، وذلك حتى لا يتسلل الخوف إلى قلوب عائلته، وحتى يكونوا مطمئنين عليه، موضحة أنها فوجئت بخبر استشهاده من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".

واستكملت أنه بعد أن أخبرها أحد أقاربها بأن هناك خبر منشور على حساب نجلها، لافتة إلى أنها عندما قرأت الخبر صعقت من هول الخبر، وذلك لاعتقادها أنه تشابه أسماء كون نجلها وحدته ليست في شمال سيناء، حتى تأكدت من أصدقائه المقربين الذين أكدوا لها أن نجلها استشهد بالفعل، وأن وحدته في شمال سيناء، وأن مركبته تم استهدافها من قبل الجماعات التكفيرية في شمال سيناء بعبوة ناسفة، استشهد على إثرها في الحال.

واستكملت والدة الشهيد، أن الشهيد كان دائم على تلاوة القرآن الكريم خلال شهر رمضان وفى غير شهر رمضان، مضيفة أنه نجلها كان له طقوس معينة في ذلك الشهر، وهى أنه كان يحب طريقة عملها للعصائر التي كانت تقدمها له وقت الإفطار، موضحة أن هذه العصائر كانت تعد من اساسيات إفطار نجلها في رمضان، وأنه في حال عدم وجود تلك العصائر لا يمكن أن يفطر وينتظر حتى تعد له العصائر التي يحبها.
ووجهت والدة الشهيد، رسالة إلى نجلها وكل الشهداء، متمنية لهم أن يكونوا في مكان أفضل في الجنة، مؤكدة أن هؤلاء الشهداء قدموا ارواحهم فداء لمصر، حتى تصل مصر لما هي عليه الأن من ازدهار ونمو وتقدم.

ووجهت أيضا والدة الشهيد، رسالة للعناصر التكفيرية في سيناء، أنهم لم ولن يفلحوا في أي شيء من الذى يقوموا به ضد جنودنا البواسل في أرض الفيروز، مؤكدة أن هؤلاء المجرمين القتلة سوف ينتقم منهم المولى عز وجل بمثل ما فعلوه في شهدائنا الأبرار.

واستكملت والدة الشهيد، حديثها بتأيدها المطلق لكل ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيىسى من أعمال تطوير ومشاريع للوطن، متمنية له دوام التوفيق المكلل بالنجاح، مؤكدة على أن إذا أن أولادهن استشهدوا فهناك المزيد من أبنائهن مستعدين لتقديم أرواحهم للشهداء فداء لمصر كأخوتهم الذين سبقوهم بالشهادة.
 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة تشدد على بقاء الفلسطينيين بأرضهم دون تهجير
  • إعمار بلا تهجير .. خطة غزة على طاولة القمة العربية الطارئة
  • مصادر دبلوماسية تكشف لـ24 عن القرارات المرتقبة للقمة العربية الطارئة
  • إعلام عبري: إسرائيل ستستأنف القتال وتعيد تهجير فلسطينيي شمال غزة
  • نائب التنسيقية يتساءل عن المشروعات المخططة لتنمية سيناء في مجال توليد الطاقة
  • الصحة: قافلة طبية في طب الأسنان تقدّم خدماتها لـ154 مريضًا فلسطينيًا في شمال سيناء|صور
  • الصحة: قافلة أسنان تقدّم خدماتها لـ 154 مريضًا فلسطينيًا في شمال سيناء
  • محافظ شمال سيناء يستقبل سفير هولندا في القاهرة
  • سحر رامي تكشف عن علاقتها بالمطبخ وأسرار تحضيرها للطعام
  • الشهداء فى الذاكرة.. والدة الشهيد محمد غنيم: اكتشفت أنه بيخدم فى سيناء