صدى خطاب نصرالله في إسرائيل ولبنان
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
لم يكن خطاب زعيم "حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله متناسبا مع المشاهد التسويقية والدعائية التي سبقته قبل أيام أو فيما يتعلق بالفترة الزمنية التي مرّت على حرب إسرائيل في قطاع غزة دون أن يظهر بتصريح أو إطلالة.
وبينما يرى مراقبون تحدثوا لموقع "الحرة" أنه "لم يقفز فوق موقف إيران" اعتبر آخرون أن عباراته "كانت مزانة"، في وقت ينظر محلل سياسي إسرائيلي إلى دلالات العبارات والسياقات التي أطلقها "نصر الله" على أنها "تبقي الأمور على وضعها"، وإعلانا ضمنيا بعدم الدخول إلى المعركة.
ودام خطاب نصر الله، وهو الأول منذ الحرب الإسرائيلية في غزة، حوالي الساعة والنصف، وبدأه بالتطرق إلى السياقات والأسباب التي شكّلت شرارة الهجوم المباغت الذي شنته حركة "حماس"، في السابع من أكتوبر الماضي.
وبالتدريج اتجه زعيم "حزب الله" للحديث عن المواقف الدولية والإقليمية، إلى أن تناول قضية تتعلق بإيران، مكررا موقفها الذي ينفي صلتها بالهجوم وكذلك الأمر بالنسبة للحزب الذي يتزعمه، بقوله: "إيران لا تمارس أي وصاية على قوى المعارضة، وأصحاب القرار الحقيقيون هم قيادات المقاومة، ومجاهدوها الذين يخدمون أهدافها".
وربط "نصر الله" تصعيد تحركات قواته العسكرية جنوبي لبنان بنقطتين، الأولى بمسار العمليات العسكرية في غزة، والثانية بسلوك إسرائيل العسكري تجاه لبنان، معتبرا أن "الحزب دخل المعركة بالفعل منذ 8 من أكتوبر".
وبينما أشار إلى أن ثلث الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية، وجزء مهم منه هو قوات نخبة، أعلن أن "كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة، وكل الخيارات مطروحة، ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات".
وحدد أيضا خلال حديثه هدفان، الأول يتعلق بـ"وقف الحرب والعدوان في غزة"، والثاني بأن "تنتصر غزة وتحديدا حماس"، وفق تعبيره.
"لم يقفز فوق موقف إيران"وبوجهة نظر الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية، العميد المتقاعد خالد حمادة "لم يتجاوز خطاب نصر الله ما كان متوقعا"، ويقول لموقع "الحرة": "منذ البداية كان معروفا أن خطابه لن يقفز فوق التصريحات الإيرانية، التي برأت طهران من أي دور في هجوم حماس بغزة".
ويرى حمادة أن "الخطاب كان محبطا ولم يتضمن أي رؤية لما يمكن أن يحصل وما هي خطط حزب الله للرد على ما يجري في غزة"، كما "لم يكن على مستوى من كان يراهن بأن نصر الله قادر على حماية لبنان، وحتى إن لم يكن هؤلاء من محور المقاومة والممانعة".
وخلال الساعة والنصف من الخطاب حاول "نصر الله" أن يقدم "صورة رتيبة لما يمكن تسميته مقاومة"، وفق حمادة، لكنه يضيف متسائلا: "هل يعني هذا ما يقوم به نصر الله يمكن أن يشكل تكتيكا مقاوما أو عملا عسكريا يمكن أن ينسب إلى حركات مقاومة؟".
ويتابع: "على حزب الله أن يبحث عن صيغة أخرى يقدم بها نفسه للجمهور اللبناني تختلف عن كل ما كان يطرحه سابقا".
لكن في المقابل يصف الكاتب والصحفي اللبناني، منير ربيع خطاب نصر الله بأنه "كان مسؤولا ويسير بين النقاط، وحتى أن كلماته كانت مزانة بميزان الذهب"، حسب تعبيره.
ويقول ربيع لموقع "الحرة": "نصر الله لم يشأ إخافة اللبنانيين من الحرب واتساع أفقها، ولم يشأ طمأنة الإسرائيليين في نفس الوقت"، ولذلك أعلن الجهوزية الكاملة في حال حصلت أي تطورات.
"هو رد بشكل مباشر على الرد الغربي والأميركي بأن الهدف هو هزيمة حماس وإنهائها وعدم وقف إطلاق النار، ورد أيضا على كلام إسرائيل في سحق حماس وعدم وقف إطلاق النار".
واعتبر الكاتب اللبناني أن "نصر الله وضع خلال خطابه معادلة جديدة، وهي انتصار حماس والسعي لوقف إطلاق النار، في حال أراد الأميركيون أن يجنبوا المنطقة حربا إقليمية".
وفي حال لم يتحقق ذلك "ترك زعيم حزب الله مجاله مفتوحا للقيام بعمليات، انطلاقا من جنوب اللبنان وقوى محور المقاومة في مناطق مختلفة"، حسب ربيع.
كيف علّقت الولايات المتحدة؟وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض لـ"الحرة" إن مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "على علم بما جاء في خطاب زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله لكنهم لا ينوون الانخراط في حرب كلامية".
وأكد المسؤول أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى توسيع رقعة التصعيد الذي فرضته "حماس" على إسرائيل. كما أضاف أن "واشنطن وشركاءها أوضحوا بجلاء أنه لا ينبغي على حزب الله أو جهات أخرى في المنطقة سواء كانت دولا أو مجموعات غير حكومية أن تستغل الصراع الدائر".
وحذر المسؤول من أن ذلك من شأنه أن يحول الصراع الحالي إلى حرب أكثر دموية من الحرب بين إسرائيل و لبنان في عام 2006، وشدد في ذات الوقت على أن الولايات المتحدة لا ترغب من أن يتسع هذا الصراع ليشمل لبنان، مضيفا أنه "من الصعب تخيل الدمار الذي سيلحق بلبنان".
"أبقى الأمور على وضعها"وكانت إسرائيل قد بدأت توغلا بريا في غزة قبل أيام، وما تزال تواصل حملتها الجوية على القطاع المحاصر، وتؤكد في ذات الوقت على هدفين، الأول هو "تحرير الرهائن"، والثاني "تفكيك وإنهاء حماس بشكل كامل".
ولطالما هدد مسؤولون إسرائيليون خلال الأيام الماضية "حزب الله" من أي خطأ على حدودهم الشمالية، وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو في تصريح سابق له بين عدد من جنوب الجيش الإسرائيلي: "أي خطأ سيكلفك ثمنا لا يمكنك حتى تخيله"، موجها تهديده لنصر الله.
ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن أن "خطاب نصر الله أبقى الأمور على وضعها بحيث أنه يقول إن كل الإمكانيات مفتوحة، ولم يقل سندخل المعركة لحماية غزة".
ولم يكن خطابه تصعيديا بل "تحذيريا"، ويراه شتيرن أيضا في حديثه لموقع "الحرة" "إيجابيا بحد ذاته"، لأن عكس ذلك "كان من الممكن أن يقود إلى تصعيد سريع".
"كما يبدو ليس مصلحة في إيران وحزب الله في الدخول للمعركة عندما توجد في المنطقة بوارج أميركية".
ويضيف شتيرن: "حزب الله الآن قبل فكرة أن المعركة ستكون في غزة لوحدها"، وأن "التهديدات بالتدخل مع بدء إسرائيل هجومها البري اختفت بالكامل".
ويرى العقيد المتقاعد خالد حمادة أن "خطاب نصر الله كان محبطا لجمهوره".
ويقول أيضا إن حديثه عن المشاركة في الحرب انطلاقا من الجنوب اللبناني "لن يتمتع بأي نوع من المصداقية لدى مقاتلي حماس، والذين يخوضون معارك مختلفة الوتيرة والنوع، وذات أخطار مرتفعة".
لكن في المقابل يوضح الكاتب منير ربيع أن "نصر الله يعرف أن أمريكا لا تريد توسيع الحرب بينما إسرائيل غير قادرة على فعل ذلك".
ولديه أيضا، وفق ما يقول ربيع "معطيات حول المساعي العربية والدولية في سبيل الوصول إلى نوع من تفاهم حول إطلاق سراح الأسرى وفرض هدنة مؤقتة إنسانية".
وبمجرد إتمام ذلك "وحصول تفاوض مع حماس سيعتبر الأمر إنجازا وانتصارا للحركة من منطلق الاعتراف بها، ما سيخفف القدرة العسكرية على سحقها".
ويرى الكاتب ربيع أن "نصر الله يقرأ كل الظروف على أنها تصب في صالحه، طالما أن أمريكا وإسرائيل لا تريدان أو ترغبان في توسيع الحرب في غزة".
"هو قادر على مراكمة الأرباح بالمعنى السياسي بعد الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار مهما طالت المعارك"، وفيما يتعلق بجبهة جنوب لبنان يعتقد ربيع أنها "قد تتوسع وتتصاعد العمليات فيها دون الانزلاق لحرب مفتوحة".
ولكن ما سبق مرهونا بنقطة تتعلق إما "بقلب الطاولة أو أي حصول سوء تقدير من إسرائيل وأميركا"، حسب كلمات ذات الكاتب.
وحتى الآن "ليس هناك نية في إيران لتوسيع المعركة"، ويعتقد المحلل الإسرائيلي شتيرن أن "الوجود الأميركي بمثابة ردع لها وللأطراف المرتبطة بها".
ويوضح أن "خطاب نصر الله يمثل اعترافا ضمنا بأنه لن يدخل للمعركة"، وأنه "يعتقد كما يبدو أن إسرائيل ليس لديها نية في توسيع المعركة".
لكن إسرائيل كانت قد أقدمت على تجنيد كل قواتها في وقت كان الحضور الحشد العسكري الأميركي على أشده في المنطقة من أجل دعمها.
ولا يستبعد شتيرن وجود هناك نية إسرائيلية للقيام بمعركة واسعة في ظل "الفرصة الذهبية القائمة"، موضحا أن "الاستمرار بالوضع القائم يعني أن هناك تهديد مستمر لإسرائيل مع الحدود مع لبنان".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار خطاب نصر الله حزب الله یمکن أن لم یکن فی غزة
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: الكر والفر سمة حرب إسرائيل الدموية بشمال غزة
في تبريرها لقصف الأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس التي تحولت إلى ملاجئ، ادعت إسرائيل أن مقاتلين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كانوا يختبئون هناك بين المدنيين.
ووصفت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير من القدس المحتلة أن تلك كانت واحدة من أكثر اللحظات دموية في الحرب التي تدور رحاها في القطاع الفلسطيني المحاصر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل فرنسا ضعيفة أمام إسرائيل؟ ميديا بارت: باريس تدين لكن لا تعاقبlist 2 of 2من أين أتت عبارة "كل الطرق تؤدي إلى روما"؟end of listوأشارت إلى أنه بعد مرور عام من اندلاع الحرب على قطاع غزة، فإن المشاهد نفسها تتكرر مرة أخرى، حيث بات شمال غزة بؤرة الهجمات الفتاكة المتجددة على مدى أكثر من شهر، التي شنها الجيش الإسرائيلي.
"شعب يُباد"وفي محاولة لاجتثاث ما يسميه جيش الاحتلال "عودة" حركة حماس إلى الواجهة، دأب جنوده ودباباته وطائراته المسيرة المسلحة على قصف المنطقة بشكل يومي، مما أدى إلى تشريد الآلاف وقتل أكثر من 2000، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن طبيب محلي وبعض الأهالي قولهم إن هناك الكثير من الجثث ملقاة في الشوارع، وقد بدأت الكلاب الضالة تنهشها.
وقال إسلام أحمد (34 عاما)، وهو صحفي مستقل من شمال غزة شارك في دفن جيرانه في مقبرة جماعية، "إذا كان أن أوجز الحياة خلال الأسابيع الأربعة الماضية في عبارة، فهي أن هناك شعبا يُباد".
وحسب نيويورك تايمز، فإن عودة القتال إلى أقصى شمال قطاع غزة يكشف أن النهج الذي تتبعه إسرائيل أشبه ما يكون بدوامة دموية، حيث يطارد الجيش الإسرائيلي مقاتلي حماس بلا طائل، وغالبا ما يقع المدنيون في مرمى النيران.
ونسبت الصحيفة إلى اثنين من مسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قولهما إن عمليات الجيش هناك تشبه "قص العشب"، مستخدميْن عبارة ظل يرددها مسؤولون إسرائيليون منذ سنوات، من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
عودة متجددةوزعم المسؤولان أنه "كلما أطلت خلايا حماس من جديد، تعود القوات الإسرائيلية لقطعها".
وترى الصحيفة أن هذا النوع من القتال "الدوري المتكرر" يعكس إستراتيجية إسرائيل "الغامضة" في حرب دخلت الآن شهرها الــ14، ومع ذلك لم تُظهر أي علامة على التراجع.
وأوردت المرات التي غادرت فيها القوات الإسرائيلية المنطقة بعد دكها العام الماضي، ووفقا لمسؤول أمني إسرائيلي كبير -لم تذكر الصحيفة اسمه- فإن الهدف هذه المرة هو عزل مقاتلي حماس في شمال غزة عن رفاقهم في مدينة غزة.
ووصفت نيويورك تايمز الوضع على الأرض بأنه أسوأ مما كان عليه قبل عام طبقا لبعض المقاييس، مضيفة أن البنية التحتية تتداعى، والمساعدات الإنسانية مقيدة بشدة، وقد غادر العديد من عمال الطوارئ ومجموعات الإغاثة المنطقة.
وعرضت الصحيفة الأميركية أدلة على تدهور الأوضاع في شمال غزة، وأفادت بأن الدفاع المدني الفلسطيني، وهو جهاز الطوارئ التابع لحكومة حماس، أفاد بأنه أوقف رسميا عمليات الإنقاذ في المنطقة الشهر الماضي بسبب الأخطار المحدقة.
ومن جانبه، كشف الهلال الأحمر الفلسطيني -وهو إحدى منظمات الإغاثة القليلة التي لا تزال تعمل هناك- أنه لا توجد سيارات إسعاف يمكنها الوصول إلى المناطق الأكثر تضررا في شمال غزة.
مآسٍ إنسانيةوتأكيدا على ذلك، صرح حسام الشريف، 46 عاما، وهو أب لأربعة أطفال في جباليا، للصحيفة أن عمليات الإنقاذ والطوارئ كانت متاحة في بداية الحصار الأخير، "أما الآن، فإن المصابين بجروح طفيفة ينزفون حتى الموت".
كما أن المستشفيات، هي الأخرى، تشهد ترديا في أوضاعها إذ لم تستطع علاج العديد من المرضى حتى ماتوا.
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في جباليا، نداء عاجلا، قال فيه إن المستشفى يفتقر إلى الجراحين في ظل اكتظاظه بالعديد من الضحايا الذين يحتاجون إلى جراحة.
وأفاد بأن المستشفى تعرض للقصف 3 مرات على مدار الأيام الخمسة التي تلت إصداره النداء العاجل.
وطبقا للأمم المتحدة، لم يبقَ في شمال غزة سوى 95 ألف شخص، أي خُمس عدد سكانه قبل الحرب.