تطورات الأحداث بعد مفاوضات جدة
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
بقلم: تاج السر عثمان بابو
(1)
تسارعت تطورات الأحداث بعد بداية مفاوضات جدة بين الجيش والدعم والسريع الجارية حاليا حول وقف الحرب وفتح الطريق للمساعدات الإنسانية التي تزامن معها اجتماع أديس أبابا للجبهة المدنية لايقاف الحرب واستعادة الديمقراطية، واجتماع الحركات الموقعة على السلام في جوبا، كل ذلك استعدادا لمرحلة المفاوضات لتشكيل حكومة ما بعد الحرب التي بدعم خارجي إقليمي ودولي تحاول إعادة إنتاج التسوية والشراكة والافلات من العقاب في ظل اشتداد حدة الصراع الدولي علي الموارد والموانئ كما في الحروب الجارية في غزة وبين روسيا وأوكرانيا والحرب في السودان، مما يعيد إنتاج الأزمة والحرب من جديد، مالم يتم الخروج من الحلقة الشريرة للانقلابات العسكرية، وتعزيز الحكم المدني الديمقراطي وخروج الجيش والدعم السريع من السياسة والاقتصاد كما في شعار الثوار” العسكر للثكنات، والجنجويد ينحل”
كما جاء خطاب البرهان في قاعدة وادي سيدنا ليؤكد على أهمية المفاوضات على غير خطاباته السابقة المشحونة بالحرب، التي كما أشار في حالة عدم التزام الدعم السريع بوقف إطلاق لاخيار غير الاستمرار في الحرب، اضافة لإصدار البرهان قرارا بتعيين وزراء جدد في إطار استمرار تمكين الإسلامويين في الوظائف استعدادا لمرحلة ما بعد الحرب، وهي قرارات لا جدوى منها في ظل حكومة غير شرعية، ولاتشمل كل ولايات السودان.
كما أصدر قرارا بإعفاء الهادي إدريس من مجلس السيادة مما يؤكد أن اتفاق جوبا ما كان الا لمناصب ومحاصصات.
من الجانب الآخر جاء خطاب حميدتي أمام تخريج دفعة جديدة من قواته وحمل فيه البرهان مسؤولية الانقلابات التي حدثت في الفترة الانتقالية بعد الثورة، وأنه كان وراء اتفاق جوبا.. كما طالب الحركات المسلحة بتقديم الحماية للجيش. وتم إطلاق سراح قادة النظام السابق قبل 5 ايام من الحرب . وكأن حميدتي غير مسؤول عما حدث ولماذا صمت بعد إطلاق سراح قادة النظام السابق؟، فضلا عن كارثة اتفاق جوبا الذي دافع عنه في خطابه الذي لم يجلب السلام وهدد وحدة البلاد بتكريس تعدد الجيوش..
من التطورات الخطيرة بعد مباحثات جدة استيلاء الدعم السريع على مدن مثل : نيالا، زالنجي ومحاولة الاستيلاء على مواقع النفط في بليلة بكردفان ، والهجوم على الفاشر والجنينة، مما سيكون له تداعيات بتقسيم البلاد في حالة الاستيلاء على دارفور وتكرار تجربة انفصال جنوب السودان المريرة بتدخل خارجي ونتيجة لفاتورة الحرب اللعينة، مما يتطلب اوسع حملة لوقف الحرب والاستناد إلى تاريخ شعوب وقبائل دار فور البطولي التي قاومت الأنظمة الاستبدادية كما في الاحتلال التركي والمهدية في أيامها الأخيرة ولاسيما أن للجنجويد تاريخ دموي في دارفور وسوف تكون عصية عليهم.
(2)
اوضحنا سابقا أن الحرب اللعينة جاءت بدعم إقليمي ودولي بهدف :
– السلطة والثروة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع.
– قطع الطريق أمام الثورة كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري داخل وخارج البلاد الذي بلغ 5.8 مليون شخص، ومقتل أكثر من 9 ألف شخص مع تدمير البنية التحتية، وتدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية والصحية، لاضعاف قوى الثورة الحية ، بعد مجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخري.
– تصاعد المقاومة لاتقلاب 25 أكتوبر الذي اصبح قاب قوسين أو أدني من السقوط.
– عقب الصراع الذي انفجر في الانفاق الإطاري حول الاصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع اقترح البرهان عامين واقترح حميدتي عشر سنوات. – توفر الظروف الموضوعية الانفجار الثورة ، كما في الثورات والانتفاضات السابقة التي اسقطت الأنظمة العسكرية الديكتاتورية بسلاح الاضراب السياسي العام والعصيان المدني.
(3)
أخيرا، أكدت التجربة خطل تكرار الانفاقات الهشة بتدخل دولي واقليمي لقطع الطريق أمام الثورة ، فضلا عن تكريسها للمليشيات وجيوش الحركات كما في الوثيقة الدستورية 2019 التي انقلب عليها تحالف اللجنة الأمنية ومليشيات الكيزان والدعم السريع وجيوش حركات جوبا، في 25 أكتوبر 2021 الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، ووجد مقاومة باسلة ، وجاء الاتفاق الإطارى ليكرر خطأ الوثيقة الدستورية الذي كرّس وجود الدعم السريع واتفاق جوبا، وهيمنة العسكر ، مما أدي لانفجار الأوضاع في البلاد والحرب ، وهو في جوهره صراع على السلطة ونهب ثروات البلاد ، وانعكاس لصراع المحاور الاقليمية والدولية في السودان، والتدخل الدولي الكثيف فيه، بالتالي بعد وقف الحرب وبعد هذه التجربة المريرة لا عودة للاتفاقات الهشة لتقاسم السلطة التي تعيد إنتاج الحرب بشكل اوسع، وتهدد استقرار ووحدة البلاد ، كما في الدعوات الجارية للعودة للانفاق الإطارى بعد وقف الحرب، وحتى لا يتم إعادة إنتاج الأزمة والشراكة مع العسكر والجنجويد والافلات من العقاب والحرب من جديد مما يهدد وحدة البلاد.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السریع کما فی
إقرأ أيضاً:
السودان يغرق في الظلام.. هجوم جديد يفاقم أزمة الكهرباء
سكاي نيوز عربية – أبوظبي/ انقطع التيار الكهربائي بشكل كامل في عدد من ولايات السودان الجمعة، بعد تعرض محطة كهرباء سد مروي الواقعة على بعد 350 كيلومترا شمال العاصمة الخرطوم لهجوم جديد باستخدام الطائرات المسيرة، مما يفاقم أزمة الإمداد الكهربائي التي تعاني منها أكثر من نصف مناطق البلاد.
وكان قطاع الكهرباء من أكثر قطاعات البنية التحتية تضررا بالحرب، حيث تعرضت خلال العامين الماضيين معظم خطوط الإمداد ومحطات إنتاج الكهرباء لأضرار كبيرة مما أثر سلبا على الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات الصحية.
وتشير تقديرات إلى خسائر مباشرة في البنية التحتية تتراوح ما بين 180 إلى 200 مليار دولار، وغير مباشرة تفوق 500 مليار دولار، أي نحو 13 مرة من ناتج السودان السنوي البالغ متوسطه نحو 36 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تستغرق عملية إصلاح ما دمرته الحرب من بنى تحتية سنوات طويلة في ظل اقتصاد منهك تراجعت إيراداته بأكثر من 80 بالمئة.
وتسبب القصف الجوي والبري في أضرار هائلة بالبنية التحتية للكهرباء، كما تعرضت معظم شبكات وخطوط الإمداد لعمليات نهب واسعة.
وأكد مهندس متخصص في مجال التخطيط الحضري لموقع "سكاي نيوز عربية" أن نحو 90 بالمئة من شبكات ومنشآت الكهرباء الأساسية تعرضت لأضرار متفاوتة.
وقال المهندس الذي طلب عدم ذكر اسمه إن أكثر من 50 بالمئة من سكان السودان وقعوا في دائرة العجز الكهربائي بعد الحرب مقارنة مع نحو 20 بالمئة قبل اندلاع الحرب.
انعكاسات خطيرة
وقد انعكس الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في معظم مناطق البلاد سلبا على أداء الكثير من القطاعات الحيوية مثل الصناعة والصحة والزراعة.
وبعد تراجع في إنتاج الحبوب قدرته منظمة الزراعة والأغذية العالمية "الفاو" بنحو 46 بالمئة في الموسم الماضي، تتزايد المخاوف من أن يؤدي استمرار نقص الكهرباء إلى تراجع أكبر في الإنتاج الزراعي خلال الموسم الحالي حيث يعتمد معظم المزارعين في البلاد على الإمداد الكهربائي في ري محاصيلهم.
وتعتبر هذه المرة الخامسة التي تتعرض فيها منشآت كهرباء سد مروي لضربات بطائرات مسيرة منذ اندلاع القتال في السودان في منتصف أبريل 2023.
وتسببت الهجمات في أضرار كبيرة بمحولات كهرباء السد التي تسهم بنحو 40 بالمئة من مجمل الإمداد الكهربائي في البلاد.
وأعلن الجيش في بيان تصديه لهجوم بطائرات مسيرة على منطقة سد مروي، متهما قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجوم، لكن لم يصدر بيان رسمي من قوات الدعم السريع حتى الآن.
وقال بيان مقتضب على الصفحة الرسمية للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء إن الهجوم تسبب في خروج تام لأغلب المحطات التحويلية في معظم أنحاء البلاد، مشيرا إلى أن فريقا من المهندسين يجري عمليات فحص لمعرفة حجم الضرر.
نقص حاد
وجاء الهجوم الأخير في ظل نقص في الإمداد الكهربائي يقدر بنحو 60 بالمئة، حيث ظلت معظم مناطق البلاد تشهد تقطعا مستمرا منذ اندلاع الحرب.
وتعتبر محطة توليد كهرباء خزان مروي هي أكبر منشآت التوليد المائي الست العاملة في البلاد، والتي تنتج ما بين 70 إلى 75 بالمئة من مجمل إنتاج الكهرباء الحالي في السودان، الذي يقدر حاليا ما بين 1100 إلى 1200 ميغاواط؛ أي أقل بأكثر من 60 بالمئة من مجمل حجم الاستهلاك، الذي يتراوح ما بين 2900 إلى 3000 ميغاواط.
وتزايدت حدة الانقطاعات خلال الأسابيع الأخيرة بسبب عمليات صيانة طالت عددا من المنشآت من بينها خطوط ربط الكهرباء الناقلة من إثيوبيا، بحسب تقارير صحفية.