إسرائيل تقتل الصحفيين الفسلطينيين وعائلاتهم لطمس القضية والتغطية على جرائمها البشعة التى طالت كل شىء فى غزة من أطفال ونساء وشيوخ وعجائز.
فى مشهد أبكى الملايين يوم الأربعاء الماضى 25 أكتوبر ظهر الصحفى الفلسطينى، وائل حمدان الدحدوح عبر فيديو انتشر على نطاق واسع وهو يحتضن جثتى زوجته وابنته، ثم ظهر فى مشهد آخر وهو يحمل جثة ابنه الصغير! وهو يقول: أنا لله وأنا إليه راجعون»، بينما ازدادت الصرخات والنحيب من حوله، وحاول البعض تهدئته وتقديم العزاء له ومواساته فى مصابه الأليم.
آخر كلمات الدحدوح فور معرفته بالنبأ الحزين وقصف منزله فى مخيم النصيرات، وهو الذى لجأت إليه عائلته قادمة من تل الهوى بعد دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو لسكان الجزء الشمالى من قطاع غزة للنزوح جنوبا: الحمد لله، هذا هو جيش الاحتلال وهذه دموع الإنسانية وليست دموع الخوف والجبن!
وقع الحادث الجبان بينما كان وائل الدحدوح مدير مكتب الجزيرة فى غزة على الهواء يغطى السفارات الإسرائيلية المتواصلة فى غزة، ووجد أفراد عائلته هو الخبر الذى ينقله للمشاهد بقتل زوجته آمنه، وابنه محمود «16 عاما» وابنته شام «6 سنوات» وحفيده آدم «45 يوما» حيث استهدفهم قوات الاحتلال الإسرائيلى عبر غارة جوية شنتها على المخيم الذى كان به نحو 50 من عائلة الدحدوح.
ولد الصحفى الفلسطينى وائل حمدان الدحدوح فى حى الزيتون أقدم أحياء مدينة غزة، فى 30 أبريل 1970، وعاش طفولته فى كنف أسرة غزِّيَة ممتدة مسيورة الحال، وقضى شبابه فى سجون الاحتلال الإسرائيلية لمدة سبعة أعوام بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة عام 1988، وبعد التحرر حصل مجددا على شهادة الثانوية العامة فى السجن الإسرائيلى، ثم حصل على بكالوريوس فى الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية فى غزة عام 1998، بعد أن منعه الاحتلال من السفر للدراسة فى الخارج، فحصل على درجة الماجستير فى الدراسات الإقليمية من جامعة القدس أبوديس عام 2007.
يعتبر الصحفى وائل الدحدوح هو مدير مكتب الجزيرة الفضائية فى قطاع غزة، وبدأ عمله منذ 25 عاما، سخرها لتغطية أحداث فلسطين وجيش الاحتلال الإسرائيلى، حيث بدأ عام 1998 بين عدد محدود من الصحفيين فى غزة، حتى اندلعت انتفاضة الاقصى عام 2000.
كانت البداية الحقيقية لاهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية بغزة، هى انتفاضة الأقصى، فبدأ وائل الدحدوح حياته المهنية مراسلا لصحيفة القدس الفلسطينية، واشتغل لصالح وسائل إعلام أخرى قبل أن يلتحق بقناة الجزيرة عام 2004.
اعتاد وائل الدحدوح على الجلوس مع أولاده وأفراد أسرته حول حلقة النار فى الشتاء للحصول على التدفئة والغناء لوطنهم فلسطين، زرع داخل أبنائه حب الوطن، كانوا يغنون: «باكتب اسمك يا بلادى.. ع الشمس ألما بتغيب لا مالى ولا أولادى على حبك ما فى حبيب.. يا دار الأوفى دار بيلبقلك الأشعار».
ما لم يكن يعلمه «وائل» هو تحول كلمات الأغنية فى أحد الأيام إلى حقيقة، انتهت أيام الغناء وبدأت أيام الاستشهاد، حيث صدق وائل برفقة مئات الأشخاص دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلى بالانتقال بعيدا عن مناطق القصف، إلا أن الغارة ضربت منزله وعائلة أخرى.
إذا كان الدحدوح على قيد الحياة بعد فقده زوجته وابنه وابنته وحفيده، فإن الاحتلال الإسرائيلى قتل عددا من الصحفيين فى حرب الإبادة التى يشنها على غزة.
وأعلن أنه غير مسئول عن حماية الصحفيين، وذلك يخالف القانون الدولى الإنسانى الذى ينص على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهامهم فى النزاعات المسلحة يجب احترامهم وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد.
ويؤمن القانون الدولى الإنسانى للصحفيين المدنيين الحماية المكفولة للمدنيين طالما أنهم لا يشاركون مباشرة فى الأعمال العدائية، كما تنص المادة 79 من البروتوكول الأول الإضافى إلى اتفاقيات جنيف لعام 1949 على: يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطيرة فى مناطقة النزاعات المسلحة أشخاصا مدنيين، ويجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا الحق شريطة ألا يقوم بعمل يسىء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين.
لقد اثبت الاحتلال الإسرائيلى من خلال جرائمه ضد الشعب الفلسطينى بكل فئاته أنه عدو لا يعرف رحمة أو دينا، ولكن رغم هذه البشاعة والمجازر التى يتعرض لها الفلسطينيون، سيبقى على هذه الأرض ما يستحق الكفاح، ولن يغلق ملف قضية فلسطين إلا بوجود دولة فلسطين المستقلة، ولن يتوقف الفلسطينيون عن الاستشهاد طالما وطنهم فى قبضة القردة والخنازير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن غزة الاحتلال الإسرائیلى وائل الدحدوح فى غزة
إقرأ أيضاً:
على هامش الندوة الدولية للإفتاء.. الهباش: ماضون في دفاعنا عن فلسطين ولن نستسلم
ألقى الدكتور محمود صدقي الهباش، قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس الفلسطيني، في افتتاح أعمال الندوة الدولية الأولى التي نظَّمتها دار الإفتاء المصرية، كلمةً بارزة عبَّر فيها عن تقديره لجهود دار الإفتاء في جمع العلماء والمفكرين لمناقشة قضايا الأمة الإسلامية، معربًا عن شُكره العميق لفضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، على تنظيم هذه الفعالية التي تفتح الأُفق للتشاور حول ما يُصلح حال الأمة. كما وجَّه تحياته للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشيدًا برعايته لهذه الندوة التي تساهم في تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية ودعم القضايا المصيرية للأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ونقل الدكتور الهبَّاش في كلمته شكرَ الشعب الفلسطيني وقيادته لمصر، لما تقدِّمه من دعمٍ مستمر وثابت للقضية الفلسطينية، سواء من خلال مواقفها السياسية الثابتة أو من خلال دعمها الشعبي والعلمي، مؤكدًا أن مصر تمثل صمام الأمان لفلسطين ولقدسها ومقدساتها. وقال: "إن دعم مصر لفلسطين وحمايتها من التهجير والعدوان، هو مصدر قوة وصمود لنا في وجه المحاولات المستمرة لتدمير ما تبقى من هويتنا الوطنية والدينية."
وواصل الهباش حديثه عن التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، مستعرضًا وضع المنطقة العربية التي تشهد صراعاتٍ مستمرةً، والتهديدات التي تواجه الشعب الفلسطيني. وذكَّر الحضورَ بحديثين نبويين شريفين يقدمان وصفًا دقيقًا لواقع الأمة الإسلامية، الأول، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، مبيِّنًا التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في ظل الانقسامات والتدخلات الأجنبية في شؤونها. أما الحديث الثاني فكان عن فقدان العلم، حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا، ولكن يقبضه بقبض العلماء." مستعرضًا بذلك أهمية دَور العلماء في حفظ القيم والثوابت الإسلامية في وجه محاولات تحريف الوعي.
وأشار الهباش إلى أن الشعب الفلسطيني يتعرض لمحاولات مستمرة لانتزاع هويته وحقوقه من خلال الاحتلال الصهيوني الذي يسعى إلى محو الوعي الفلسطيني وإجبار الشعب على الاستسلام. وقال: "إن الاحتلال يسعى من خلال قتل الأطفال، وتدمير المساجد والمستشفيات، وتخريب المنشآت، إلى زرع الإحباط في نفوس الفلسطينيين ودفعهم إلى الاستسلام. لكنهم، رغم كل ما يمارس عليهم من ظلم، لن ينكسروا ولن يتخلوا عن أرضهم."
وأكد الهباش أن الشعب الفلسطيني، كما هو الحال مع الأجيال السابقة، سيظل متمسكًا بأرضه ولن يغادرها، وأنه سيظل يدافع عن المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى، قائلًا: "كما بقي التين والزيتون في أرضنا، سيظل المسجد الأقصى حاملًا لآمالنا، وسننتصر في النهاية، إن شاء الله."
وفيما يتعلق بالتهديدات التي يواجهها الشعب الفلسطيني من جانب الكيان الصهيوني، أشار الهباش إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن "إسرائيل" يجب أن تبقى قائمة لـ 100 عام، مضيفًا: "لكن هذا الأمل الذي يراوده بعيد المنال، لأن وعد الله في سورة الإسراء حاسم وواضح: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: 108]، وكل ما يفعله الاحتلال لن يغير من هذه الحقيقة".
وأكمل الهباش متحدثًا عن التحدي الثاني الذي يواجهه الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، وهو التحدي الداخلي المتعلق بالوعي، حيث أشار إلى محاولات الاحتلال الصهيوني لتغيير وعي الأجيال الفلسطينية، وزرع أفكار تدفع إلى الاستسلام وإضعاف الهوية الوطنية. وأوضح أن هناك جهودًا مكثفة من قِبل بعض القوى الخارجية لاستغلال الفكر الإسلامي وتحريفه لصالح مصالح الاحتلال، من خلال حملات إعلامية وفكرية تسعى إلى غزو العقول وتضليل الشباب العربي والفلسطيني، وخلق حالة من الإحباط والتنازل عن الحقوق. وقال: "إن محاولات تغيير الوعي الفلسطيني تندرج ضمن مخطط استعماري طويل الأمد يهدف إلى تدمير فكرة المقاومة والتمسك بالأرض."
وأكد الهباش أنَّ هذه المحاولات يجب أن تواجَه بتعزيز الوعي الديني والسياسي، وتربية الأجيال القادمة على فهم تاريخهم ومقدساتهم، وعلى أن فلسطين ستظل قلب العالم العربي والإسلامي، وأن الطريق الوحيد هو المقاومة والصمود في وجه كل محاولات الاحتلال وأعوانه.
وفي ختام كلمته، أكد الهباش أن الشعب الفلسطيني ماضٍ في نضاله ولن ينهزم، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني لا يترقب إلا وعد الله بالنصر، مؤكدًا: "نحن ماضون في دربنا، ولن ننهزم، وسنبقى على عهدنا بالدفاع عن أرضنا ومقدساتنا. وإننا ننتظر وعد الله في النصر القريب، حيث سيكون المسجد الأقصى مسرحًا لصلاة المسلمين بأمان، وسنصلي في المسجد الإبراهيمي في الخليل، بإذن الله، لنحقق وعده سبحانه."
وتوجه الدكتور الهباش بالدعاء إلى الله أن يكتب لفلسطين النصر القريب، وأن يعيد للأمة الإسلامية عزتها وكرامتها، وأن يتمكن المسلمين من أداء صلواتهم في المسجد الأقصى الشريف، وفي المسجد الإبراهيمي في الخليل.
اقرأ أيضاًدار الإفتاء تطلق ندوتها الدولية الأولى بعنوان «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري»
دار الإفتاء المصرية تُنهي استعداداتها لندوتها الدولية الأولى «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري»
ضمن حملة «بداية جديدة لبناء الإنسان».. 6 رسائل من دار الإفتاء للتنمية الذاتية والروحية