سألنى جارى بمدينة " تورنتو " بكندا ....كيف أنوى الإحتفال هذا العام ب " الهالووين " ، هززت رأسى بإشارة لا معنى لها، تركت جارى الودود الذى لم يفهم شيئا ،وجهه عامر بالدهشة.
فى العادة يحتفل الكنديون بهذه المناسبة فى الحادى و الثلاثين من أكتوبر من كل عام، و عادة الإحتفال و الإحتفاء بالهلووين، يعود تاريخها الى طقس فلكلورى موغل فى القدم ،كان يقوم به الأيرلنديين فى عهد " السلتك " قبل ألفى عام .
عندما هاجر الأيرلنديين الأوائل الى الأرض الجديدة ( أمريكا ) نقلوا معهم ضمن ثقافتهم ذلك الطقس و من ثم إنتشر الى الدول المجاورة، كما ادخلت عليه بمرور الزمن كثير من المراسم و الطقوس المستحدثة . عندما عرفت الرأسمالية ولع الناس و شغفهم بهذا الطقس، قامت باستغلاله اقتصاديا لملئ خزائنها بمزيد من الربح من خلال الدعاية له، وغمر الأسواق بالأزياء العجيبة و الجديدة.
فى يوم الأحتفال ب "الهالووين " تزين الأسر منازلها بأشياء تبعث الرعب و الخوف للناظر اليها، كما يقوم الناس بتشكيل نبات " القرع " الى أشكال مختلفة و متنوعة فيها كثير من الإبداع، و يقال ان تشكيل نبات القرع هو اضافة تمت الى مراسم الإحتفال من قبل الأمريكيين ، و ذلك لتزامن موسم حصاد القرع فى أمريكا مع هذا الإحتفال بعد أن كان فى الماضى يشكل نبات " اللفت ".
فى هذا اليوم أيضا يقوم الأطفال و هم قد إرتدوا أغرب و أعجب الأزياء بزيارة المنازل القريبة منهم و مهددين أصحابها مزحَا، انهم سيقومون بتسليط الأرواح الشريرة و المؤذية عليهم اذا لم يستجيبوا لطلبهم بإعطائهم بعض الحلوى . يقوم أصحاب المنازل بتنفيذ طلبات الأطفال و ذلك بتقديم الحلوى التى تكون قد أحضرت و جهزت لهم منذ فترة.
بمرور الزمن الطويل منذ بِدء هذا الأحتفال بهذا الطقس، فقد تحولت المناسبة من حدث للرعُب و الأرهاب الجمعى الى طقس مسرحى أقرب للفكاهة و المرح، و لكن مع ذلك تظل الحقيقة قائمة و هى أن منشأ المناسبة و الإحتفال بها هى الخوف و الرعب المرتبط بالأسطورة.
بالطبع لم أذكر لجارى الودود و الملحاح، اننا نعيش فى السودان " هالووينا " من نوع آخر منذ أكثر من ثمانية أشهر، و هو أكثر رعبا و فتكا من كل ما ابتدعته و فكرت فيه عقلية الرعيل الأول من أسلاف الأيرلنديين.....
- كنت أنوى أن أقول له ان المغول و الهمج الجدد الجنجويد و مع الجيش السودانى الذى أصبح تابعا يأتمر بفكر " تنظيم الأخوان المسلمين " و سياساته قد قاما بالتضامن و الأنفراد..... و من أجل السلطة ،المال و المصالح بتدمير عاصمة البلاد الخرطوم حتى باتت أطلالا و أنقاضا و من ظل واقفاً على رجلين من تلك البنايات، لم يعد صالحاً للسكن.
- كنت سأقول له.... قتل بالقصف الطيرانى للجيش و دانات مدفعية الجنجويد فى الخرطوم وحدها عشرة آلاف قتيل من المواطنين كما مات المئات من الأشخاص لنقص الأدوية و إنعدام الرعاية الصحية اللازمه، و منهم من مات بالحسرة و الغضب و مهانة الحقارة بما يطلق عليه عامة الناس " موت الغبينه ". هذا غير الذين تم اعتقالهم و تعذيبهم و اغتصابهم من النساء كما نزح منها عشرة مليون شخصا خارجيا و داخليا.
- كنت أود مواصلة الحكى ذاكرا أن هنالك فى غرب السودان مدينة تسمى " الجنينه " دمرت تماما بواسطة الجنجويد، و هاجر منها مليون " مسلاتى " الى الدول المجاورة كما قتل الآلاف منهم.
كما استباح الجنجويد أيضا مدينة " نيالا " حاضرة جنوب دارفور بقتل مواطنيها و أغتصاب عدد كبير من النساء، و نزوح من تبقى منهم حيا الى القرى و المدن القريبة و طيران الجيش يقوم بقصفهم.
- الهجوم على العليفون بواسطة الجنجويد و نهبها ثم احتلال أم ضوبان كما تم الهجوم على القرى المتاخمة للكاملين تمهيدا للهجوم على مدينة مدنى.
- دمرت سته من محطات الشرب و معظم مكاتب الكهرباء
- دمرت معظم الأسواق فى العاصمة ونهبت بالكامل
- تم تدمير معظم مصانع أمدرمان ، الخرطوم و الخرطوم بحرى
- تم نهب و تدمير معظم صيدليات العاصمة و خروج 200 مؤسسة صحية من الخدمة
- تم طرد السكان من منازلهم بعد الإعتداء عليهم و الإستلاء على ممتلكاتهم و سكن فيها الجنجويد.....
- باختصار دمرت البنية التحتية للدولة و لا زال الطرفان يتحاربان و يموت المئات من المواطنين الأبرياء
- وددت أن أقول له أن الاطراف المتحاربة تعمل بالوكالة لصالح قوى خارجية دولية و أقليمية و ذلك لتأمين مصالحهم فى السودان ،كما انهم يساومون على السلام فى المؤتمرات لوقف الحرب، فهم يقدمون خطوة الى الأمام و ثلاث خطوات الى الخلف.
- وددت القول له ان مواطنى السودان المنتشرين على خارطة الدنيا، لا ينامون و لا يعرفون الراحة......قلقون على أسرهم " المشتته " داخليا و خارجيا وهم يعيشون فى ظروف بالغة الصعوبة.
- تمنيت أن أقول له....... فى خضم هذا الواقع البائس و المزرى هنالك مجموعات تنهض من تحت تلك الأنقاض و تعمل بعزيمة، اصرار و صمت من أجل تغيير ذلك الواقع، بغرس مفهوم السلام و بناء جبهة جماهيرية عريضة لتحقيق شعار مدنية الدولة و ديمقراطيتها.
فى الواقع و أنا أحكى لنفسى كنت مقتنعا أن جارى الودود لن يقوم بتصديقى اذا حكيت له لما يدور بذهنى، لأن ذلك ببساطة ووفقا لمفاهيمه من قبيل المستحيلات !! ..............لذلك آثرت الصمت و تركته ينعم باحتفال " هالوونى " ممتع !!!
عدنان زاهر
31 أكتوبر 2023
elsadati2008@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان: قوات “الدعم السريع” وحلفاؤها يمهدون لإعلان حكومة موازية عبر دستور انتقالي
يمانيون../
أعلنت قوات “الدعم السريع” السودانية، اليوم الثلاثاء، توقيعها مع عدد من الحلفاء على دستور انتقالي جديد، في خطوة تهدف إلى تشكيل حكومة موازية للحكومة القائمة في البلاد، وسط استمرار الحرب بينها وبين الجيش السوداني منذ قرابة عامين، ما يزيد من مخاطر تقسيم السودان، وفقًا لما نقلته وكالة “رويترز”.
بالتزامن مع هذا الإعلان، نفذت “الدعم السريع” هجومًا بطائرات مسيّرة استهدف البنية التحتية للكهرباء في السودان، حيث قصفت محطة سد مروي، أكبر منشأة لتوليد الطاقة في البلاد، ما تسبب في انقطاع واسع للكهرباء شمالي السودان، بحسب بيان صادر عن الجيش السوداني.
في المقابل، أكدت قيادة الجيش أنها حققت تقدمًا عسكريًا في منطقة شرق النيل، في خطوة تهدف إلى محاصرة قوات “الدعم السريع” في العاصمة الخرطوم، ضمن تصعيد مستمر بين الطرفين.
الدستور الانتقالي الذي تبنّته قوات “الدعم السريع” يسعى إلى استبدال الدستور الموقع عام 2019، ويؤسس لإقامة دولة فيدرالية علمانية مقسمة إلى ثمانية أقاليم، مع منح المناطق حق “تقرير المصير” في حال عدم تحقيق فصل الدين عن الدولة، وفق نص الوثيقة.
كما ينص الدستور على إنشاء جيش وطني موحّد، حيث يُنظر إلى القوات الموقّعة على الاتفاق على أنها ستكون “النواة” لهذا الجيش.
أبرز القوى الموقعة على الوثيقة تشمل “الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال” بقيادة عبد العزيز الحلو، وهي حركة ذات توجه علماني تسيطر على مناطق واسعة في جنوب كردفان، إلى جانب فصائل أخرى أصغر حجمًا.
في بيان مشترك، أعلنت قوات “الدعم السريع” وحلفاؤها أن الحكومة الموازية سيتم تشكيلها خلال الأسابيع القادمة، لكن لم يتم الكشف عن أسماء الشخصيات التي ستقودها أو موقعها الرسمي.
إعلان الدستور الجديد من قبل “الدعم السريع” يمثل تصعيدًا سياسيًا خطيرًا قد يساهم في تعميق الانقسام داخل السودان، خاصة في ظل غياب توافق وطني حول أي حلول سياسية للأزمة المستمرة.
هذا التطور قد يؤدي إلى تصعيد المواجهات العسكرية بين طرفي النزاع، وربما يدفع إلى تدخلات إقليمية ودولية أكثر حدة، في وقت يعاني فيه السودان من أزمة إنسانية متفاقمة بسبب الصراع المستمر.