عندما كان جنيهنا سيد العملات كنا نشتري الصحف والمجلات العربية والأجنبية بنصف رواتبنا ... واليوم بوصول التتار الي مقرن النيلين كانت حربهم أشد علي الثقافة !!..

اعود بالذاكرة الي نهاية الستينات وقد وصلت إلي الأبيض حاضرة كردفان معلما ( حديث التخرج من الثانوي ) بالمدارس الوسطي ... كانت حواضر البلاد كلها بها مكتبات عامة فيها من الكتب المتنوعة التي ترضي كافة الأذواق مع توفير الصحف اليومية والمجلات مجاناً للرواد .

.. وشكلت هذه المكتبات لوحة زاهية الألوان بندوات راتبة يؤمها طيف واسع من عشاق العلم والفنون والآداب ... كان التعليم في أوج عظمته وكانت جامعة الخرطوم صنوا لجامعة لندن وكان هنالك المعهد الفني وجامعة القاهرة فرع الخرطوم ... في الأبيض كان علي رأس مكتب التعليم الأستاذ عبد العزيز حسن علي ( التايجر ) وفي مدني كان ( السولجر ) يقود الدفة التعليمية بمهارة ربان لا يخشي هوج الرياح ... وهكذا كانت مكاتب التعليم بعواصم المديريات تذخر بالكفاءات من القاعدة وحتي السقف ... والمدارس بكافة مراحلها عامرة بالمكتبة العربية والإنجليزية ويجد الطالب فيها الفرصة للقراءة الحرة كما أن حصة المكتبة كانت مضمنة في جدول الحصص ولها اعتبار !!..
المكتبات التجارية في طول البلاد وعرضها كانت تستورد الكتب من شتي البقاع وتباع بأسعار في متناول اليد بالإضافة إلي الصحف والمجلات العربية والإنجليزية وكانت تباع فيها الأدوات المدرسية بأسعار زهيدة تلبي حاجة الطلاب بمختلف أوضاعهم الاقتصادية وكانت مدارس الحكومة تزود الطلاب بكل المعينات اللازمة للعملية التربوية والي ذلك الحين لم تطل في الأفق المدارس الخاصة التي بظهورها وانتشارها السرطاني ساهمت بقدر كبير في تدهور التعليم الذي نراه حاصلا اليوم لأنها ببساطة كانت بوتيكات القصد منها التربح فقط ولم يكن في بالها ابدا نشر العلم والثقافة والتربية الوطنية !!..
كنت محظوظاً وانا انزوي في ركن قصي من مكتبة عمنا الراحل محمد الشيخ القرشي ( القرشي الصغير ابن عم قيثارة كردفان محمد عوض الكريم القرشي ) واطالع هذه المجلات الشهيرة نيوزويك ، تايمز ولايف وكانت تباع للجمهور بسعر لايزيد علي الستة عشر قرشا للواحدة اي أنها في مجملها لا تزيد علي نصف الجنيه ... وكان هنالك جناح للصحف والمجلات المصرية واللبنانية وصحيفة السياسة الكويتية كانت حاضرة مع مجلة العربي ومجلة الدوحة القطرية وربما مطبوعات من أماكن أخري ...
كان عمنا القرشي الصغير مراسلا لصحيفة الايام والرأي العام معا ينقل لهم بأمانة مايدور في كردفان وينشرون إبداعاته القلمية بالصفحة الأولي كنوع من التكريم .
غير المكتبة التي كانت تشكل ثنائيا فريدا مع مكتبة كردفان لصاحبها الفاتح النور التيجاني الذي كان يصدر جريدة كردفان هذه الجريدة التي كانت عنوانا بارزا لمديرية كردفان وكانت اثيرة وجميلة ومحببة لدي الكردفانيين في شتي أصقاع العالم ... أسس عمنا القرشي الصغير المطبعة الحديثة التي لاتزال موجودة حتي اليوم وقد ساهمت كثيرا في الطباعة لكافة الاغراض خاصة الاجتماعية وكانت مقرا لتجمع المثقفين تناقش فيه القضايا التي تهم المجتمع والبلاد بحرية وبتناول فيه الكثير من الذوق والرقي والتحضر والإنسانية والأدب الرفيع .
وصلت إلي القاهرة بعد اندلاع الحرب اللعينة العبثية التي شتت أفكارنا وشغلت بالنا وجعلتنا تائهين وصرفتنا عن شيء اثير لدينا في عاصمة المعز وهو تناول شاي الصباح برفقة الصحيفة الصادرة هذا اليوم طازجة وضاجة بالأخبار الهامة والمواضيع الجادة والأعمدة الراسخة والأبواب المتنوعة ... والمجلات زاهية الألوان رفيعة الثقافة محتشدة بالعلم والمعرفة ...
وللأسف باندلاع الحرب اللعينة العبثية ووصولنا الي منبع الثقافة مصر ورغم الشوق والتوق للقراءة ولكن لم نتحرك للمكتبات واكشاك الصحف لأن الفينا مكفينا...
والعزاء أن تنقشع هذه الغمة ونعود باذن الله سبحانه وتعالى من جديد لحدائق نجيب محفوظ والعقاد وطه حسين وصحبهم الكرام وآخر ساعة وصباح الخير والصحيفة العملاقة الأهرام !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم بمصر .

ghamedalneil@gmail.com
/////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي تعلن المشاركة في فعاليات إطلاق الشبكة العربية لمراكز البحوث

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أهمية التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية المصرية والهيئات الإقليمية والدولية لتعزيز تبادل الخبرات والمعرفة، والتعريف بجهود المؤسسات البحثية المصرية في مواجهة التحديات المعاصرة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

وفي هذا الإطار، شارك معهد بحوث الإلكترونيات في الفعاليات التمهيدية لإطلاق الشبكة العربية لمراكز البحوث في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، حيث قامت الدكتورة شيرين عبدالقادر محرم، رئيس معهد بحوث الإلكترونيات بعمل ويبينار بعنوان "دور معهد بحوث الإلكترونيات في دعم الشبكة العربية للمراكز البحثية في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة"، بحضور الدكتور أحمد حسن فحل، الأمين العام المساعد للاتحاد.

وأوضحت الدكتورة شيرين عبدالقادر أن هذه المحاضرة تأتي في سياق التعاون المشترك بين المعهد واتحاد مجالس البحث العلمي العربية؛ لدعم الشبكة العربية لمراكز البحوث في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.

وشهد الويبينار مشاركة عدد من أعضاء معهد بحوث الإلكترونيات، حيث تم التأكيد على التزام المعهد بتعزيز التعاون البحثي العربي وتطوير المشاريع العلمية التي تلبي احتياجات وتحديات المنطقة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.

وتعد الفعاليات التمهيدية لإطلاق الشبكة العربية لمراكز البحوث في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة جزءًا من مشروع "شبكة مراكز البحث العلمي العربية"، الذي أطلقته الأمانة العامة لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية في دورته النصف سنوية في يوليو 2024، ويهدف المشروع إلى إنشاء شبكة فاعلة ومستدامة لمراكز البحث العلمي في الدول العربية، ودعم الروابط العلمية المتخصصة. كما يسعى إلى إطلاق مشاريع بحثية تشاركية تتناول التحديات الإقليمية والعالمية.

كما تهدف الشبكة أيضًا إلى تبادل أفضل الممارسات في مجال البحث العلمي، من خلال تنظيم المؤتمرات، وورش العمل، والندوات التي تسهم في تسهيل تبادل المعرفة ونشرها بين المراكز البحثية في العالم العربي.

مقالات مشابهة

  • الأكاديمية العربية تحتفي بأبنائها من ذوي الهمم لتعزيز الوعي و التكافؤ في التعليم
  • أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
  • السطان دينق قوج ايوال … مثال لروعة الدينكا ونبل الجنوبيين
  • عاجل| نشرة العملات العربية.. الليرة السورية ترتفع أمام الدولار وتوقعات إيجابية لمستقبل الجنيه المصري
  • التعليم العالي تعلن المشاركة في فعاليات إطلاق الشبكة العربية لمراكز البحوث
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • اسعار العملات العربية والأجنبية في مصر اليوم.. الأحد 22-12-2024
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني
  • وزير التعليم العالي يوجه بعدم فتح القبول للمؤسسات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان
  • الزراعة: تصدير دواجن وأعلاف أسماك للدول العربية والأجنبية