إعداد: مارك ضو إعلان اقرأ المزيد

من محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى إسماعيل هنية، رئيس مكتبها السياسي، توجد أبرز الشخصيات في الحركة التي تأسست عام 1987 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى – والتي وصلت إلى السلطة في قطاع غزة عام 2007 – على رأس القائمة الإسرائيلية للمسؤولين عن الهجمات الدامية التي نفذت في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأدت لمقتل أكثر من 1400 شخص.

 

محمد الضيف: العدو الأول لإسرائيل 

محمد الضيف، تشتبه تل أبيب في أنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. هو القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام، انضم إلى حماس في أواخر الثمانينات بعد أن قضى فترة على رأس اتحاد طلاب جماعة الإخوان المسلمين. ومنذ أكثر من 30 عاما يعتبر الهدف الأول لإسرائيل. 

المسؤول عن العمليات العسكرية للحركة منذ عام 2002، هذا الغزاوي المولود عام 1960 في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين في الجنوب، قضى حياته جنبًا إلى جنب مع يحيى عياش، القيادي السابق في حماس الذي قتلته إسرائيل في عام 1996. 

الصورة الوحيدة المتوفرة لقائد كتائب عز الدين القسام محمد ضيف تعود إلى ما قبل سنة 2000. ©

وتحت قيادة محمد الضيف، حصلت كتائب عز الدين القسام على صواريخ متطورة وبدأت في شن عمليات توغل برية من قطاع غزة عبر الأنفاق تحت الأرض. وتتهمه إسرائيل بصفة خاصة بالتخطيط للعديد من الهجمات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين، في منتصف التسعينيات ومن عام 2000 إلى عام 2006. 

عرف باسم "الضيف" لأنه لا يبقى في المكان ذاته لأكثر من ليلة واحدة للإفلات من الملاحقة الإسرائيلية. اسمه محمد دياب المصري وكنيته "أبو خالد". 

يلقبه الإسرائيليون بـ"ابن الموت". نجا من عدة محاولات اغتيال، لا سيما في الأعوام 2002 و2003 و2006. ومن المحتمل أن يكون قد أصيب بجروح خطيرة خلال المحاولة الأخيرة - شلل نصفي – وفق ما ذكر المسؤولون الإسرائيليون لكن حماس لم تؤكد هذه المعلومات مطلقًا. 

وفي عام 2014، قُتلت زوجته واثنان من أطفالهما في قصف منزلهم شمال غرب مدينة غزة. آخر صورة معروفة له تعود إلى عام 1989. 

أُدرج اسم الضيف في القائمة الأمريكية لـ"الإرهابيين الدوليين" في العام 2015.

إسماعيل هنية: الزعيم السياسي 

ولد إسماعيل هنية عام 1963 في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، أحد أفقر مخيمات غزة، يحظى بتركيز إعلامي كبير، وهو إلى جانب محمد الضيف، رئيس الجناح المسلح لحركة حماس، على رأس قائمة الأهداف ذات الأولية لدى إسرائيل. 

يرأس هنية المكتب السياسي لحركة حماس منذ أيار/مايو 2017، ويتنقل بين تركيا وقطر منذ منفاه الاختياري عام 2019. 

ناشط منذ بداية تشكل حركة حماس الإسلامية بغزة وخريج الأدب العربي من الجامعة الإسلامية في غزة، أمضى فترات عدة في السجون الإسرائيلية نهاية الثمانينات، فيما اتهمته تل أبيب بقيادة الجناح الأمني ​​لحركة حماس. 

اقرأ أيضاتاريخه، مواقفه، ثروته وطموحاته...من هو إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس؟

وبعد أن أصبح عضواً في المكتب السياسي للحركة الإسلامية والسكرتير الخاص لمؤسس حركة حماس، الشيخ أحمد ياسين (الذي قُتل في غارة إسرائيلية عام 2004)، ارتقى في صفوف الحركة وانتهى به الأمر لإيصالها إلى النصر خلال الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006. 

إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خلال زيارته دار الفتوى، أعلى سلطة دينية سنّية في لبنان، بيروت في 22 يونيو/حزيران 2022. © أ ف ب.

تم تعيينه رئيسا للوزراء في حكومة الوحدة الوطنية، وأقاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عام 2007، بعد سيطرة حماس على قطاع غزة بالقوة. هو براغماتي، وقد دعا مراراً وتكراراً إلى المصالحة مع حركة فتح، ولكن دون جدوى. 

كان شاؤول موفاز، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، قد هدده بالقتل مباشرة على موجات الإذاعة، إذ أكد أن إسماعيل هنية، الذي سبق أن نجا من محاولة اغتيال في سبتمبر/أيلول 2003، ليس في مأمن من الموت في حال "واصلت حركته أنشطتها الإرهابية". 

أعيد انتخاب أبو العبد زعيما لحركة حماس في 2021، وأدرج اسمه على القائمة الأمريكية لـ"الإرهابيين الدوليين" المصنفين تصنيفا خاصا (SDGT) في العام 2018. وتتهمه واشنطن على وجه التحديد بارتباطه بـ"علاقات وثيقة مع الجناح العسكري لحركة حماس" وبأنه "يدعم الكفاح المسلح، بما في ذلك ضد المدنيين". 

إسماعيل هنية مع مؤسس حماس، الشيخ أحمد ياسين (الذي قُتل في غارة إسرائيلية عام 2004)، في غزة، 13 يونيو/حزيران 2003. © رويترز

قال هنية في 7 تشرين الأول/أكتوبر عقب هجمات حماس على الأراضي الإسرائيلية "نحن على وشك تحقيق نصر عظيم" خلال خطاب متلفز بثته قناة الأقصى  التلفزيونية، التابعة لحركة حماس. 

وفي اليوم نفسه، ظهر في صور بثتها وسائل إعلام حماس، إلى جانب مسؤولين تنفيذيين آخرين في الحركة، بمكتبه في الدوحة، مبتهجا أمام شاشة تلفزيون تبث صور الهجوم الذي نفذته الحركة الإسلامية الفلسطينية. قبل أن يؤمّ صلاة "لشكر الله على هذا النصر". 

في 17 أكتوبر/تشرين الأول، أفاد المكتب الإعلامي لحماس بأن إسرائيل استهدفت منزلاً في مدينة غزة يعود لعائلة إسماعيل هنية. 

مروان عيسى: رجل الظل

مروان عيسى، البالغ من العمر 58 عامًا، هو اليد اليمنى لمحمد الضيف. ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فهو أحد الأهداف ذات الأولوية للوحدة الخاصة للشين بيت (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) والموساد (جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي)، المسماة "نيلي"، والتي تم إنشاؤها لتعقب المسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول والقضاء عليهم. 

  ونجا نائب رئيس الجناح العسكري لحركة حماس من عدة محاولات اغتيال، إحداها في عام 2006، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" اليومية الإسرائيلية. كان يشارك وقتها في اجتماع حضره أيضاً محمد الضيف أو"الضيف". وبحسب المصدر نفسه، فقد تعرض منزله للقصف مرتين، عامي 2014 و2021. 

"في إسرائيل يقولون إن الحرب النفسية مع حماس لن تنتهي ما دام مروان عيسى على قيد الحياة"، وفق ما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت". 

يحيى السنوار: رئيس حركة حماس في غزة 

يحيى السنوار، الذي تم انتخابه في فبراير/شباط 2017 على رأس حركة حماس في قطاع غزة - وهو المنصب الذي كان يشغله سابقا إسماعيل هنية - لا يعد زعيما سياسيا بسيطا. ولد عام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب الشريط الساحلي الفلسطيني، وهو قبل كل شيء أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام وقسم "المجد" الذي يقدم كوحدة استخباراتية تابعة لفرع حماس المسلح. 

يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، خلال مسيرة حاشدة في الأراضي الفلسطينية، 24 مايو 2021. أسوشيتد برس

اعتقلته إسرائيل عام 1988 بتهمة " القيام بنشاط إرهابي"، ثم حكم عليه بأربعة أحكام مؤبدة ليطلق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول 2011 ضمن اتفاق تبادل ألف أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الفرنسي-الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي احتجزته حماس لمدة خمس سنوات. وقد تم إدراج اسمه على قائمة الولايات المتحدة "للإرهابيين الدوليين" في أيلول/سبتمبر 2015. 

كما يشتبه الإسرائيليون في أنه أحد المخططين الرئيسيين لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول. 

 

صالح العاروري: الرجل الثاني في حماس 

نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2017، صالح العاروري يبلغ 57 عامًا من العمر، وهو أحد الشخصيات السياسية الرئيسية في الحركة الإسلامية الفلسطينية. وتتهمه تل أبيب وواشنطن بتمويل وتوجيه العمليات العسكرية لحماس في الضفة الغربية المحتلة. مدرج على القائمة الأمريكية لـ "الإرهابيين الدوليين" المصنفين تصنيفا خاصا (SDGT) منذ أيلول/ سبتمبر 2015. 

من جانبها، تعرض وزارة الخارجية الأمريكية، من خلال برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، مكافآت تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى مكان الرجل الثاني في حماس. 

اقرأ أيضامن يمول حماس وما هي الجماعات التي تساندها... ما الذي نعرفه عن هذه الحركة الفلسطينية؟

سُجن العاروري في السجون الإسرائيلية بين عامي 1995 و2010، ثم نُفي إلى سوريا قبل أن ينتقل إلى تركيا، ويعيش الآن في لبنان. 

ووفقا لوسائل إعلام محلية نقلا عن المخابرات الإسرائيلية، فقد كان متورطا في التخطيط لاختطاف وقتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين بالضفة الغربية المحتلة خلال صيف عام 2014. 

صالح العاروري (يسار)، الرجل الثاني في حماس، خلال مؤتمر صحفي مع عزام أهمان، أحد قادة فتح، في أكتوبر 2017 في القاهرة. رويترز

في 25 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله عن لقاء بين الأمين العام للحزب الشيعي اللبناني حسن نصر الله وزعيم حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة وصالح العاروري. 

في 31 تشرين الأول/أكتوبر، هدم الجيش الإسرائيلي بالمتفجرات منزل العاروري الواقع في عارورة، بالضفة الغربية المحتلة. وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول، تمت مداهمة عارورة حيث اعتقلت القوات الإسرائيلية حوالي عشرين شخصاً، من بينهم شقيق صالح العاروري وتسعة من أبناء أخيه. 

خالد مشعل: المنفي 

يعد خالد مشعل، زعيم حماس الذي ظل في المنفى لفترة طويلة قبل أن يحل محله إسماعيل هنية، منذ عقود شخصية محورية في الحركة الإسلامية الفلسطينية. 

معارض شرس لعملية السلام مع إسرائيل، وزعيم التيار المتشدد في حماس، غادر موطنه (الضفة الغربية) في العام 1967 إلى الكويت، وانخرط في جماعة الإخوان المسلمين قبل المشاركة في تطوير حماس، التي سيقود الفرع السياسي فيها منذ 1996 حتى تسليم المشعل لإسماعيل هنية في 2017.

زعيم حماس المنفي خالد مشعل خلال مؤتمر في الدوحة، 1 مايو 2017. © أ ف ب

وبعد الكويت، استقر في الأردن عام 1990. وفي أيلول/ سبتمبر 1997، نجا من محاولة اغتيال نفذها الموساد في عمان. 

وانتهت العملية بالقبض على الجاسوسين المسؤولين عن حقن السم في رقبته. وبعد أن تسببت في أزمة دبلوماسية بين عمان وتل أبيب، فهي تظل واحدة من أشهر الانتكاسات للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية. ويدين خالد مشعل ببقائه على قيد الحياة للعاهل الأردني الملك حسين، الذي حصل من حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية على الترياق للمادة السامة، مقابل السماح للجواسيس الإسرائيليين بالعودة لبلادهم. 

وفي عام 1999، تم طرده من الأردن مع مسؤولين آخرين في حماس ووجدوا ملجأ في سوريا، حيث تم دفعه إلى رأس الحركة بعد اغتيال إسرائيل للشيخ ياسين، ثم خليفته عبد العزيز الرنتيسي في العام 2004. 

وفي يناير/كانون الثاني 2012، غادر سوريا إلى قطر، معارضاً لحملة القمع التي يشنها الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة. 

وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، قام أستاذ الفيزياء السابق بزيارة تاريخية إلى غزة، وهي الأولى له، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لحركة حماس. وأكد هناك من جديد رفضه الاعتراف بالدولة العبرية. وأعلن أن "فلسطين من البحر إلى النهر، ومن الشمال إلى الجنوب، هي أرضنا وأمتنا، التي لا يمكن التنازل عن شبر منها ولا عن جزء منها. ولا يمكننا أن نعترف بشرعية احتلال فلسطين ولا بإسرائيل". أمام نحو 100 ألف فلسطيني تجمعوا في ساحة الكتيبة بمدينة غزة. 

ومن المفارقة أنه قبل شهر من ذلك، قال مشعل "المتعنت" إنه يؤيد إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية عاصمة لها. بمعنى إلى جانب إسرائيل وليس بدلاً منها، وفقا لرؤية حماس سابقا… 

خلف الأضواء منذ انتخاب إسماعيل هنية رئيساً للمكتب السياسي لحماس في عام 2017، لا يزال خالد مشعل مؤثراً للغاية داخل الحركة الإسلامية. وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر، بعد أيام قليلة من الهجمات الإرهابية التي وقعت على الأراضي الإسرائيلية، دعا من الدوحة العالم الإسلامي إلى التظاهر دعما للفلسطينيين وشعوب الدول المجاورة للانضمام إلى القتال ضد إسرائيل. 

الذين قتلوا منذ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 

إذا كانت الشخصيات الرئيسية في حماس وجناحها المسلح لا تزال تفلت من قبضة الإسرائيليين، فقد قُتل العديد من كبار المسؤولين المتمركزين في غزة في غارات إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. 

وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت الحركة الفلسطينية مقتل عضوي مكتبها السياسي: زكريا معمر وجواد أبو شمالة. الأول كان يرأس القسم الاقتصادي والثاني ينسق العلاقات مع الفصائل الفلسطينية الأخرى كرئيس لدائرة العلاقات الوطنية. 

صورة مركبة، نشرت في 10 تشرين الأول/أكتوبر على موقع حماس على الإنترنت، تعلن وفاة زكريا معمر وجواد أبو شمالة. © صورة ملتقطة من الشاشة

في 14 أكتوبر/تشرين الأول، ذكر الجيش الإسرائيلي أنه قتل اثنين من قادة حماس في غارات جوية: مراد أبو مراد، الذي يعتبره "مسؤولا عن جزء كبير من الهجوم المميت" في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وعلي قاضي، "أحد قادة حماس" في وحدة "النخبة" التي قادت الهجوم على البلدات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة. 

ووفقا للجيش الإسرائيلي، فقد تم إطلاق سراح علي قاضي، البالغ من العمر 37 عاما، وهو أصلا من رام الله في الضفة الغربية المحتلة، كجزء من عملية تبادل المعتقلين بعد إطلاق سراح جلعاد شاليط في عام 2011. 

في 17 تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت حماس عن مقتل أيمن نوفل، عضو المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام جراء غارة إسرائيلية. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه قضى على قائد المنطقة الوسطى في القطاع الفلسطيني ضمن الجناح المسلح للحركة، والذي يتهمه بـ "قيادة العديد من الهجمات ضد إسرائيل" و"الإشراف على إنتاج الأسلحة" و"المشاركة في تنظيم عملية اختطاف جلعاد شاليط" عام 2006. 

أيمن نوفل، عضو المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام، في الصورة في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 12أيلول/ سبتمبر، 2023. أ ف ب

وفي فبراير/شباط 2011، استغل أيمن نوفل، الذي كان معتقلا آنذاك في مصر، الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس حسني مبارك للفرار من السجن للوصول إلى قطاع غزة عبر نفق تهريب. 

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول أيضا، أعلن الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات "تصفية" أسامة المازني، وزير التربية والتعليم الأسبق وعضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، والذي كان يشغل أيضا منصب رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية.  

اقرأ أيضاعملية "نيلي"... عندما يذهب الجواسيس الإسرائيليون لمطاردة قادة حماس

جميلة شانتي، كانت أول امرأة يتم انتخابها لعضوية المكتب السياسي لحركة حماس، قُتلت في 18 تشرين الأول/أكتوبر في غارة إسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة. 

وهي من مواليد غزة، وانضمت إلى حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1977، قبل أن تنضم إلى حماس عشر سنوات بعدها. وعندما عادت إلى غزة عام 1990، انخرطت في الهياكل التنظيمية للحركة. 

جميلة الشانطي تم تصويرها في مدينة غزة، 8 يونيو، 2014. أ ف ب

تم انتخابها عام 2006 نائبة في المجلس التشريعي، برلمان السلطة الفلسطينية الذي لم يعد يجتمع منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في العام 2007، ثم عينت وزيرة لشؤون المرأة في حكومة حماس بغزة في 2013. 

في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت وكالة أنباء مرتبطة بحماس وفاة جهاد محيسن، قائد قوات الأمن الوطني التي تقودها حماس. كما قُتل أفراد من عائلته في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منزله. 

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قضى على نسيم أبو عجينة، أحد كبار قادة حماس المتورطين في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.

جهاد محيسن، قائد قوات الأمن الوطني في غزة وعضو حماس، التقطت الصورة في عام 2017. © حساب فيس بوك لوزارة الداخلية الفلسطينية

 

 

وفي بيان نشره الجيش وجهاز الأمن الإسرائيلي على تلغرام، اتُهم بأنه "أشرف على مذبحة 7 أكتوبر في قرية إيريز وموشاف نتيف هاسارا". 

وقالت هذه المصادر: "في الماضي، كان أبو عجينة يقود النظام الجوي لحماس وشارك في تطوير قدرات الطائرات بدون طيار والطائرات المظلية للمنظمة الإرهابية. ويمثل القضاء عليه ضربة قاسية لقدرات المنظمة الإرهابية حماس لتعطيل العمليات البرية للجيش الإسرائيلي". 

وفي المساء، قصف الجيش الإسرائيلي أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة، مخيم جباليا، "للقضاء" على إبراهيم بياري، الذي تم تقديمه كأحد المسؤولين عن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي كان داخل "شبكة الأنفاق تحت الأرض حيث كان يوجه العمليات". وبحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس، فقد خلف هذا القصف عشرات القتلى ومئات الجرحى. 

 

مارك ضو/ اقتبسته للعربية: صبرا المنصر

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج غزة إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس فلسطين للمزيد المکتب السیاسی لحرکة حماس الضفة الغربیة المحتلة کتائب عز الدین القسام تشرین الأول أکتوبر أکتوبر تشرین الأول الحرکة الإسلامیة الجیش الإسرائیلی غارة إسرائیلیة صالح العاروری إسماعیل هنیة حرکة حماس فی محمد الضیف خالد مشعل قادة حماس فی الحرکة قطاع غزة الذی کان فی العام حماس على تل أبیب فی حماس على رأس فی غزة عام 2006 فی عام

إقرأ أيضاً:

الأسلحة الكيميائية وسر نظام الأسد المظلم الذي تخشاه إسرائيل والغرب

ترك الانهيار المدوي والمفاجئ لنظام بشار الأسد في سوريا العديد من الأسئلة المفتوحة بلا جواب، واحد من هذه الأسئلة يتعلق بمصير ترسانة الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها النظام، التي استخدمها ضد شعبه بالفعل في أكثر من مناسبة منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وفشلت الجهود الدولية في تفكيكها بشكل حاسم ونهائي.

فرغم تبنّي مجلس الأمن الدولي قرارا بالإجماع عام 2013 بتدمير مخزون الأسلحة الكيميائية السوري والتخلص منه نهائيا في أعقاب مجزرة الغوطة، التي استخدم فيها نظام الأسد غاز السارين مُخلِّفا أكثر من 1400 قتيل، وإعلان الولايات المتحدة وروسيا إنجاز مهمة التخلص منها نهائيا في وقت لاحق، يُعتقد أن النظام نجح في إخفاء جزء كبير من ترسانته عن المراقبين، وتجديد جزء آخر منها خلال السنوات التالية، وقد ظهرت دلائل على استخدام النظام الأسلحة الكيميائية بعد الإعلان عن تفكيك ترسانته، أبرزها في دوما في إبريل/نيسان 2018 باستخدام الكلور وغاز الأعصاب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق لامتلاكهاlist 2 of 2كيف أخفقت روسيا في دعم بقاء الأسد؟end of list

تُثير هذه الترسانة الكيميائية الكثير من القلق لدى جهات عدة، أبرزها إسرائيل بكل تأكيد. فبحسب ما نشرته صحيفة "هآرتس" في 3 ديسمبر/كانون الأول، تزامنا مع تقدُّم فصائل المعارضة السورية وقبل أيام قليلة من فرار الأسد، كانت هناك مخاوف من إمكانية وصول الأسلحة الكيميائية التي يملكها النظام السوري السابق إلى أيدي فصائل المعارضة السورية المسلحة، ما قد يؤدي إلى تهديدات خطيرة لأمنها. لذلك، لم تمر بضع ساعات على انهيار نظام بشار الأسد رسميا، حتى قصف جيش الاحتلال مركز البحوث العلمية في المربع الأمني بدمشق، حيث تُدار برامج أسلحة كيميائية وصواريخ باليستية، وفقا لما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية.

إعلان

في وقت لاحق، قصف سلاح الجو الإسرائيلي مؤخرا مستودعا آخر للأسلحة الكيميائية تابعا لنظام بشار الأسد المُنهار في غرب سوريا، وعموما كانت مستودعات الأسلحة الكيميائية أحد الأهداف الرئيسية لأكبر عملية جوية في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي، التي شاركت خلالها 350 طائرة في تدمير أنظمة أسلحة الجيش السوري المُنهار، بما يشمل أيضا الطائرات المقاتلة والصواريخ الباليستية وأنظمة الدفاع الصاروخي وحتى السفن القتالية.

من جانبها، حرصت إدارة الشؤون السياسية التابعة للمعارضة السورية على طمأنة المجتمع الدولي بشأن موقفها من الأسلحة الكيميائية، متعهدةً بعدم استخدامها مهما كانت الظروف، وهو ما يدفعنا للتساؤل: ما الذي نعرفه حقا عن مخزون نظام بشار الأسد من الأسلحة الكيميائية؟ وكيف تَشكَّل؟ وما أشهر العمليات التي استخدم فيها النظام هذا السلاح في الحرب؟ وقبل ذلك، ما الأسلحة الكيميائية؟ ولماذا تثير كل هذا الرعب؟

أكبر ترسانة في العالم

في عام 1971، بدأت أولى المحاولات السورية لامتلاك السلاح الكيميائي، حين أنشأ عبد الله واثق شهيد، الفيزيائي النووي والمستشار الأول للرئيس السابق حافظ الأسد، مركز البحوث والدراسات العلمية لأغراض الأبحاث الكيميائية، لتبدأ دمشق في أنظمة الحماية من الهجمات الكيميائية بمعاونة الاتحاد السوفياتي، جنبا إلى جنب مع 11 ألف قناع واقٍ حصلت عليها البَلَدان من الصين.

وتشير المصادر الأميركية إلى أن سوريا حصلت على مخزون ضئيل من الأسلحة الكيميائية من مصر عشية حرب أكتوبر عام 1973، بيد أن الجيش السوري لم يستخدم تلك الأسلحة ضد إسرائيل أو ضد خصم آخر في أي وقت، ويبدو أنها كانت مجرد خطة تحوُّط في مواجهة سيناريو الانهيار العسكري الشامل. ومع ذلك، بعد أن فقدت دمشق الحليف المصري في أعقاب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في نهاية السبعينيات (اتفاقية كامب ديفيد)، وبشكل أخص بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 الذي فقدت خلاله سوريا 80 طائرة حربية دفعة واحدة في سهل البقاع، والحرب العراقية الإيرانية التي أضعفت الشراكة بين سوريا والاتحاد السوفياتي بسبب دعم الأخير لإيران في حربها ضد النظام البعثي العراقي، ازدادت عزلة النظام السوري وانكشف ضعفه الإستراتيجي والعسكري، ما وفَّر حوافز إضافية للاستثمار في الأسلحة الكيميائية.

إعلان

تشير التقديرات إلى أن دمشق بدأت فعليا في إنتاج "الكيماوي" في منتصف الثمانينيات، ففي عام 1983 أشارت تقديرات الاستخبارات الوطنية الأميركية لأول مرة إلى وجود منشأة سورية لإنتاج الأسلحة الكيميائية. وكشف إفصاح صادر عن الحكومة البريطانية في عام 2014 أن سوريا حصلت بحلول عام 1986 على مئات الأطنان من المواد الكيميائية الأولية، بما في ذلك "ثلاثي ميثيل الفوسفيت"، و"ثنائي ميثيل الفوسفيت"، و"فلوريد الهيدروجين"، من المملكة المتحدة، وتقنيات أخرى لتطوير عوامل الأعصاب مثل غاز السارين.

وبحلول عام 1990، أشارت وسائل الإعلام والتصريحات الصادرة عن المسؤولين الأميركيين إلى أن سوريا حوَّلت العديد من مصانع الكيماويات الزراعية إلى مرافق لإنتاج السارين. وفي عام 1997، زعمت مصادر أميركية وإسرائيلية أن برنامج الأسلحة الكيميائية السوري بات يتضمن منشآت إنتاج في دمشق وحمص وحلب، ويمكنه إنتاج السارين والخردل، وربما "في إكس" (VX) الذي يُصنَّف واحدا من أكثر الأسلحة الكيميائية فتكا وخطورة.

نتيجة لذلك، حظرت الولايات المتحدة بيع غاز السارين ومركبات الخردل إلى سوريا منذ ثمانينيات القرن العشرين، وتسبَّب ذلك في لجوء دمشق إلى السوق السوداء. مثلا في عام 1996، اتهمت السلطات الروسية الفريق المتقاعد أناتولي كونتسيفيتش بشحن 800 كيلوغرام من المواد الكيميائية الأولية إلى سوريا. ورغم إسقاط هذه التهم في نهاية المطاف، أفادت الصحافة الإسرائيلية أن كونتسيفيتش اعترف لاحقا بنقل مواد أولية لغاز الأعصاب.

من عام 2002 إلى عام 2006، كرَّرت التقارير الصادرة عن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) أن "دمشق تحتفظ بالفعل بمخزون من غاز الأعصاب السارين، لكنها حاولت على ما يبدو تطوير مواد أعصاب أكثر سُمِّية واستمرارية". في عام 2009، أصدرت الاستخبارات المركزية الأميركية تأكيدها أن النظام السوري يملك برنامج أسلحة كيميائية يُمكِّنه من تنفيذ هجمات كيماوية بالطائرات والصواريخ بعيدة المدى وبالمدفعية. وفي يونيو/حزيران عام 2012، أكَّد الجنرال "يائير نافيه"، مساعد رئيس الأركان الإسرائيلي حينها، أن سوريا تملك "أكبر ترسانة أسلحة كيميائية في العالم طوَّرتها منذ أربعين عاما"، وقال إن من بين الغازات الموجودة في ترسانتها غاز السارين وغاز الأعصاب وغاز الخردل. وفي يوليو/تموز من العام نفسه، جاء أخيرا أول اعتراف رسمي من النظام السوري بامتلاكه أسلحة كيميائية، وهو اعتراف لم يرد إلينا عبر تصريح رسمي لمسؤول حكومي، بل عبر آثاره التي ظهرت على جثث القتلى.

إعلان الكيماوي ضد الشعب

كانت الثورة التي حوَّلها قمع النظام إلى حرب دموية قد اندلعت بحلول ذلك الوقت، وتحوَّلت معها الأسلحة الكيميائية من "مخزونات صامتة" للتحوُّط ضد الخصوم الخارجيين إلى أسلحة مشهرة في وجه المواطنين السوريين. وفي الفترة ما بين أواخر نوفمبر/تشرين الثاني وأوائل ديسمبر/كانون الأول 2012، حصلت وكالات الاستخبارات الغربية على أدلة واضحة على أن النظام السوري كان يجهز الأسلحة الكيميائية للاستخدام، بما في ذلك خلط المواد الكيميائية الأولية وتحميل الأسلحة على مركبات نقل عسكرية خاصة.

لم تكد تمر أيام على تلك التقارير حتى جاء الخبر اليقين، حين استُخدم "الكيماوي" لأول مرة في حمص قبل نهاية عام 2012. وبعد بضعة أشهر، تحديدا في 19 مارس/آذار 2013، ظهرت أدلة على هجوم بالأسلحة الكيميائية في قرية خان العسل في محافظة حلب، مما استدعى تشكيل بعثة لتقصي الحقائق من قِبَل الأمم المتحدة. بيد أن الأسوأ لم يكن قد جاء بعد، ففي صباح يوم 21 أغسطس/آب 2013، ظهرت مقاطع الفيديو حول هجوم الغوطة، وهو الهجوم الكيميائي الأكثر فتكا في الحرب السورية، الذي أجبرت تداعياته نظام الأسد على إدخال فِرَق التفتيش الأممية ثم الرضوح لاتفاق روسي أميركي للتخلص من مخازنه الكيميائية تفاديا لضربة أميركية محتملة.

مجزرة الغوطة التي قامت بها قوات الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية في أغسطس/آب 2013 (الجزيرة)

ووفقا للنتائج الأولية التي أعلنتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن الترسانة السورية تضمنت 1000 طن متري من الأسلحة الكيميائية من الفئة الأولى (الأسلحة الكيميائية الصريحة)، و290 طنًّا من المواد الكيميائية من الفئة الثانية (ذات الاستخدام المزدوج)، و1230 نظام توصيل غير معبأ من الفئة الثالثة مثل الصواريخ، وقد دُمِّرت الغالبية العظمى من هذا المخزون خارج سوريا. ولكن في حين رُحِّبَ بتدمير الأسلحة الكيميائية المعلنة في سوريا باعتباره إنجازا كبيرا، ظلَّت الأسئلة قائمة حول إذا ما كان النظام قد أفصح عن مخزوناته كاملة.

إعلان

بادئ ذي بدء، اقتصر دخول الفِرَق إلى مواقع تخزين السلاح الكيميائي التي أعلن عنها النظام، أما المواقع غير المُعلنة فكان على المفتشين تقديم طلب دخول إليها عبر إرفاق مجموعة من الأدلة التي تدعم شكوكهم، أي إن تحركات المفتشين كانت تخضع لشروط النظام، وكان له صلاحية رفض تلك التحركات. في إحدى الحالات، شكَّك المفتشون بأن النظام يمتلك أكثر من 20 طنًّا من غاز الخردل هو حجم ما اعتُرف به رسميا، وعندما ضغطت الأمم المتحدة على النظام، ذكر أنه كان قد أتلف فعلا مئات الأطنان من غاز الخردل قبل بدء عملية التفتيش دون تقديم أدلة على ذلك.

لاحقا، كشفت العيّنات التي أخذتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في موقع الأبحاث العسكرية السورية "المعهد 3000" (في مايو/أيار 2014 ويناير/كانون الثاني 2016) عن وجود بعض المواد الكيميائية الناتجة عن تحليل غاز الأعصاب "في إكس"، كما وجد المفتشون آثارا من كحول "بيناكوليل" في المنشأة، وهو مادة أولية لغاز الأعصاب "سومان" وليس له استخدامات سلمية.

قُطعت هذه الشكوك باليقين حين استأنف النظام هجماته الكيميائية بعد الإعلان عن تفكيك ترسانته. وتشير تقديرات مستقلة إلى وقوع عشرات الهجمات الكيميائية للنظام بعد تفكيك ترسانته رسميا. على سبيل المثال، في الرابع من إبريل/نيسان 2017، ظهرت التقارير حول هجوم بغاز السارين على قرية خان شيخون، 30 ميلا جنوبي إدلب، الذي خلَّف أكثر من 100 قتيل، وهي الحادثة التي عُرفت بمجزرة خان شيخون، ما دفع الولايات المتحدة إلى إطلاق 59 صاروخا من طراز "توماهوك" على قاعدة الشعيرات الجوية، الموقع الذي انطلق منه الهجوم الكيميائي.

لاحقا، استهدف النظام مدينة دوما بريف دمشق عام 2018 بأسطوانات غاز الكلور، مما أسفر عن مقتل 43 شخصا. وردا على هذا الهجوم، شنَّت الولايات المتحدة إلى جانب فرنسا وبريطانيا، في إبريل/نيسان عام 2018، ضربات عسكرية ضد ثلاثة مواقع ذكرت إدارة ترامب حينها أنها كانت جزءا من برنامج الأسلحة الكيميائية السوري، منها موقعان لتخزين الأسلحة الكيميائية في غرب حمص، أحدهما الموقع الأساسي لإنتاج غاز السارين، بينما الموقع الثالث كان في إحدى مناطق دمشق، وذكر مسؤول في البنتاغون حينها أنه مركز لتطوير وإنتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

إعلان ما السلاح الكيميائي وما خطورته؟

يقودنا هذا الاستعراض إلى حديث مقتضب حول الأسلحة الكيميائية نفسها، ولماذا تُعد مصدرا للرعب. بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يُعرَّف السلاح الكيميائي بأنه أي مادة كيميائية سامة مُصمَّمة خصوصا لإحداث الوفاة أو غيرها من الأضرار، أو أي مادة أخرى يمكن أن تؤدي بتفاعل كيميائي إضافي إلى تلك المادة السامة، التي يمكن أن تُستخدم مباشرة، أو تُوضع في ذخائر عسكرية.

تنقسم الأسلحة الكيميائية إلى عدة عوامل بحسب استخدامها، هناك مثلا خردل الكبريت الذي يُصنَّف ضمن العوامل المنفّطة، وتظهر تلك العوامل في الحروب على شكل سائل، أو رذاذ، أو بخار، أو غبار، وتدخل إلى الجسم عبر الرئتين والجلد. وغاز الخردل ليس له لون أو رائحة، ولكن عندما يُخلط مع مواد كيميائية أخرى فإنه يصبح بُنّي اللون وله رائحة تشبه رائحة الثوم، وتشمل أعراضه حروقا في الجلد والأغشية المخاطية والعينين، بالإضافة إلى التهابات جلدية ومشكلات في الجهاز التنفسي مثل التهابات القصبة الهوائية والرئتين.

بينما يُعد الكلور ضمن العوامل الخانقة، التي تكون عادةً في شكل غاز وتدخل الجسم عبر الرئتين. عند استنشاقها، تُسبب هذه العوامل تهيُّجا في الأنف والمجرى التنفسي، وقد تؤدي إلى تراكم السوائل في الرئتين مما يسبب الاختناق. يُعد الكلور مادة كيميائية مزدوجة الاستخدام، إذ يُستخدم في العديد من التطبيقات المدنية السلمية المشروعة، لكن يُحظر استخدامه بوصفه سلاحا بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

أما الأسلحة الكيميائية الأكثر خطورة فهي العوامل المؤثرة على الأعصاب مثل "السارين"، و"في إكس". تظهر هذه المواد أيضا في شكل سائل، أو رذاذ، أو بخار، أو غبار، وتخترق الجسم عبر الرئتين والجلد كليهما، وتؤدي إلى تشنجات شديدة، وفقدان السيطرة على الجسم، وشلل العضلات بما في ذلك عضلة القلب والحجاب الحاجز مما قد يؤدي إلى الوفاة.

إعلان

أحد أكثر تلك العوامل استخداما هو غاز السارين، الذي طُوِّر أثناء الحرب العالمية الثانية، واكتسب اسمه من اسم العالِم الألماني الذي طوَّره، ومثله غاز "تابون" وغاز "سيكلوسارين". وتُعد هذه المجموعة من الغازات الطيارة التي تتحول إلى سائل في درجة حرارة غرفة طبيعية، غير أن غاز السارين هو أخفها، والسارين الصافي عندما يكون سائلا يكون عديم اللون والطعم والرائحة.

استخدم نظام الأسد هذه العوامل في هجمات كيميائية مختلفة على مدار السنوات الماضية، لكن التقارير تشير إلى أن المادة الكيميائية السامة الأكثر استخداما هي الكلور. ووفقا لبيانات "بي بي سي"، يُشتبه في استخدام جيش النظام السوري للكلور في 79 هجوما مسجلا. وتُعزى ميزة الكلور -في الهجمات الكيميائية- إلى صعوبة إثبات استخدامه، وبالتالي زيادة إمكانية الإنكار، بسبب سرعة تطاير الكلور، ما يعني تبخّره وتشتته سريعا.

أب يرثي أبناءه بعد مقتلهم على إثر الهجمات الكيميائية التي شنتها قوات الأسد في مدينة الغوطة في أغسطس/آب 2013 (الأوروبية)

تشير شهادات المنشقّين عن مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري لصحيفة "لوموند" الفرنسية عام 2020 إلى أن براميل الكلور تُصنع محليا، وأشارت تلك الشهادات إلى كيانات جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل ورشتين لإنتاج البراميل المتفجرة المليئة بالكلور، إحداهما تقع في جمرايا، والأخرى بالقرب من مصياف. ويشير التقرير أيضا إلى آليات تزويد المركز بالمواد الكيميائية، إذ اكتشف المحققون أنه بين عامَيْ 2014-2018، صدّرت 39 دولة -بينها 15 دولة أوروبية- 69 فئة من المنتجات التي يُحتمل خضوعها للعقوبات إلى سوريا، وتضم بصورة أساسية مُركب "أيزوبروبانول"، الذي يُسمح بتسويقه فقط إذا كانت نسبة تركيزه أقل من 95%، لأنه يمكن استخدامه في صنع غاز السارين.

إعلان

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانا في يوم إحياء ذكرى كل ضحايا الحرب الكيميائية، أشارت فيه إلى أن النظام السوري لا يزال يمتلك ترسانة من الأسلحة الكيميائية، مع مخاوف جدّية من احتمال تكرار استخدامها في سوريا. وأشار البيان إلى أن روسيا تساعد النظام السوري في إخفاء مخزوناته من الأسلحة الكيميائية. وقد وثَّقت الشبكة حتى تاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023 ما لا يقل عن 222 هجوما بالأسلحة الكيميائية في سوريا في قاعدة بياناتها، منذ أول استخدام موثق لهذه الأسلحة المحرّمة دوليا في 23 ديسمبر/كانون الأول عام 2012. وقد نفّذت قوات النظام السوري ما مجموعه 217 هجوما من إجمالي تلك الهجمات، بينما نفّذ تنظيم الدولة الهجمات الخمس المتبقية.

أما خطورته، فيُعد السلاح الكيميائي ضمن أخطر الأسلحة فتكا بالبشر على المستوى الجماعي، غير أن حجم الأضرار الناجمة عنه يعتمد بشكل كبير على تركيزه، وهو أمر يختلف من مكان إلى آخر، حيث تزيد المخاطر في الأماكن المغلقة والضيقة، مقارنة بالمساحات الواسعة على سبيل المثال، وفي كل الأحوال يؤدي التعرض لذلك النوع من المواد إلى الوفاة إذا زاد التركيز الذي يتعرَّض له الشخص ومدة التعرُّض على حدٍّ معين.

حقيقة أخرى لا تقل أهمية عن السلاح الكيميائي هي أنه "عشوائي" في اختيار ضحاياه، إذ يمر بين جنبات البيوت والحارات الضيقة، فيقتل مَن يقابل بلا تمييز. وتزداد الأمور سوءا إذا علمنا أن المواد الكيميائية تُحمَل مع الرياح أو المياه إلى مسافات طويلة، ويستمر تأثيرها لمدة يومين تقريبا في البيئة التي أُطلقت بها، في ظل ظروف مناخية متوسطة، ومن أسابيع إلى شهور في ظل ظروف شديدة البرودة.

كل هذا ولم نتحدث بعد عن ذلك القدر من الألم غير المحتمل الذي يعانيه الضحايا قبل الموت. تبدأ أعراض تسمم السارين مثلا بدموع غزيرة، مع ألم واضح ورؤية مشوَّشة، إلى جانب سيلان اللعاب والتعرق المفرط والسعال وضيق الصدر والتنفس السريع والإسهال والغثيان والقيء، مع آلام في البطن وزيادة التبول والارتباك والنعاس والصداع، إلى جانب ذلك يرتفع معدل ضربات القلب ويضطرب ضغط الدم. ومع استمرار التعرض، يفقد الشخص الوعي، وقد تظهر تشنجات وشلل، تنتهي بفشل الجهاز التنفسي، ثم الوفاة.

إعلان

فيما يتسبَّب الكلور في ألم حارق واحمرار وبثور على الجلد، مع شعور بحرقة في الأنف والحلق والعينين، وسعال ساحق، وضيق شديد في الصدر، وصعوبة في التنفس، يعقب ذلك تراكم السوائل في الرئتين، ومع استمرار التعرُّض تكون الوفاة هي النتيجة التالية. كل هذا القدر من الألم ألحقه نظام الأسد بلا رحمة بآلاف الضحايا، الذي كانوا بالنسبة إليه ثمنا مقبولا للاحتفاظ بكرسي السلطة، الذي لم يُخيَّل إليه أنه سيفقده بين طرفة عين وانتباهتها، في اثني عشر يوما فقط.

مقالات مشابهة

  • صحيفة عبرية.. إسرائيل تركز على 8 قادة في جماعة الحوثي
  • مصاد عسكرية تكشف: حماس جندت آلاف المقاتلين الجدد في غزة
  • هجوم تركي وشيك.. قائد سوريا الديموقراطية يطالب بمنطقة عازلة في كوباني
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الاتفاق الذي سينفذ على 3 مراحل
  • الشرع لـ"التايمز": لن نستخدم سوريا كمنصة لإطلاق هجوم على إسرائيل
  • إسرائيل تخطط لهجوم واسع في اليمن ردًا على الهجمات المستمرة
  • الأسلحة الكيميائية وسر نظام الأسد المظلم الذي تخشاه إسرائيل والغرب
  • حكومة اقليم كوردستان تشرع بصرف رواتب شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي
  • هيئة البث العبرية: إسرائيل تستعد لشن هجوم كبير على الحوثيين
  • خبير: إسرائيل استغلت عملية 7 أكتوبر لتحقيق أهدافها في المنطقة