المقاومة الفلسطينية الباسلة وسقوط الأقنعة
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
الحرب الصهيونية الضارية التي تشنها القوات الصهيونية المدعومة بإسناد أمريكي من حيث التخطيط والرصد، واستخدام الأقمار الصناعية وحشد قواتها العسكرية في السفن الحربية في البحر الأبيض المتوسط، والإسناد الميداني بالرصد والتخطيط، والمدعومة سياسيا وإعلاميا من قبل الدول الغربية الكبرى، التي يحلو لها أن تطلق على نفسها بدول العالم الحر، والوصابة على الديمقراطية وحقوق الإنسان !! هذه الحرب كشفت القناع وأسقطت دعاوى ما يسمى بالعالم الحر الدفاع عن حقوق الإنسان والحق في تقرير المصير، وأكدت نفاقه وازدواجيه معاييره من عدة وجوه :
الوجه الأول ـ الانطلاق في التعامل مع الصراع الصهيوني ـ الفلسطيني، وكأنه وليد عملية "طوفان الأقصى" التي يتم توصيفها من قبل إعلامه المخترق صهيونيا بأنها "إرهاب" في سعي لطمس أصول هذه القضية ونشأتها الأولى ومراحلها المختلفة.
ثانيا ـ إن هذه المقاربة المفضوحة والمتحيزة تسعى إلى إلغاء ما يزيد عن نصف قرن من الاضطهاد والتنكيل، والجرائم الإرهابية التي ارتكبها الكيان الصهيوني المدعوم من قبل القوى الغربية؛ بدءا بما قامت به عصابات الهاجانا التي مارست التقتيل في حق الفلسطينيين، ومرورا بالحروب المتتالية وحرب 1967 وما ترتب عنها من نتائج.
منذ ذلك التاريخ تحول الشعب الفلسطيني إلى شعب بدون أرض يعيش في الشتات أو محاصرا في الضفة الغربية، وتحت البطش المتواصل به وعشرات جرائم الإبادة الجماعية المتكررة، التي مورست في حقه خلال ستة عقود أو يزيد فضلا عن الدور الداعم للمنظمات الصهيونية، التي شجعت عمليات تهجير اليهود من مختلف أقطار العالم ومنها عدد من الدول العربية إلى أرض فلسطين بما واكب ذلك، وصاحبه من طرد الفلسطينيين من أرضهم وتحويلهم إلى لاجئين في المخيمات أو في الشتات.. كما تحولت فلسطين لـ "شعب دون أرض" وجمع شتات اليهود في العالم من مختلف الجنسيات والإثنيات بناء على أسطورة أرض الميعاد وغيرها من الأساطير المؤسسة الكيان الصهيوني ..
ثالثا ـ أن الدول الغربية التي تزعم أنها دول لحقوق الإنسان ودول تؤكد على حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ترفع شعار نشر قيم وممارسات حقوق الإنسان في الدول العربية والإسلامية وتبتزها بذلك من خلال منظماتها والناشطين فيها، تجد نفسها اليوم خرساء غارقة في ازدواحية المعايير والكيل بمكيالين حين يتعلق الأمر بالانتهاكات الحقيقية والجسيمة لتلك الحقوق، وعلى رأسها حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي يعتبر جزءا أساسيا في العقيدة السياسية والحقوقية للدول والمجتمعات الغربية "المتحضرة".
لكنها تصبح خرساء عمياء حين يتعلق الأمر بالشعوب غير الغربية والشعوب البيضاء، إذ سرعان ما تظهر ازدواجية في المعايير، وتبدأ بعملية تزوير للتاريخ ومحاولة مسح تاريخ طويل من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المنطقة وفي مقدمتها حقوق الشعب الفلسطيني، ومنها حقه في تقرير مصيره وفي بناء دولته المستقلة… وحقه في الحماية من العدوان ومن كل أشكال وصور الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية .
إن الغرب اليوم ودوله "المتحضرة" ضالعة في حرب الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة أساسا وفي الضفة الغربية بشكل أو بآخر. كما أن موقفه من الصراع القائم يعكس تناقضات منطقه في التفكير القائم على ازدواجية المعاييرإنها بحصرها للعوامل التي نتجت عنها حرب الإبادة التي يمارسها جيس الاحتلال الصهيوني في عملية القدس تمارس كذبا على التاريخ وتضليلا وطمسا لحقائقه؛ ولكل تلك الحقائق التاريخية فنضال الشعب الفلسطيني لم يبدأ من عملية طوفان القدس، أي يوم انطلاق المقاومون الفلسطينيون وهم يعبرون أسلاك وحدود الفصل العنصري، والسجن الكبير الذي وضع فيه جزء كبير من أبناؤ الشعب الفلسطيني في غزة.. وفي المخيمات المحاصرة في الضفة الغربية هو تاريخ نضالي طويل، وهو جزء لا يتجزأ من تاريخ حافل من المقاومة، وليس عملية إرهابية قام به أشخاص متعطشون الدم، وإنما أشخاص مقاومون متطلعون لينل الشهادة فداء للأرض والعرض ..
رابعا ـ إن الغرب اليوم ودوله "المتحضرة" ضالعة في حرب الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة أساسا وفي الضفة الغربية بشكل أو بآخر. كما أن موقفه من الصراع القائم يعكس تناقضات منطقه في التفكير القائم على ازدواجية المعايير. وتنكشف تلك الازدواجية في موقفه من حربين لا يفصل بينهما زمن طويل: الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، فعندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين فإن كفاحهم ونضالهم من أجل استعادة حقوقهم المسلوبة يصبح إرهابا وعدوانا تجب محاربته بكل الأشكال، بينما يصبح دفاع الأوكرانيين عن أراضيهم حقا مشروعا، ودفاع الفلسطينيين عن أقصاهم وقدسهم ومدنهم المحتلة جريمة لا تغتفر، ولا يمكن التعاطف والتضامن معهم، والكيان الصهيوني كيان فوق المحاسبة ولا تنطبق عليه المعايير والقيم والمبادئ والقوانين الدولية المتعارف عليها دوليا.
غير أن الأقنعة لم تسقط فقط عن الغرب وانكشاف نفاقه وكذبه، وهو يلوي عنق التاريخ يطمس حقائقه بتحويل الشعب الفلسطيني، الذي يمارس حقا مشروعا تضمنه الشرائع السماوية والمواثيق الدولية أي الحق في المقاومة إلى إرهاب .. وإنما سقط أولا وقبل كل شيء عن النظام العربي برمته، وهو النظام الذي يقف اليوم موقف المتفرج على الحرب التي تشن على الشعب الفلسطيني، وعلى جرائم الإبادة الجماعية التي تمارس في حقه، وسقط القناع بالخصوص عن المتصهينين من بني جلدتنا المخترقين صهيونيا لدرجة أن يصرح أحدهم قائلا: "كلنا إسرائيليون" في مقابل الملايين من الجماهير العربية والإسلامية وغير الإسلامية والغربية، التي خرجت في العواصم والمدن الغربية والإسلامية والدولية تصرخ بشعار واحد "كلنا فلسطينيون".
وتبقى المقاومة الفلسطينية شاهدة باستبسالها ومجسدة لقوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"، فالمقاومة الفلسطينية ليس إرهابا وإنما الإ هابي هو الكيان العنصري الصهيوني، وكل من يبرر جرائمه ويحاول إلصاق التهمة بالطرف المقاوم المعتدى عليه شريك في العدوان، وستقول فيه محكمة التاريخ عاجلا أم آجلا كلمتها. وتصنف المقاومة الفلسطينية في ديوان النبل الإنساني وقيمه النضالية الرفيعة والكيان الصهيوني ومن يسنده مع فرعون وهامان وقانون وهولاكو وجانكيسخان وهتلر وموسيليني وستالين، ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ولائحة العار طويلة.
وتبقى الشعوب العربية والمسلمة التي خرجت في مظاهرات حاشدة حصنا حصينا ضد الاختراق الصهيوني، حيث يقيم لها الكيان الغاصب ألف حساب وكذلك أحرار العالم الذين خرجوا في العواصم الأوروبية وفي شوارع لندن ونيويورك وواشنطن، مما يدل على أنه لا يزال في العالم أحرار، تماما كما رفض أحرار العرب في مكة المكرمة الحصار الظالم الذي أقامته قريش المستكبرة بأموالها ونفوذها وأصنامها، وادعائها خدمة الكعبة وحجاجها على المسلمين المستضعفين حيث حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم في السنة السابعة من البعثة، وبقوا محاصرين لا يبيع إليهم ولا يشتري منهم مضيقا عليهم نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد إلى أن تنادى بعض العقلاء منهم لإنهاء هذه المقاطعة والحصار الظالمين، فقاموا بتمزيق وثيقة الحصار التي علقت على الكعبة فوجدوا أن الأرضة قد أكلتها.
غزة ستنتصر.. فلسطين ستتحرر وقريبا سينتفض عقلاء العالم لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، وقبل ذلك سينتصر الصمود الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، وستأكل الأرضة على الأرض الفلسطينية كل المواثيق والأحلاف والخطط والمؤامرات "وما يعلم جنود ربك إلا هو".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني العدوان الاحتلال احتلال فلسطين عدوان رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی حقوق الإنسان فی تقریر
إقرأ أيضاً:
انسحاب العدو الصهيوني من محور نتساريم إعلان هزيمة
يمانيون../
بعد شهور طويلة من القتال العنيف والمجازر والدمار، اضطر العدو الصهيوني إلى الانسحاب من محور نتساريم مُجدداً في إطار صفقة مع المقاومة الفلسطينية، وباتت المفارقة أن الموقع الذي كان يُنظر إليه داخل حكومة نتنياهو كرمز لعودة الاستيطان والسيطرة، أصبح اليوم عنوانا للهزيمة العسكرية.
وفي هذا السياق اعترف قادة اليمين المتطرف في كيان العدو الصهيوني، مثل إيتمار بن غفير، بفشل المخطط الصهيوني في محور نتساريم، الذي تحول إلى شاهد جديد على قدرة المقاومة الفلسطينية على إفشال المشاريع الاحتلالية، رغم محاولات ترسيخ الاستيطان بالقوة.
وأعلن جيش العدو الصهيوني اليوم الأحد، أنه أكمل سحب قواته من محور نتساريم في قطاع غزة في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذلك بعد احتلاله لأكثر من عام وثلاثة أشهر.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال: إن “قواتنا انسحبت من نتساريم بالكامل”، وذلك بعد صدور أوامر في وقت سابق أمس للقوات الصهيونية بالانسحاب من المحور الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
ومع اندلاع الحرب الأخيرة، تجددت طموحات قطعان المستوطنين الصهاينة، وتعاونوا مع ضباط بارزين مثل يهودا فاخ، قائد الفرقة 252، في محاولة لفرض السيطرة الصهيونية الدائمة.
غير أن الواقع الميداني كان مُختلفاً تماماً، إذ تحول المحور إلى مصيدة للمُحتلين الغاصبين، حيث نفذت المقاومة الفلسطينية عمليات نوعية، شملت تفجير العبوات الناسفة وعمليات قنص، مما جعل الموقع هدفا دائما لهجمات فصائل المقاومة الفلسطينية، وأدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف جيش العدو.
وخلال حرب الإبادة الصهيوأمريكية على غزة برز محور نتساريم أو “محور الموت” كما يسميه أهالي قطاع غزة من بين المحاور العسكرية التي استخدمها جيش الاحتلال، كأحد النقاط الاستراتيجية التي تم توظيفها لتنفيذ عمليات عسكرية مكثفة أثّرت بشكل مباشر على حياة السكان.
وتعليقاً على هذا الانسحاب أكدت حركة حماس أن انسحاب جيش العدو الصهيوني من محور نتساريم هو انتصار لإرادة الشعب الفلسطيني، وتتويج لصمود وبطولات مقاومته الباسلة، وتأكيد على فشل أهداف العدوان الإرهابي.
وقالت الحركة في بيان لها، اليوم: “لقد أسقط شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، بصموده وثباته على أرضه، وتضحيات وبطولات أبنائه في المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام، أوهام الاحتلال وقيادته الفاشية بالسيطرة العسكرية على القطاع وتقسيمه، ومحاولات فرض أمر واقع عبر عمليات الإبادة والتجويع والتدمير الممنهج”.
وشددت على أن إتمام هذا الانسحاب اليوم، وفرض إعادة ربط وسط القطاع بشماله، واستمرار عودة النازحين إلى أرضهم وديارهم في مناطق شمال قطاع غزة، والمضيّ في عمليات تبادل الأسرى وتحرير أسرانا من سجون الاحتلال؛ يؤكد تصميمها على التمسّك بحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية على أرضه، وعزمها على إفشال مخططات تهجيره، ومواصلة النضال حتى إنجاز تطلعاته في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأفادت تقارير إعلامية، بأن الانسحاب الصهيوني من محور نتساريم يأتي ضمن الخطوات المتفق عليها في اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين “إسرائيل” وحركة “حماس”.
من جانبه، قال القيادي في حركة “حماس” سامي أبو زهري: إن “مشهد الانسحاب الصهيوني من محور نتساريم هو إعلان هزيمة وفشل نتنياهو في تحقيق أهدافه أو البقاء على أرض غزة”.. مضيفاً: “تتكرر الغزوات لكن النتيجة واحدة وهي أن غزة عصية على الغزاة”.
وتابع أبو زهري: مشهد الانسحاب الصهيوني الذَّليل من محور “نتساريم” هو إعلان هزيمة وفشل نتنياهو في تحقيق أهدافه أو البقاء على أرض غزَّة.
ويشار إلى أنه في العام 2005 انسحب المُجرم شارون من غزَّة آنذاك رغم أنَّه كان يقول: “نتساريم كـ”تلَّ أبيب”، واليوم بعد 20 عامًا يتكرَّر المشهد حيث ينسحب نتنياهو ذليلاً من “نتساريم” رغم قوله: “لن انسحب من نتساريم تحت أيِّ ظرف من الظُّروف”.
وأردف أبو زهري بالقول: تتكرَّر الغزوات لكنَّ النَّتيجة واحدة وهي أنَّ غزَّة عصيَّة على الغزاة.
بدوره قال الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع: إن الانسحاب الكامل لقوات العدو الصهيوني من محور نتساريم يمثل استكمالاً لفشل أهداف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني.. مشدداً على أن عودة النازحين واستمرار عمليات تبادل الأسرى والانسحاب من نتساريم دحض كذبة نتنياهو ووهمه بتحقيق النصر الكامل على الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
وأكد أن كل محاولات العدو الصهيوني بسط السيطرة العسكرية على قطاع غزة وتقسيمه باءت بالفشل أمام بسالة المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني.
وتابع قائلاً: “مالم يحققه العدو على مدار 15 شهراً من التجويع والإبادة البشرية والتدمير الممنهج بتهجير شعبنا لن يحققه ترامب بالعقار والسمسرة والصفقات”.. مشدداً على أن غزة ستبقى أرضا محررة بسواعد أهلها ومجاهديها ومحرمة على الغزاة المحتلين ومن أي قوة خارجية.
من جهته قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في بيان له: إن انسحاب العدو من محور الشهداء (نتساريم) سيعيد الحركة بين محافظات قطاع غزة، وسيكون أحد أهم إنجازات شعبنا.. مضيفاً: إن الانسحاب من محور نتساريم سيرفع معاناة ثقيلة عن الشعب في غزة، حيث اتخذ العدو من المحور مصيدة للموت، واُستشهد عنده أكثر من 1000 شخص.
وتوقع المكتب دفق موظفي هيئات الإغاثة وموظفي وكالة أونروا بعد انسحاب العدو الصهيوني من محور نتساريم”.
ويتابع مراقبون دوليون حركة تنقل الأشخاص والمركبات عبر محور نتساريم من الشمال والجنوب بعد انسحاب العدو.. حيث شمل الانسحاب إخلاء جميع المباني المتنقلة، والبنى التحتية، والمعدات العسكرية لجيش العدو.
ويأتي هذا الإجراء في إطار استكمال المرحلة الخامسة من صفقة التبادل، وذلك في اليوم الـ22 منذ بدء تنفيذها.
وانتشرت الليلة الماضية، مقاطع فيديو التقطها عدد من الجنود الصهاينة داخل نتساريم حيث يظهرون وهم يحرقوا معدات لم يعد هناك حاجة إليها، ويُسمع أحدهم وهو يقول: “لن نترك شيئًا في غزة”.
فيما قالت هيئة البث الصهيونية: “من شأن الانسحاب أن يسمح بمرور حر بين جنوب القطاع وشماله، على امتداده بالكامل.
ووفقاً لاتفاقية وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، التي دخلت حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، فإنه بحلول اليوم الـ22 من بدء تنفيذ الاتفاق، تنسحب القوات الصهيونية من وسط غزة، بما في ذلك محور نتساريم ودوار الكويت، مع تفكيك المنشآت العسكرية بالكامل.. ويشمل الاتفاق أيضا منح حرية التنقل للفلسطينيين في جميع مناطق القطاع واستمرار عودة النازحين إلى أماكن سكنهم.
وكشف الانسحاب الكامل للجيش الصهيوني من “محور نتساريم” وسط قطاع غزة عن حجم الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية، والمنازل، والمنشآت الفلسطينية في المنطقة.
ومنذ انطلاق العمليات العسكرية الصهيونية البرية في غزة، شهدت المناطق المحيطة بمحور نتساريم أو الطريق 749 وفق التسمية الصهيونية موجة متواصلة من القصف والاشتباكات، إذ اعتمد عليه سلاح الهندسة التابع لجيش العدو لتسهيل وصوله إلى أهداف العسكرية وكمركز للتحكم والسيطرة وتوجيه القوات المتوغلة داخل مدينة غزة.
ويمتد محور نتساريم من حدود الكيان الصهيوني من جنوب شرق مدينة غزة إلى البحر الأبيض المتوسط غربا ليقسم أراضي القطاع إلى قسمين بحيث يفصل 14 كيلومترا من مدينة غزة الواقعة شمال القطاع عن 27 كيلومترا من الأراضي الواقعة وسط وجنوب القطاع.
ويبلغ طول الحاجز قرابة 6.5 كيلومترًا، ويتقاطع مع شارع صلاح الدين، أحد الطريقين الرئيسيين الواصلين بين شمال وجنوب غزة، لإنشاء تقاطع مركزي استراتيجي يتصل بطريق الرشيد الذي يمتد على طول ساحل غزة.
ويذكر أنه قبل انسحاب العدو الصهيوني من غزة عام 2005، كانت نتساريم إحدى المستوطنات الصهيونية البارزة، لكن هجمات المقاومة أجبرت العدو على المغادرة.
ووفقًا لتقديرات فلسطينية فقد عملت قوات العدو على تخريب نحو 11 كيلومترا مربعا من المساحة الإجمالية لأراضي قطاع غزة، والبالغة 365 كيلومترا لغرض إنشاء حاجز نتساريم.. وتتضمن هذه المساحة المُدمرة تتضمن أراض زراعية ومبان سكنية بمساحة إجمالية تبلغ قرابة 4.32 كيلومتر مربع سوتها الجرافات الصهيونية بالأرض لإكمال إنشاء الحاجز.
ويرى محللون سياسيون وعسكريون أن استغلال جيش العدو الصهيوني لمحور نتساريم، الذي انسحبت منه صباح اليوم، ضمن تفاهمات وقف إطلاق النار في غزة، لم يكن مجرد تكتيك عسكري بحت، بل جاء ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى السيطرة على قطاع غزة، وإعادة الاستيطان فيه.
ويقول خبراء عسكريون: إن انسحاب جيش العدو الصهيوني من محور نتساريم يمثل تحولا إستراتيجيا في المعركة، إذ فشلت خطته في تقسيم قطاع غزة والسيطرة على شماله.. بعد أن العدو ترسيخ وجود دائم في المنطقة، لكنه اضطر للتراجع تحت وطأة المعارك وضغوط الاتفاقات السياسية.
ويفرض الاتفاق الأخير على العدو الصهيوني الخروج من نتساريم نهائيا، ولن يتمكن العدو من البقاء في محور فيلادلفيا أو المنطقة العازلة لاحقًا.. بحسب الخبراء.
وحول التداعيات المحتملة للانسحاب، يرى الخبراء أن ذلك سيسهل حركة المواطنين، خاصة في ظل الحصار الذي فُرض بفعل سيطرة العدو على المحور.. وأن الانسحاب ليس مجرد خطوة عسكرية، بل يحمل أبعادا سياسية وإستراتيجية، إذ يعكس إخفاق الرؤية الصهيونية تجاه غزة، ويؤكد أن إرادة المقاومة والتفاوض يمكن أن تفرض معادلات جديدة على الأرض.
– سبأ: مرزاح العسل