عندما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مخيم جباليا المزدحم للاجئين في شمال غزة؛ شعرت ممرضة الأطفال حديثي الولادة، هدى علي، في جناحها داخل مستشفى كمال عدوان، القريب، بهزة قوية، سمعت الصوت ورأت الدخان.

 

ووفقا لما قالته “أسوشيتد برس”؛ تدفق الجرحى، وملأ المرضى- صغارًا وكبارًا- الأسِرَّة، ثم غطوا الأرضيات، واندفعت الممرضة الفلسطينية للمساعدة في وقف النزيف، وإنعاش المحتضرين، وتنظيف ما يكفي للعلاج.

 

 

أثناء حالة الهرج والمرج، وجدت الممرضة الفلسطينية هدى علي، نفسها، أمام وجهين مألوفين، وركضت نحوهما وهي تصرخ، وكانا ولديها، “كنان” البالغ من العمر 7 سنوات، و"حيدر" البالغ من العمر 9 سنوات.

 

قامت بدفنهما في وقت لاحق من ذلك اليوم، مع شقيقتها وشقيقيها و3 أعمام، وفي يوم الخميس، عادت الممرضة الفلسطينية إلى عملها وهي تبكي.

 

وبعد أسابيع من أمر سكان شمال غزة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة بإخلاء الجنوب، يكثف الجيش الإسرائيلي قصفه للمنطقة الممتدة نحو الأراضي الرطبة في وادي غزة، في القطاع الأوسط. ويقاتل الجنود الإسرائيليون أيضاً مقاتلي حماس في أماكن قريبة شمال مدينة غزة – وهي بداية ما يُتوقع أن يكون غزواً برياً طويلاً ودموياً.

 

أدت العملية البرية الإسرائيلية، تحت غطاء نيران الدبابات والمدفعية الثقيلة، إلى تقطع السبل بمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين ما زالوا في شمال غزة، حيث يقول السكان إنهم محاصرون في الجحيم.

 

قال أنس الشريف، وهو صحفي مستقل في جباليا قام بتغطية القصف العنيف على المخيم يومي الثلاثاء والأربعاء: إننا نعيش في رعب مستمر. إنها ليست غارة جوية واحدة أو اثنتين. نحن نتحدث عن ثمانية، تسعة، عشرة، لا أستطيع حتى العد، كلهم في نفس المكان. إنها كارثة. 

 

أسفرت الغارات عن مقتل عشرات الأشخاص، وحولت أجزاء من المخيم إلى أنقاض، أحدثتها الحفر الهائلة الناجمة عن القنابل.

 

وقال الجيش الإسرائيلي إن غارة يوم الأربعاء دمرت مركز قيادة لحماس، وإن ضربة يوم الثلاثاء أصابت قائدا رفيع المستوى في حماس ساعد في التخطيط لهجوم 7 أكتوبر الذي أودى بحياة أكثر من 1400 شخص في جنوب إسرائيل، وأضاف أيضًا أن الغارات أصابت شبكة من أنفاق حماس أسفل الحي؛ مما تسبب في انهيار المباني فوقها.

 

ويقول المنتقدون إن الدمار الهائل دليل على أن الهجمات الإسرائيلية غير متناسبة ولا تتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب المدنيين. وتقول إسرائيل إنها لا تستهدف المدنيين وتلقي باللوم على حماس في شن عمليات عسكرية وإطلاق صواريخ من مناطق سكنية مزدحمة.

 

قال شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان: حتى لو كان هناك قائد لحماس هناك، فلا يوجد مبرر لقتل هذا العدد الكبير من المدنيين وإحداث دمار كهذا. 

 

ترددت أصداء صور الضربات الجوية – أطفال ملطخون بالدماء يتسلقون فوق أكوام ضخمة من الأنقاض، ومباني مقسمة إلى نصفين أو سويت بالأرض تماما، وشوارع كانت مزدحمة ذات يوم محوتها الحفر المتصاعدة – يتردد صداها في جميع أنحاء العالم.

 

جباليا هي أكبر مخيمات اللاجئين في غزة، حيث ينحدر ثلثا السكان من نسل الفلسطينيين الذين فروا أو طردوا من منازلهم خلال الحرب التي شهدت قيام إسرائيل عام 1948. وفي ذلك الوقت، تم اقتلاع حوالي 700 ألف فلسطيني من ديارهم.

 

على مر الأجيال، تطورت جباليا لتصبح حيًا مكتظًا بالمباني الإسمنتية التي يسكنها 116 ألف شخص، وفقًا لتقديرات وكالة اللاجئين الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة. 

 

يقول أولئك الذين يرفضون أوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية، ويبقون في شمال غزة: إن لديهم أسبابهم، وقالت الممرضة الفلسطينية هدى علي، مثل معظم الأطباء الذين يكافحون من أجل إنقاذ الأرواح على الرغم من نقص الوقود والإمدادات، إنها لا تستطيع تحمل التخلي عن مرضاها.

 

بعض العائلات ليس لديها سيارات أو وقود لتشغيلها. ولا يوجد لدى البعض مكان يذهبون إليه في الجنوب، حيث تكتظ الملاجئ ومخيمات النازحين. 

 

يقول مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن ما يقرب من 30 ألف فلسطيني تم إجلاؤهم عادوا إلى منازلهم في شمال غزة بعد أن توصلوا إلى أن الجنوب لم يعد أكثر أمانا.

 

قال أطباء إن القذائف الإسرائيلية أصابت، اليوم الجمعة، قافلة من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، مما أسفر عن مقتل نحو 10 فلسطينيين، وتظهر لقطات من الطريق، جثث أطفال مغطاة بالدماء ملقاة على الرمال الناعمة. 

 

وقال الصحفي المستقل فؤاد أبو خامد، الذي سافر مع عمال الطوارئ إلى الموقع: "اضطر المسعفون إلى ترك المزيد من الجثث في منتصف الطريق؛ لأنهم تعرضوا لإطلاق النار". 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الطائرات الحربية الطائرات الحربية الإسرائيلية مخيم جباليا للاجئين مستشفى كمال عدوان فی شمال غزة

إقرأ أيضاً:

وسط صمت عالمي.. جيش الاحتلال يواصل قصف شمال وجنوب غزة

القدس المحتلة - رويترز

قصفت قوات إسرائيلية عدة مناطق في أنحاء قطاع غزة اليوم الأربعاء، وقال سكان إن قتالا عنيفا وقع خلال الليل بمدينة رفح جنوب القطاع الفلسطيني.

وقال سكان إن القتال اشتد في حي تل السلطان غرب رفح حيث حاولت الدبابات أيضا شق طريقها شمالا وسط اشتباكات عنيفة. وقالت الذراعان المسلحتان لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي إن مقاتليها هاجموا القوات الإسرائيلية بصواريخ مضادة للدبابات وقذائف مورتر.

ومنذ أوائل مايو، يتركز القتال في مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة على الحدود مع مصر، حيث نزح نحو نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بعد الفرار من مناطق أخرى. واضطر معظمهم إلى الفرار مرة أخرى منذ ذلك الحين.

وقال مسعفون إن فلسطينيين قتلا في هجوم صاروخي إسرائيلي في رفح في وقت سابق من اليوم الأربعاء.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته قتلت مسلحا من حماس كان يهرب أسلحة عبر الحدود بين رفح ومصر.

وأضاف أن الطائرات قصفت عشرات الأهداف للمسلحين في رفح خلال الليل، وشملت الأهداف مقاتلين ومنشآت عسكرية ومداخل أنفاق.

وقال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية دمرت منزلا في بلدة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة مما أدى إلى مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة عدد آخر.

وشنت إسرائيل العمليات البرية والجوية في قطاع غزة بعد هجوم مباغت بقيادة مسلحي حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول تقول إحصاءات إسرائيلية إنه أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وتقول سلطات الصحة الفلسطينية إن العمليات العسكرية الإسرائيلية أدت إلى مقتل 37658 فلسطينيا وتدمير معظم مناطق القطاع المكتظ بالسكان.

وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على اندلاع الحرب، لم تنجح جهود الوساطة الدولية المدعومة من الولايات المتحدة حتى الآن في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتقول حماس إن أي اتفاق يجب أن ينهي الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق سوى على وقف مؤقت للقتال لحين القضاء على حماس.

* نقص حاد في الغذاء

يشكو الفلسطينيون بجنوب قطاع غزة من نقص حاد في الغذاء وارتفاع الأسعار. وقال مسؤولو الصحة إن آلاف الأطفال يعانون من سوء تغذية تسبب في وفاة ما لا يقل عن 30 منهم منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وقال أبو مصطفي، وهو مواطن يقطن في مدينة غزة مع أسرته "ما في إلا طحين ومعلبات، وما في شي تاني يتاكل، لا خضراوات ولا لحوم ولا حليب، أنا فقدت حوالي 25 كيلو من وزني‭"‬.

وقصفت دبابة إسرائيلية منزل عائلته الأسبوع الماضي لتدمر معظم الطابق العلوي مما أجبرهم على البقاء في الطابق السفلي.

وأضاف "ما فيش أماكن آمنة في غزة على أية حال".

وتابع قائلا لرويترز عبر تطبيق للدردشة "إضافة للقصف في حرب تانية إسرائيل بتشنها على شمال غزة وهي حرب المجاعة والتجويع، الناس بتقابل بعضها في الشوارع وما بتعرف بعض من الوزن اللي نقص وملامح الكبر في وجوهم".

وقال تقرير لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن خطر تفشي المجاعة لا يزال قائما بشدة في أنحاء القطاع وإن كان توصيل بعض الإمدادات قد حد من انتشار متوقع للجوع الشديد في المناطق الشمالية.

ووفقا لتحديث من المبادرة فإن أكثر من 495 ألفا في أنحاء غزة يواجهون مستويات "كارثية" من انعدام الأمن الغذائي توصف بأنها الأخطر على الإطلاق.

وهذا يقل عن تقدير سابق قبل ثلاثة أشهر بنحو 1.1 مليون شخص، لكنه لا يزال يمثل أكثر من خُمس سكان القطاع.

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية»: 8 شهداء وعدد من المصابين نتيجة قصف مخيم جباليا شمال غزة
  • وسط صمت عالمي.. جيش الاحتلال يواصل قصف شمال وجنوب غزة
  • مواجهات عنيفة بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في بلدة العيساوية
  • مسؤول إسرائيلي سابق: حماس كانت أكثر ذكاء بكثير مما توقعنا
  • سترة الصحافة خطر على الحياة.. عدد صادم وغير مسبوق من الشهداء الصحفيين في غزة
  • حماس تبحث مع موسكو سبل وقف حرب غزة
  • حماس تشكر روسيا
  • متظاهرون يحاولون إيقاف مزاد لبيع أراض فلسطينية محتلة.. وبايدن يعلق (شاهد)
  • ‏مسؤولون فلسطينيون: إرجاء محادثات حماس وفتح في الصين دون تحديد موعد جديد
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يدمر كل مقومات الحياة في غزة