◄ "طوفان الأقصى" ممتد في أكثر من جبهة وأكثر من ساحة

◄ الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى غير مسبوقة في التاريخ الحديث

◄ مخاطر عديدة تتهدد الضفة الغربية في ظل مشاريع الاستيطان الجديدة

◄ أكثر من مليوني إنسان يعيشون منذ 20 عامًا في حصار خانق بغزة دون أن يحرك أحد ساكنًا

◄ القضية الفلسطينية وكل ما يتعلق بها من ملفات كانت منسية وفي آخر اهتمامات العالم

◄ ما حدث في غزة كان لا بُد منه لإعادة طرح القضية الفلسطينية كقضية أولى في العالم

◄ عملية "طوفان الأقصى" كان قرارها وتنفيذها فلسطينيًا 100%

◄ السرية المطلقة ضمنت النجاح الباهر لعملية 7 أكتوبر من خلال عنصر المفاجأة

◄ أداء حركة حماس ثبت وأكد الهوية الفلسطينية المطلقة لعملية طوفان الأقصى

◄ "طوفان الأقصى" معركة فلسطينية بالكامل.

. وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي

◄ إيران لا تمارس أي نوع من الوصاية على حركات المقاومة في المنطقة

◄ "طوفان الأقصى" أحدثت زلزالًا أمنيًا وعسكريًا ونفسيًا ومعنويًا في الكيان الصهيوني

◄ الإسرائيليون باتوا يؤمنون أكثر من غيرهم بأن إسرائيل "أوهن من بيت العنكبوت"

◄ إسرائيل طلبت من أمريكا أسلحة وأموالًا منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى

◄ التضحيات بغزة أسست لمرحلة تاريخية جديدة في مصير الشعب الفلسطيني ومصير المنطقة وشعوبها

◄ كان واضحًا من الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى أن العدو كان ضائعًا وتائهًا

◄ عندما ذهبت قوات الاحتلال لاستعادة المستوطنات ارتكبت المذابح بحق المستوطنين

◄ سيكتشف العالم أن أغلب من يقولون إنهم مدنيون قتلتهم "حماس" قُتلوا بسلاح الجيش الإسرائيلي

◄ من أبرز أخطاء حكومة العدو طرح أهداف عالية لا يمكن تحقيقها مثل القضاء على "حماس"

◄ ما يجري في غزة يكشف غباء وحمق وعجز الإسرائيليين

◄ العدو لم يستطع تقديم إنجاز عسكري واحد بعد شهر من المعركة في غزة

◄ العدو لم يستطع من خلال القتل والمجازر في غزة أن يصل إلى نتيجة

◄ نقول للعدو إن نهاية المعركة ستكون انتصار غزة

◄ شعوب المنطقة في مصر وسوريا والأردن ولبنان وأولهم الشعب الفلسطيني اكتووا بنار إسرائيل

◄ أمريكا مسؤولة بالكامل عمَّا يجري بغزة وإسرائيل مجرد أداة تنفيذية

◄ يجب محاسبة أمريكا على جرائمها ومجازرها بحق الشعوب

◄ الولايات المتحدة المسؤول الأول عمّا يجري في غزة وهي التي تمنع وقف العدوان

◄ الرأي العام العالمي بدأ ينقلب على الطغاة.. والدفاع عن شعب غزة هو مقتضى إنساني

◄ ما يجري في غزة ليس حربًا كبقية الحروب السابقة.. بل معركة فاصلة حاسمة تاريخية

◄ أهداف الحرب هي وقف العدوان وأن تنتصر المقاومة وأن تنتصر حماس في غزة

◄ انتصار غزة هو انتصار لكل دول المنطقة ومصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية ولبنانية

◄ العدو يتوعد لبنان وشعب لبنان فيما هو يغرق في رمال غزة

◄ الصواريخ والمسيّرات اليمنية ستصل إلى إيلات والقواعد العسكرية الإسرائيلية

◄ لن يتم الاكتفاء بما يجري على الجبهة اللبنانية على كل حال

◄ هناك قلق من أن تتدحرج هذه الجبهة إلى حرب واسعة.. والعدو يحسب لذلك كل حساب

◄ عملياتنا تجعل العدو يحسب خطواته إزاء لبنان وهو يضبط إيقاعه خشية تدهور الأمور

◄ إسرائيل سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودها إذا اعتدت على لبنان

◄ كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة

◄ كل الخيارات مطروحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات

◄ يجب أن نكون جميعا جاهزين لكل الاحتمالات والخيارات

◄ معركتنا لم تصل لمرحلة الانتصار بالضربة القاضية لكننا ننتصر بالنقاط

◄ أقول لأهلنا في غزة والضفة ولكل الشعوب المظلومة إن تحمّل الصبر ستكون نتيجته النصر

 

الرؤية- الوكالات

 

أكّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، اليوم الجمعة، أنّ "عملية طوفان الأقصى العظيمة والمباركة كان قرارها وتنفيذها فلسطينيًا 100%"، مشيرًا إلى أنّ أصحابها أخفوها عن الجميع، في إشارة إلى حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام.

وقال نصر الله إن "سرية العملية المطلقة هو الذي ضمن نجاحها الباهر من خلال عامل المفاجئة"، وهي "أصبحت اليوم ممتدة في أكثر من جبهة وساحة". وأضاف أنّ "معركة طوفان الأقصى وعدم علم أحد فيها تثبت أنّ هذه المعركة هي فلسطينية بالكامل من أجل شعب فلسطين وقضاياه، وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي ودولي"

وتابع نصر الله قائلًا إنّ "هذا الإخفاء لم يزعج أحدًا في فصائل المقاومة على الإطلاق، بل أثنينا عليه جميعًا، وليس له أي تأثير سلبي على أي قرار يتخذه فريق أو حركة مقاومة في محور المقاومة".

وأكّد أنّ "ما حصل في طوفان الأقصى يؤكد أنّ إيران لا تمارس أي وصاية على الإطلاق على فصائل المقاومة"، وأنّ "أصحاب القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة ومجاهدوها".

ولفت نصر الله، إلى أنّ "عملية طوفان الأقصى كشفت الوهن والضعف في الكيان"، وأنّها بحق "أوهن من بيت العنكبوت".

وأضاف أنّ "هذه المعركة لا غبار عليها على كل المستويات"، مشددًا على أنّها "من أوضح وأبين مصاديق القتال في سبيل الله".

وشدّد على أنّ "نتائج معركة طوفان الأقصى يجب أن تُشرح وتُبيّن لمعرفة أنّ التضحيات القائمة الآن في غزة والضفة وفي كل مكان أنّها تضحيات مستحقة".

وأشار الأمين العام لحزب الله اللبناني إلى أنّ "هذه النتائج أسست لمرحلة تاريخية جديدة لمصير دول المنطقة، إذ لم يكن هناك خيار آخر لذلك، بل كان هذا الخيار صائبًا وحكيمًا ومطلوبًا، وفي وقته الصحيح، ويستحق كل هذه التضحيات".

وتحدّث نصر الله عن خلفية معركة "طوفان الأقصى"، موضحًا في البداية أنّ "أوضاع السنوات الأخيرة في فلسطين كانت قاسية جدًا، وخصوصًا مع حكومة بنيامين نتياهو الحالية المتطرفة والحمقاء والغبية والمتوحشة".

وتابع أنّه "معروف لكم وللعالم معاناة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عامًا"، لكن "الحكومة المتطرفة قامت بالتشديد على الأسرى ممّا جعل الوضع الإنساني سيء جدًا".

وأشار أيضًا إلى أنّ "هناك أكثر من مليوني إنسان يعيشون في غزة في ظروف معيشية صعبة دون أن يحرك أحد ساكنًا لقرابة العشرين عامًا"، بينما "هناك أيضًا مخاطر عديدة تتهدد الضفة الغربية في ظل مشاريع الاستيطان الجديدة".

ومضى نصر الله قائلًا إنّ "سياسة العدو كانت تزداد صلافةً وطغيانًا وقهرًا، ولذلك كان لا بدّ من حدث كبير يهز الكيان الغاصب المستعلي وداعميه المستكبرين، وخصوصًا في واشنطن ولندن".

وبشأن الدور الأمريكي في الحرب الهمجية على قطاع غزة، أوضح السيد نصر الله أنّ "الادارة الأمريكية سارعت برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز ويتزلزل من أجل أن يستعيد بعض وعيه ويقف على قدميه من جديد"، لكنّه "لم يتمكن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة".

وأكّد نصر الله أنّ "هذه السرعة الأمريكية لاحتضان إسرائيل ومساندتها كشفت وهن هذا الكيان وضعفه".

وتساءل: "أن يأتي الجنرالات الأمريكيون إلى الكيان، وتُفتح المخازن الأمريكية للجيش الاسرائيلي، وتطلب إسرائيل من اليوم الأول 10 مليارات دولار، فهل هذا يعني أنها دولة قوية وتملك قدرة الوقوف على قدميها؟".

وبحسب السيد نصر الله، فإنّ "ما يحصل في غزة يكشف المسؤولية الأمريكية المباشرة عن كل هذا القتل والنفاق الأمريكي، كما يعكس الطبيعة المتوحشة والهمجية للكيان الغاصب الذي زرعوه في منطقتنا".

وأكّد الأمين العام لحزب الله أنّ "واشنطن هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة، فيما إسرائيل هي أداة، فأمريكا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف إطلاق النار".

وقال إنّ "الأمريكي هو الذي يدير الحرب في غزة، ولذلك أتى قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة قواعد الاحتلال الأمريكية في العراق وسوريا"، مشددًا على أنّه "قرار حكيم وشجاع".

وحول ردّة الفعل الإسرئيلية على معركة "طوفان الأقصى"، قال نصر الله إنّه "كان واضحًا من الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى أنّ العدو كان تائهًا وضائعًا"، مضيفًا أنّه "أمام غزة والحادث المهول الذي تعرّض له العدو، يبدو أنّ حكومات العدو لا تستفيد من تجاربها على الإطلاق". وأشار إلى أنّ "ما يجري اليوم في غزة جرى في السابق في لبنان عام 2006، وفي حروب متكررة في غزة، مع فارق كمي ونوعي".

وأوضح أنّ "من أهم الأخطاء التي ارتكبها الإسرائيليون ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحققوها أو يصلوا إليها".

وذكّر نصر الله أنّهم "في عام 2006 وضعوا هدفًا يتمثل بسحق المقاومة في لبنان واستعادة الأسيرين من دون تفاوض وتبادل، ولمدة 33 يومًا، ولكّنهم لم يحققوا أهدافهم"، مضيفًا أنّهم "يعيدون الوضع نفسه اليوم في غزة".

وتابع أنّ "ما يقوم به الإسرائيلي هو قتل الناس في غزة، فأغلب الشهداء هم من الأطفال والنساء من المدنيين، ويدمر أحياءً بكاملها فليس لديه حرمة لأي شيء".

وأردف قائلًا: "كلنا شاهدنا بأمّ العين بطولات المقاومين في غزة، فعندما يتقدم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة، كيف سيتعامل العدو الإسرائيلي مع مقاتلين من هذا النوع؟".

ولفت إلى أنّ "المشاهد الآتية كل يوم وساعة من غزة، أي مشاهد الرجال والنساء والأطفال الخارجين من تحت الأنقاض الصارخين لنصرة المقاومة، تقول للصهاينة بأنهم لن يستطيعوا من خلال القتل والمجازر أن يصلوا إلى أي نتيجة".

وشدّد نصر الله على أنّ "ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها، ما يُحتم على الجميع تحمل المسؤولية". وتحدّث عن "هدفين يجب العمل عليهما، هما وقف العدوان على غزة، وأن تنتصر حماس في غزة".

وأكّد نصر الله أنّ "انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني، وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصًا دول الجوار".

وتوجّه السيد نصر الله إلى الدول العربية بالقول: "عليكم العمل من أجل وقف العدوان على غزة ولا يكفي التنديد، بل اقطعوا العلاقات واسحبوا السفراء".

وقال إنّ "الخطاب في السابق كان اقطعوا النفط عن أمريكا، ولكن اليوم نطلب وقف التصدير إلى إسرائيل للأسف!".

وأشار نصر الله إلى الشعب اليمني الذي، وعلى الرغم من كل التهديدات، "قام بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيراته حتى لو أسقطوها، لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيرات الى إيلات وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية في جنوب فلسطين".

وعن دور المقاومة الإسلامية في لبنان في معركة "طوفان الأقصى"، أكّد نصر الله أنّ "المقاومة دخلت المعركة منذ 8 أكتوبر الماضي". وكشف أنّ "ما يجري على الجبهة اللبنامية مهم ومؤثر جدًا، وغير مسبوق في تاريخ الكيان".

ولفت، في السياق، إلى أنّ "المقاومة الاسلامية في لبنان منذ 8 أكتوبر تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلاّ من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية"، موضحًا أنّها "معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها وإجراءاتها واستهدافاتها".

وأوضح نصر الله أنّ "الجبهة اللبنانية خففت جزءًا كبيرًا من القوات التي كانت ستُسخر للهجوم على غزة وأخذتها في اتجاهنا"، كاشفًا أنّ "ما يجري على الجبهة اللبنانية لن يتم الاكتفاء به على أي حال". وأضاف: "لو كان موقفنا التضامن سياسيًا وبالتظاهر، لكان الإسرائيلي مرتاح عند الحدود الشمالية، وكانت قواته ستذهب إلى غزة".

وشدّد نصر الله على أنّ "جبهة لبنان استطاعت أن تجلب ثلث الجيش الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان".

وكشف أنّ "جزءًا مهمًا من القوات الصهيونية التي ذهبت إلى الجبهة الشمالية هي قوات نخبة"، مشيرًا إلى أنّ "نصف القدرات البحرية الإسرائيلية موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا".

وتابع أن "جبهة لبنان استطاعت أن تجلب ثلث الجيش الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان".

وأعلن أنّ "ربع القوات الجوية مسخرة في اتجاه لبنان، وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي موجه أيضًا في اتجاه جبهة لبنان".

وأضاف "نزح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات"، بحيث إنّ "هذه العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو وجعلته مردوعًا، وأيضًا لدى الأمريكيين".

وشدّد على أنّ "العدو يقلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي، أو تتدحرج هذه الجبهة الى حرب واسعة، وهو احتمال واقعي ويمكن أن يحصل، ولذلك فإنّ على العدو أن يحسب له الحساب".

وقال: "عمليات المقاومة في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يفكر بالاعتداء على لبنان أو بعملية استباقية، إنّك سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودك".

ووجّه نصر الله التحية إلى شعب وأهل غزة الأسطوري الذي لا نظير له في العالم، قائلًا إنّ "شعب غزة يعجز اللسان والبيان عن التعبير عن عظمته وصموده وصبره، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهل الضفة الغربية". كما خصّ بالشكر والتحية السواعد العراقية واليمنية التي دخلت إلى قلب معركة "طوفان الأقصى".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمّة المقاومة.. مقاومة الأمّة

 

ميزة الأمّة في المصطلح أنها عنوان جامع عابر للحدود الجغرافية والعرقية واللونية واللسانية، ولأنها أمّة فهي في ذاتها عصيّة على الزوال والاندثار والضعف؛ وما يبدو في بنيتها العامة من توزّع وانتشار واختلاف في المناطق والبلاد هو في الحقيقة عامل ديمومة وقوة وانتصار طالما أنه مشدود إلى الهدف نفسه والغاية نفسها، وأي هدف وغاية أوثق من المقاومة كخيار وثقافة ونهج وأسلوب ومسار!؟ هنا تكمن عناصر القضية.

بالأمس ودّعت أمّة المقاومة التي اجتمعت من جهات الأرض “قائداً تاريخياً استثنائياً.. وطنياً، عربياً، إسلامياً، وهو يُمثل قبلة الأحرار في العالم”؛ كما عبّر الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم خلال مراسم تشييع الأمينَينِ ‏العامَّينِ لحزب الله سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله وخليفته الشهيد الهاشميِّ ‏السيد هاشم صفي الدين. هذه الصفات الجوهرية التي لخّصها سماحة الشيخ قاسم في تعريف السيد الشهيد هي في الواقع تجسّد عناصر الأمّة التي قادها تحت عنوان المقاومة، والتي أرادها أن تتنكّب عبء المسؤولية في المبادرة والفعل لتصبح المقاومة في هذا المنحى عقيدة إيمانية أكثر منها خياراً تقتضيه ضرورة القيام لنيل الحرية والاستقلال.

أمّا مقتضى الرسوخ في ثقافة المقاومة، فهو يفترض إلى جانب العزم والإرادة والفعل وجود صلة تسمو فوق أصول المعرفة وقيود الاتصال والتواصل، وهو الحب، ولا تقف هذه القيمة الإنسانية السامية عند حدود الاقتناع بالفكرة والهدف أو الغاية والاتجاه بل تتجاوز أساسات القضية لتصل إلى التعلّق بالشخص – الرمز، وهي الميزة التي التصقت بسيّد شهداء الأمّة في تقويم أحاسيس ومشاعر الملايين الذين عشقوه دون أن يعرفوه أو يكون له أي صلة مادّية بهم، فتعلّقوا به وتبعوه وناصروه وأخلصوا له في حبّهم، فأتى من أتى في الحضور ومن لم يحضر شيّعه كأن القائد الشهيد حاضراً لديه، وهو بذلك “حبيب المجاهدين وحبيب الناس، حبيب الفقراء والمستضعفين، حبيب المعذبين ‏على الأرض، حبيب الفلسطينيين”.

هي الأمّة التي أيقظها السيد الشهيد من سباتها واستنهضها من ركود خلال ثلاثة عقود من المقاومة، وسارت معه قوافل ممتدّة من الشهداء والجرحى والأسرى، وخلفه اصطفت المجتمعات الصغيرة من الأسر الصابرة، ترعاها أمّهات ربّت أجيالها على حب المقاومة، وحجزت لنفسها مكاناً فاعلاً ومتفاعلاً في مراتب الأمّة، حتى غدت هذه المجتمعات في سيرورة متنامية فتحوّلت إلى مجتمعات كبيرة كسرت قيد الجغرافيا واللغة والانتماء العرقي والطائفي، وتعملق قرار المقاومة الذي أطلقه ليصبح خياراً ترفع لواءه الجموع التائقة إلى الانعتاق من أسر الاحتلال، واستطاع بحكمته وذكائه وشجاعته أن يؤسس للصلة التي يلتقي فيها المقاومون على هدف واحد، وهو تحرير فلسطين والمسجد الأقصى من الاحتلال الصهيوني.

اجتمعت الأمّة على خيار المقاومة، فأصبحت المقاومة دليلاً على الهوية وإليها، واستحالت سلاحاً في رحم الأحرار ومنهم، وهم الذين رأوا فيها القوّة التي ترفعهم من حضيض الاستكانة إلى قمّة التحرّك، ورأوا في السيد الشهيد الترجمة الفعلية للقيادة المؤهلة التي ستأخذ بأيديهم إلى تحقيق هدفهم الأسمى، فأضحى السيد نصر الله قبلة الأحرار في كل العالم، و”قاد المقاومة إلى الأمة وقاد الأمّة إلى المقاومة، فأصبحنا لا نميز بين مقاومةٍ وأمة..”، فكلّما كانت الأمّة ملتصقة بخيارها المقاوم ومخلصة في اتجاهاتها تحولّت إلى مقاومة يخوضها الأحرار، حيثما كانوا وأينما وجدوا، فتصبح أمّةُ المقاومة مقاومةَ الأمّة لا انفكاك في ذاتية كينونتها وعوامل قوتها، وتصبح الأمّة نفسها هي المقاومة التي تدافع عن الأمّة وتحميها وتقاتل من أجلها، موضع الروح من الجسد، فإذا انفصلت عن مقاومتها تحوّلت إلى كيان هشّ ضعيف لا حول له ولا قوة، وهذا لا يكون إلا بالتضحية والفداء وبذل الأنفس والأموال والأرزاق صبراً على ضيق إلى حين أوان الانتصار.

إنها الأمّة التي تحدث عنها سماحة الشيخ قاسم، والتي حضرت في مليونيتها السامية في تشييع سيد شهداء الأمة، وقد استشهد وجرح من أجلها عشرات آلاف المقاومين من القادة والمجاهدين في لبنان وفلسطين والعراق وسورية واليمن وإيران خلال معركتي “طوفان الأقصى” و”أولي البأس” حتى فرضت المقاومة حالاً من المراوحة الميدانية، ما اضطر العدو الصهيوني إلى طلب وقف إطلاق النار على غرار ما حصل في قطاع غزة، فوافقت القيادة على ذلك حرصاً على مصلحة المقاومة ولبنان باستمرار ‏القتال غير التناسبي وتحقيق الأضرار من دون أُفق سياسي ولا ميداني”، لتنتقل المقاومة إلى ‏مرحلة جديدة تختلف بأدواتها وأساليبها وكيفية التعامل معها”، وجوهر المرحلة هو أن المقاومة أنجزت ما عليها من ردع للعدوان، ومنعته من إسقاط الكيان اللبناني وإلحاقه بحظيرة الكيانات التابعة له، ويبقى على الدولة اللبنانية أن ‏تتحمل مسؤوليتها في الردع واستكمال التحرير.

حسم سماحة الشيخ قاسم في كلمته جملة من المحدّدات على المستويين السياسي والميداني، تشكّل بمجموعها برنامج عمل حزب الله في المرحلة المقبلة، وأعلن بداية حقبة جديدة في أداء الحزب والمقاومة على مستوى لبنان والمنطقة والعالم، كما أكد على جملة من الثوابت التي تلبّي طموحات الأمة وتطلعاتها، وأهمها:

– المقاومة حق وواجب ولا يمكن لأحد سلبنا إيّاه، وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما دام الاحتلال وخطره موجوداً ‏نُمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف، ولا يُثنيها من يُعارضها، وتقتلع المُحتل ولو بعد ‏حين، والنصر النهائي حتميٌ ومطلق.

– أي هجوم تشنّه “إسرائيل” على لبنان لم يعد مجرد “خروقات” بل هو بمنزلة “احتلال وعدوان”، والمقاومة قوية عدداً وعدّة وشعباً ولا تزال مستمرة بِحضورها وجهوزيتها، وستمارس العمل المقاوم بالأساليب والطرق والتوقيت انسجاماً مع المرحلة وتقدير القيادة.

– لن نقبل باستمرار قتلنا واحتلالنا ونحن ‏نتفرج، ولا يُمكن لِأحد أن يطلب منا بأن ننكشف وأن نُقدم ما لدينا من قوة لِيتحكّم بِنا العدو.‏

– الرفض المطلق للمساعي الأمريكية للتحكم بلبنان، “لن يأخذوا بالسياسة الذي لم يأخذوه بالحرب”.

– المسؤولون في لبنان يعرفون توازن القوى، وسنتابع تحرك الدولة لِطرد الاحتلال ‏ديبلوماسياً، ونَبني بعد ذلك على النتائج. ونُناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عند مناقشة الاستراتيجية ‏الدفاعية.‏

– المشاركة في بناء الدولة القوية والعادلة، والإسهام في نهضتها على قاعدة المساواة بين المواطنين في ‏الحقوق والواجبات وتحت سقف اتفاق الطائف..” لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه”.

– التأكيد على ثلاث ركائز أساسية في سياق بناء الدولة، وهي إخراج المحتل وإعادة الأسرى، وإعادة الإعمار والترميم والبنى التحتية كالتزام أساسي، وإقرار خطة الإنقاذ والنهضة الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية والاجتماعية.

– الحرص على مشاركة الجميع في بناء الدولة، وعلى الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

– فلسطين حق وهي بوصلتنا، ندعم تحريرها.. ونستمر على العهد.

ولعلّ البند الأهمّ في المحدّدات والثوابت التي أعلنها الأمين العام لحزب الله هي في تأكيد التحالف بين حزب الله وحركة أمل، والذي لا يقف عند وحدة المذهب الشيعي بقدر ما يتجسّد في تحالف شامل وتنسيق متكامل في المواقف ولا سيّما في الملفات الداخلية أولاً وثانياً في الاستحقاقات المقبلة التي تبدأ عند الانتخابات البلدية والاختيارية ولا تنتهي عند الانتخابات النيابية العام المقبل، فهذا “التحالف تعمّد بالدم والتضحية ‏والعطاءات والمقاومة والمواجهة، وإننا واحدٌ في الموقف وواحدٌ في الخيارات ‏وواحدٌ في السياسة”.

إن قراءة ملخّصات المواقف التي وردت في الكلمة المفصلية لسماحة الشيخ قاسم تفيد بأنها حملت رسالة واضحة وأكيدة لكل الأفرقاء في الداخل والخارج، وخصوصاً أولئك الذين راهنوا قبل العدوان الصهيوني وخلاله وبعده على سراب الوهم الأمريكي بهزيمة حزب الله، أن المقاومة باقية ومستمرة بقوتها وعزيمتها الراسخة في مواجهة المحتلّ وإحباط المخططات الأمريكية الرامية للهيمنة على لبنان وقراره وسيادته، وأن لا أحد قادراً على أن يضعف أو يلغي حضور حزب الله السياسي في تشكيل القرار الوطني، وأقوى دليل على ذلك إسهام الحزب في انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية وتسهيل تكليف نواف سلام لتشكيل الحكومة، وفرض الخيارات المناسبة في تسمية الوزراء الشيعة في هذه الحكومة. أما المظهر الأقوى يبقى للأحرار الذين تقاطروا من لبنان وخارجه وأثبتوا صدق وفائهم للمقاومة بحضورهم المليوني المبارك في مراسم تشييع السيدين الشهيدين، وأكّدوا أنهم أمّة المقاومة.

مقالات مشابهة

  • بينهم أسيرة محررة في “طوفان الأقصى”.. قوات العدو تعتقل عدة فلسطينيين بالضفة
  • اعتقالات واسعة في الضفة المحتلة بينهم اسيرة محررة في صفقة طوفان الأقصى
  • شاهد | الأسير الفلسطيني المحرر جلال الفقيه بعد 22 عاماً في سجون العدو يتنسم عبق الحرية بغزة
  • أمّة المقاومة.. مقاومة الأمّة
  • معاذ أبو شمالة: اليوم التالي للحرب لن يكون إلا فلسطينيًا خالصًا
  • مئات الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باستكمال صفقة التبادل
  • اهالي الأسرى الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باتمام الصفقة غزة
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  •   صنعاء : انعقاد المؤتمر الدولي فلسطين: من النكبة للطوفان - أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير
  • عزالدين: المقاومة حاضرة وجاهزة