قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: لا يخفى على أحد ما يمر به العالم من اختلاط في المفاهيم، ومن المفاهيم التي اختلطت على بعض المجموعات الضيقة الأفق الحطُّ من قيمة الوطن، وما تبعه من محاولات لزعزعة الثقة بالدولة الوطنية، متوهمة أنه لا قيمة ولا فائدة لهذه الدولة ما دام الإنسان ينتمي إلى دين.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس، مضيفًا فضيلته أن الاعتقاد بأن الوطن مجرد "حفنة من التراب" لا قيمة لها هو تغييب للأجيال وإبعاد للناس عن جزء مهم من شعورهم الإنساني الغريزي الذي يحملهم على حب أوطانهم والدفاع عن بلادهم، وأنَّى لهم أن يضادوا الفطرة والغريزة بهذه الأكاذيب والأوهام!

وتساءل المفتي: "كيف يفسر هؤلاء موقف النبي صلى الله عليه وسلم ودفاعه عن المدينة وحفر خندق حولها؟" متابعًا: "ألا يُعد هذا دفاعًا عن الوطن؟" مشيرًا إلى أن الحفاظ على الأوطان من أهم السبل لتحقيق مقاصد الله الكلية، التي جاء الشرع للحفاظ عليها.

وأكد مفتي الجمهورية أن دعوات فصل محبة الدين عن محبة الوطن هي دعوات خارجة عن صحيح الدين، وأن إقامة شعائر الدين وتحقيق معانيه ومبادئه وقِيَمِه لا ترتفع دون وطن قوي ثابت وراسخ. مشددًا على أن حب الوطن ودعمه وانتماء أبنائه إليه من حقائق الإيمان، أما الوطن الضعيف المضطرب فإنه يحل فيه الخراب والفتنة وتختفي منه شعائر الدين ومبادئه.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه لا فرق بين قيمة حب الوطن وقيمة حب الدين، ولا تعارض بينهما بل هما متجذران في أعماق النفس البشرية، وحب الوطن والدين دوائر ليست متقاطعة بل دوائر متكاملة، والدين يحث على حب الوطن والدفاع عنه.

وأردف قائلًا: إن الحفاظ على الوطن والدولة الوطنية واجب شرعي ومقدس، ولذا علينا الوقوف بإجلال وإرسال رسالة تحية وتعظيم للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكل أفراد الجيش والشرطة.

وشدد مفتي الجمهورية على أننا -نحن المصريين- لن نفرط في حبة رمل واحدة من أرضنا، وهي عقيدة راسخة عند الشعب المصري على مر العصور سواء كانوا حكامًا أو جنودًا أو شعبًا.

وتوجَّه المفتي بالتحية والتقدير والثناء للشعب الفلسطيني الصامد الأبيِّ على موقفه الصامد ورفضه التهجير من أرضه بأي وضع من الأوضاع قائلًا: اصبروا وصابروا ورابطوا، فأنتم على الحق ولا تقبلوا تحت أي مبرر ترك الأرض، فتركها انسلاخ عن الهوية والذات، عليكم البقاء، أبشروا فإن شهداءكم في الجنة، والنصر بعد الصبر ولا تحزنوا ولا تيأسوا، فالرسول انتصر بعد الصبر.

وأكَّد مفتي الجمهورية أن للشهيد فضلًا كبيرًا لا يُقاربه فضل، فإن له الشفاعة في سبعين من أقاربه، كما جاء في السنن عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ -وذكر منها: وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ».

وطالب مفتي الجمهورية عقلاء العالم والمجتمع الدولي بمنظماته وهيئاته المعتبرة، أن يتدخلوا بشكل فوري وحازم لوقف الاعتداءات البشعة على الفلسطينيين والمنشآت المدنية، ووضع حد للعقاب الجماعي الذي يمارسه هذا الكيان المحتل تجاه أهالي غزة.

وعن حكم التبرع لأهل غزة، قال فضيلته: يجوز التبرع ونقل أموال الزكاة والصدقات لأهل غزة ولكن عن طريق القنوات الرسمية والقانونية والمعتمدة، وهذا الدعم ليس من باب التفضل والمنة ولكن من حقوقهم علينا انطلاقًا من واجبنا الإنساني والوطني.

واختتم المفتي حواره بتوجيه رسالة للقوات المسلحة المصرية الشامخة وللشرطة المصرية الباسلة قائلًا: إن ما تقوم به قواتنا المسلحة الشامخة، وشرطتنا الباسلة هو من الواجبات الشرعية التي تحمي بها العِرض والوطن والدين، وهي تمثل حائط صد منيعًا لحماية الوطن، وأن ما تقوم به من صميم الدين وصميم مقاصد الشريعة، فالتاريخ يسجل لكم بحروف من نور جهودكم.. وأنتم على الحق، لأنكم تخوضون معركة فاصلة وحاسمة في تحقيق الأمن والأمان، ويكفي شهادة الرسول الكريم لكم بأنكم خير أجناد الأرض.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: القضية الفلسطينية مفتي الجمهورية دار الإفتاء المصرية غزة هيئات الإفتاء في العالم الدولة الوطنية التبرع أهل غزة الحفاظ على الوطن دعم الفلسطينيين مفتی الجمهوریة حب الوطن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يكشف فضل شهر رجب وأعماله المستحبة | فيديو

كشف الدكتور نظير محمد عيّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عن فضل شهر رجب والأعمال المستحب القيام بها في هذا الشهر المبارك.

وأوضح الدكتور نظير محمد عيّاد في لقائه ببرنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق على قناة صدى البلد، أن شهر رجب يعد من الأشهر الحرم وله مكانة كبيرة في الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن له خصوصية خاصة بين سائر الأشهر.

وأضاف عياد، أن شهر رجب شهد معجزة الإسراء والمعراج، وهي حدث عظيم ذو مكانة خاصة في قلوب المسلمين. وأكد على أهمية تذكر هذه المعجزة التي أُعِيدَت فيها الصلاة كفرض في هذا الشهر المبارك.

وأشار المفتي إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو قائلاً: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"، مما يعكس المكانة الروحية لهذا الشهر.

كما أوضح أن سبب تسمية الأشهر الحرم يعود إلى تحريم القتال فيها، وتشمل هذه الأشهر شهر رجب، ذو القعدة، ذو الحجة، ومحرم. وتتميز هذه الأشهر بحماية الحقوق وصيانة الأعراض.  

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: لا يجوز منح الزكاة لـ 3 فئات
  • مفتي الجمهورية: الإسلام بريء من أي فكر ينتقص من المساواة بين الرجل والمرأة
  • لا أشعر بالبركة في حياتي.. رد مبسط من مفتي الجمهورية (فيديو)
  • شيخ الأزهر يطمئنُّ على صحة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق
  • مفتي الجمهورية: المتطرفون يستغلون المقاصد الشرعية لتحقيق أجندات خاصة
  • ما حكم صيام الاثنين والخميس من شهر رجب؟ مفتي الجمهورية يجيب .. فيديو
  • مفتي الجمهورية يكشف فضل شهر رجب وأعماله المستحبة.. فيديو
  • لا أشعر بالبركة في حياتي.. رد مبسط من مفتي الجمهورية| فيديو
  • رد قوي من مفتي الجمهورية على المشككين في الإسراء والمعراج| فيديو
  • مفتي الجمهورية يكشف فضل شهر رجب وأعماله المستحبة | فيديو