أسامة حمدان للجزيرة نت: المجازر لن تكسر عزيمة الفلسطينيين والدعم الأميركي لن ينقذ الاحتلال
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
برج البراجنة – قبل 28 يوما وتحديدا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أطلقت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عملية "طوفان الأقصى" التي استهدفت عشرات المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما المسجد الأقصى في القدس المحتلة.
في المقابل، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي -بدعم أميركي وغربي واسع- عملية عسكرية أطلق عليها اسم "السيوف الحديدية"، ونفذت خلالها مئات المجازر بحق السكان المدنيين في قطاع غزة وأدت لاستشهاد قرابة 10 آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بعد أن ألقت على القطاع متفجرات تعادل قنبلتين نوويتين.
ومع استمرار المجازر الإسرائيلية وتماسك المقاومة الفلسطينية في مواجهة العملية البرية الإسرائيلية، يتساءل الكثير من المتابعين عن كيفية وقف حرب الإبادة ضد المدنيين في غزة، ومستقبل المقاومة في القطاع، بالإضافة إلى جديد المفاوضات والجهود الدولية والإقليمية الساعية لوقف إطلاق النار.
كل هذه الأسئلة وأكثر طرحناها بشكل مباشر على ممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان:
بداية، في ظل صمت عربي رسمي وضوء أخضر غربي، كيف يمكن وقف المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة؟لا شك أن إيقاف شلال الدم مسألة مهمة، وعلى مستوى الشعوب هناك أكثر من عنوان يمكن التحرك فيه، والعنوان الأول هو الحضور في الميدان والضغط الإعلامي، لأن هذا من شأنه أن يؤثر على صانع القرار وعلى العدو، فكلما تصاعدت حالة الغضب كان هذا أكثر ضغطا على العدو وإقلاقا له.
المسألة الثانية، ينبغي أن نكون صرحاء، ما لم تتحرك الشعوب للضغط على الحكومات فلن تتخذ الحكومات العربية قرارات واضحة وتقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتوقف الاتصالات معه وتطرد سفراءه وتقاطعه على كل الصعد.
المسألة الثالثة التي أعتقد أنها أيضا مهمة، لا بد أن تصل رسالة إلى كل من له تأثير على القرار الإسرائيلي، ولاسيما الولايات المتحدة، مفادها أن قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم وأن اتساع القتال فيها سيفضي إلى الإضرار بسمعة أميركا ومصالحها في المنطقة.
كيف تنظرون إلى مخططات تهجير الفلسطينيين في غزة؟ وهل يمكن أن تدفع المجازر الإسرائيلية المتواصلة السكان إلى التحرك نحو مصر؟نعتقد أن فكرة تهجير الشعب الفلسطيني في الوقت الحالي أصبحت غير ممكنة، فالشعب أصبح أكثر تمسكا بأرضه، وحتى رغم القصف والمجازر الإسرائيلية يتحرك الناس من منطقة لأخرى داخل غزة للهرب من القصف، لكن لم يحاول أحد الهرب ومغادرة القطاع ويفضلون الشهادة على أرضهم بدلا من إنجاح مخططات الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة في تهجير الشعب الفلسطيني.
تجري الآن مفاوضات بوساطة دولية سواء لإدخال المساعدات الإنسانية أو لوقف إطلاق النار، هل هناك تطور إيجابي في هذا الملف؟دعنا نقول إنه لا يوجد مفاوضات بالمعنى الحقيقي ولكن محاولات لجس النبض وإبداء المواقف، والسبب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعرقل ويرفض بشدة كل جهود الوساطة الدولية والإقليمية، ظنا منه أن باستطاعته تحقيق بعض التقدم الميداني الذي يساعده في تحسين موقفه التفاوضي.
باختصار نتنياهو يعتقد أن وقف إطلاق النار أو التوصل لاتفاق في الوقت الحالي يعني نهاية مسيرته السياسية ودخوله إلى السجن، ولذلك لا يمانع في ارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك فهو لا يهتم بمقتل الجنود الإسرائيليين في معارك غزة، ولا يهتم بمصير الأسرى المحتجزين لدى المقاومة.
وبشكل عام نحن قدمنا عدة عروض وأفكار في هذا الاتجاه تقوم على وقف دائم لإطلاق النار وفتح كامل لمعبر رفح ورفع الحصار عن قطاع غزة، وبعدها يمكن الحديث عن صفقة لتبادل الأسرى.
في اعتقادك لماذا تصر الولايات المتحدة على هدنة مؤقتة وليس وقف كامل لإطلاق النار؟الإدارة الأميركية لم تكتف بتوفير الغطاء السياسي للاحتلال ولم تكتف بتزويده بالسلاح وجريمتها في محاولة تهجير أبناء شعبنا إلى سيناء والضغط على الدول العربية للقبول بها، ولكنها تصر على استمرار العدوان والمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني للضغط على المقاومة الفلسطينية وإجبارها على القبول بشروط الاحتلال.
ولم تتوقف الإدارة الأميركية عند هذا الحد، فهي تطرح الآن فكرة جديدة تسميها "مستقبل قطاع غزة دون حماس"، والحقيقة أنها تهدف لاختيار قيادة فلسطينية عميلة وفقا للمعايير الأميركية الإسرائيلية.
ونحن نعتبر ذلك تدخلا سافرا في الشأن الفلسطيني وعدوانا على شعبنا الذي انحاز بشكل واضح لخيار المقاومة، وسيفشل هذا المخطط بإذن الله كما أفشل مخططات التهجير.
شاهدنا مواقف إيجابية لروسيا والصين خلال المعركة، وكذلك زيارة وفد حماس لموسكو، هل يمكنك إطلاعنا على تفاصيل هذه المفاوضات؟حقيقة الموقف الصيني والروسي في هذه المعركة كان إيجابيا للغاية، ونحن لدينا اتصالات متواصلة مع موسكو وبكين لشرح رؤية الشعب الفلسطيني ومقاومته، ونأمل أن يستمر هذا التواصل ويتطور في المستقبل.
قلتم في أول أيام بداية العملية البرية عند بزوغ فجر غد سيكتشف العالم أي ملحمة وبطولة سطرها الشعب الفلسطيني؟ هل يمكن أن تطلعنا على بعض ما قامت به المقاومة أثناء التصدي لقوات الاحتلال؟ما جرى في الأيام الماضية شاهده العالم كله وتحدث به الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، من بسالة للمجاهدين وحسن أداء في الميدان، مما أفشل كل محاولات التقدم الإسرائيلية وتسبب في تكبيد العدو خسائر فادحة على مستوى الدبابات والجنود.
ولدى المقاومة الكثير من المقاطع المسجلة التي تصور ما جرى لجنود الاحتلال في تخوم غزة وستفرج عنها في الوقت المناسب، ويكفي المقاومة فخرا أن الاحتلال تفاجأ بأن المقاومة نجحت بقذيفة محلية الصنع "الياسين 105" في تدمير العشرات من دباباته ومدرعاته الحديثة التي يفتخر بها وقتلت جنوده داخلها.
هل تعتقد أن نجاح المقاومة في التصدي للعملية البرية سيساهم في إنهاء الحرب؟ أم أن إسرائيل ستواصل حربها على غزة بدعم أميركي؟لا شك أن المعطيات الميدانية سيكون لها تأثير كبير في معطيات الأمور، ونحن مطمئنون إلى قدرة كتائب القسام وعلى حسن إدارتها للمعركة بفضل الله سبحانه وتعالى وبالاعتماد على قدرة شعبنا على الصمود، ولذلك نعتقد أن الأيام القادمة ستحمل إنجازات في الميدان ترغم العدو على أن يقبل الواقع بأن غزة حصينة.
ومن المهم أن يعلم الاحتلال ومن يقف خلفه أن المجازر وحرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني لن تنجح في كسر هزيمة المجاهدين وإجبارهم على التوقف عن إيلام العدو وضربه في كل مكان، على العكس فإنها تشجعهم على الثأر لدماء الشهداء.
شهدت معركة طوفان الأقصى لأول مرة عمليات لكتائب القسام تنطلق من لبنان؟ هل يمكن أن نعرف أهداف تلك العمليات وهل يمكن أن نشهد عمليات مشابهة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟الشعب الفلسطيني موحد على هدف واحد وهو تحرير فلسطين وإعادة اللاجئين والإفراج عن الأسرى، ومن الطبيعي أن تشارك الفصائل الفلسطينية في لبنان بهذه المعركة، ودون الدخول في تفاصيل لأسباب عسكرية وأمنية فإن المقاومة في لبنان ستواصل عملياتها إذا واصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة.
بعد 28 يوما من طوفان الأقصى كيف تقيم المعركة ومستقبل القضية الفلسطينية؟من الصعب تقييم معركة طوفان الأقصى في الوقت الحالي، فهي لم تنته بعد، لكن من أهم مآلات هذه المعركة أنها وضعت الشعب الفلسطيني على مسار واضح في قضيته وهو مسار المقاومة، وهذه المعركة وضعت المنطقة كلها أمام استحقاق واضح وتاريخي بأنه بإمكانهم أن يقولوا لا للهيمنة الأميركية وأن بإمكان هذه المنطقة أن ترتب أوضاعها دون الحاجة لمساعدة أميركية.
نحن نسعى لتحرير فلسطين بالكامل ولا بد أن نفكر خارج الصندوق وأن نبذل كل الوسائل الممكنة ونتمسك بمشروع المقاومة للنهاية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المجازر الإسرائیلیة بحق الشعب الفلسطینی طوفان الأقصى هذه المعرکة هل یمکن أن قطاع غزة فی الوقت
إقرأ أيضاً:
الثلاثاء الأميركي الكبير.. هل يمكن الرهان عليه لطيّ صفحة الحرب؟!
أخيرًا، جاء "الثلاثاء الأميركي الكبير"، اليوم المُنتظَر منذ أشهر طويلة، لتحديد هوية ساكن البيت الأبيض الجديد، الذي سيخلف الرئيس جو بايدن في قيادة الولايات المتحدة، مطلع العام المقبل، وسط منافسة "شرسة" بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب، الطامح بالعودة لولاية ثانية، كان بايدن قد حرمه منها، والديمقراطية كامالا هاريس، الطامحة للترقّي من "نائبة الرئيس" إلى "الرئيسة الأولى" للولايات المتحدة.ولعلّ أهمية "الثلاثاء الأميركي الكبير" الذي يصفه الكثيرون بـ"المفصليّ والتاريخيّ"، تكمن في أنّه رُبِط بالكثير من الاستحقاقات في المنطقة والعالم، بل بالحروب المشتعلة في الشرق الأوسط، من غزة إلى لبنان، حتى قيل إنّ "ما بعده لن يكون كما قبله"، بمعزل عن نتيجة هذه الانتخابات، في إيحاء بأنّ الرئيس الأميركي الجديد سيحمل معه "العصا السحرية" التي ستضع حدًا لهذه الحروب "المجنونة" التي تبدو بلا أفق، إن جاز التعبير.
إلا أنّ هذا الاعتقاد يصطدم بالعديد من علامات الاستفهام، وربما التشكيك، فهل يمكن الرهان فعلاً على الانتخابات الأميركية التي طال انتظارها، من أجل طيّ صفحة الحرب المستعرة، وهل مُنِح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فعلاً "مهلة" لإنجاز ما يريد إنجازه قبل أن تستلم الإدارة الأميركية الجديدة مقاليد الحكم، وهل صحيح أنّ هذه النظرية لا تقترن بهوية الفائز فعلاً، سواء كان ترامب أم هاريس؟!
بين ترامب وهاريس...
قبل الحديث عن الرهانات، التي قد يكون بعضها صائبًا، وبعضها الآخر مُبالَغًا به، فإنّ ما لا شكّ فيه أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية لهذا العام تكتسب أهمية استثنائية، وربما تاريخية، يعبّر عنها حجم المنافسة الكبيرة، وربما غير المسبوقة، التي يبدو أنّ استطلاعات الرأي عجزت حتى الآن، على غير عادة، عن حسم الأمور لصالح أيّ من المرشحين، وسط مخاوف تبدو "مشروعة" من تبعات النتائج على الوضع داخل الولايات المتحدة ونفسها.
في هذا السياق، ثمّة من يخشى من تكرار "سيناريو" العام 2020، الذي وصفه كثيرون بـ"العار على الديمقراطية الأميركية"، يوم قاد الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، ما عُدّ "تمرّدًا"، بل "انقلابًا"، تكرّس عبر واقعة اقتحام الكونغرس، في مشهدٍ بدا "غريبًا" على الولايات المتحدة التي اعتادت أن تصدّر "الديمقراطية" إلى العالم، علمًا أنّ هناك من يتخوّف من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، خصوصًا على مستوى "العنف السياسي".
وإذا كانت هذه المخاوف تجد مشروعيّتها بالأجواء المتشنّجة التي سبقت "الثلاثاء الأميركي الكبير"، خصوصًا مع محاولتي الاغتيال اللتين قيل إنّ ترامب تعرّض لهما، فإنّ الثابت أنّ كلّ السيناريوهات تبقى مفتوحة حتى الكشف عن هوية الفائز، علمًا أنّ أحدًا لا يستطيع أن يتكهّن بردّة فعل ترامب مثلاً لو خسر هذه المرّة أيضًا، وهو الذي بدأ الحديث عن تزوير سلفًا، في وقتٍ يرى البعض أنّ "سيناريو" المعركة بينه وبين هيلاري كلينتون قد يكون أقرب إلى الواقع.
تداعيات عابرة للولايات المتحدة
لعلّ الأهم من "الثلاثاء الأميركي الكبير"، هو ما سيتبع هذا اليوم المفصليّ، في ظلّ تحوّلاتٍ تاريخية قد يكون العالم مقبلاً عليها، إذ يُتوقَّع أن تكون التداعيات عابرة لحدود الولايات المتحدة، في ظلّ استحقاقات كثيرة مربوطة بهذه الانتخابات، بما في ذلك الحرب على أوكرانيا مثلاً، التي يُقال إنّ فوز ترامب مثلاً قد يكون "فاصلاً" بين مرحلتين على خطّها، باعتبار أنّ الرجل عبّر أكثر من مرّة عن رفضه لها، متمايزًا بذلك عن النهج الذي اعتمده الرئيس جو بايدن.
وعلى الرغم من أنّ كل التجارب أثبتت أنّ الديمقراطيين والجمهوريين لا يختلفون عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخارجية، ولا سيما على مستوى العلاقات "الاستراتيجية" مع إسرائيل، فإنّ ثمة من يعتقد أنّ نتائج الانتخابات قد تكون فاصلة أيضًا على مستوى الحرب في المنطقة، فترامب قال سابقًا إنّها ما كانت لتقع لو كان رئيسًا، وإنّه سينهيها في يوم واحد، في حين أنّ هاريس وفق بعض المعطيات، لا تتّفق بالضرورة مع طريقة إدارة بايدن للأمور.
وإذا كان هناك من يقول إنّ نتنياهو يعتبر أنّ الانتخابات الأميركية، بغضّ النظر عن نتيجتها، ستكون "بداية النهاية" للحرب، وهو المدرك أنّ الرئيس الجديد، أيًا كان، يرفض أن يبدأ عهده على وقع استمرار الحرب، وبالتالي فهو يتحضّر للانتقال جدّيًا إلى المفاوضات، ثمّة من يرى في المقابل أنّ مثل هذه الرهانات "مضخّمة ومبالغ بها"، وقد أصبح واضحًا أنّ نتنياهو لا يسير وفق "أجندة" الانتخابات أو غيرها، وهو لن يوقف حروبه قبل تحقيق أهدافها.
هما وجهتا نظر إذًا، تقول الأولى إنّ "الثلاثاء الأميركي الكبير" سيسرّع موعد انتهاء الحرب، وإنّ نتنياهو سينفتح بعد هذا التاريخ على المفاوضات التي كان سببًا في تعثّرها قبل أسبوع، فيما تقول الأخرى إن الانتخابات الأميركية لن تكون سوى محطّة على خطّ حروب نتنياهو الذي يمتلك وحده "مفاتيح" إنهائها، وفق "شروطه". وبين هذين الرأيين، ثمّة "مشترك واحد"، هو أنّ "العصا السحرية"، إن وُجدت، قد لا تبصر النور قبل العام الجديد!
المصدر: خاص "لبنان 24"