هل تحول دعم التطبيع إلى دعم لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
هم شهداء غزة …ورثة الأنبياء ، كأنهم نبي الله موسى عليه السلام يزرعون الرعب في قلب فرعون و جيوشه وصروحه وقبته والسحرة، و كأنهم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، ماقتلوهم وماصلبوهم ولكن شبهوا لهم وكأنهم رسول الله محمد( ص )يعرجون من غزة إلى حيث هم أحياء عند ربهم يرزقون هم شهداء غزة أحياء الدنيا وأحياء الآخرة.
لقد وضعنا العدوان الاسرائيلي وشبه الدولي على غزة عاصمة المقاومة الفلسطينية أمام حالة مستجدة مؤطرة بمعطيين أساسيين ، “التطبيع “المغربي مع إسرائيل و ملامح المرحلة الجنينية لتشكل اللوبي المغربي الداخلي الداعم لإسرائيل من قلب داعمي التطبيع ، كما شَرّع الشكل الذي تم به تحديد علاقة المغرب بإسرائيل بعد بلاغ الديوان الملكي بتاريخ 10 دجنبر 2020 والمتعلق باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء، الباب أمام سيناريوهات متعددة وربما غير متوقعة لتفاعل الساحة المغربية مع جولة جديدة من اشتباك المقاومة الفلسطينية مع الجيوش الاسرائيلية و الأمريكية و الجيوش الإعلامية و التقنية العالمية.
لعل أهم الملاحظات تتمثل في كون خطوة “التطبيع” أو ما أُطلقُ عليه ” العلاقة الجديدة ” مع اسرائيل لم تؤثر على خصائص التفاعل الرسمي والشعبي مع احتدامات المقاومة الفلسطينية مع جيوش الاحتلال الاسرائيلي و داعميه من القوى الدولية فالمغرب الرسمي أصدر بياناته مندداً بالعدوان على غزة كما غزى المغرب الشعبي شوارع المدن المغربية و المواقع الافتراضية مندداً برعونة الاحتلال و خرقه القانون الدولي الإنساني المؤطر للمواجهات ورددت الممانعة التقليدية يسارية و يمينية اسلامية و قومية وأخرى تلقائية شعاراتها ، و رفعت أصواتها بنبرة ما قبل” التطبيع “و نددت بخطورته مع كيان محتل و رفعت مطلب إسقاطه، فيما عبرت بعض الأطراف عن موقف يتماهى بشكل كامل مع مواقف اللوبيات الدولية التقليدية المؤمنة بحق اسرائيل في الرد الغير متناسب وفي ارتكاب المجازر و رفع ورقة التهجير القسري و استعمال كافة الوسائل الغير المشروعة من قبيل العقاب الجماعي و حرمان أهل غزة من الماء والكهرباء و الغذاء والدواء وقصف المستشفيات والمرضى والرضع و الأسرى الإسرائليون أنفسهم كما ركنت بعض الأطراف ” الحية” إلى الحياد المنحاز بطبيعته و آثاره للاحتلال الإسرائيلي .
لم يكن متوقعاً أن يختار الوليد المغربي الداعم لإسرائيل ذو الأطياف المتعددة مناسبة ارتكابها وحلفائها من دول و مقاولات إعلامية للمجازر الارهابية والدعائية ضد الشعب الفلسطيني للإعلان عن نفسه و التصريح بالتضامن مع الإحتلال الإسرائيلي و التنديد بالمقاومة الفلسطينية .لم يكن متوقعاً أن يختار ” دعاة السلام والتعايش و التسامح ” موعداً دموياً لتعميد الوليد الجديد ، كما كان متسرعاً – في اعتقادي – أن يَعْبُرَ اللوبي الوليد عبر أطروحة التطبيع خدمة لمصالح المغرب ليكشف أطروحة التطبيع خدمة لمصالح إسرائيل.
يتعلق الأمر بطيف متعدد الروافد فيما يبدو، تتقاطع روافده في مايشبه هوى حداثوياً فوضوياً، و غلواً في تأويل التعدد الحضاري و الثقافي واللغوي في بلادنا ، و تأويلا استعدائياً للاختلاف الفكري و الإديولوجي واحتكاراً غير مفهوم لمهمة الدفاع عن الوطن ولصلاحية تحديد مصالحه.
فيما تباينت ردود فعل روافد اللوبي الوليد إزاء استئناف المقاومة الفلسطينية نضالها ضد الإحتلال الإسرائيلي بين طيف يعبر عن “تفهمه”للهمجية الاسرائيلية كدفاع مشروع عن النفس ، و طيف يدعم إسرائيل ضمنيا بدفن رأسه في رمل التقاطبات الإيديولوجية في محاولة ركن حركة حماس في ثوبها الإديولوجي واختياراتها المرجعية و تلوين مقاومتها بلون ميثاق تأسيس الحركة و تنظيم مؤسساتها ، و طيف يرى أن الميثاق ” الغليظ” الذي أصبح يربطنا بإسرائيل يفترض أن يضعنا أمام مسؤوليتنا الجديدة و يلبسنا ثوبنا الجديد المتسامح والمتعايش مع حق إسرائيل في تنظيم إعدام جماعي للشعب الفلسطيني.
إن الإرهاصات الأولى لتشكل ” اللوبي المغربي الداعم لشيء في نفس يعقوب من وراء دعم إسرائيل، تتسلق في الواقع إلى ماقبل أحداث 7 أكتوبر 2023 ، وبالضبط إلى مابعد البلاغ الملكي بتاريخ 10 دجنبر 2020 المتعلق بإعلان الولايات المتحدة اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء ، و تتمثل في الإيقاعات المختلفة و التأويلات المتعددة التي أطرت مرحلة مابعد الإعلان عن الخطوة الجديدة في غياب تصور رسمي لتفعيل الأجراءات المعلن عنها، وفي استغلال واضح لحالة الصمت التي أطبقت على الساحة العامة المؤسساتية السياسية والثقافية بعد الإعلان عن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء و عن قرار استئناف مكتب الاتصال الاسرائيلي لعمله بعد توقفه سنة 2002 ، إذ اندلعت حزمة من المبادرات المدنية و المؤسساتية تحاول توجيه سياسة تفعيل الخطوة الجديدة ، والترامي على صلاحية تأويلها ، و الحسم في طبيعة وخصائص ” تطبيع ” المملكة المغربية مع إسرائيل ، فركزت على محاولة رفع حرارة ” العلاقة ” الجديدة و افتعال احتضان شعبي لها و انتحال قبول ثقافي وطني لها ، بما يتجاوز ما حدده البلاغ الرسمي لرئيس الدولة ، بل و فرضت تأويل جملة الإجراءات المتضمنة في البلاغ الرسمي ذي الصلة إلى ما يُشبه إعلان تحالف ، في استغلال واضح لحالة التعرية السياسية والثقافية والمؤسساتية الذي ترزح تحتها بلادنا و لوضعية الترهل الذاتي والموضوعي لمشروع الممانعة في بلادنا
يبدو من المفيد محاولة فهم خطوات المجموعة التي منحت نفسها حق وصلاحية توجيه اختيار خارطة طريق ” العلاقة ” الجديدة التي تربط بلادنا بإسرائيل فبدأت بفكرة محاولة عزل المغاربة عن نسيج انتمائهم الحضاري في بعده العربي والإسلامي والإقليمي ، و محاولة بلورة ” وطنية وظيفية ” مجزوزة الروافد و مقصوصة الإمتداد التاريخي والثقافي والسياسي ، وتقزيم مفهوم الوطنية في وظيفة خدمة المدبرين والنافذين ، كما يبدو أنها تحاول حرق المراحل و تستعجل النهاية التي تعتبرها سعيدة و المتمثلة في اعتقادي في الإفراج عن صيغة متقدمة من التحالف الكامل والشامل مع الكيان الإسرائيلي المحتل ينهل من قصة الحب الأمريكية – الإسرائيلية .
إن حالة الإستعجال التي تطبع مقاربة تنفيذ مُتَرَتّبَاتِ ” العلاقة ” الجديدة تتنافى جذرياً مع مقاربة التدرج والتأني وتحديد الأولويات التي وَسمت بنية و لغة ومضمون بلاغ الديوان الملكي ليومه 10 دجنبر 2020 ، مقدماً الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء ، و مؤكداً على المواقف الثابتة والتاريخية للمملكة المغربية بشأن القضية الفلسطينية ، وتشبثها بالحل السياسي القائم على الدولتين و الوضع الخاص للقدس الشريف و محددا بعد ذلك مجالات وأولويات استئناف العلاقة بين المملكة وإسرائيل .
كما تدفع – حالة الاستعجال – في اتجاه تحوير الإختيارات الرسمية المُعلن عنها ، و تطفيف وزن المملكة في ميزان صفقة تبادل المصالح بشكل يخدم غير المغرب وغير مصالحه ،إذ لا شيء – معروف – يبرر عدم استنفاذ بلادنا لكافة المكتسبات الممكنة من علاقة مرة ، موجعة ومُكلِفة .
إن الإصرار على إغراق الساحة العامة المغربية بمايفيد مرورنا من “التطبيع المصالحي ” الصرف ووصولنا إلى التطبيع الثقافي والشعبي ، يطرح جملة من التساؤلات حول الغاية من تفويت حق بلدنا في التفاوض باستقلالية وندية ، وحق بلدنا في التحصين الثقافي والشعبي ضد الصهيونية ، وحق الحاكمين في ضبط خطوات التطبيع المصالحي على إيقاع المصلحة الوطنية ، وحقنا في الإنتماء إلى وطن حر يعلى فيه صوت الضمير الوطني والضمير الإنساني ، وحقنا في الانتصار للقضايا العادلة و أولها القضية الفلسطينية .
إنهم في فلسطين مثلنا يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا ، كما قال الخالد محمود درويش، وما اختاروا الموت إلا لأن النظام العالمي أغلق سبل الحياة و سمم مجاري الروح والكرامة ، وأطبق على الجغرافية معتقداً أنه سيطبق على التاريخ والمستقبل ، لكن هيهات ، فهم أهل فلسطين ورثة الأنبياء .. كأنهم نبي الله موسى عليه السلام يزرعون الرعب في قلب فرعون و جيوشه وصروحه وقبته والسحرة ، و كأنهم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، ماقتلوهم وماصلبوهم ولكن شبهوا لهم ، وكأنهم رسول الله محمد( ص )يعرجون من غزة إلى حيث هم أحياء عند ربهم يرزقون.
.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: بسیادة المغرب على الصحراء المقاومة الفلسطینیة علیه السلام
إقرأ أيضاً:
دعا إلى التطبيع مع العدو.. دعوى بحق لبناني مقيم في فرنسا
تقدم المحامي زياد بيضون، عضو اللجنة الوطنية للأونيسكو ومستشار وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، بإخبار أمام النيابة العامة في بيروت ضد اللبناني أحمد ياسين المقيم في باريس، وذلك بعد قيامه بنشر حلقات على "اليوتيوب" يدعو فيها إلى التطبيع مع إسرائيل ويحرض على العنف الطائفي، بالإضافة إلى نشر أخبار كاذبة.
في شكواه، ذكر بيضون أن ياسين تلاعب بالأخبار وحرض على تدمير موقع بعلبك الأثري، حيث ادعى كذبًا وجود أسلحة في الموقع الذي يعد من أبرز معالم التراث العالمي. ولفت إلى أن ياسين قد برر القصف الإسرائيلي على بعلبك بزعم عدم وجود "الإشارة الزرقاء" التي تميز المعالم التاريخية، في تبرير يعد غير منطقي نظرًا لأن الموقع معروف دوليًا كأحد مواقع التراث العالمي.
وأوضحت الشكوى أن القصف الذي تعرض له الموقع في تشرين الاول والثاني 2024، يشكل جريمة حرب ضد التراث الثقافي، ويخالف القوانين الدولية التي تحظر استهداف المواقع التاريخية أثناء النزاعات المسلحة.
ووفقًا للمحامي بيضون، فإن الأفعال التي قام بها ياسين تشمل عدة جرائم تحريض على الفتنة الطائفية، نشر أخبار كاذبة، والتعامل مع العدو الإسرائيلي، وهو ما يجرمه قانون العقوبات اللبناني، خاصة المواد 274 و275 و296 التي تعاقب على نشر الأكاذيب والتحريض على العنف. كما يواجه ياسين اتهامات بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 1958، الذي يعاقب على التحريض على التخريب أو التسلح.
تجدر الإشارة إلى أن الموقع الأثري في بعلبك يتمتع بأهمية تاريخية وثقافية كبيرة، حيث يمثل جزءًا من إرث البشرية ويعد رمزًا للتفاعل بين الحضارات. (الوكالة الوطنية للإعلام)