خطيب الجمعة بالسيدة نفيسة: القصاص تشريع لحفظ النفس البشرية وتقديسها
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
قال الدكتور خالد صلاح الدين حسونة مدير أوقاف القاهرة وخطيب الجمعة بمسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها، إن الشريعة نهت عن ترويع الآمنين سدا لذريعة الوصول ولو بالخطأ إلى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق أو الاعتداء عليها، لذلك قال النبي من أشار إلى أخيه بحديدة، وقس عليها الأدوات التي تقتل وتسفك دم الإنسان فإن الملائكة تلعنه ولو كان أخاه من أبيه وأمه.
وتابع خطيب الجمعة بمسجد السيدة نفيسة خلال خطبة الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية إن الإسلام دعا لتقديس حياة النفس الإنسانية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من مر في شيء من مسجدنا، أو في أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه؛ أن يصيب أحدًا من المسلمين منها بشيء".
وبين أن من حرص الإسلام على النفس البشرية شرع الله سبحانه وتعالى القصاص، لأن القتل لو علن أنه سيقتل لما أقدم على القتل، يجب علينا أن نقف صف واحدا خلف قيادتنا ودولتنا ومؤسساتنا.
وقال مدير أوقاف القاهرة، إن الله تعالى خلق الإنسان بيديه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته ومن أجله سخر له ما في السماوات وما في الأرض، وكرمه على سائر المخلوقات.
وأكد أن الله تعالى عظم حق الحياة الإنسانية وحرمتها، لذا شرع جملة من الأحكام التي تكفل بقائها ووجودها، وحرم الاعتداء عليها بأي صورة من الصور وبأي شكل من الأشكال.
وذكر أن الشريعة الإسلامية، حرمت قتل النفس أيا كانت تلك النفس، قال الله تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) فالنفس الإنسانية على اختلاف أديانها أو ألوانها أو أشكالها، هي نفس واحدة أمام الله تعالى.
نص خطبة الجمعةالحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فإن الحياة هبة الله تعالى للإنسان، أكرمه سبحانه بها، وعظم حقها، وجعل الحفاظ عليها من أهم المقاصد والكليات التي جاءت الشرائع السماوية بحفظها، وحرمت الاعتداء عليها، بل اعتبرت أي تهديد لحياة إنسان اعتداء على الجنس البشري كله، حيث يقول الحق سبحانه: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}، ويقول سبحانه: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}، والإحياء هنا المقصود به الإنقاذ من الهلكة، والعمل على إبقاء حياة النفس الإنسانية، سواء بدفع الهلاك عنها أو بتوفير ما تحتاج إليه من طعام وغذاء، أو علاج ودواء، أو تعبيد للطرق وإقامة العمران، كما أن في الآية حث على أن يقوم الإنسان بالإحياء لا الإماتة، إحياء البشر والشجر والكون كله بالحفاظ على مقومات الحياة، وإصلاح ما فسد أو أفيد منها.
وقد وصف الحق سبحانه عباده المقربين بأنهم أهل المحافظة على حياة الناس، حيث يقول سبحانه في وصف عباد الرحمن: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجمعة خطيب الجمعة مسجد السيدة نفيسة الحق في الحياة خطبة الجمعة اليوم الدكتور خالد صلاح مدير أوقاف القاهرة نص خطبة الجمعة الناس جمیعا الله تعالى
إقرأ أيضاً:
رمضان .. كيف تدرب نفسك على الصيام عن الشهوات
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتجه القلوب والنفوس نحو الاستعداد لهذا الشهر العظيم، الذي يحمل معه نفحات من الإيمان وفرصة عظيمة لتطهير النفس وتقويتها على الطاعات.
ومن أبرز معاني رمضان هو الصيام، الذي لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل يتعدى ذلك إلى الصيام عن الشهوات بأنواعها، وهو صيام القلب والجوارح عن كل ما يُغضب الله، في هذا الموضوع، نناقش مفهوم الصيام عن الشهوات، وكيفية الاستعداد له خلال الأيام التي تسبق رمضان، وأثر ذلك على حياة المسلم الروحية والأخلاقية.
الصيام في الإسلام ليس مجرد عبادة ظاهرية، بل هو حالة من الترفع عن ملذات الدنيا وشهواتها، والالتزام الكامل بما يرضي الله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" [رواه البخاري].
هذا الحديث يوضح أن الغاية الحقيقية من الصيام هي تهذيب النفس، والابتعاد عن كل ما يبعدنا عن طريق الله.
الشهوات التي يُطلب من المسلم أن يصوم عنها تشمل:
شهوة الكلام: الامتناع عن الغيبة والنميمة والكلام السيئ.
شهوة البصر: غض البصر عن المحرمات.
شهوة السمع: عدم الاستماع لما يُغضب الله.
شهوة النفس: كالحقد، والحسد، والغضب.
الاستعداد للصيام عن الشهوات قبل رمضان
التدريب على الصيام عن الشهوات قبل رمضان يساعد المسلم على استقبال الشهر الفضيل بقلب نقي وجاهزية للطاعات. إليك بعض الخطوات التي تساعد على ذلك:
1. التوبة والتقرب إلى اللهرمضان هو شهر المغفرة والرحمة، والاستعداد له يبدأ بالتوبة النصوح عن الذنوب والمعاصي، واللجوء إلى الله بالدعاء لثبات النفس على الخير.
2. تقليل التعلق بالدنياشهر رمضان يعلّمنا الزهد والرضا، لذا يُستحب قبل رمضان تقليل التعلق بالماديات، مثل التقليل من الترفيه الزائد أو الإنفاق غير الضروري.
3. تدريب النفس على الطاعاتالالتزام بالسنن، مثل صيام التطوع وقيام الليل، يساعد على تقوية الإرادة ويجعل النفس أكثر استعدادًا للعبادة.
4. تصفية القلب من الضغائنمن الصيام عن الشهوات تطهير القلب من الكراهية والبغضاء، لذا يُفضل قبل رمضان أن يسامح المسلم كل من أساء إليه ويطلب العفو من الآخرين.
5. الالتزام بغض البصر وحفظ اللسانيمكن للمسلم البدء في تعويد نفسه على غض البصر والامتناع عن الحديث بما لا ينفع، وهو تدريب عملي لما سيكون عليه الحال في رمضان.
أثر صيام الشهوات على النفس والمجتمع1. تقوية العلاقة مع الله
الامتناع عن الشهوات يجعل القلب أقرب إلى الله، حيث يشعر المسلم بلذة الإيمان ويتذوق حلاوته، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحب المرء لا يحبه إلا لله."
الصيام عن الشهوات ينقي النفس من الصفات السلبية، ويعزز صفات مثل الصبر، والحلم، والتواضع، مما ينعكس إيجابًا على تعامل المسلم مع من حوله.
3. تعزيز الوحدة المجتمعيةحين يلتزم المسلمون بالصيام عن الشهوات، تتقلص مظاهر الحسد والبغضاء، ويعم التسامح والمحبة، مما يعزز الوحدة بين أفراد المجتمع.
رمضان: فرصة لتغيير النفس
رمضان هو مدرسة إيمانية تهدف إلى تهذيب النفس وتغيير العادات السيئة. ومن خلال الصيام عن الشهوات، يمكن للمسلم أن يخرج من رمضان شخصًا أفضل، قادرًا على مواجهة الفتن والشهوات في حياته اليومية.
فرصة للارتقاء بالنفس
شهر رمضان المبارك هو هدية من الله، وهو فرصة لا تتكرر إلا مرة في العام. الاستعداد لهذا الشهر لا يكون فقط بتنظيف الجسد من الطعام والشراب، بل بتنقية الروح من الشهوات والذنوب. فلنجعل الأيام القادمة فرصة للتدريب على الصيام عن كل ما يبعدنا عن الله، حتى ندخل رمضان بقلوب نقية ونفوس مهيأة لاغتنام هذا الشهر العظيم.