تشير دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) إلى أن منطقة "لونغ فالي كالديرا" في شرق كاليفورنيا تتقلب وتضطرب بلا هوادة، بينما تبرد غرفة الصهارة العميقة الخاصة بها من أجل نوم طويل وعميق.

ووفق البيان الصحفي الصادر عن المعهد فقد لاحظ الباحثون منذ ثمانينيات القرن الماضي حدوث فترات كبيرة من الاضطرابات في منطقة جبال سييرا نيفادا الشرقية بكاليفورنيا، والتي تتميز بسلاسل من الزلازل، بالإضافة إلى انتفاخ الأرض وارتفاعها بمقدار نصف بوصة (1.

5 سنتيمتر تقريبا) سنويا خلال هذه الفترات.

نشاط مثير للقلق

وقد أثار هذا النشاط القلق، لأن المنطقة التي تسمى لونغ فالي كالديرا تقع فوق بركان هائل خامد منذ 760 ألف عام، وقد تشكلت نتيجة ثوران عنيف أرسل 650 كيلومترا مكعبا من الرماد في الهواء، وهو حجم يمكن أن يغطي منطقة لوس أنجلوس بأكملها في طبقة من الرواسب يبلغ سمكها كيلومترا واحدا.

تشكلت كالديرا لونغ فالي بعد ثوران عنيف أرسل 650 كيلومترا مكعبا من الرماد في الهواء (غيتي)

ولونغ فالي كالديرا هو منخفض يقع شرق كاليفورنيا بجوار جبل الماموث، ويعتبر هذا الوادي واحدا من أكبر البحيرات البركانية والتي تعرف باسم الكالديرا. ويبلغ طوله من الشرق إلى الغرب 32 كيلومترا، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 18 كيلومترا، بينما يصل عمقه إلى 910 أمتار.

ولكن ما السبب وراء النشاط المتزايد في العقود الماضية، هل يمكن أن تكون المنطقة تستعد للانفجار مرة أخرى، أو هل يمكن أن يكون الارتفاع في النشاط في الواقع علامة على أن خطر حدوث ثوران هائل آخذ في التناقص؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، أنشأ باحثو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا صورا شديدة التفصيل لما يجري تحت الأرض في لونغ فالي كالديرا، حيث وصلت الصور إلى عمق 10 كيلومترات داخل القشرة الأرضية. وتكشف هذه الصور عالية الدقة عن بنية الأرض تحت الكالديرا وتظهر أن النشاط الزلزالي الأخير هو نتيجة لإطلاق السوائل والغازات من البركان مع حدوث تبريد للمنطقة واستقرارها.

يقول تشونغوين زان أستاذ الجيوفيزياء بالمعهد "لا نعتقد أن المنطقة تستعد لثوران بركاني هائل آخر، لكن عملية التبريد قد تطلق ما يكفي من الغاز والسوائل لتتسبب بزلازل وانفجارات صغيرة. فعلى سبيل المثال، في مايو/أيار 1980 وقعت 4 زلازل بقوة 6 درجات في المنطقة وحدها".

في مايو/أيار 1980 وقعت 4 زلازل بقوة 6 درجات في المنطقة (لونغ فالي كالديرا) وحدها (شترستوك) أجهزة قياس الموجات الزلزالية

لإنشاء تلك الصور، استخدم الباحثون قياس الموجات الزلزالية الناتجة عن الزلازل، حيث تولد الزلازل نوعين من الموجات: الأولية وتعرف باسم موجات بي، والثانوية وتعرف باسم موجات إس. ينتقل كلا النوعين من الموجات بسرعات مختلفة عبر المواد المختلفة، حيث تتباطأ الموجات بسبب المواد المرنة مثل السوائل ولكنها تنتقل بسرعة عبر مواد صلبة جدا مثل الصخور.

وقد سمح لهم استخدام تلك الأجهزة بقياس التناقضات في توقيت الموجات وتحديد خصائص المواد -مدى مرونتها أو صلابتها- التي تنتقل عبرها، وبهذه الطريقة، تمكن الباحثون من إنشاء صور للبيئة تحت السطح.

وقد أظهرت تلك الصور عالية الدقة التي أنشأها الباحثون أن حجرة الصهارة البركانية مغطاة بغطاء متصلب من الصخور المتبلورة التي تتشكل عندما تبرد الصهارة السائلة وتتصلب.

ورغم وجود عشرات من أجهزة قياس الزلازل في جميع أنحاء منطقة سييرا الشرقية، فإن التقنية التي استخدمها فريق زان تستخدم كابلات الألياف الضوئية (مثل تلك التي توفر الإنترنت) لإجراء قياسات زلزالية في عملية تسمى الاستشعار الصوتي الموزع.

وعلى مدى عام ونصف، استخدم الفريق الكابل لقياس أكثر من ألفي حدث زلزالي، معظمها صغير جدا بحيث لا يمكن للناس أن يشعروا به، ومن ثم عالجت خوارزمية التعلم الآلي تلك القياسات وطوّرت الصورة الناتجة.

أنشأ الباحثون صورا مفصلة لما يجري تحت الأرض في لونغ فالي كالديرا وصلت إلى عمق 10 كيلومترات (شترستوك) مستقبل الاستشعار الصوتي الموزع

هذه الدراسة تعد هي المرة الأولى التي يتم فيها إنشاء مثل هذه الصور العميقة وعالية الدقة باستخدام تقنية الاستشعار الصوتي الموزع، فقد كانت الصور السابقة التي استخدمت التصوير المقطعي المحلي إما محصورة فقط في البيئة السطحية الضحلة على أعماق حوالي 5 كيلومترات، أو غطت مساحة أكبر بدقة أقل.

يقول إيتوري بيوندي، عالم الاستشعار الصوتي الموزع في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والمؤلف الأول للدراسة التي نشرت في دورية ساينس أدفانسز "إن هذه هي إحدى المرات الأولى التي تبين كيفية قيام الاستشعار الصوتي الموزع بتغيير فهمنا لديناميكيات القشرة الأرضية، ونحن متحمسون لتطبيق تكنولوجيا مماثلة على مناطق أخرى حيث نشعر بالفضول بشأن البيئة تحت السطح".

ويخطط الفريق في المستقبل لاستخدام كابل بطول 200 كيلومتر لتصوير أعمق في قشرة الأرض، إلى عمق يتراوح بين 15 و20 كيلومترا، حيث تبرد غرفة الصهارة في كالديرا؛ قلبها النابض.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تأثير علاقة الأكل بالسعادة

من منا لم يشعر بالسعادة والرضى عند تناول طبق من المأكولات الأحب على قلبه ومعدته، دون أن يعرف سره؟!.

 

لكن لهذا الشعور تفسير علمي. فقد اكتشف فريق باحثين دولي رابطاً جديداً رائعاً بين الأمعاء والدماغ، مفاده أن ابتلاع الطعام المغذي يؤدي إلى إطلاق مادة السيروتونين الكيميائية، التي تمنح الشعور بالسعادة..
إشارات فسيولوجية وأيضية
ففي السنوات الأخيرة، اكتشف العلماء الكثير عن الارتباط المهم بين الأمعاء والدماغ. إذ يعد تناول الطعام أمراً مثيراً للاهتمام بشكل خاص لأنه يتضمن تفاعل الجهاز العصبي مع الإشارات البيئية (مثل رائحة الطعام) والإشارات الفسيولوجية والأيضية، وفق ما نقل موقع New Atlas عن دورية Current Biology

المريء والدماغ
ومؤخراً أجرى باحثون من جامعة بون بألمانيا وجامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة دراسة لفهم كيفية ارتباط المريء بالدماغ بشكل أفضل أثناء تناول الطعام، وأكثر تحديداً

وقال الباحث المشارك في الدراسة، مايكل بانكراتز، من معهد العلوم الطبية والحيوية LIMES بجامعة بون، إن فريق الباحثين سعى إلى "الحصول على فهم مفصل لكيفية تواصل الجهاز الهضمي مع الدماغ عند تناول الطعام".
كما أوضح أنه "لكي يتمكن الباحثون من القيام بذلك، كان لا بد من فهم الخلايا العصبية التي تشارك في تدفق المعلومات وكيف يتم تحفيزها".

100 مليار خلية عصبية
وبدلاً من فحص 100 مليار خلية عصبية في دماغ الإنسان، اختار الباحثون جسم يرقات ذبابة الفاكهة الأقل ازدحاماً نسبياً، والذي يحتوي على حوالي 10000 إلى 15000 خلية عصبية.

فقاموا بتقطيع اليرقات بالكامل إلى آلاف الشرائح الرفيعة للغاية وتم مسح الشرائح باستخدام مجهر إلكتروني. ثم تم استخدام عمليات المسح لإعادة بناء جميع الخلايا العصبية والأعضاء المستهدفة للعصب الذي يربط الجهاز العصبي للجهاز الهضمي لليرقات بالدماغ.

"مستقبلات التمدد"
فاكتشفوا نوعاً من "مستقبلات التمدد" في مريء اليرقات، والتي كانت متصلة بمجموعة من 6 خلايا عصبية منتجة للسيروتونين في الدماغ.

والسيروتونين هو مركب كيميائي يشارك، من بين وظائف بيولوجية أخرى، في التحكم بالحالة المزاجية. فهو يوفر شعوراً بالنشوة. ولهذا السبب، يُطلق عليه أحياناً "المادة الكيميائية التي تمنح الشعور بالسعادة".
لكن الباحثين اكتشفوا أيضاً شيئاً مثيراً للاهتمام للغاية حول الطريقة التي تستجيب بها خلايا السيروتونين هذه للطعام الذي تم استهلاكه.

"طعام جيد الجودة"
وقال أندرياس شوفس، الذي يعمل أيضاً في معهد LIMES وهو الباحث الرئيسي في الدراسة، إنه "يمكن [للخلايا المنتجة للسيرتونين] اكتشاف ما إذا كان [الشخص يتناول] طعاماً أم لا وتقييم جودته أيضاً"، مردفاً: "إنها تنتج السيروتونين فقط إذا تم اكتشاف طعام جيد الجودة، مما يضمن بدوره استمرار اليرقة في الأكل".

ويقصد الباحثون بـ"طعام جيد الجودة" أي الطعام الذي له قيمة غذائية، وليس أنه ذوّاق، مما يشير إلى أن الخلايا العصبية تقوم بنوع من مراقبة الجودة على أي شيء يتم ابتلاعه.

حيث ينظر الدماغ إلى الطعام المحتوي على العناصر الغذائية على أنه مكافأة، ما يدفع الخلايا العصبية إلى إطلاق السيروتونين، ما يجعل اليرقات تشعر بالسعادة وتستمر في الأكل. ونظراً لأنه آلية مهمة بشكل أساسي للبقاء، يعتقد الباحثون أنه ربما يوجد نفس الآلية لدى البشر أيضاً.
علاج فقدان الشهية أو الإفراط
إلى ذلك، شدد الباحثون على أنه "على الرغم من الاختلافات في عدد أنواع الخلايا مقارنة بالذبابة، سيكون من المثير للاهتمام بمعرفة ما إذا كان السيروتونين يراقب أيضاً اكتمال عمل ذي معنى بيولوجي مثل البلع أو أنشطة حيوية أخرى في الثدييات".

وإذا كانت دائرة المريء والدماغ موجودة بالفعل في البشر، فقد تكون وسيلة لعلاج اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام. لكن ربما يستغرق الوقت سنوات طوال حيث ختم بانكراتز قائلاً: "لم يتم اكتشاف ما يكفي في هذه المرحلة عن كيفية عمل دائرة التحكم في البشر بالفعل. لا يزال هناك سنوات من البحث مطلوبة في هذا المجال".
 

مقالات مشابهة

  • ابي رميا: يبدو أن هذه المعاناة ستطول
  • ما قصة الصور التي طلبها نتنياهو وكلفت إسرائيل عشرات من نخبة جنودها ؟
  • تأثير جائحة «كورونا» بلغ القمر!
  • إعلام إسرائيلي عن مسؤولين أمريكيين: يبدو أن الهجوم الإسرائيلي على إيران بات "وشيكا"
  • "بوليتيكو" يفضح رفض ترامب تقديم مساعدات حرائق الغابات في كاليفورنيا
  • الدبيبة يتفقد سير العمل في مشروع طريق صلاح الدين ـ ترهونة بطول 82 كيلومترا
  • العبدلي: فسخ عقد الإداريين بالتراضي يبدو أنها ستكون موضة .. فيديو
  • يبدو أن العناية الألهية لا تحب الحلف الجنجويدى
  • تأثير علاقة الأكل بالسعادة
  • المساحة المحترقة في كاليفورنيا هذا العام تتجاوز المليون فدان وتوسيع أوامر الإخلاء مجددًا للمجتمعات النائية