أسلحة ناعمة حملها أصحاب القلم، وأصحاب الحق أيضًا، في بلد اكتست شوارعها بلون الدم، وباتت أصوات المدافع والطائرات مألوفة لأهلها، يعكسون بها بؤس الواقع المعاش، ناقلين بها تجارب حية جعلت من قضية بلادهم صوتًا مسموعًا حول العالم، في وقت كان حمل الكاميرا فيه أكثر خطورة من حمل السلاح، يتعرضون للموت في كل لحظة إلا أنهم رفضوا الوقوف في موضع المتفرج الصامت.

40 صحفيا حول مائدة طعام 

قرابة أربعين شخصا من الصحفيين والمراسلين التابعين لمنصات إعلامية مختلفة بقطاع غزة المحتل، افترشوا الأرض داخل خيمة مخصصة للإعلاميين ملحقة بمحيط مستشفى ناصر الطبي في غزة، التفوا جميعا حول أطباق محدودة من الفول والجبن وقليل من الخبز، استرقوا من الزمن دقائق معدودة من الراحة بعد ساعات مستمرة من العمل تحت ضغط نفسي وجسدي، في مشهد نقلته عدسة أحدهم يوثق به متاعب الصحفيين والإعلاميين خلال تغطية الحرب في غزة.

«الصورة كانت في مساء أحد الأيام بعد تعب ساعات طويلة من النهار، بنحاول نسرق من الزمن لحظات هدوء عشان نكمل»، بلهجة فلسطينية وصوت منهك كجسده، تحدث سالم الريس، صحفي ومراسل لمجلة «المجلة» بمنطقة خانيونس جنوب القطاع المحتل، لـ«الوطن»، يروي جزءا من ملامح حياة الصحفيين والإعلاميين خلال تغطية الحرب الحالية في قطاع غزة، حسبما ظهر في الصورة التي التقطها لهم أحد زملاءهم ونشروها عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

فول وجبنة وقليل من الخبز

أصناف مائدة العشاء التي التف حولها الصحفيون على ضوء هواتفهم المحمولة، لم تخرج عن المعلبات، فول وجبن وأرغفة قليلة من الخبز، اقتسموا كل ذلك معًا، لا يأكلون حتى الشبع وإنما حتى يستمدوا طاقة تكفيهم لاستكمال العمل، حسب رواية سالم.

يُوزع الصحفيين والمراسلين المكلفين بتغطية الحرب من الوسائل الإعلامية التابعين لها، على خيام في محيط المستشفيات الأربعة الرئيسية في قطاع غزة، بحسب وصف الصحفي الفلسطيني البالغ من العمر 37 عاما، تخلو الخيام من وسائل الرفاهية، فقط أدوات لشحن الهواتف المحمولة ومصدر للإنترنت: «كل واحد في نهاية اليوم، يجي الخيمة يبعت شغله لمكان عمله، بننتظر بعض عشان نخف الضغط على مصدر الإنترنت»، حسب قوله.

تختلف مهام صحفيي غزة في تلك الأيام الصعبة ما بين توثيق مشاهد الجنازات والوداع، ورصد طوابير محطات الوقود والمخابز البلدي، وأيضا طوابير المياه، إلى جانب توثيق أماكن القصف والضحايا، كل ذلك يضعهم دائما في ضغط نفسي وجسدي مستمر، يحاولون كسر جمود المشهد دائما بلحظات مشاركة في نهاية كل يوم: «كميات الأكل قليلة لكن المشاركة بتفرق نفسيا»، حسب وصف الصحفي الفلسطيني. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة احداث غزة فلسطين

إقرأ أيضاً:

الهواتف ممنوعة داخل مراكز الاقتراع.. داخلية كوردستان تصدر قراراتها لتأمين انتخابات الإقليم

الهواتف ممنوعة داخل مراكز الاقتراع.. داخلية كوردستان تصدر قراراتها لتأمين انتخابات الإقليم

مقالات مشابهة

  • جراح منسية.. الصحة النفسية ليست أولوية للمؤسسات التي تُشغّل الصحفيين في غزة
  • قبل طرح "Galaxy S25".. معلومة مُثيرة تلفت الأنظار نحو خليفته
  • الحليب في الريف.. «مصدر خير كتير.. قريش وجبنة قديمة وزبدة وفطير»
  • الهواتف ممنوعة داخل مراكز الاقتراع.. داخلية كوردستان تصدر قراراتها لتأمين انتخابات الإقليم
  • حبس المتهمة بسرقة الهواتف المحمولة بالخليفة 4 أيام
  • إسرائيل والغرب الاستعماري فاتورة جنون العشاء الأخير
  • إحالة نشالة الهواتف المحمولة بالجمالية إلى الجنح
  • إسرائيل والغرب الاستعماري فاتورة جنون العشاء الأخير
  • الصفدي: الحرب على غزة تستهدف محو الوجود الفلسطيني
  • 72 مسيرة بإب استمرارًا للتضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني