صحفيو غزة يتناولون العشاء على ضوء الهواتف.. «فول وجبنة وخبز»
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
أسلحة ناعمة حملها أصحاب القلم، وأصحاب الحق أيضًا، في بلد اكتست شوارعها بلون الدم، وباتت أصوات المدافع والطائرات مألوفة لأهلها، يعكسون بها بؤس الواقع المعاش، ناقلين بها تجارب حية جعلت من قضية بلادهم صوتًا مسموعًا حول العالم، في وقت كان حمل الكاميرا فيه أكثر خطورة من حمل السلاح، يتعرضون للموت في كل لحظة إلا أنهم رفضوا الوقوف في موضع المتفرج الصامت.
قرابة أربعين شخصا من الصحفيين والمراسلين التابعين لمنصات إعلامية مختلفة بقطاع غزة المحتل، افترشوا الأرض داخل خيمة مخصصة للإعلاميين ملحقة بمحيط مستشفى ناصر الطبي في غزة، التفوا جميعا حول أطباق محدودة من الفول والجبن وقليل من الخبز، استرقوا من الزمن دقائق معدودة من الراحة بعد ساعات مستمرة من العمل تحت ضغط نفسي وجسدي، في مشهد نقلته عدسة أحدهم يوثق به متاعب الصحفيين والإعلاميين خلال تغطية الحرب في غزة.
«الصورة كانت في مساء أحد الأيام بعد تعب ساعات طويلة من النهار، بنحاول نسرق من الزمن لحظات هدوء عشان نكمل»، بلهجة فلسطينية وصوت منهك كجسده، تحدث سالم الريس، صحفي ومراسل لمجلة «المجلة» بمنطقة خانيونس جنوب القطاع المحتل، لـ«الوطن»، يروي جزءا من ملامح حياة الصحفيين والإعلاميين خلال تغطية الحرب الحالية في قطاع غزة، حسبما ظهر في الصورة التي التقطها لهم أحد زملاءهم ونشروها عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
أصناف مائدة العشاء التي التف حولها الصحفيون على ضوء هواتفهم المحمولة، لم تخرج عن المعلبات، فول وجبن وأرغفة قليلة من الخبز، اقتسموا كل ذلك معًا، لا يأكلون حتى الشبع وإنما حتى يستمدوا طاقة تكفيهم لاستكمال العمل، حسب رواية سالم.
يُوزع الصحفيين والمراسلين المكلفين بتغطية الحرب من الوسائل الإعلامية التابعين لها، على خيام في محيط المستشفيات الأربعة الرئيسية في قطاع غزة، بحسب وصف الصحفي الفلسطيني البالغ من العمر 37 عاما، تخلو الخيام من وسائل الرفاهية، فقط أدوات لشحن الهواتف المحمولة ومصدر للإنترنت: «كل واحد في نهاية اليوم، يجي الخيمة يبعت شغله لمكان عمله، بننتظر بعض عشان نخف الضغط على مصدر الإنترنت»، حسب قوله.
تختلف مهام صحفيي غزة في تلك الأيام الصعبة ما بين توثيق مشاهد الجنازات والوداع، ورصد طوابير محطات الوقود والمخابز البلدي، وأيضا طوابير المياه، إلى جانب توثيق أماكن القصف والضحايا، كل ذلك يضعهم دائما في ضغط نفسي وجسدي مستمر، يحاولون كسر جمود المشهد دائما بلحظات مشاركة في نهاية كل يوم: «كميات الأكل قليلة لكن المشاركة بتفرق نفسيا»، حسب وصف الصحفي الفلسطيني.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة احداث غزة فلسطين
إقرأ أيضاً:
نحو 80 دولارا.. هل تحسم مزايدة البدل انتخابات الصحفيين بمصر؟
القاهرة- تشهد أروقة نقابة الصحفيين المصريين جدلا نقابيا واسعا يتزامن مع انتخابات "التجديد النصفي" لمجلس النقابة، يدور حول قضايا تتعلق بواقعهم المعيشي والحريات والتشريعات النقابية.
على رأس هذه القضايا تأتي زيادة "بدل التدريب والتكنولوجيا"، وهو بمنزلة "أجر" شهري يتقاضاه الصحفيون النقابيون في مصر، تموله الدولة منذ عام 1975، وعادةً ما تدور حوله البرامج الانتخابية النقابية.
عودة الحديث عن الحريات وقيمة البدل المقدرة بـ3900 جنيه (أي أقل من 80 دولارا)، تثير تساؤلات على لسان مرشحين نقابيين وأعضاء بالجمعية العمومية، أبرزها: إلى أي مدى تسبب الواقع المعيشي الراهن للصحفيين في مصر في أن يكون "البدل" محورا مهما في الانتخابات النقابية؟
تُجرى انتخابات "التجديد النصفي" كل عامين على مقعد النقيب ونصف مقاعد أعضاء المجلس (12 عضوا/ دورة كل عضو 4 سنوات)، وكان من المقرر عقدها يوم 7 مارس/آذار الجاري، لكنها تأجلت أسبوعين، ثم إلى 4 أبريل/نيسان لعدم اكتمال النصاب القانوني.
ويتطلب النصاب القانوني حضور 50%+1 من الأعضاء المشتغلين البالغ عددهم 10 آلاف و232 صحفيا في الانعقاد الأول، أو ربعهم في الجولات التالية، وسط مؤشرات على إمكانية إجرائها يوم 2 مايو/أيار، وفق اتفاق "غير معلن" بين المرشحين والجمعية العمومية، مراعاة لشهر رمضان والأعياد الدينية.
في حين يخوض 8 مرشحين الانتخابات على مقعد النقيب، تنحصر المنافسة الفعلية -وفق مؤشرات عدة- بين مرشحين اثنين بارزين، هما:
إعلان النقيب المنتهية ولايته خالد البلشي، يساري معارض، وأحد أبرز قيادات ما يعرف بـ"تيار الاستقلال النقابي" (جبهة تحمل شعار الاستقلال النقابي والحريات). النقيب الأسبق (2017-2019) عبد المحسن سلامة، الذي ينتمي إلى مؤسسة الأهرام (المملوكة للدولة) وتُعد واحدة من أكبر الكتل التصويتية في انتخابات الصحفيين.أما عضوية مجلس الصحفيين، فتشهد منافسة 43 مرشحا على 6 مقاعد، وكما في الجولات الأخيرة، تنحصر الانتخابات هذه المرة أيضا بين "تيار الاستقلال" وقائمة تصنف نقابيا بأنها "تلقى دعما حكوميا"، وهو ما لم يثبت أن أكدته أو نفته الحكومة المصرية سابقا.
توافق "نادر"خلال الدورات الانتخابية في العقد الماضي، كانت انتخابات الصحفيين بمنزلة سباق بين تكتل محسوب على الحكومة وآخر يساري ذي توجهات معارضة، الأول يحمل ورقة زيادة البدل، والآخر يحمل رهانات تحقيق هامش من "الحريات والاستقلالية النقابية".
بيد أن انتخابات 2025 تشهد مفارقة ملحوظة، تتمثل في اتفاق غالبية المرشحين على تبني ملف الحريات والصحفيين المحبوسين، إلى جانب الدعوة إلى إجراء تعديلات على القوانين والتشريعات الصحفية، لأغراض تبدو مختلفة.
وهذا التوافق النادر حول "الحريات والصحفيين المحبوسين"، اعتبره البلشي في أكثر من مناسبة "نجاحا لمجلسه المنتهية ولايته في جعل الآخرين يتحدثون عن ملفات ومشاكل كانوا ينكرونها سابقا".
في حين يرى المنافس الأبرز للبلشي، عبد المحسن سلامة، أن "قضايا الحريات لا يمكن تجاوزها في انتخابات الصحفيين، كما لا يجوز لأي طرف احتكارها أو المتاجرة بها انتخابيا".
وعادة ما تحمل انتخابات الصحفيين مزايدات نقابية حول البدل، وإن كانت بعض الأصوات الصحفية تشير إلى انتقاله في الدورات الأخيرة من ورقة انتخابية إلى استحقاق نقابي.
إعلانتعقيبا على ذلك، يؤكد سلامة أن مشكلة البدل تكمن في غياب تشريع واضح ينظم زيادته بشكل دوري وثابت، ومع ذلك، يعتقد أن زيادته تعتمد على قوة النقيب والمفاوض ومكانته وليس على توجهات سياسية معينة.
في المقابل، سبق أن ندد البلشي بهذا الطرح، معتبرا "القول بأن البدل يأتي بقوة النقيب إهانة للجمعية العمومية".
خيوط معقدة ومتشابكةممسكا بخيوط "البدل والحريات والمحتوى الصحفي" المعقدة والمتشابكة، يشير الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ، عضو المجلس المنتهية ولايته والمرشح لدورة جديدة، إلى أن الأوضاع الاقتصادية للصحفيين أصبحت بالغة الصعوبة.
وفي حديث للجزيرة نت، عزا عبد الحفيظ الأسباب إلى "غياب هامش الحرية الكافي الذي يسمح بإنتاج محتوى صحفي جاذب، مما يؤثر سلبا على الإعلانات والإيرادات، وبالتالي ينعكس على الظروف المعيشية للصحفيين".
وشدد على أن "بدل التدريب والتكنولوجيا حق قضائي ثابت وليس منة، وصدر بشأنه أكثر من حكم من المحكمة الإدارية العليا"، موضحا أن أزمة البدل تكمن أيضا في ارتباط زيادته بالمواسم الانتخابية، بدلا من أن تكون زيادة دورية متماشية مع معدلات التضخم أو العلاوات السنوية.
أرقام ومؤشراتمتفقة مع الطرح السابق، ترى الصحفية والمرشحة لعضوية مجلس النقابة، إيمان عوف، أن بدل التدريب والتكنولوجيا أصبح مصدر دخل أساسيا للصحفيين، لكنه لا يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة التي يفترض أن يتمتعوا بها.
وفي تصريحات للجزيرة نت، استشهدت عوف بـ"مخرجات صادمة" كشفتها نتائج الاستبيان الذي أُجري في المؤتمر السادس لنقابة الصحفيين في ديسمبر الماضي، موضحةً أنها أظهرت أن:
نحو 13% من الصحفيين لا يتقاضون رواتب، مما يعني أنهم يعملون في ظروف أقرب إلى العمل الجبري. تتراوح نسبة من يحصلون على رواتب غير مستقرة بين 13% و17%. يعاني أكثر من 49% من غياب الحد الأدنى للأجور (6 آلاف جنيه) أو وجود لوائح مالية تنظم حقوقهم داخل المؤسسات الصحفية. نحو 65% من الصحفيين ينفقون البدل على متطلبات حياتهم اليومية، بدلا من استثماره في التدريب أو المعدات الصحفية. إعلان جمعية عمومية "أكثر وعيا"بدوره، يقول الناقد الرياضي بصحيفة الجمهورية، ناصر سليمان، إن انتخابات الصحفيين لن تحسمها وعود زيادة البدل، بعد أن أصبحت الجمعية العمومية أكثر وعيا وإدراكا لما يدور داخل النقابة.
ويشير سليمان إلى جملة من المشاكل التي تعاني منها الجماعة الصحفية، منها: الوضع الاقتصادي المتردي، وتدني رواتب الصحفيين في المؤسسات القومية، وإغلاق عدد من الصحف الخاصة، وتحول "البدل" إلى ملاذ أساسي لجموع الصحفيين.
ويعتقد أن جزءا من مواجهة الأزمة المالية التي يعاني منها الصحفيون يكمن في ربط البدل بالحد الأدنى للأجور.