تونس- علّق رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة، مساء أمس الخميس، الجلسة العامة المخصصة للتصديق على مشروع تجريم التطبيع مع إسرائيل على أن تُستأنف اليوم الجمعة، بعد أشغال سادها التوتر والانقسام بين نواب تمسكوا بالتصديق على القانون، وآخرين طالبوا بإرجائه وإرجاعه للنقاش.

وتجمع متظاهرون أمس أمام البرلمان للمطالبة بتمرير القانون رافضين محاولات تعطيله، بينما ظل النواب تحت قبته في حالة تشنج وانقسام بين تمرير القانون أو تأجيله.

وتسببت تلك التجاذبات والمناورات في رفع الجلسة مرات عدة من رئيس البرلمان، الذي اتهمه بعض النواب بمحاولة عرقلة تمرير القانون.

 

 

امتحان حقيقي

وبعد استئناف الجلسة في ساعة متأخرة، كشف إبراهيم بودربالة للنواب عن لقائه -أمس الخميس- بالرئيس قيس سعيّد برفقة نائبين آخرين. وقال، إن الرئيس أعلمه أن القانون سيمسّ بأمن تونس وأنه محل مزايدات انتخابية، وتابع، أن رئيس الجمهورية يرفض التطبيع انطلاقا من المسألة الأخلاقية والسياسية.

وإثر ذلك عرض رئيس البرلمان على الجلسة العامة مقترحا من بعض النواب، يطلبون تأجيل النظر في القانون لكن أُسقط المقترح بالتصويت من أغلبية نواب ينتمون لكتل ذات مرجعية قومية معادية لإسرائيل.

بالمقابل، قالت نائبة، إنها تعرضت للتهديد بسبب اتهامها برفض تجريم التطبيع.

وقد شهدت الجلسة مداخلات عديدة لنواب أعربوا عن دعهم للفلسطينيين، متهمين الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب أبشع جرائم الحرب في غزة. ومزق أحد النواب العلم الإسرائيلي خلال الجلسة التي بثت مباشرة على الإنترنت. ورأى أغلب النواب أن تمرير فصول القانون هو امتحان حقيقي للبرلمان.

وتمت المصادقة خلال الجلسة المسائية أمس على فصلين من مشروع قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، والاعتراف به والتعامل معه"، الذي يتضمن 7 فصول.

ويتعلق الفصل الأول المصادق عليه دون تعديل، بتسمية إسرائيل "كيانا صهيونيا"، ووصفها "بالجهاز المحتل الغاصب للأراضي الفلسطينية، وأراض عربية أخرى؛ كالجولان ومزارع شبعا".

انقسام داخل البرلمان التونسي يؤجل النظر في قانون تجريم التطبيع (الجزيرة) عقوبات

أما الفصل الثاني المصادق عليه بعد تعديله، فيتعلق بتعريف مصطلح التطبيع على أنه "جريمة يتعمد مرتكبُها التعامل مع الكيان الصهيوني سواء عبر التواصل، أو الدعاية، أو التعاقد المباشر، أو بوساطة، أو المشاركة في نشاطات وفعاليات ومظاهرات تُقام على الأقاليم التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني".

ويُرتقب أن تُستأنف أشغال الجلسة العامة اليوم لمواصلة التصديق على بقية فصول مشروع القانون الذي يوجه فصله الثالث تهمة "الخيانة العظمى لكل من تخابر مع الكيان الصهيوني، أو وضع نفسه على ذمته، أو حمل السلاح معه". ويواجه عقوبة السجن مدى الحياة، حسب مشروع القانون.

وعدا ذلك، يعاقب الفصل الثالث من مشروع هذا القانون كل مرتكب جريمة التطبيع، بالسجن لفترة تتراوح بين 6 و12 سنة، وبغرامة مالية تتراوح بين 10 آلاف دينار (نحو 3 آلاف دولار)، و100 ألف دينار (نحو 30 ألف دولار).

وينص الفصل 6 على أن التتبع والعقاب في الجرائم المنصوص عليها لا يسقطان بالزمن.

 

 

محاولات تعطيل

ولا يستبعد مراقبون أن تشهد الجلسة المرتقبة -اليوم الجمعة- محاولات لتعطيل القانون. لكن عبد الرزاق عويدات، رئيس كتلة الخط الوطني السيادي، أحد النواب الذين اقترحوا مشروع هذا القانون، أكد حضور النواب اليوم في البرلمان لتوفير النصاب القانوي، واستكمال التصديق على مشروع القانون.

وكان عبد الرزاق قد عقد أمس بالبرلمان، مع مجموعة من النواب المصرّين على تمرير القانون، مؤتمرا صحفيا هددوا فيه بالدخول في اعتصام؛ بسبب تكرر رفع الجلسة ومحاولة كتل مؤيدة لمسار الرئيس قيس سعيّد إعادة مناقشة مشروع القانون من جديد في لجنة الحقوق والحريات والاستماع لوزارات معنية.

وقُدّم مشروع هذا القانون من قبل 15 نائبا في البرلمان في 12 يوليو/تموز الماضي، قبل اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وينتمي النواب لكتلة "الخط الوطني السيادي" وهي تحالف يجمع نواب حركة الشعب (قومي ناصري)، ونواب حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد اليساري.

ووقّع 97 نائبا مطلبا لاستعجال النظر في مشروع القانون، وتقرر في البداية تنظيم جلسة عامة يوم الاثنين الماضي، لكن أُجّلت إلى يوم أمس الخميس.

وزير الخارجية التونسي عدّ قانون تجريم التطبيع لا فائدة منه طالما لا يوجد تطبيع أصلا بين تونس وإسرائيل (الجزيرة) "لا فائدة منه"

وعلّل رئيس البرلمان هذا التأجيل بضرورة توسيع النقاش حول فصول القانون، واستشارة عدد من مكونات الدولة في مقدمتها وزارة الخارجية، والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء.

وكان وزير الشؤون الخارجية نبيل عمار قد أبدى تحفظه تجاه مشروع القانون خلال حوار أدلى به للتلفزة التونسية الرسمية، معدا أنه "لا فائدة منه طالما لا يوجد تطبيع أصلا بين تونس وإسرائيل"، وطالب البرلمان بضرورة استشارة جميع الوزارات المعنية، مستنكرا سنّ قانون في يوم أو يومين.

وأعرب نواب تونسيون عن خشيتهم من المساس بالمصالح الاقتصادية والأمنية للبلاد، في صورة إقرار قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل. في حين يظهر أن هناك عزيمة لدى أغلب النواب في المضي قدما للتصديق عليه، رغم كل ما يُروج حول "وجود ضغوطات أميركية على تونس".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قانون تجریم التطبیع تجریم التطبیع مع الکیان الصهیونی تمریر القانون رئیس البرلمان مشروع القانون

إقرأ أيضاً:

النوّاب يُؤكد دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا

أصدر مجلس النواب، بيانا رفض فيه حكم صادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، بشأن قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا.

ورداً على دعوات من المجلس الرئاسي لإعادة النظر في هذا القانون، جاء في البيان، “أن حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا يعد منعدما، وذلك لصدوره قبل إقرار قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا من قبل مجلس النواب”.

وأضاف: “تم تقديم الطعن على القانون في 12 ديسمبر 2022، وصدر الحكم في 05 مارس 2023، بينما أقر مجلس النواب القانون في 29 مارس 2023، وبالتالي، فإن قرار المحكمة سبق صدور القانون بـ24 يوما”.

وأوضح مجلس النواب أن “الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا كان يتوجب عليها أن تحكم بعدم قبول الطعن لرفعه قبل الأوان”، مشيرا إلى أن “هذه الدائرة توقفت عن العمل لمدة سبع سنوات كاملة (من 2014 إلى 2021)، مما يجعلها قضاء معطلا”.

وانتقد مجلس النواب “ادعاء المحكمة العليا بأنها لا تملك ولاية في إصدار قانون إنشاء المحكمة الدستورية”، مؤكدا أن “هذا القانون هو الأول من نوعه في المرحلة الانتقالية، وأن إنشاء قضاء متخصص في هذه المرحلة أمر ضروري لضبط الأمور في البلاد وتجنب تكرار الأخطاء”.

وشدد مجلس النواب “حرصه على استقلال القضاء وحصانته”، مؤكدا “أن المجلس الرئاسي ليس لديه أي صلاحيات للتعليق على أعمال مجلس النواب المنتخب من الشعب”.

مقالات مشابهة

  • النوّاب يُؤكد دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا
  • جبالي يرفع جلسة البرلمان والعودة للانعقاد غدا لإجراء انتخابات اللجان
  • المهن الطبية والأحوال الشخصية.. الحكومة 17 قانون من البرلمان
  • مجلس النواب يعلن عن سحب الحكومة لـ 17 مشروع قانون
  • الحكومة تسحب مشروعات قوانين من البرلمان لإعادة النظر فيها.. منها «الأحوال الشخصية»
  • عودة البرلمان
  • تعديل قانون الانتخابات في تونس يعمق الشكوك في نزاهتها
  •  انطلاق أعمال جلسة مجلس النواب بعد قليل
  • رئاسي ليبيا يشترط النصاب القانوني لاعتماد اتفاق المركزي.. هل ينجح البرلمان؟
  • رفضه سعيد مرشحا وباركه رئيسا.. مجلس نواب تونس يقر تنقيح القانون الانتخابي