غزة- منذ اندلاع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة في السابع من الشهر الماضي، لم يلتق الصحفي الشاب أنس الشريف بطفلته الصغيرة وزوجته الحامل سوى مرتين وعلى نحو سريع، لانشغاله على مدار اللحظة بتغطية تطورات العدوان في مناطق شمال القطاع.

يعيش الشريف (27 عاما) قلقا مركّبا على نفسه وأسرته، ويقول للجزيرة نت "الاحتلال يشن حربا شرسة لا حصانة فيها لأحد، والصحفيون وعائلاتهم باتوا جزءا من ضحايا هذه الحرب، فاستشهدوا وجرحوا في غارات جوية استهدفتهم في الميدان وداخل منازلهم".

ووثقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين والمكتب الإعلامي الحكومي استشهاد 35 صحفيا وناشطا إعلاميا، وجرح عشرات آخرين، وتدمير مقار ومكاتب إعلامية، فضلا عن مآسي ألمّت بصحفيين فقدوا أسرهم بالكامل، أو أفرادا من عائلاتهم، بقصف منازلهم وكذلك منازل نزحوا إليها، بغرض إرهابهم وإسكات صوت الحقيقية.

أنس الشريف نقل الصور الأولى لمجزرة مخيم جباليا التي راح ضحيتها نحو 500 فلسطيني بين شهيد وجريح (مواقع التواصل) الناجي والشاهد

والصحفي الشريف نفسه نجا بأعجوبة من غارات جوية استهدفت مناطق في شمال القطاع، تصادف وجوده فيها خلال عمله الميداني، وكذلك فقد عددا من أبناء عمومته أثناء القصف. وقال إن تكرار الجرائم الإسرائيلية بحق الصحفيين وعائلاتهم يشعره بقلق كبير على أسرته الصغيرة وعائلته.

وما يخفف عن هذا الصحفي الشاب -برأيه- أنه يقوم بعمل وطني ومهني لكشف حجم المجازر التي ترتكبها آلات القتل والدمار لجيش الاحتلال بحق المدنيين.

ومن بين هذه المجازر التي انفرد الشريف بتوثيقها ما تعرض له مخيم جباليا للاجئين من غارات جوية إسرائيلية مساء الثلاثاء خاصة، دمّرت عددا كبيرا من المنازل فوق رؤوس ساكنيها، وأسفرت عن 500 شهيد وجريح ومفقود.

وكاد الشريف نفسه أن يكون أحد ضحايا هذه المجزرة، وقال "ثوانٍ معدودة وخطوات قليلة حالت دون استشهادي، كنت على بعد أمتار قليلة من هذا المربع السكني، عندما انهمرت عليه صواريخ ثقيلة أحدثت دمارا هائلا في عشرات المنازل".

وفي سبيل مواصلة تأدية رسالته، يكابد أنس مشاق ومعوّقات، ولا يعرف من النوم والطعام إلا القليل، ومنذ اندلاع هذه العدوان لم ينم في اليوم الواحد أكثر من ساعتين، مع الكثير من القلق والاستيقاظ فزعا على أصوات الانفجارات في محيط المستشفى الإندونيسي، حيث ملجأ الصحفيين في مخيم جباليا وشمال القطاع خلال ساعات الليل التي تحمل معها الكثير من الرعب والموت والدمار.

وثقت الجهات المسؤولة استشهاد 35 صحفيا وجرح عشرات آخرين بسبب العدوان على قطاع غزة (غيتي) مشاهد مؤلمة

برز اسم الشريف منذ بداية العدوان، كصحفي مثابر يلاحق القصف الإسرائيلي جوا وبرا وبحرا، وانتشرت له مقاطع مصورة مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي، وبثت بعضها كبريات القنوات الإخبارية، أهمها قناة الجزيرة.

وما يجعله قادرا على المواصلة والاستمرار، رغم المخاطر المحدقة به وبأمثاله من الصحفيين في الميدان، مقدار التفاعل مع القصص الإنسانية التي يوثقها، لكن حسابات الشريف تعرضت للحجب والتعطيل بعدما وصل عدد متابعيه مئات الآلاف، غير أنه لم يستسلم للقيود المفروضة على المحتوى الفلسطيني، وافتتح حسابات جديدة، وخلال ساعات قليلة تابعه عشرات الآلاف.

يعتقد الصحفي الشاب أن الكثير من القصص التي كان شاهدا عليها، ستبقى محفورة في ذاكرته ولن ينساها لبقية حياته، وأشدّها ألما مشهد شاب ينبش بيديه بين ركام منزله المدمر بحثا عن والدته، ولسانه لا يتوقف عن الترديد بنبرة تقترب من الصراخ "حسبنا الله ونعم الوكيل".

وفي مشهد آخر لا يقل ألما، كان أفراد أسرة يصرخون من تحت ركام منزلهم يناشدون النجدة، في حين طواقم الدفاع المدني يكبلها العجز لقلة الكادر البشري والآليات المطلوبة.

تجربة أولى في الحرب

وبات الصحفي الشاب معتز عزايزة، واحدا من أبرز الأصوات الإعلامية الفلسطينية المتابعة عالميا من خلال نقله تداعيات القصف الإسرائيلي على الأطفال والعائلات والأحياء في غزة، باللغة الإنجليزية.

ويتابع عزايزة على حسابه في منصة "إنستغرام" أكثر من 12 مليون شخص حول العالم. ورغم فقدانه 15 فردا من عائلته في القصف الإسرائيلي، إلا أنه واصل بث مأساة غزة للعالم.

الصحفية بلستيا العقاد قفز عدد متابعيها إلى مليونين بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (مواقع التواصل)

 

أما الصحفية العشرينية بلستيا العقاد، فكانت هي الأخرى على موعد مع أحد المشاهد المؤلمة، بطلته الطفلة "ميليسا" وتبلغ من العمر عاما و4 شهور، وهي الناجية الوحيدة من قصف منزل مكون من 4 طوابق، وفقدت تحت أنقاضه أمها الحامل بتوأم في شهرها التاسع، ووالدها وشقيقها وأعمامها، ولم يتبق لها سوى عمتها، التي لم تكن موجودة لحظة القصف.

وبلستيا (22 عاما)، صحفية تتحدث باللغة الإنجليزية وتعمل لصالح وسائل إعلام غربية، وتنشر قصصا على حسابها بمنصة "إنستغرام"، الذي شهد عدد متابعيه عليه قفزة هائلة من 3 آلاف فقط قبل العداون إلى نحو مليوني متابع، وحصد أحد المشاهد نحو مليون مشاهدة.

وتجد بلستيا تفاعلا كبيرا من متابعيها الأجانب. وتقول للجزيرة نت "من المهم توظيف لغات أجنبية، خاصة اللغة الإنجليزية، في تغطية الحرب على غزة، ووضع العالم في صورة ما يحدث على الأرض".

عايشت بلستيا حروبا وجولات تصعيد عدة شنتها إسرائيل على القطاع خلال السنوات الماضية، غير أن هذه هي تجربتها الأولى للعمل صحفية بميدان الحرب، التي تصنفها -كما باقي أهل غزة- أنها الأعنف والأشد شراسة.

وإلى جانب مخاطر العمل بالميدان، تعيش بلستيا قلقا على أسرتها التي اضطرت إلى النزوح من مدينة غزة إلى أماكن عدة، قبل أن يستقر بها المقام في مدينة خان يونس جنوب القطاع.

وتقول "لم نعد كصحفيين في مأمن من صاروخ أو قذيفة، بعدما تكرر الاستهداف لزملاء ارتقوا شهداء أو أصيبوا بجروح"، غير أن الأخطر -برأيها- هو استهداف عائلات الصحفيين داخل منازلهم، الأمر الذي يجعلها دائمة القلق على أسرتها.

طفل يلقن الشهادة لشقيقه

وإضافة إلى هذا القلق، يضاعف انهيار خدمات الاتصالات والإنترنت ونفاد الوقود، من تعقيدات عمل بلستيا والصحفيين في غزة، وأحدهم الصحفي هاني أبو رزق المقيم في مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط ظروف مأساويةـ بعدما نزح من مدينة غزة.

وبرز أبو رزق (29 عاما) من بين أسماء صحفيين من الجيل الشاب، الذين يوظفون التقنيات الحديثة في توثيق العداون، ومن بين أبرز القصص التي وثقها، حصد مقطع فيديو قصير تفاعلا واسعا لطفلين فلسطينيين يلقّن أحدهما الشهادة لشقيقه المصاب جراء غارة إسرائيلية.

ويعمل أبو رزق ليلا ونهارا، في رصد القصص الإنسانية اللافتة وسط أكوام المنازل المدمرة. ويقول للجزيرة نت "نحن لسنا أرقاما، ووراء كل شهيد وكل جريح وتحت كل حجر في غزة حكاية يجب توثيقها وأن يعرفها العالم".

ويرى أن مواقف الشعوب حول العالم تختلف عن الكثير من أنظمتها، وهو ما يظهره حجم التفاعل مع القصص المنشورة عن تداعيات الحرب على غزة، وأبو رزق نفسه لمس ذلك من ارتفاع أعداد متابعيه من 80 ألفا إلى أكثر من نصف مليون على منصة "إنستغرام"، وقال إن "إسرائيل ترتكب المجازر ويجب علينا جمع الأدلة وتوثيقها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الکثیر من على غزة

إقرأ أيضاً:

مصادر إعلامية: الإجراءات الأمنية التي اتخذتها المقاومة في أعقاب تفجيرات البايجر أمس أحبطت جزءاً من العدوان السيبراني اليوم

2024-09-18zeinashسابق قيادة الجيش اللبناني تطلب من المواطنين عدم التجمع في الأماكن التي تشهد أحداثاً أمنيةً إفساحاً في المجال لوصول الطواقم الطبية انظر ايضاًقيادة الجيش اللبناني تطلب من المواطنين عدم التجمع في الأماكن التي تشهد أحداثاً أمنيةً إفساحاً في المجال لوصول الطواقم الطبية

آخر الأخبار 2024-09-18وسائل إعلام : أنباء عن انفجارات جديدة لعدد من أجهزة الاتصالات اللاسلكية في بيروت ومناطق لبنانية عديدة 2024-09-18مجلس الشعب يستأنف أعمال ورشة العمل.. أهمية التركيز على بناء الإنسان ومتابعة نتائج وآثار تطبيق القوانين 2024-09-18الجيش الروسي يعزز مواقعه ويدمر عشرات الدبابات والمدرعات الأوكرانية 2024-09-18وزارة الخارجية تعلن أسماء المتقدمين المقبولين للاشتراك في مسابقة تعيين 25 دبلوماسياً 2024-09-18الخارجية: ما يسمى الصندوق الوطني الأمريكي للديمقراطية يعمل تحت غطاء الديمقراطية الكاذب على تقويض سلطات الدول والتدخل في شؤونها 2024-09-18منافسات قوية وخامات جديدة ببطولة اللاذقية بالكاراتيه 2024-09-18وزير الصحة اللبنانية: 12 شهيداً و2800 مصاب جراء العدوان الإسرائيلي السيبراني 2024-09-1886 ألف طن… مجمل إنتاج الخضار الصيفية المسوقة في الحسكة 2024-09-1841272 شهيداً في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة 2024-09-18أحزاب وفصائل المقاومة الفلسطينية: العدوان السيبراني الإسرائيلي على لبنان جريمة حرب موصوفة

مراسيم وقوانين الرئيس بشار الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الوزارة في سورية 2024-09-14 الرئيس الأسد يصدر المرسوم التشريعي رقم (26) القاضي بتحديد مهام وعمل عناصر الضابطة الحراجية 2024-09-12 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً يمنح الأطباء طلاب الدراسات العليا تعويض طبيعة عمل 100 بالمئة 2024-09-04الأحداث على حقيقتها عدوان إسرائيلي بالصواريخ يستهدف عدداً من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى 2024-09-09 إصابة أربعة مواطنين بانفجار لغم من مخلفات الإرهاب بدير الزور 2024-09-01صور من سورية منوعات العاصفة بوريس تعرقل حركة القطارات في النمسا 2024-09-15 إيران تطلق بنجاح قمراً صناعياً جديداً 2024-09-14فرص عمل وزارة الخارجية تعلن أسماء المتقدمين المقبولين للاشتراك في مسابقة تعيين 25 دبلوماسياً 2024-09-18 الخارجية والمغتربين تعلن عن إجراء مسابقة لتعيين 25 عاملاً في السلك الدبلوماسي 2024-07-24الصحافة من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً.. بقلم: د. بثينة شعبان 2024-09-09 صفعة غزاوية في الضفة.. بقلم: منهل إبراهيم 2024-09-06حدث في مثل هذا اليوم 2024-09-1818 أيلول 1961- مقتل الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد إثر سقوط مروحيته 2024-09-1717 أيلول 1948 – منظمة شتيرن اليهودية تغتال وسيط الأمم المتحدة لفلسطين الكونت فولك برنادوت 2024-09-1616 أيلول 1982- قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب مجزرة (صبرا وشاتيلا) في لبنان 2024-09-1515 أيلول 1982- قوات الاحتلال الإسرائيلي تجتاح العاصمة اللبنانية بيروت وتحتلها 2024-09-1414 أيلول 1960- العراق وإيران والسعودية والكويت وفنزويلا يؤسسون منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) 2024-09-1313 أيلول – اليوم العالمي للقانون
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الدفاع المدني:211 مهمة خلال ال24 ساعة الماضية
  • كاتب صحفي: نتنياهو ينقل العدوان على جنوب لبنان بعد فشله في غزة
  • ضمن تجارب تكتيكية.. كوريا الشمالية تطلق صواريخ بالستية قصيرة المدى في ثاني تجربة من نوعها خلال أسبوع
  • مصادر إعلامية: الإجراءات الأمنية التي اتخذتها المقاومة في أعقاب تفجيرات البايجر أمس أحبطت جزءاً من العدوان السيبراني اليوم
  • أعراض التهاب الأذن الوسطى وطرق علاجه
  • مقدمات النشرات المسائيّة
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41 ألفا و252 شهيدا
  • حصيلة شهداء وإصابات الحرب على غزة بعد مرور 347 يوما
  • السنوار يؤكد جاهزية حماس لـ"معركة استنزاف طويلة" مع إسرائيل في غزة
  • ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41226