لأن وضع البلد الحسّاس لا يحتمل الفراغ في موقع قيادة الجيش قرّر تكتل "الجمهورية القوية" كسر قاعدة رفض التشريع، وحتى الضروري والملحّ منه، باعتبار أن الهيئة العامة لمجلس النواب هي هيئة انتخابية وليست هيئة تشريعية. فالبلد على كفّ عفريت، ولا أحد يعرف كيف سيتطوّر الوضع الأمني في غزة، ومدى تأثير تمادي إسرائيل في غزوها البرّي على الوضع في جنوب لبنان، وتاليًا في كل لبنان.

ولهذا السبب لا يمكن المغامرة بترك موقع قيادة الجيش فارغًا، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن يحدثه هذا الفراغ من فوضى أمنية غير مسبوقة، خصوصًا أن الجيش هو من بين مؤسسات قليلة لا تزال قادرة على القيام بدورها على أكمل وجه على رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد وبمؤسساته، وبالأخص مؤسسة الجيش وسائر المؤسسات الأمنية. ولولا الجهود التي يقوم بها القائد الحالي العماد جوزاف عون لما كانت هذه المؤسسة، التي يُعّول عليها الكثير للحفاظ على وحدة الأرض والشعب، وعلى إبقاء الأمن ممسوكًا في الداخل وعلى حدوده الشمالية والشرقية وحتى الحدود الجنوبية، قد استطاعت الصمود والوقوف في وجه العواصف العاتية.       ما يُفهم من خطوة "القوات اللبنانية" النيابية في القراءة السياسية أن معراب لم تقرّر السير بالتمديد سنة كاملة لمن هو برتبة عماد، أي العماد عون، باعتبار أن لا أحد من ضباط الجيش بهذه الرتبة سوى قائد الجيش "نكاية" برئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على طريقة "فاي" و"عليا" في مسلسل "كريستال"، بل لأنها تستشعر عن بعد ما يمكن أن يحّل بالبلد في ظل غياب "الرأس المدبر" عن هذه المؤسسة القادرة وحدها على حماية أمن كل لبناني إلى أي فئة سياسية انتمى. وبغياب هذا الرأس يُخشى تكرار تجربة العام 1975 حين تشرذم الجيش إلى أولوية طائفية. وهذا الأمر قد خبره جيدًا الرئيس السابق العماد ميشال عون يوم كان قائدًا للواء الثامن، الذي انفصل عن القيادة مع اللواءين العاشر والخامس وانضما إلى محور "الجبهة اللبنانية"، وفي المقابل انضمت ألوية أخرى إلى "معسكرات طائفية" أخرى.     إلا أن بعض الأوساط السياسية قرأت في خطوة "القوات" ما هو أبعد من قيادة الجيش، واعتبرت أن مجرد التمديد للعماد عون سنة يعني سياسيًا الإبقاء على اسمه كمرشح محتمل ومطروح بقوة وجدّية من بين أسماء مرشحين آخرين. وهذا يعني أيضًا أن تكتل "الجمهورية القوية" قد ينتقل في فترة لاحقة، وبعد أن يستقرّ الوضع الأمني في البلد، ويصبح الحديث عن الاستحقاق الرئاسي ضرورة أولية من بين ضرورات أخرى، إلى مرحلة تبنّي ترشيح العماد عون رسميًا وفي العلن، على رغم معرفة "معراب" أن هذا الأمر قد يدفع بباسيل إلى الوقوف، مكرهًا، في صفوف داعمي ترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية. ولكن هذا الخيار بالنسبة إلى "معراب"، أي خيار السير بترشيح عون، قد يكون خيارًا استراتيجيًا، لأنها تعرف مدى ما يمكن أن يستقطبه هذا الترشيح من دعم عدد كبير من النواب التغييريين والمستقلين. وهذا من شأنه إحداث الفرق، الذي لم تستطع أن يحدثه ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور أو حتى النائب ميشال معوض، علمًا أنها تراهن كثيرًا على انضمام عدد لا بأس به من نواب تكتل "لبنان القوي" إلى خيارها.    ولكن هذا الحديث سابق لأوانه كما تقرأه أوساط نيابية محايدة، باعتبار أن مفاتيح مجلس النواب في يد رئيسه، وهو لن يفتحه غبّ الطلب، خصوصًا أن بينه وبين "القوات" صولات وجولات من المبارزات الدستورية، وهو لن يدعو إلى جلسة تشريعية قريبة لئلا يكون مضطرّا إلى إدراج مشروع القانون بصفة المعجل المكرر وبمادة وحيدة، الذي تقدّم به كتل "الجمهورية القوية" على جدول أعمال الجلسة فق القوانين المرعية الاجراء.  
وعليه، فإن السباق بين التشريع وبين الوضع الأمني المستجدّ في الجنوب يبقى سيد المواقف إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.    
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

غوتيريش من الناقورة: سنُواصل حثّ المجتمع الدولي على تعزيز الدعم للقوات المسلّحة اللبنانية

زار الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش المقرّ العامّ لـ"اليونيفيل" في بلدة الناقورة، جنوب لبنان.     ووجّه غوتيريش كلمة قال فيها:  
"عزيزي الجنرال أرولدو لاثارو ساينز وقيادة البعثة،
الأعزاء في فريق اليونيفيل،
 
إنه لشرف عظيم أن أكون معكم بعد واحدة من أكثر الفترات تحدياً التي يمكن تخيّلها.
 
لقد أخبرت العالم أنكم جميعاً لستم فقط على الخط الأزرق في لبنان، بل أنتم على خط المواجهة من أجل السلام.
 
إن مهمة اليونيفيل هي البيئة الأكثر تحدياً لقوات حفظ السلام في أي مكان.
 
يوماً بعد يوم - وشهراً بعد شهر - وقفتم بشجاعة وتفانٍ ومرونة في وجه الضربات عبر الخط الأزرق.
 
وكانت خدمتكم المستمرة - بما يتماشى مع القرار الذي يقضي ببقاء قوات حفظ السلام في مواقعها لتنفيذ ولايتكم بموجب القرار 1701 - ضرورية ورائعة.
 
لقد أظهرتم قيمة "الخوذ الزرقاء" في ردع العنف ودعم التهدئة وتوفير الوصول الإنساني وحماية المدنيين.
 
كانت مساهماتكم حاسمة في دعم استعادة الاستقرار في جنوب لبنان وعلى طول الخط الأزرق.
 
أنا فخور بكم للغاية.
 
أود أن أعلمكم أن قرار بقاء قوات اليونيفيل في مواقعها تم اتخاذه بعد دراسة مُعمَّقة لسلامتكم وأمنكم.
 
لقد كنت واضحاً تماماً: إنّ جميع الأطراف لديها التزام بضمان سلامة موظّفينا.
 
يجب احترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات.
 
إنّ الهجمات ضدّ قوّات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة غير مقبولة على الإطلاق.
 
إنها تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقد تشكل جريمة حرب.
 
والآن، وبفضل جهودكم إلى حدّ كبير، نحن في فترةٍ من الهدوء النّسبي الذي يحتاج إلى رعاية.
 
وهذا يمثّل فرصة طال انتظارها لدعم الأطراف لإحراز تقدّمٍ حقيقي نحو التنفيذ الكامل للقرار 1701 وتوفير الأمن والاستقرار الدائمَين لشعبَي لبنان وإسرائيل.
لديكم دعمنا الكامل لإجراء أي تعديلات قد تكون ضرورية خلال هذه المرحلة الجديدة.
سنواصل العمل بشكل وثيق مع الدول المساهمة بقواتٍ في اليونيفيل لضمان حصولكم على القدرات المعزَّزة – بما في ذلك إزالة الألغام والتخلّص من الذخائر غير المنفجرة – بغية تمكينكم من استئناف الدّوريات ومهام المراقبة الموكَلة إليكم.
أعلم أن هذه القدرات، إلى جانب تكييف أسلوب العمليات ضمن إطار ولايتكم، هي حيوية لاستعادة حرية الحركة والوصول في جميع أنحاء منطقة عمليات اليونيفيل.
سأؤكد على هذه الرسائل في اجتماعاتي غداً مع القادة اللبنانيين.
إن استمرار احتلال الجيش الإسرائيلي في منطقة عمليات اليونيفيل، وتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، إنما يمثّلان انتهاكاً للقرار 1701 ويشكلان خطراً مستمراً على سلامتكم وأمنكم.
يجب أن يتوقف هذا.
هذا ولا بد من أن أشير إلى أن اليونيفيل قد كشفت عن أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لحزب الله أو مجموعات مسلحة أخرى منذ 27 تشرين الثاني.
إن وجود أفراد مسلّحين وأصول وأسلحة غير تابعة للحكومة اللبنانية أو لليونيفيل بين الخط الأزرق ونهر الليطاني إنما يمثل انتهاكاً صارخاً للقرار 1701 ويقوّض استقرار لبنان.
سأعيد التأكيد على هذه النقاط أيضاً في اجتماعاتي في بيروت.
إنّ القوات المسلّحة اللبنانية، باعتبارها الضامن الوحيد لأمن لبنان، تنتشر بأعداد أكبر في جنوب لبنان، بما في ذلك بدعمٍ من اليونيفيل وأعضاء الآلية التي تم استحداثها في إطار وقف الأعمال العدائية.
إنّ دعمكم القوي وتنسيقكم الوثيق مع القوات المسلّحة اللبنانية سيكونان أساسيّين لدعم وقف دائم للأعمال العدائية ولتحقيق الهدف المنشود من القرار 1701.
سنواصل حثّ المجتمع الدولي على تعزيز الدّعم للقوات المسلّحة اللبنانية.
إنّ الطريق أمامنا محفوفٌ بالتحديات. ولكن معاً، يمكننا اغتنام هذه الفرصة لتحقيق التقدم المرجوّ.
مرة أخرى، أشكركم جميعاً على كل ما قمتم به – وما تقومون به – من أجل السلام".

مقالات مشابهة

  • بري يطالب بإلتزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة
  • باكستان تحث إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية والسورية
  • غوتيريش: هناك أهمية لدعم القوات اللبنانية
  • مجلس الأمن يناقش الوضع في لبنان والجولان المحتل
  • منذ سريان الهدنة..الجيش اللبناني يوسع انتشاره في الجنوب
  • جوتيريش: هناك أهمية لدعم القوات المسلحة اللبنانية ومدها بالمعدات لتوفير الحماية للبنانيين
  • جوتيريش يحث إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية
  • غوتيريش من الناقورة: سنُواصل حثّ المجتمع الدولي على تعزيز الدعم للقوات المسلّحة اللبنانية
  • نجيب ميقاتي: الرئيس الفرنسي وعد بدعم الحكومة اللبنانية الجديدة
  • ميقاتي: الرئيس الفرنسي وعد بدعم الحكومة اللبنانية الجديدة