دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في القرية الجزرية التايوانية الهادئة التي تبعد ثمانية أميال فقط من ساحل البر الرئيسي للصين، تعبر الدراجات البخارية عبر مبنى متواضع ومهمل منذ عقود.

وفي ما يتعلق بسكان الجزيرة بيغان التي تشكل جزءًا من أرخبيل ماتسو النائي، يضمّ المبنى مدخلًا مؤديًا إلى محطة طاقة حرارية أخرجت من الخدمة في حقبة الحرب الباردة، محفورة في عمق الجبل.

إلا أن تصنيف الجيش التايواني للمنطقة بأنها محظورة، لم يمكّن سوى عدد قليل من الأشخاص من إلقاء نظرة داخل المنشأة السرية.

لكنّ هذا الواقع استمرّ  لغاية أواخر سبتمبر/أيلول، حين افتتح المصنع أمام الجمهور لأول مرة منذ تشغيله قبل نحو 50 عامًا، كجزء من بينالي ماتسو. ومن خلال تحويل المنشأة إلى مساحة فنية مستقبلية، يهدف التجهيز إلى تسليط الضوء على تاريخ ماتسو كموقع عسكري على خط المواجهة لحرب لم تأت أبدًا، أو في الحد الأدنى، لم تأت بعد.

العديد من سمات المصنع الذي أغلق في عام 2010، لا تزال سليمة. Credit: YI.ng Lighting Design

وتُعرف هذه المنشأة محليًا باسم جون هون أو "روح الجيش"، اللقب الذي أطلقته عليها فرقة الجيش التايوانية التي بنتها. ودخلت محطة بيغان للطاقة إلى الخدمة في عام 1975، وأصبحت محورًا للاقتصاد المحلي قبل إغلاقها في عام 2010.

وفي مقال نشرته صحيفة "ماتسو ديلي" التي تديرها الدولة ورد أنّ "السكان يعيشون في الجزيرة إلى الأبد". عندما تراجعت قوات الكومينتانغ القومية إلى تايوان في عام 1949، بعد الهزيمة أمام الشيوعيين المتمردين بقيادة ماو تسي تونغ في الحرب الأهلية الصينية، احتفظت بالسيطرة على كينمن وماتسو، الأرخبيلان اللذان يبعدان مئات الأميال عن عاصمة تايوان، تايبيه، لكن على الجانب الآخر  من شواطئ البر الرئيسي للصين.

وخيمت ظلال الحرب على الجزر لعقود. وفي الفترة الممتدة بين الخمسينيات والعام 1979، قصفها جيش التحرير الشعبي الصيني بشكل متقطع، بقذائف المدفعية.

ولحماية محطة الطاقة الجديدة من القصف، قام حزب الكومينتانغ بالحفر عميقًا في جبال ماتسو الصخرية، وبنائها داخل نفق عسكري مخفي، الأمر الذي سمح للمنشأة ليس فقط بتوليد الكهرباء، بل أن تكون بمثابة مأوى للسكان من الغارات الجوية. ومع عودة العلاقات عبر المضيق في مطلع القرن، تم إخراج المحطة من الخدمة وصنّفت من مخلفات الحرب الباردة منذ ذلك الحين.

الفن في "قلب" ماتسو

أصبحت محطة بيغان لتوليد الطاقة المكان الرئيسي لبينالي ماتسو، الذي يستمر حتى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، ويضم أعمالًا فنية تستكشف تراث الجزر النائية، وهويتها الثقافية، وماضيها العسكري. للاطلاع على هذا العمل الفني، يتم إدخال الزوار إلى نفق ضيق مجهز بمصابيح صناعية ينبعث منها وهج دافئ.

ولدى وصولهم إلى غرفة التحكم المطلة على غرفة المحرك، تستقبلهم أضواء حمراء قاتمة تشير إلى محيط المساحة. تبرز الأضواء البرتقالية المسقطة على مولدات الطاقة ذاتها المعدن الصدئ للآلات.

وقال مصمما الإضاءة وراء التجهيز الفني، آني تشو وليو بينغ يي، لـCNN في مقابلة مشتركة، إن ترتيب المصابيح والألوان ذات درجات الحرارة المنخفضة صمّمت بهدف إثارة الشعور بأن محطة الطاقة لا تزال قيد التشغيل. وأوضح ليو أنّ "محطة الطاقة تُمثّل قلب ماتسو الذي لم يتوقف، والمولدات هي جوهر محطة الطاقة".

ووسط العداء المستمر عبر المضيق، بقيت ماتسو وكينمن تحت الحكم العسكري لأكثر من ثلاثة عقود حتى عام 1992، بعد سنوات عديدة من رفع الأحكام العرفية في بقية تايوان. وتم تنظيم جوانب مختلفة من الحياة اليومية للناس، مع فرض حظر التجول وتقييد التحركات بشدة. حتى أنه مُنع السكان من امتلاك كرات السلة أو تشغيل الأضواء ليلاً، كي لا يجذبوا انتباه العدو.

تم تصميم الإضاءة كي ينتقل الزوار إلى الحقبة التاريخية المناسبة التي اختبرتها هذه المنشأة. Credit: YI.ng Lighting Design

وأضاف ليو: "نريد استخدام الإضاءة لإعادة المشاهدين إلى الماضي. نريدهم أن يفكروا بمدى توتر الأجواء ومدى ندرة الموارد في ماتسو".

وتكتمل هذه التجربة البصرية بموسيقى تصويرية تجمع بين هدير مولدات الطاقة التي تصم الآذان، مع طنين التيارات الكهربائية، وموسيقى البيانو، وهي تجربة صوتية ابتكرتها فنانة الصوت والملحنة وانغ-يو جون. وقالت لـCNN: "أريد استخدام الصوت لبث حياة جديدة في محطة الطاقة المهجورة، حتى يتمكن المشاهدون من فهم كيف كان الأمر عندما كانت هذه المولدات تعمل".

وأشارت وانغ إلى أنه من خلال محاكاة الصوت الذي يصم الآذان لمحطة توليد الكهرباء، يهدف التجهيز أيضًا إلى الإشادة بالموظفين الذين عملوا هناك، والذين عانى بعضهم من تلف في السمع بسبب تعرضهم لمستويات ضوضاء عالية لفترات طويلة.

وتطالب بكين منذ فترة طويلة بتايوان كجزء من أراضيها الخاصة، رغم أنها لم تسيطر على الجزيرة مطلقًا، إلا أنها لم تستبعد الاستيلاء عليها بالقوة. وفي السنوات الأخيرة، زادت الضغوط الاقتصادية، والعسكرية، والدبلوماسية، ضد الجزيرة الديمقراطية التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، وأرسلت طائرات مقاتلة يوميا تقريبا إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي في تايوان.

وفي التصعيد الأخير، أرسلت الصين أكثر من 100 طائرة حربية بالقرب من تايوان خلال 24 ساعة في سبتمبر/أيلول، ما دفع وزارة الدفاع في الجزيرة إلى حث بكين على وقف "مضايقاتها العسكرية المستمرة".

لكن رغم الدور الذي لعبته ماتسو في الخطوط الأمامية بتصعيد التوترات عبر المضيق، فقد أصر الفنانون الذين يقفون وراء تجهيز محطة توليد الطاقة في بيغان، على أن السياسة لم تؤثر على عملهم الذي يدور ببساطة حول "إعادة النظر" في ماضي المنطقة. وقال تشو: "نأمل بأن يفكر مرتادو المنشأة في تاريخ ماتسو".

تايوانمتاحفنشر الجمعة، 03 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: تايوان متاحف محطة الطاقة فی عام

إقرأ أيضاً:

أردوغان: تركيا ستبدأ في توليد الكهرباء من محطة “أكويو”

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن تركيا ستبدأ قريبًا في توليد الكهرباء من المفاعل الأول لمحطة "أكويو" النووية، مؤكدًا استمرار الاستثمار في الطاقة النووية رغم انتقادات المعارضة.

الإمارات تبحث مع تركيا والعراق أهمية قمة شرم الشيخ للسلام لتعزيز الاستقرار تركيا تؤكد تسارع وتيرة مساعداتها الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة


وأشار أردوغان، في تصريحات أدلى بها عقب اجتماع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء، إلى أن هناك مشاريع نووية أخرى قيد المناقشة ضمن الأجندة الطاقوية للبلاد، مضيفًا: "سنواصل التقدم في هذا المجال، وسنبدأ بتوليد الطاقة من أكويو في القريب العاجل".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أكد، الاثنين قبل الماضي، أن أنقرة تتصدر الدول المستثمرة في مجال الطاقة الخضراء، مشيرا إلى أن أكثر من 60% من إجمالي إنتاج الطاقة في البلاد يأتي من مصادر متجددة.
جاء ذلك خلال كلمته في منتدى ومعرض كفاءة الطاقة في إسطنبول، حيث أوضح أن استهلاك تركيا اليومي من النفط يبلغ نحو مليون برميل، تُؤمن 160 ألفا منها من مواردها المحلية.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا تحتل المرتبة الخامسة عالميا بأسطول يضم 4 سفن تنقيب، وسفينتين للبحث السيزمي (الموجات الزلزالية)، مؤكدا أنها ستنتقل إلى المرتبة الرابعة قريبا مع انضمام سفن جديدة، وفقا لوكالة أنباء "الأناضول" التركية.
وأضاف الرئيس التركي في كلمته، أن محطة "أكويو" النووية ستبدأ قريبا في توليد الكهرباء لأول مرة.
وقال في هذا الصدد: "في وقت قصير جدا... سنبدأ بتوليد الكهرباء في محطة "أكويو" للطاقة النووية، كما أنه لدينا مشاريع أخرى لبناء محطات طاقة نووية، والمفاوضات جارية بشأنها".
وعلى صعيد آخر، كشف نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أن مباحثات الرئيسين فلاديمير بوتين وأحمد الشرع في الكرملين تناولت جوانب عدة أهمها الإنساني بالإضافة إلى الطاقة والنقل والصحة والسياحة.
وقال نوفاك في حديثه للصحفيين: "سوريا بحاجة إلى إعادة بناء بنيتها التحتية، مؤكدا أن روسيا قادرة على تقديم الدعم في هذا المجال".
وأوضح، أن موسكو ودمشق اتفقتا على عقد اجتماع للجنة حكومية دولية مشتركة في المستقبل القريب.
وأشار إلى أن مسائل الإمدادات الإنسانية إلى سوريا جرى بحثها خلال المحادثات بين الرئيسين بوتين والشرع في الكرملين.
كما كشف نوفاك أن الجانبين ناقشا التعاون في مجالات متعددة، من مجالات الطاقة والنقل وتنمية القطاع السياحي والرعاية الصحية، إلى جانب التعاون في المجالين الثقافي والإنساني، لافتا إلى أن دمشق أبدت اهتماما بالحصول على القمح والأدوية الروسية.
وأكد نائب رئيس الوزراء الروسي أنه سيجري بحث هذه الملفات بمزيد من التفصيل، مضيفا: "نحن مستعدون لتقديم الدعم والمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا".
وجاءت تصريحات نوفالك عقب المحادثات التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس السوري أحمد الشرع، والتي عُقدت اليوم الأربعاء في الكرملين واستمر لأكثر من ساعتين ونصف.

 

 

مقالات مشابهة

  • «طاقة أبوظبي» توقع مذكرة تفاهم مع «جوجل كلاود» لتعزيز التعاون بمجال الابتكار والتحوّل الرقمي
  • «طاقة أبوظبي» تكشف عن الهوية المرئية لمنصّة AD.WE الرقمية
  • هل باتت تركيا قريبة من دخول نادي منتجي الطاقة النووية؟
  • تفاصيل توقيع عقد تنفيذ أكبر محطة غازية استثمارية في العراق
  • ماذا نعرف عن محمد عبدالكريم الغماري الذي اغتالته إسرائيل؟
  • الشرع في موسكو.. وناشطون: ماذا عن الفيل الذي في الغرفة؟
  • تعاون بين «طاقة أبوظبي» و«سبيس 42» في حلول البيانات الجغرافية المكانية والذكاء الاصطناعي
  • أردوغان: تركيا ستبدأ في توليد الكهرباء من محطة “أكويو”
  • المملكة وروسيا تبحثان مشروعات طاقة مشتركة وتعززان تنسيقهما في «أوبك+»
  • تركيا والإمارات تقتربان من اتفاق طاقة بقيمة مليار دولار