ماذا يُوجد داخل محطة طاقة سرية بتايوان محفورة في قلب جبل؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في القرية الجزرية التايوانية الهادئة التي تبعد ثمانية أميال فقط من ساحل البر الرئيسي للصين، تعبر الدراجات البخارية عبر مبنى متواضع ومهمل منذ عقود.
وفي ما يتعلق بسكان الجزيرة بيغان التي تشكل جزءًا من أرخبيل ماتسو النائي، يضمّ المبنى مدخلًا مؤديًا إلى محطة طاقة حرارية أخرجت من الخدمة في حقبة الحرب الباردة، محفورة في عمق الجبل.
لكنّ هذا الواقع استمرّ لغاية أواخر سبتمبر/أيلول، حين افتتح المصنع أمام الجمهور لأول مرة منذ تشغيله قبل نحو 50 عامًا، كجزء من بينالي ماتسو. ومن خلال تحويل المنشأة إلى مساحة فنية مستقبلية، يهدف التجهيز إلى تسليط الضوء على تاريخ ماتسو كموقع عسكري على خط المواجهة لحرب لم تأت أبدًا، أو في الحد الأدنى، لم تأت بعد.
العديد من سمات المصنع الذي أغلق في عام 2010، لا تزال سليمة. Credit: YI.ng Lighting Designوتُعرف هذه المنشأة محليًا باسم جون هون أو "روح الجيش"، اللقب الذي أطلقته عليها فرقة الجيش التايوانية التي بنتها. ودخلت محطة بيغان للطاقة إلى الخدمة في عام 1975، وأصبحت محورًا للاقتصاد المحلي قبل إغلاقها في عام 2010.
وفي مقال نشرته صحيفة "ماتسو ديلي" التي تديرها الدولة ورد أنّ "السكان يعيشون في الجزيرة إلى الأبد". عندما تراجعت قوات الكومينتانغ القومية إلى تايوان في عام 1949، بعد الهزيمة أمام الشيوعيين المتمردين بقيادة ماو تسي تونغ في الحرب الأهلية الصينية، احتفظت بالسيطرة على كينمن وماتسو، الأرخبيلان اللذان يبعدان مئات الأميال عن عاصمة تايوان، تايبيه، لكن على الجانب الآخر من شواطئ البر الرئيسي للصين.
وخيمت ظلال الحرب على الجزر لعقود. وفي الفترة الممتدة بين الخمسينيات والعام 1979، قصفها جيش التحرير الشعبي الصيني بشكل متقطع، بقذائف المدفعية.
ولحماية محطة الطاقة الجديدة من القصف، قام حزب الكومينتانغ بالحفر عميقًا في جبال ماتسو الصخرية، وبنائها داخل نفق عسكري مخفي، الأمر الذي سمح للمنشأة ليس فقط بتوليد الكهرباء، بل أن تكون بمثابة مأوى للسكان من الغارات الجوية. ومع عودة العلاقات عبر المضيق في مطلع القرن، تم إخراج المحطة من الخدمة وصنّفت من مخلفات الحرب الباردة منذ ذلك الحين.
الفن في "قلب" ماتسوأصبحت محطة بيغان لتوليد الطاقة المكان الرئيسي لبينالي ماتسو، الذي يستمر حتى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، ويضم أعمالًا فنية تستكشف تراث الجزر النائية، وهويتها الثقافية، وماضيها العسكري. للاطلاع على هذا العمل الفني، يتم إدخال الزوار إلى نفق ضيق مجهز بمصابيح صناعية ينبعث منها وهج دافئ.
ولدى وصولهم إلى غرفة التحكم المطلة على غرفة المحرك، تستقبلهم أضواء حمراء قاتمة تشير إلى محيط المساحة. تبرز الأضواء البرتقالية المسقطة على مولدات الطاقة ذاتها المعدن الصدئ للآلات.
وقال مصمما الإضاءة وراء التجهيز الفني، آني تشو وليو بينغ يي، لـCNN في مقابلة مشتركة، إن ترتيب المصابيح والألوان ذات درجات الحرارة المنخفضة صمّمت بهدف إثارة الشعور بأن محطة الطاقة لا تزال قيد التشغيل. وأوضح ليو أنّ "محطة الطاقة تُمثّل قلب ماتسو الذي لم يتوقف، والمولدات هي جوهر محطة الطاقة".
ووسط العداء المستمر عبر المضيق، بقيت ماتسو وكينمن تحت الحكم العسكري لأكثر من ثلاثة عقود حتى عام 1992، بعد سنوات عديدة من رفع الأحكام العرفية في بقية تايوان. وتم تنظيم جوانب مختلفة من الحياة اليومية للناس، مع فرض حظر التجول وتقييد التحركات بشدة. حتى أنه مُنع السكان من امتلاك كرات السلة أو تشغيل الأضواء ليلاً، كي لا يجذبوا انتباه العدو.
تم تصميم الإضاءة كي ينتقل الزوار إلى الحقبة التاريخية المناسبة التي اختبرتها هذه المنشأة. Credit: YI.ng Lighting Designوأضاف ليو: "نريد استخدام الإضاءة لإعادة المشاهدين إلى الماضي. نريدهم أن يفكروا بمدى توتر الأجواء ومدى ندرة الموارد في ماتسو".
وتكتمل هذه التجربة البصرية بموسيقى تصويرية تجمع بين هدير مولدات الطاقة التي تصم الآذان، مع طنين التيارات الكهربائية، وموسيقى البيانو، وهي تجربة صوتية ابتكرتها فنانة الصوت والملحنة وانغ-يو جون. وقالت لـCNN: "أريد استخدام الصوت لبث حياة جديدة في محطة الطاقة المهجورة، حتى يتمكن المشاهدون من فهم كيف كان الأمر عندما كانت هذه المولدات تعمل".
وأشارت وانغ إلى أنه من خلال محاكاة الصوت الذي يصم الآذان لمحطة توليد الكهرباء، يهدف التجهيز أيضًا إلى الإشادة بالموظفين الذين عملوا هناك، والذين عانى بعضهم من تلف في السمع بسبب تعرضهم لمستويات ضوضاء عالية لفترات طويلة.
وتطالب بكين منذ فترة طويلة بتايوان كجزء من أراضيها الخاصة، رغم أنها لم تسيطر على الجزيرة مطلقًا، إلا أنها لم تستبعد الاستيلاء عليها بالقوة. وفي السنوات الأخيرة، زادت الضغوط الاقتصادية، والعسكرية، والدبلوماسية، ضد الجزيرة الديمقراطية التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، وأرسلت طائرات مقاتلة يوميا تقريبا إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي في تايوان.
وفي التصعيد الأخير، أرسلت الصين أكثر من 100 طائرة حربية بالقرب من تايوان خلال 24 ساعة في سبتمبر/أيلول، ما دفع وزارة الدفاع في الجزيرة إلى حث بكين على وقف "مضايقاتها العسكرية المستمرة".
لكن رغم الدور الذي لعبته ماتسو في الخطوط الأمامية بتصعيد التوترات عبر المضيق، فقد أصر الفنانون الذين يقفون وراء تجهيز محطة توليد الطاقة في بيغان، على أن السياسة لم تؤثر على عملهم الذي يدور ببساطة حول "إعادة النظر" في ماضي المنطقة. وقال تشو: "نأمل بأن يفكر مرتادو المنشأة في تاريخ ماتسو".
تايوانمتاحفنشر الجمعة، 03 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: تايوان متاحف محطة الطاقة فی عام
إقرأ أيضاً:
خبير طاقة: للمباني الذكية دور كبير في تحقيق أهداف المنتدى الحضري العالمي
وسط زخم النقاشات في المنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشرة بالقاهرة، برزت أهمية المباني الذكية كأحد الحلول المبتكرة لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة، وتطرق الخبراء والمشاركون إلى الدور المحوري الذي تلعبه هذه المباني في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه المدن.
قال الدكتور سعيد الشايب، خبير توفير استهلاك الطاقة في المباني والمباني الذكية، إن المباني الذكية ليست مجرد رفاهية، بل هي ضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة، فهي تعتمد على تقنيات متقدمة لإدارة الطاقة بفعالية، مما يقلل من الاستهلاك ويعزز من كفاءة الموارد، لافتا إلى أن هذه المباني تُسهم في تحقيق أهداف المنتدى من خلال تحسين كفاءة الطاقة واستخدام موارد مستدامة، وتعتمد المباني الذكية على أنظمة ذكية لإدارة الطاقة وتُقلل من انبعاثات الكربون وتساعد في مكافحة التغير المناخي، وهو محور رئيسي ضمن أجندة المنتدى، كما أنها تعزز من الاستدامة البيئية باستخدام مواد صديقة للبيئة وتقنيات مثل الخلايا الشمسية وأنظمة إعادة تدوير المياه.
وأشار الشايب إلى أن إحدى المزايا الأساسية للمباني الذكية هي قدرتها على إدارة الموارد بكفاءة عالية من خلال أنظمة مراقبة وتحليل البيانات التي تدعم اتخاذ قرارات مستنيرة، وهذا النوع من الإدارة يساعد المدن على تحسين استغلال الموارد، مثل الكهرباء والمياه، وتقديم حلول مبتكرة تسهم في تحسين جودة الحياة للسكان، ومن الجوانب الأخرى التي تميز المباني الذكية هو مساهمتها في توفير بيئة معيشية أكثر أمانًا وراحةً، فالتحكم في الإضاءة والتهوية والتدفئة والتبريد يتم بشكل آلي، مما يزيد من الراحة ويقلل من استهلاك الطاقة غير الضروري، كما توفر المباني أنظمة متقدمة للأمن والسلامة، تشمل أجهزة استشعار وكاميرات مراقبة متصلة، مما يضمن حماية السكان والممتلكات.
وأكد أنه في ظل ما يشهده المنتدى الحضري العالمي من نقاشات وتبادل للخبرات بين الدول المشاركة، تبرز أهمية المباني الذكية كأداة فعالة لتحقيق مستقبل أفضل للمدن، وهو ما يتماشى مع رؤية المنتدى في تعزيز الابتكار والتعاون الدولي لمواجهة التحديات الحضرية.