فلسطين (الصراع الإسلامي- الصهيومسيحي – يهودي)
تعد القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس بشكل خاص، هي محور الصراع الديني العالمي قديماً وحديثاً ومستقبلاً؛ لأنه من وجهات نظر كل الديانات أنه من ملك القدس ملك العالم وأمسك بأزِمَّة الديانات والمصالح العالمية .. لماذا؟ لأن القدس هي مدينة مقدسة تضم الأماكن المقدسة للديانات الثلاث، فهي مربط الفرس، وهي مهوى أفئدة المتدينين في كل أنحاء العالم، لذلك فإن كل النصوص الدينية وخاصة تلك التي تذكر الصراع القادم تذكر ذلك الصراع على القدس كل ديانة من وجهة نظرها، وقد أوردنا نصوص الديانتين اليهودية والمسيحية الأصولية مسبقاً كما مر بنا في سرد النصوص الدينية اليهودية والمسيحية، فضلاً عن ما تمثله من موقع جغرافي يقع في قلب ووسط العالم والمصالح الدولية.
أولاً: القرآن الكريم:
ذكر القرآن الكريم الصراع الإسلامي- اليهودي على القدس صراحة في صدر سورة الإسراء، وأكد عليه في نهاية السورة، وهو إذ يبشر المسلمين بمستقبل الصراع أنه سيكون في صالحهم إن هم وصلوا إلى صفات ربانية استحقوا بها النصر والتمكين من الله، قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً}(سورة الإسراء: الآية "4، 5، 6، 7". ).
اقرأ أيضاً ”نصرة فلسطين” و”الدفاع عن غزة”.. مدخل حوثي لتجنيد المهمشين والزج بهم لمحاربة الجيش اليمني صحفي يبكي على الهواء ويرمي سترة الصحافة والخوذة على الأرض بعد استشهاد زميله وعائلته بغزة ”فيديو” صدمة.. الاحتلال الإسرائيلي يسرق جلود وأعضاء الشهداء الفلسطينيين ويزرعها لجنوده «فيديو» الحوثيون يتبرعون بمرتبات موظفي الدولة المنقطعة لصالح فلسطين بالفيديو.. جثث شهداء مجزرة جباليا تملأ ساحة المستشفى الإندونيسي نجوم الفن يشيدون بدعم أنجلينا جولي لأهالي غزة الحوثي والاستثمار الرخيص لقضية فلسطين!! باسم يوسف يهدي مورغان هدية من فلسطين عمرها 600 عام برئاسة الدبلوماسية اليمنية بشرى الإرياني.. نص البيان الختامي لندوة ”مصر وقيادة السلام في الشرق الأوسط” الأمير محمد بن سلمان يوجه حملة شعبية عبر منصة ”ساهم” بسبب فلسطين.. تشتعل الحرب بين إيمي شومر وأسيا تضامناً مع أهالى غزة.. لطيفة تعلن تأجيل ألبومها الجديدوكما في بداية السورة من الحديث عن بني إسرائيل وفسادهم وهلاكهم، جاء في نهايتها كذلك قوله تعالى: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً}(سورة الإسراء: الآية "104". ).
أما عن تجمع بني إسرائيل، بالإضافة إلى ما سبق، فقد جاء في سورة أخرى أن الله بدأ جمعهم وحشرهم في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- وسماه بأول الحشر، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ..}(الحشر2 ). وأول الحشر هذا حشر دنيوي وليس أخروياً، ويعني جمعهم بعد شتات، وقد جاء في تفسير ابن كثير: حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال: "لما أجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير قال: "هذا أول الحشر وإنا على الأثر" ورواه بن جرير عن بندار عن ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن"(تفسير ابن كثير: مجـ4 –ص333- دار الفكر – بيروت – لبنان – 1986م. ).
وقد اختلف المفسرون والعلماء وأهل الرأي في قضية فساد بني إسرائيل وهلاكهم ودولتهم خاصة في المرة الأولى، فمنهم من قال أن الإفسادة الأولى حصلت قبل الميلاد حينما قتل اليهود أنبياءهم (يحيى بن زكريا - عليه السلام)، وانقسام دولتهم إلى دولتين دولة في الشمال (في القدس) وبها هيكل سليمان - عليه السلام- كما يزعم اليهود (الهيكل الأول) وذلك بعد موت سليمان - عليه السلام - عام 935 قبل الميلاد، فجاء الأشوريون وملكهم بختنصر او نبوخذ نصر فقتل منهم خلقاً كثيراً من أشرافهم وعلمائهم وأبناء أنبيائهم كما قال ابن كثير، ودمر مملكتهم الشمالية (إسرائيل عام722 قبل الميلاد، وسبى منهم كثيراً إلى بابل إلى أن جاء قورش الفارسي فأعادهم إلى القدس دون أن يقيم لهم دولة، فجاء الكلدانيون ودمروا مملكة الجنوب (يهوذا) عام586 قبل الميلاد.
وبهذا التفسير عند البعض تكون قد حدثت الإفسادتان قبل الميلاد. وهناك رأي ثانٍ عند البعض الآخر وهو الغالب عند كثير من المفسرين أن الإفساد الأول تم قبل الميلاد بقتل أنبيائهم وفساد مملكتهم فدمرت، وأما الإفسادة الثانية ودمارهم وهلاكهم ستأتي لاحقاً، وأنا بدوري أميل إلى أصحاب هذا الرأي الأخير. وأصحاب الرأي الأول يرون أن دمارهم وفسادهم الثاني قد حصل أثناء عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك بمحاربته لهم وإخراجهم من المدينة إلى الشام (في أول الحشر).
وكذلك في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- حينما فتح بيت المقدس، لكن بالعودة إلى الوقائع التاريخية نجد أن اليهود لم تكن لهم دولة ولم تتم معهم مواجهة في فتح بيت المقدس، وإنما كان المسيطرون عليها هم الرومان والمسيحيون وليس اليهود. وكذلك فقد قامت لليهود ثلاث دول في التاريخ؛ دولة في عهد سليمان والتي انقسمت بعد وفاته بين بنيه الى دولتين، ودولة قبل الميلاد التي أنهاها الرومان عام 175 ق، م. ومن خلال هذه الدول الثلاث لا يستطيع احد الجزم بأن افسادتهم الأولى كانت قبل الميلاد؛ ففسادهم عبر التاريخ مستمر بلا حساب.
وسياق الآيات تتحدث عن اليهود، وبالتالي فإن الإفسادة الثانية والهلاك الثاني ستأتي في آخر الزمان مع قرب قدوم الساعة، وحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعضد ذلك: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلون يهوداً ويقاتلونكم فينطق الشجر والحجر يا مسلم يا عبدالله ورائي يهودي تعال فاقتله"، ولم تكن في عهدهم لليهود دولة، فلذلك كان من باب التنبؤ بقيام هذه الدولة، وظهرت أقوال كثيرة لمفكرين وعلماء بل وحتى أحاديث مما لم تكن معروفة لدى كثير من أهل الأزمنة المتعاقبة بعد موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك واعتمدوا على تفسير أحاديثه - صلى الله عليه وسلم. وحينما بدأت الهجرات اليهودية تتصاعد إلى فلسطين في التاريخ الحديث، حركت تلك الهجرات المياه الراكدة في البحث مجدداً في مسألة أنه ربما تقوم لليهود دولة، وكانت تغذي تلك الأفكار ما كان يشيعه اليهود أنفسهم المهاجرون في ذلك والمسيحيون المستعمرون الذين يمهدون لذلك.
ولما قامت الدولة الإسرائيلية عام 1948 عزز ذلك الأمر تلك التفسيرات والمقولات والتنبؤات لدى أصحاب الديانات الثلاث، ورغم الصورة القاتمة السوداوية والمأساة لدى المسلمين باحتلال أرضهم وتهجير شعبهم إلا أن صورة مشرقة من الأمل ارتسمت لدى الشعوب الإسلامية خاصة المفكرين الإسلاميين والعلماء منهم إذ أنهم رأوا – كما في النصوص – أن قيام دولة (إسرائيل) معناه قرب زوال اليهود من الأرض بشكل عام. وقد أخذت تفسيرات جديدة من المفسرين الجدد تتعزز عندهم المعاني التي بانت لمن سبقهم بالقول وتخريب الديار والأرض والشجر والحجر. كان كثير من المفكرين الملتزمين بالنصوص القرآنية والدينية بشكل عام يسقطون الأحداث المتتالية منذ قيام دولة (إسرائيل) وما صاحبها من علامات على النصوص الدينية، فيظهر لهم أن تفسير الآيات هو في هذه اللحظة من التاريخ وما سيليها، إذ لو عدنا للآيات السابقات لوجدنا التالي:
في التاريخ القديم كان الأشوريون والكلدانييون والبابليون هم من دمر مملكتي بني إسرائيل في المرة الأولى والثانية، كما مر بنا، وهم ساكنو العراق، بلاد ما بين النهرين (بابل والموصل) وسورية والأردن، وبالتالي لو أسقطنا الآيات عليهم وعلى بني إسرائيل القدامى سنجد أن الضمير في الكلمات يتحدث عن المستقبل بصيغة الماضي (لتفسدن – ولتعلن – جاء وعد أولاهما – بعثنا عليكم – جاسوا – كان وعداً مفعولاً). مستخدماً مع ذلك أدوات توكيد الفعل والحدث وهي اللام التي تسبق المضارع ونون التوكيد في آخر الفعل. وبهذه الصورة من الصيغة البلاغية عند أهل بلاغة العربية تسمى حتمية الوقوع والتحقق، وهو ما لاشك فيه.
وتنتقل الصورة بالآيات اللاحقات للحدث المستقبلي الآخر (ثم رددنا – لكم – عليهم – أمددناكم – جعلناكم) وهذه الكرّة في الغلبة لبني إسرائيل لم نجد في التاريخ ما يشير إلى أية مواجهة بين تلك الشعوب وبني إسرائيل وتغلب بني إسرائيل عليهم إلا في العصر الحديث في 1948، 1967، 1973، كون اليهود كانوا دائما يعيشون في كنف الدولة الاسلامية سواء في فلسطين أيام الأمويين والعباسيين، أو في الاندلس مع الخلافة الأموية هناك وتم طردهم مع المسلمين حين سقطت الأندلس فيما كان يعرف بمحاكم التفتيش وبالتالي، انتقلوا إلى أوروبا والمغرب العربي وعاشوا في كنف دولة المماليك ومن ثم الدولة العثمانية التي آوتهم من التغريبة الاوروبية، ولم يكونوا قط دولة أو جماعة عسكرية منظمة مؤتلفة لكي تواجه المسلمين، وعليه فلم تتم مواجهة قط.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم قبل المیلاد بنی إسرائیل فی التاریخ فی عهد
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تطلب رأي العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه فلسطين
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات المقدمة للفلسطينيين من دول ومنظمات دولية بما في ذلك الأمم المتحدة.
وصوتت الجمعية العامة، بأغلبية 137 من أصل 193 دولة، لصالح القرار الذي صاغته النرويج. وصوتت إسرائيل والولايات المتحدة وعشر دول أخرى ضده، بينما امتنعت 22 دولة عن التصويت.
وجاءت هذه الخطوة رداً على قرار إسرائيل حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) اعتباراً من أواخر يناير، فضلاً عن عقبات إضافية واجهتها وكالات الأمم المتحدة الأخرى في عملها الإغاثي في غزة على مدى العام الماضي.
ومحكمة العدل الدولية هي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، وتحمل آراؤها الاستشارية ثقلاً قانونياً وسياسياً رغم أنها غير مُلزِمة. ولا تتمتع المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي بسلطات إنفاذ إذا تعرضت آراؤها للتجاهل.
ويعبر القرار الذي أُقر الخميس، عن "القلق البالغ إزاء الوضع الإنساني المزري في الأراضي الفلسطينية المحتلة" و"يدعو إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها بعدم منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير".
وتنظر الأمم المتحدة إلى غزة والضفة الغربية على أنها أرض محتلة من قبل إسرائيل. ويتطلب القانون الإنساني الدولي من قوة الاحتلال الموافقة على برامج الإغاثة للأشخاص المحتاجين وتسهيلها "بكل الوسائل المتاحة لها" وضمان وصول الغذاء والحصول على الرعاية الطبية والحفاظ على معايير النظافة والصحة العامة.
ولا يحظر القانون الإسرائيلي الجديد بشكل مباشر عمليات الأونروا في الضفة الغربية وغزة. ومع ذلك، فإنه سيؤثر بشدة على قدرة الأونروا على العمل. ويصف كبار المسؤولين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الأونروا بأنها حجر زاوية بالنسبة للمساعدات في قطاع غزة.