المصارف تطالب باسترداد ديونها من الدولة ومصرف لبنان
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
كتب جوزيف فرح في" الديار":قلما تتحدث مصادر مصرفية مطلعة بهذا الوضوح والواقعية عن الواقع المصرفي اللبناني والالم الذي يعتصر القطاع المصرفي جرّاء الأحداث. وتعلن هذه المصادر المصرفية عن سلسلة من الخطط التي تعمل عليها والتي لا يمكن للقطاع أن يعود إلى سابق عهده الا باعتمادها لأنها تعتبر الف باء الكتاب المصرفي .
وفي هذا المجال تركز المصادر على عامل الوقت ووجوب الإسراع في التحرك وصوغ القرارات المناسبة لاعادة الامور الى نصابها مشيرةً إلى أن المصارف التي تحملت وزر الأخطاء المميتة لسياسة الدولة المالية بدأت تسعى إلى التأقلم وتطوير مقدراتها بحسب الأوضاع، ومن يتابع الاحداث التي وقعت منذ اربع سنوات واكثر يلاحظ ان هذه التغيرات تصب ضمن هذا الاطار الموضوعي، إذ بدأ القطاع بالتحرك على صعيد تحديد الخسائر والمسؤولية، التي كانت تركز على القطاع المصرفي فقط في السابق، بينما بدأ الكلام اليوم عن توزع هذه المسؤولية بين الدولة (التي كانت ترفض تحمل اي مسؤولية سابقاً) ومصرف لبنان ومن ثم المصارف، اما بالنسبة للودائع فقد تغيرت حتى النظرة اليها من خلال عدم الإصرار على شطبها وهو ما كان المسؤولون يطالبون به وفي مقدمتهم نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس الوفد اللبناني للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي سعادة الشامي الذي أعلن أخيراً انه ضد شطبها وان استعمال اصول الدولة من قبل القطاع الخاص ممكن .
وعندما تسأل المصادر عن اسباب عدم تطبيق رد الودائع لما دون المئة الف دولار تستغرب بشدة تحميل القطاع المصرفي كل المسؤولية فالقطاع غير قادر راهناً على دفعها ما لم تسدد الدولة ما يترتب عليها للقطاع من ديون وقبل ان يسدّ مصرف لبنان الفجوة المالية التي هي أصلاً اموال الاحتياط الالزامي التي كان القطاع المصرفي يضعها في مصرف لبنان كما ينص قانون النقد والتسليف، اما بالنسبة للمصارف فقد خسرت رأسمالها وتعرّضت لخسائر جسيمة ولم تعد قادرة على الايفاء بالتزاماتها بسبب القرار المتسرّع وغير المفهوم الذي اتخذته حكومة حسان دياب .
واعتبرت هذه المصادر ان موضوع اعادة هيكلة القطاع المصرفي لا يقدم ولا يؤخر فيما الاوضاع السياسية على ما هي عليه من تجاذبات، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تضع خطة نهوض شاملة، فالقطاع المصرفي هو اخر حلقة في سلسلة الحل الذي يبدأ من السياسة ومن ثم يعمل على حلحلة بقية المشاكل التي يعانيها لبنان، ومتى حلّت كل هذه المشاكل فإن القطاع المصرفي يعود الى العمل طبيعيًا . فالحل السياسي وإصلاح القطاع العام أساس مشروع اعادة هيكلة القطاع المصرفي.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القطاع المصرفی
إقرأ أيضاً:
المنارات التي شيدها أول مايو: النقابة وإنسانيتنا الإسلاموعروبية
عبد الله علي إبراهيم
(جريدة الخرطوم 11 ديسمبر 1988)
(لا يرى الحاملون على دولة 1956 سوى مفردة الحكومة فيها. وهي مفردة قصوى لا جدال. ولكن غفلتهم عن مفردات غراء لهذه الدولة لم يرمهم في غيظ ضرير على هذه الدولة فحسب، بل اعتزلوا أيضاً هذه المفردات الغراء التي تركوها لتستوحش تحت شرور نفس الحكومة. وهذه مقالة من أخريات حاولت فيه لفت نظر كتائب استئصال دولة 56 أن لهم، كما يقول المثل، حبان في بيت العدا. وبلغ من فساد هذا الغيظ المحض الضرير انتداب حميدتي دعمه السريع للقضاء المبرم على هذه الدولة. وقعد "فراجة" الليبرويساريون الذين جعلوا من القضاء المبرم على هذه الدولة ثقافة شاعت حتى انتهزها البطلق أماتكم كما في مثل ورد في كتاب لبابكر بدري).
لولا ملابسات الحجز بقطار كريمة يوم الجمعة الماضية لكنت قد شاركت في احتفال نقابة السكة حديد باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي نظمته اللجنة السودانية لحقوق الإنسان.
وجدت في حضور احتفال عطبرة لحقوق الإنسان مزايا عديدة علاوة على أنه فرصة سانحة لزيارة أخرى لمدينتي الأولى. فقد أثلج صدري أن ترمي نقابة السكة الحديد بثقلها في حركة حقوق الإنسان بعد أن ظلت قاصرة على صفوة خيرة من المتعلمين منذ تأسيس حركتها في 1985. وقد شاب أداء هذه الصفوة خلل في التركيز حين رجحوا الضغط العالمي الجاهز لنصرة قضيتهم دون حفز الضغط الشعبي المحلي وإلهامه في سياقاته السياسية والاجتماعية الصعبة. ولذا بدا مفهوم حقوق الإنسان كطارئ وقع لنا من اهتمام العالم بنا لا كأصل قديم في مشروعنا الاجتماعي والنقابي والسياسي.
ساءني دائماً الاتهام المعمم الذي يطلقه بعض المتحدثين من المتعلمين بأن بيئتنا العربية المسلمة مسكونة بالاضطهاد العنصري وغير مواتية لحقوق الإنسان. وغالباً ما استدلوا على ذلك بأبيات من المتنبي عن كافور، أو ممارسات للزبير باشا، أو مبدأ الكفاءة في الزواج في عقد زواج شهير من الثمانينات. وهذا انتقاء عشوائي للاستدلال على عدم سماحتنا استدلالاً لن تسلم معه أي جماعة من الاتهام بالاضطهاد العنصري مهما بلغت من آيات السماحة والإنسانية.
لقد جادلت هؤلاء الإخوة طويلاً الفت انتباههم إلى أن إنسانيتنا العربية الإسلامية لم تتجمد في التاريخ لأنها فعل في التاريخ تتجدد به وتجدده.
وكنت أشير عليهم بدراسة مفهوم "النقابة" الذي هو من أفضال مدينة عطبرة السياسة على وطننا. فتعريف النقابة أنها تنظيم يضم عمال أو موظفي المؤسسة بغير اعتبار للعرق أو الدين أو القبيلة أو النوع. ومن فوق صفاء هذه المفهوم ونبله ازدهرت الحركة النقابية السودانية التي ظلت تحرس مجتمعنا وإنسانيتنا بعين ساهرة.
في وقت باكر أهدتنا عطبرة "النقابة": هذه الأداة التي اشتد عودها من تخطيها للحزازات العرقية والقبلية والدينية التي تمنع الممارسة الحرة للحقوق الإنسانية. وأتمنى أن يكون احتفال نقابة عمال السكة الحديد باليوم العالمي لتلك الحقوق مناسبة لتتصل النقابة بالإطار التنظيمي للحركة العالمية لحقوق الإنسان.
أما عن التزامنا بمبدأ حقوق الإنسان فالنقابة ذاتها شاهد كبير على بعد المدى الذي قطعناه في هذا السبيل.
ibrahima@missouri.edu