لبنان ٢٤:
2024-12-26@06:22:34 GMT

كلّ الخوف على لبنان كورقة تفاوض إقليميّة

تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT

كلّ الخوف على لبنان كورقة تفاوض إقليميّة

كتبت روزانا بو منصف في" النهار": لا يختلف اثنان على أن النظام السوري ضعيف وهو استخدم لبنان دوماً كساحة لمناوشات أو حربه مع إسرائيل ولم يفعّل جبهة الجولان مرة خلال أكثر من ثلاثة عقود حتى الآن. ولكن باستثناء صاروخين أو ثلاثة على نحو رمزي أطلقت من الجولان لرفع العتب، فإنه على غير جبهة الجنوب اللبناني التي فتحها "حزب الله" الى حدّ كبير نسبياً، فإن النظام لم يتح فتح الجبهة أمام التنظيمات الإيرانية في سوريا أو الفلسطينية ولو بنسبة عشرة في المئة.

وهذا يقود الى أن وحدة الساحات تُختصر بلبنان فحسب بينما لا فاعلية تُذكر لا لمسيّرات الحشد العراقي في اتجاه القواعد الأميركية ولا لصواريخ الحوثيين في اتجاه إسرائيل. يقول ديبلوماسيون مخضرمون إن إيران لا تضغط على بشار الأسد في هذا الإطار بل تتلاقى معه ولا سيما أن لها مواقع في سوريا تعرّضت وتتعرّض لقصف إسرائيلي من دون أي رد فعل في اتجاه إسرائيل، لا سوري ولا إيراني. فسوريا ليست في موقع أن تكون ورقة للتفاوض على عكس لبنان من أجل تكريسه كلياً لإيران ونفوذها عبر تثبيت سيطرة الحزب عليه باتفاق أميركي إيراني وفقاً لاتجاهات ما يحصل في غزة. ويعتقد هؤلاء أن النظام السوري يتموضع من أجل المستقبل فيما الوضع الكارثي الذي تعيشه سوريا يحجب غيابها ولو أنه غير مبرّر وقد عاشت طويلاً على شعارات أنها قلب العروبة وهي قلعة الصمود والتصدّي. ومن البديهي السؤال في ظل شعار وحدة الساحات: لماذا لا تفتح إيران جبهة الجولان على طريقة ما يحصل في جنوب لبنان في الوقت الذي بات فيه الأمر مختلفاً في سوريا عن السابق باعتبار أن الأسد مدين لإيران باستمراره في موقعه. والجواب في رأي الديبلوماسيين أنفسهم يكمن في أن إيران لا تودّ، إذا فتحت جبهة الجولان أو دفعت في هذا الاتجاه، أن تتلقى ضربات مباشرة قد تجعلها تخسر أهم موقع لها على المتوسط في لبنان فيما هي تلعب أوراقها على قاعدة التهدئة في سوريا وتوجيه رسالة الى الولايات المتحدة في شكل أساسي لتكريسها الطرف الأساسي في المشرق وتذهب بعد ذلك للتفاوض كما تفاوض في كل الأمور.


والشق الآخر من الجواب عن السؤال يكمن في أن بشار الأسد ضعيف ولا يستطيع أن يقف في وجه إيران ولا في وجه إسرائيل علماً بأن سوريا هي الحلقة الأهم في محور الممانعة وتفعيل ما يُسمّى "وحدة الساحات" فيما هي طرف يغيب كلياً وهو يستفيد من ذلك من أجل أن يوجّه رسالة الى الولايات المتحدة والغرب كما الى الدول العربية كذلك بأنه لم يدخل في إطار الحرب الجارية من أجل توظيف ذلك لمصلحته في المدى المنظور. فأي من الموقفين، أي الانخراط في الحرب أو الامتناع عن ذلك، له ثمنه، إذ مع بداية فترة رئاسة جورج بوش الأب كانت العلاقات متوترة بين سوريا والولايات المتحدة التي كانت تشتبه في تورّط سوريا في نشاطات إرهابية مختلفة خلال الثمانينيات بما في ذلك قصف طائرة الخطوط الجوية الأميركية "بان ام" الرحلة 103 عام 1988 وتفجيرات السفارة الأميركية وثكنات المارينز عام 1983 في بيروت. كما كانت سوريا ضمن قائمة وزارة الخارجية للدول التي ترعى الإرهاب. ولكن لاحقاً التقى بوش بالأسد الأب كما التقاه وزير الخارجية جيمس بايكر وحصل منه على استعداد سوريا للدخول في عمليات هجومية ضد العراق وهو تغيير في السياسة من موقفها السابق نالت على أثره ثمناً بوضع يدها على لبنان بموافقة أميركية.

يزيد من الخوف أن يكون لبنان على طاولة التفاوض وأن يدفع ثمناً باهظاً واقع الشلل الذي يعانيه البلد نتيجة لامسؤولية المسؤولين والقائمين عليه والذين وفي نظر الخارج لا يتمتعون بالأهلية ولا بالكفاية لإدارة البلد من دون الدخول في تفاصيل الاتهامات التي يتقاذفها المسؤولون بالعرقلة. فيما البلد في حال انهيار مالي منذ أربع سنوات ولا من تقدّم في أي من الملفات المطلوبة لانتشال البلد من القعر. ويُخشى أن يكون استنتاج أن البلد ليس أهلاً لأن يحكم نفسه بنفسه عاملاً مؤثراً ولو أن ذلك لا يندرج في إطار الصفقات الكبرى ولكن قد يكون من الأسباب التبريرية لذلك لاحقاً.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی سوریا من أجل

إقرأ أيضاً:

هَشَاشَةُ السُّلْطَةِ وَمَآزِقُ النُّخَبِ السُّودَانِيَّةِ: قِرَاءَةٌ فِي كِتَابِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ لِفَتْحِي الضَّوْ

إِبْرَاهِيم بَرْسِي

في قلب الخراب الذي خلفته الأنظمة المستبدة، في شوارع مدنٍ ملأها الغبار، وشقوق المنازل التي تحكي تاريخًا من النسيان، وفي صمت العيون السودانية المتعبة، يقف كتاب بَيْتِ العَنْكَبُوتِ كمرآة صافية تعكس هشاشة السلطة وصراعات الإنسان مع واقعه.
الكاتب فَتْحِي الضَّوْ لا يقدم حكاية عن السُّودَانِ فحسب؛ إنه ينسج سردية فلسفية عميقة عن السلطة، الخوف، والإنسان، مستخدمًا بَيْتِ العَنْكَبُوتِ كاستعارة مدهشة لبنية متماسكة ظاهريًا، لكنها سرعان ما تتهاوى تحت أي ضغط حقيقي.

الضَّوْ يرى في السلطة نظامًا يقف على شفا السقوط، ولكنه أيضًا يكشف عن مجتمع يصارع ذاته بقدر ما يصارع القمع. في إحدى جمل الكتاب العميقة يقول: “النِّظَامُ الَّذِي يَخَافُ مِنْ وَعْيِ شَعْبِهِ، يَخَافُ مِنْ ظِلِّهِ.”
هذه الكلمات لا تحتاج إلى شرح طويل؛ فهي تدخل إلى جوهر العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
إن الخوف الذي يعيشه النظام ليس خوفًا من الآخر، بل من الحقيقة التي يمكن أن تزعزع أساساته الواهية. وهنا نتذكر كلمات سَارْتَرْ: “الحُرِّيَّةُ هِيَ مَا تَفْعَلُهُ بِمَا فُرِضَ عَلَيْكَ.”
الحرية ليست في التخلص من القيد فقط، بل في إعادة تعريف العلاقة مع القيود ذاتها.

ولكن النظام السُّودَانِيَّ، كما يصفه الضَّوْ، لا يكتفي بالخوف من وعي شعبه، بل يعيد بناء هذا الوعي ليخدمه، عبر أدواته الناعمة التي تتغلغل في التعليم والإعلام. النظام يحرص على أن تظل العقول مشدودة بخيوطه الدقيقة، تلك الخيوط التي تبدو رقيقة كخيوط العنكبوت، ولكنها قادرة على أن تكبل أجيالًا بأكملها.

في موضع آخر، يؤكد الضَّوْ أن: “الفَسَادَ لَيْسَ فِعْلًا عَرَضِيًّا، بَلْ هُوَ ثَقَافَةٌ.”
هذا الوصف يعري العلاقة المتشابكة بين الفساد وبنية الدولة السُّودَانِيَّةِ. الفساد هنا ليس مجرد انحراف، بل هو جزء من النسيج اليومي للسلطة والمجتمع.

ما يثير الانتباه أيضًا هو قول الضَّوْ: “الشُّعُوبُ تَصْنَعُ ثَوْرَاتِهَا، وَلَكِنَّهَا لَا تَتَحَكَّمُ فِي نَتَائِجِهَا.”
هذه العبارة تلخص مأزق الثَّوْرَاتِ السُّودَانِيَّةِ، التي رغم نبالتها، كانت دائمًا عرضة للاختطاف من قبل النخب التي، بدلًا من أن تكون حاملة للتغيير، تحولت إلى نسخة أخرى من بَيْتِ العَنْكَبُوتِ.

وسط هذا السواد، يبقى الأدب في رأي الضَّوْ أداة مقاومة.
الكتابة ليست مجرد فعل توصيفي؛ إنها إعادة تشكيل للعالم، محاولة لتحرير المعنى من أسر اللغة القامعة.
بَيْتِ العَنْكَبُوتِ ليس مجرد تحليل سياسي؛ إنه دعوة للتحرر من القوالب الفكرية التي تبقي الفرد أسيرًا داخل دائرة الخوف.

إن قراءة بَيْتِ العَنْكَبُوتِ ليست رحلة سهلة؛ إنها مواجهة مباشرة مع الأسئلة التي غالبًا ما نتجنبها:
ما الذي يجعلنا نقبل بالخوف؟
كيف يمكننا كسر دائرة الفساد إذا كانت جزءًا من حياتنا؟
وكيف يمكننا بناء دولة جديدة إذا كانت النخب التي يُفترض أنها تقود التغيير هي نفسها جزءًا من المشكلة؟

كتب الضَّوْ لا لنقد السلطة فقط، بل لدعوة القارئ لمواجهة ذاته.
فالتغيير لا يبدأ من الثورة على النظام، بل من الثورة على الأفكار المترسخة في العقول. وكما قال فْرِيدْرِيكْ إِنْجِلْزْ: “الحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ التَّحَرُّرِ مِنَ القُيُودِ، بَلْ القُدْرَةُ عَلَى بِنَاءِ العَالَمِ.”

النظام هش، والنخب معطوبة، والشعب مكبل بالخوف. ولكن، كما يقول فَتْحِي الضَّوْ: “حَتَّى أَكْثَرَ البُيُوتِ هَشَاشَةً يُمْكِنُ أَنْ يَسْقُطَ بِخَيْطٍ وَاحِدٍ.”
والسؤال الذي يتركه لنا الكتاب هو: هل نحن مستعدون لقطع هذا الخيط؟

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • الأخطبوط السورى.. أطماع وأزمات
  • منذ سقوط الأسد...85 ألف شخص وصلوا من سوريا إلى لبنان
  • بعمق 7 كيلومترات... توغل إسرائيلي إلى مناطق جديدة في سوريا
  • المرصد السوري: القوات الإسرائيلية توغلت أكثر في سوريا
  • عن أيّ سوريا نتحدّث؟
  • إيران …بدء محادثات لإعادة السفارة في سوريا
  • هَشَاشَةُ السُّلْطَةِ وَمَآزِقُ النُّخَبِ السُّودَانِيَّةِ: قِرَاءَةٌ فِي كِتَابِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ لِفَتْحِي الضَّوْ
  • التفكيك او التدمير..أردوغان: لا مكان لحزب العمال الكردستاني في سوريا
  • فنانو سوريا الكبار يثيرون جدلاً واسعاً.. هل ما حصل «نفاق»؟
  • داخل سوريا.. شبان لبنانيون يتعرضون لإطلاق نار