الثورة / تقرير/ ابراهيم الاشموري
حلت بالأمس الـ2من نوفمبر، ذكرى وعد بلفور المشؤوم الذي كان وما زال تجسيدا لحقيقة عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، والشعب الفلسطيني يعيش تبعات وآثار المؤامرة الدولية المتواصلة على أرضه ومقدساته وحقوقه في الحياة.
أصدر النظام البريطاني في ٢ نوفمبر ١٩١٧، ما يسمى “وعد بلفور”، وأعلن فيه تأييده لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وبأنه سيبذل غاية جهده لتسهيل تحقيق هذه الغاية.


كان هذا الوعد المشئوم حلقة مفصلية في سلسلة مآثم ومؤامرات بريطانيا ومعها الغرب الاستعماري ضد فلسطين والأمة والعربية والإسلامية والتي تستمر اليوم بتواطؤ ومساعدة بعض الأنظمة العربية في المنطقة.
كانت فلسطين في ذلك الزمن تحت حكم الدولة العثمانية وكان العرب يمثلون أكثر من ٩٠٪ من سكانها.. لكن النظام البريطاني الاستعماري وعد من لا يستحق، بوطن يملكه شعب آخر!.
وتكشف مذكرة كتبها ارثر بلفور، وزير الخارجية البريطاني في حينها، مدى الاستحقار البريطاني لسكان فلسطين الأصليين، والاستهانة بحقوقهم المشروعة. حيث تنص المذكرة “إننا لا نقترح حتى أن نتكبد مشقة استطلاع رغبات سكان البلاد الحاليين من غير اليهود في فلسطين. لأن أهمية الصهيونية أكبر بكثير من رغبات وتحيزات السبعمائة ألف عربي القاطنين الآن في تلك الأرض التاريخية”.
لقد تباهى النظام البريطاني على مر العصور انه يمتلك منظومة قيم ومبادئ إنسانية ومكانة أخلاقية عالية وأنه يتمسك ويلتزم التزاما راسخا بروح ومضامين الشرائع الإنسانية وبالقوانين الدولية لكنه ظل طوال تاريخه الدموي يقترف الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق شعوب الأمة العربية والإسلامية، وحتى فيما قبل وعد بلفور وبعده وهو اليوم يعلن تأييده الكلي للجرائم المريعة التي يقترفها الكيان الصهيوني الغاصب حاليا ضد الشعب العربي الفلسطيني، الذى عانى الأمرين من تعسف وقهر وبغي على يد الاحتلال الصهيوني الغاشم على مدى ٧٥ سنة.
تبجحات النظام البريطاني بأن سياساته الخارجية تستند شرعيتها على القانون الدولي وعلى ما هو صحيح وعادل هو ادعاء كاذب جملةً وتفصيلاً. وهو الأمر الذي يثبته الاستقراء التاريخي لنهجه الاستعماري البغيض الذي يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن أهم ما يحرك سياسته الخارجية هي ميولاته الاستعمارية والعنصرية والتزامه المنفعي تجاه الصهيونية. وهو ذات الالتزام الذي عبر عنه المقبور آرثر بلفور عندما كتب “إن أهمية الصهيونية أكبر بكثير من رغبات وتحيزات السبعمائة الف عربي” في وعده سيئ الذكر.
وفي هذه المناسبة والذكرى الأليمة، قال سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، في تصريح صحفي “تتزامن ذكرى وعد بلفور المشؤوم مع وقائع محرقة الاحتلال النازي ضد شعبنا في يومها السابع والعشرين، لتؤكد أن المشهد لا زال على حاله منذ أن بدأت المؤامرة الدولية بتغييب حقوق شعبنا وإنكار وجوده على أرضه، وغرس هذا الخنجر السرطاني في قلب فلسطين”.
وأضاف معروف: ما أشبه اليوم بالأمس، فالقوى التي خططت وسهلت وساندت الاحتلال في مراحل النكبة الأولى، بقت على موقفها المتجرد من الإنسانية والمخالف للأخلاق وقواعد القانون الدولي، وحافظت على حماية ظهر هذا المحتل النازي رغم كل الجرائم التي يرتكبها، وسط حالة من الضعف والهوان العربي والإسلامي، فأمن الاحتلال من العقاب والمحاسبة واطمأن للعواقب؛ ما شجعه على استمرار الجرائم والمذابح بحق شعبنا.
موضحا: لم تكتف هذه الدول بالدعم السياسي وحماية الاحتلال من الملاحقة، وإنما تمده بالسلاح والذخائر التي يقتل بها المدنيين من أبناء شعبنا، ويرتكب بها المذابح ضد الأطفال والنساء، وينتهك بها المحرمات فيقصف المستشفيات والكنائس والمساجد ويبيد الأحياء السكنية، ويدمر المنازل والبنايات فوق رؤوس ساكنيها.
واختتم المجاهد سلامة معروف حديثه بالقول:
إن المجتمع الدولي ومنظومته الأممية التي عجزت عن وقف هذه المحرقة ومنحت الاحتلال ضوءا أخضر لإكمال جريمته، تتحمل المسؤولية الكاملة معه عن هذه الجريمة، وخاصة الدول التي تقف موقفا يخالف ما تتشدق به من قيم وأخلاق وحقوق إنسان، وتدعم فعليا قتلة الأطفال والنساء وتزودهم بالسلاح والذخيرة لإتمام محرقة القرن الحادي والعشرين بجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والعقاب الجماعي ضد قطاع غزة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: وعد بلفور

إقرأ أيضاً:

صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين

اكتشفت على أرضها آثار عمرها سبعة آلاف سنة، وملامح مدينة عمرها أربعة آلاف سنة من بداية العهد الكنعاني، تمتد على مساحة ثمانين دونما.

صفورية قرية فلسطينية مُهّجَّرة، تقع شمال غرب مدينة الناصرة، وتتميز بموقعها المتوسط بين مدينتي حيفا والناصرة، وتتوسطُ عديد القرى والمدن ومنها: كفر مندا، رمانة، كفر كنا، المشهد، مدينة الناصرة، الرينة، عيلوط، غزالين، وخربة زرير.

وتشكل المنطقة المحيطة بصفورية مدخلا إلى الجليل الأسفل مما أكسبها لفترة زمنية طويلة أكبر وأهم قرية في منطقة الجليل، ومنحها موقعها هذا ميزة إستراتيجية عبر العصور.


                                           قرية صفورية في أربعينيات القرن الماضي

 تقدر مساحتها المبنية بنحو 102 دونم من مجمل مساحة أراضيها البالغة نحو 55378 دونم. وبلغ عدد سكان صفورية عام 1945 نحو 4330 جميعهم من العرب المسلمين .

وتميزت صفورية بتربتها الخصبة ومناخها المتوسطي المعتدل صيفا والبارد شتاء، إضافة إلى مساحة أراضيها الواسعة، ما جعل النشاط الاقتصادي متركزا على الزراعة، حيث عمل معظم الأهالي بالزراعة، وفي تربية قطعان الأغنام والماعز. ومن أهم المحاصيل الزراعية في القرية الزيتون، إضافة إلى كروم العنب وأشجار التين والتوت، والمحاصيلِ الموسمية كالقمح والشعير والعدس، وبعض الخضروات الأخرى.

وقد يعود سبب تسميتها إلى الاشتقاق من الكلمة السريانية "صفرة" أي "عصفور"، وربما كانت تلك إشارة إلى التل الذي تحط عليه كالطائر.

ويصعب تحديد الفترة الزمنية الدقيقة لتأسيس القرية غير أن غالبية الأبنية والموجودات الأثرية تدل على وجود مبان وأدوات تعود إلى العصرين البرونزي والعربي الكنعاني، إضافة إلى الأبنية التي لا تزال أجزاء منها قائمةً حتى اليوم كالقلعة والمسرح الروماني، ونبع مياهه "القسطل"، ولوحات فسيفسائية  أبرزها لوحة موناليزا الجليل، إضافة إلى دير القديسة حنة.

فتح المسلمون صفورية في عام 634 للميلاد، في أوائل أيام الفتح الإسلامي. ولم تزل لها مكانة بارزة في التاريخ اللاحق. وأطلق عليها الصليبيون الذين بنوا قلعة فيها "لو سيفوري"، وانتزعها صلاح الدين الأيوبي من أيديهم بعد معركة حطين في عام 1187. وقد أتى إلى ذكر صفورية عدد من الجغرافيين العرب والمسلمين، منهم البلاذري، وياقوت الحموي، وابن العماد الحنبلي .

في سنة 1745 شيد ظاهر العمر الزيداني حاكم فلسطين الشمالية، قلعة ذروة التل، الذي يعلو عن صفورية، وفي سنة 1880 بنيت كنيسة القديسة حنا في القرية على أنقاض كنيسة قديمة تعود إلى أواخر القرن السادس للميلاد، وفي بعض الروايات أن مكان الكنيسة كان منزلا لآل عمران والد السيدة مريم العذراء.

احتلت صفورية في تموز/يوليو عام 1948 تمهيدا للهجوم على مدينة الناصرة في سياق عملية "ديكل". وتشدد الروايات الإسرائيلية المتعلقة باحتلال صفورية على شهرتها بمقاومة القوات الصهيونية.

ويروي أهل القرية بأن ثلاث طائرات إسرائيلية قصفت القرية وألقت براميل مشحونة بالمتفجرات، فهرب أهل القرية إلى أماكن أمنة، وصمد المجاهدون وقاتلوا دفاعا عن بلدهم، ولأن المقاومة كانت شديدة قامت القوات الإسرائيلية بطرد أهل القرية وتسوية مبانيها بالأرض.

وكان احتلال صفورية على يد كتيبة مدرعة من "لواء شيفع" وكتيبتي مشاة من "لواء كرميلي" التي قصفت القرية بالطائرات التي أدت إلى قتل عدد من المواطنين وجرح أعداد أخرى.

لم يبق من القرية اليوم إلا بضعة منازل، أما باقي الموقعِ فتغطيه غابة صنوبر، ولا تزال قلعة ظاهر العمر ماثلة على قمة التل، إضافة إلى كنيسة للروم الأرثوذكس، وعلى الطريق الجنوبية المفضية إلى القرية، ثمة كنيس لليهود كان مقاما للمسلمين فيما مضى، وأنشأَ الصهاينة على أرضها مستعمرتي "تسيبوري" و"هسوليليم" في عام 1949، وفي زمن أحدث أُنشئت ثلاث مستعمرات على أراضي القرية: "ألون هغليل" عام 1980، "هوشعيا" عام 1981، و"حنتون" عام 1984.



بعد أن هجر أهالي صفورية عن قريتهم، اتجه بعضهم إلى لبنان وسوريا، في حين بقي آخرون داخل فلسطين، حيث يعيش اليوم في فلسطين ما بين 16 إلى 18 ألف نسم أصولهم من صفوريةَ، في حي مجاور لقريتهم في مدينة الناصرة، ويحمل الحي اسم، "الصفافرة"، ويقدر عدد أهالي صفورية في الشات بنحو 40 ألفا.


                       منظر عام لأراضي القرية وتظهر مدينة الناصرة في الخلف 2003.

لقد كان سر ازدهار صفورية عبر العصور يكمن في وفرة ينابيعها وآبارها إلى جانب الرزاعة والمراعي وتوفر مساحات الصيد، وهذا السر دفن معها بعد احتلالها في نكبة فلسطين وتشريد سكانها وإغراقها بالمستوطنات.

المصادر:

ـ  محمد أمين صفوري، "صفورية تاريخ وتراث وحضارة"، ج1، مكتب النورس للنشر، الناصرة، 2000.
ـ  مصطفى الدباغ، "بلادنا فلسطين"، الجزء السابع، القسم الثاني "في ديار الجليل"، 1991، دار الهدى.
ـ  وديع عواودة، "صفورية زاخرة بآثار من كل العصور"، الجزيرة نت، 21/8/2012.
ـ  زهير دوله، "صفورية..مدينة الفسيفساء والينابيع"، الإمارات اليوم، 26/8/2016.
ـ الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية.
ـ موقع فلسطين في الذاكرة.

مقالات مشابهة

  • حماس تحذر الاحتلال من استمرار سياساته الإجرامية بحق الأسرى
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • مجلس التعاون يستنكر بشدة الكيان الإسرائيلي المحتل دخول المساعدات إلى قطاع غزة
  • فلسطين أمام وعدَي بلفور وترامب!
  • فلسطين أمام وعدي بلفـور وترامـب!
  • دعوات في بريطانيا لإلغاء زيارة ترامب.. ورئيس الوزراء البريطاني يرفض
  • شاهد / مسلسل الأطفال الكيان المؤقت (1) - الجزء الثاني
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • المطران عطالله حنا: نتمنى أن تزول المظالم التي يتعرض لها الفلسطينيون
  • فلسطين.. بين ناصر ونصر الله! طه العامري قيل إن (ناصر) ولج للإسلام من بوابة العروبة وإن (نصر الله) ولج للعروبة من بوابة الإسلام في تجسيد شكله الثنائي للحقيقة الراسخة أن لا عروبة بلا إسلام ولا إسلام بلا عروبة.. وأن الثنائي يتكاملان ويكملان بعضهما في مواجهة