اليمن قوة ثالثة للمقاومة تدخل حرب غزة
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
إذا كانت الحرب في فلسطين حتى الأمس مقتصرةً على المعركة بين قوات الاحتلال الصهيوني وقوات حماس في قطاع غزة، وكذلك الاشتباكات في شمال فلسطين مع حزب الله باعتباره القوة الثانية في الحرب، شهدت المعركة الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية قدوم فاعل جديد دخل ساحة المعركة جدياً كقوة مقاومة ثالثة.
الفاعل الجديد وقوة المقاومة الثالثة دخل الحرب في غزة من جنوب الجزيرة العربية ومن اليمن، حيث أعلن العميد يحيى سريع المتحدث باسم الجيش اليمني، في اجتماع رسمي، أمس، استهداف أهداف للکيان الصهيوني بالصواريخ والطائرات المسيرة، وأنهم استهدفوا مواقع الکيان ثلاث مرات على الأقل خلال الأسبوع الماضي، وقال يحيى سريع بوضوح إن اليمن بدأ حرباً ضد الكيان الصهيوني.
وبعد المتحدث باسم الجيش اليمني، أكد رئيس وزراء هذا البلد أيضاً أن البعد الجغرافي لا يشكل عائقاً أمام مساعدة اليمن لفلسطين، وأعلنت حرکة أنصار الله اليمنية دعمها الكامل لجيش البلاد لمهاجمة أهداف صهيونية.
من إيلات إلى ديمونة في مرمى الصواريخ اليمنية
إضافة إلى أن اليمنيين استهدفوا مواقع الکيان الصهيوني ثلاث مرات على الأقل خلال الأسبوع الماضي، فقد تأكد إطلاق صاروخ آخر على ميناء إيلات في أقصى جنوب الکيان الصهيوني.
حتى الآن ظلت إيلات بعيدةً عن جبهة الحرب في غزة وعن حدود لبنان شمالاً وتتمتع بأمن نسبي، لكن دخول اليمن في حرب غزة جعل وضع ميناء إيلات غير مستقر وغير آمن.
وتعتبر إيلات مركز السياحة والميناء الرئيسي لدخول البضائع إلى الكيان الصهيوني، ولا شك أن انعدام الأمن في هذا الميناء سيكون له آثار اقتصادية كبيرة على الاحتلال الصهيوني.
ومن ناحية أخرى، لم تهدد القوات اليمنية إيلات فحسب، بل منشآت ديمونة النووية أيضًا، وفي هذه الحالة سيكون هناك خوف وقلق على أمن منشآت ديمونة النووية لدى الصهاينة بالتزامن مع الحرب العسكرية في الميدان.
وأعلنت بعض المصادر، أمس، أن حرکة أنصار الله اليمنية هددت بقصف واستهداف منشآت ديمونة النووية، ولا شك أن هذه التهديدات ستؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع النووي للکيان الصهيوني.
أهمية دخول القوة الثالثة للمقاومة
إن دخول اليمن كقوة مقاومة ثالثة في مشهد الحرب الفلسطينية، ستكون له أهمية حاسمة في مصير هذه الحرب.
الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية
تمتلك القوات اليمنية وأنصار الله معدات صواريخ وطائرات مسيرة متطورة، وفي وقت سابق، أثناء العدوان السعودي، نجحوا في استهداف أهداف نفطية في السعودية، وحتى بعض الأهداف في الإمارات على مسافة تصل إلى ألف كيلومتر.
لقد أصبحت الصواريخ الدقيقة لأنصار الله في اليمن، قادرةً الآن على استهداف مواقع في فلسطين المحتلة بسهولة، وفي هذا العام وقبل نحو شهرين، عرض اليمنيون، خلال العرض الخاص بالذكرى التاسعة لثورة شعبهم، الكثير من الأسلحة وعدداً من الأسلحة الصاروخية الجديدة والمفاجئة، الأمر الذي فاجأ العديد من الخبراء العسكريين الأجانب.
وكانت المفاجأة الكبرى لاستعراض الجيش اليمني قبل شهرين، هي الكشف عن صاروخ يختلف في الأبعاد عن الصواريخ اليمنية الأخرى يسمى صاروخ “طوفان”.
وقيل إن مدى صاروخ طوفان يزيد على 2000 كيلومتر، وبالنظر إلى مدى الصاروخ، فمن المحتمل أن تكون سرعة ارتطامه في المرحلة النهائية أكثر من 10 ماخ، وهو ما سيزيل العديد من أنظمة الدفاع مثل باتريوت.
وتجدر الإشارة إلى أن المسافة بين ميناء إيلات وحدود اليمن أقل من 2 ألف كيلومتر، ومن الناحية الاستراتيجية فإن الجيش اليمني قادر على استهداف أهم ميناء اقتصادي وسياحي للكيان الصهيوني بسهولة بصواريخه الباليستية.
توزيع الصراعات على ثلاث جبهات
حتى الآن تركزت معظم الصراعات خلال الحرب الفلسطينية على جبهة الحرب في قطاع غزة، والصراعات في شمال فلسطين المحتلة وعلى الحدود مع لبنان.
إن دخول اليمن كقوة مقاومة ثالثة جعل أقصى جنوب الکيان الصهيوني هدفاً للصواريخ اليمنية، وفي الواقع لا توجد منطقة آمنة في فلسطين المحتلة في الوقت الحالي.
کما أن الانفلات الأمني وفتح جبهة الصراعات والتطورات في أقصى جنوب الکيان الصهيوني، سيؤدي إلى توجيه جزء من القوة العسكرية والمدرعات القتالية لجيش الکيان الصهيوني إلى المحافظات الجنوبية، ونتيجةً لذلك، سيتم تخفيف عبء الضغط على قطاع غزة.
وإضافة إلى ذلك، مع دخول اليمن، من المحتمل أن يضطر الصهاينة إلى تغيير استراتيجياتهم في الحرب، ومن المحتمل أن تكون نتيجة الحرب مختلفةً عن التوقعات والسيناريوهات التي يتوقعها الکيان الصهيوني.
موقع الوقت التحليلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی الجیش الیمنی دخول الیمن الحرب فی
إقرأ أيضاً:
هل نحن أمام موعد مع حرب عالمية ثالثة؟
قبل أن نخوض في محاولة الإجابة على سؤال مقالنا هذا؛ فأنا في معرض التوضيح للقارئ الذي اعتاد مقالاتي ذات الطابع العلمي أن متابعتي للمسار الرقمي ومستجداته العالمية غير منفصلة عن المسار السياسي والعسكري والاقتصادي الآخذ في التغيّر والتشكّل، وما سبق أن عرضته من قراءات تقنية سابقة، لم تكن لتنفصل عن أبعادها الإنسانية -الثقافية والاجتماعية- والعالمية -السياسية والعسكرية والاقتصادية-، ولهذا؛ فنحن بحاجة إلى تجديد فهمنا للمعادلات السياسية -التي لا أدّعي الإلمام بقواعدها الصميمة- التي أراها جزءا من منظومتنا الواعية في جميع منطلقاتها بما فيها العلمية -ولا أجد مسوّغا يدفعني لممارسة حالة الانفصال عن الواقع الإنساني بجميع مكوناته التي يؤثر بعضها في بعض-، وأول قواعد هذه المعادلات أن السياسة مجموعة عناصر متغيّرة لا تملك معايير ثابتة، ولكنها تتغير وفق الظروف المتجددة والمستجدة؛ فتتجاذبها المصالح مثلما تفرّقها غياب المصالح، ولذا، يأتي فهمنا للصورة السياسية الحالية استنادا إلى عدة عوامل مُشاهدة تجري على أرض الواقع تتدافع بعضها بعضا في خطٍ يسير بالعالم سيرا إلى صورة -لا ندرك زمنها المستقبلي- قاتمة لا نرجو حصولها. بداية مع التجاوزات الإسرائيلية في المنطقة التي سبقت أحداث السابع من أكتوبر، والتي تعكس المشهد المتكرر للظلم الذي يمارسه الاحتلال على الفلسطينيين الذي يشمل التنكيل والقتل والتوسّع الاستيطاني والتخريب، وتضاعفت هذه المشاهد بعد السابع من أكتوبر؛ لتكون أشدَ وطأةً وقسوةً؛ لتُدخلَ دولا عربية أخرى -في دائرة الصراع- مثل سوريا ولبنان التي تتعرض لهجوم إسرائيلي شبه يومي، وقبل أن نراجع هذه الأحداث في الشرق الأوسط، نعود إلى مشهد غربي -لا نضارعه من حيث المستوى والظروف مع قضية الصراع العربي الصهيوني- تتواصل أحداثه في التطوّر، ويتمثّل في الصراع الغربي الروسي، وإن غلب على صورته النمطية الحرب الروسية على أوكرانيا، وبدأت لهذا الصراع ملامحُ عسكرية أكثر تطرفا من حيث الحشد الغربي وممانعته لأي مبادرات صلح مع الجانب الروسي؛ لتلوح تهديدات نووية جادة من الطرفين -الغربي والروسي.
نعود إلى الشرق الأوسط ومعادلته السياسية المعقّدة التي ازدادت تعقيدا مع تطرّف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة في عقيدتها العسكرية والاقتصادية غير المتزنة؛ فنجد أن الصراع يتجه إلى صراع إقليمي كبير؛ ليتفاقم -حال عدم تعقّل الإدارة الأمريكية وكبح جماحها المساند للرؤية الصهيونية- إلى صراع عالمي أكبر؛ فتبرز التهديدات الأمريكية بضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع مواصلتها شن الغارات على اليمن، وتتصاعد لغة التهديد مظهرةً الرغبةَ الدفينةَ للإدارة الأمريكية بتنفيذ وعدها بضرب إيران مع تجاهلها لكل الخسائر المتوقعة وغير المحسوبة التي تمس مصالحها في المنطقة والعالم، وفي الإقليم السوري، يواصل الكيانُ المحتل تمدده العسكري على الأرض السورية وقصفه الكبير على المواقع العسكرية غرض تدميرها وإضعاف الدولة السورية الوليدة وغرض إيصالها رسالةً إلى تركيا؛ لإجهاض مشروع التمركز العسكري التركي في سوريا الذي يراه الكيان تهديدا مباشرا لها وإخلالا بميزان القوة وفقَ المنظور الصهيوني؛ ليظهرَ الصراع الإسرائيلي التركي على أرض الواقع بعد أن كان رهين النظريات السياسية وسردياتها غير الواقعية؛ فتكون سوريا أرضا خصبةً لهذا الصدام العسكري المحتمل، وفي ظل اتساع دائرة الصراع الإسرائيلي في المنطقة بمساندة حليفها الأمريكي وتعدد جبهاتها العسكرية؛ فإن التحالف التركي الإيراني -على الأقل في الجبهة السورية- سيعود إلى حالة من التوافق بعد قطيعة وتصادم في المصالح؛ فباتت درجات خصومة العدو الإسرائيلي للنظام الإيراني والمصالح التركية وطموحاتها في حالة أقرب إلى التساوي، وهذا ما يدعو الكيان الصهيوني إلى تحسس حالته الوجودية ومستقبلها في خضم تنامي عداوتها مع معظم دول المنطقة بما فيها جمهورية مصر العربية التي لم تسلم الأخرى من التلميحات الإسرائيلية العدوانية عبر طلبها الصريح بتفكيك بنيتها العسكرية في سينا مدركةً تفوق الجيش المصري الذي -بدون أي مبالغة- نراه صَمامَ الأمان الأخير لدى العرب من حيثُ ثقلُه العسكري وعقيدته القتالية وحاضنته الشعبية المتعطشة لمواجهة هذا العدو.
كما ذكرنا آنفا، لا يمكن لنا التكهّن بشكل المسار السياسي فضلا عن المسار العسكري المفعم بالاحتقان غير المعهود؛ فتضاعف لغة التهديد الأمريكية المدعوم بمضاعفته لحشده العسكري في الشرق الأوسط بما فيها القاذفات الشبحية وسط توسّع إسرائيلي جريء -لم نعهده من قبل- في جبهات القتال، وكذلك تصاعد لغات التهديد الغربية الروسية؛ فنراها كلها مؤشرات لحالة حرب عالمية -نرجو للعقلاء أن يوقفوها- ثالثة، ولا يُستبعد أن تكون نووية بامتياز. في جانب آخر، نرصد النمو الصيني من جميع أبعاده العسكرية والاقتصادية والصناعية والرقمية بجانب ضبطه لمساره السياسي والعسكري، وكأنه يراقب التطورات العالمية التي يفقه بواسطة أحداثها -خصوصا مع تنامي الحرب التجارية والعسكرية الأمريكية الواسعة- أن العالم يعيد تشكيل نفسه، فتذهب التحليلات بجانب ما نرصده على أرض الواقع أن الولايات المتحدة بممارستها العبثية تتجه إلى الانحسار والسقوط، وهذا ما أثبتته أولى نتائج قرارات الرئيس ترامب برفع رسوم الجمارك على جميع دول العالم؛ لتهوي أسهم السوق الأمريكية وشركاتها إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2020، وكأن السحر ينقلب على الساحر. لا نستبعد أن الصين -مع مباشرتها لخوض المعركة التجارية مع أمريكا عبر فرضها لرسوم جمركية عالية على الواردات الأمريكية- تتابع بهدوئها المعهود هذه الأحداث منتظرةً ساعتَها الحتمية في الظهور قطبًا عالميًا أقوى بجانب حليفها الروسي عقب الركود العالمي والفوضى العسكرية المتوقعة التي يمكن لإدارة ترامب أن تتسبب بها، والصين -كما تردد السرديات السياسية- تنين مستيقظ بعيون مغلقة لا يبحث في مساره التوسّعي في العالم عن رؤية دينية يرغب في تحقيقها -كما تفعل إدارة ترامب مع مشروعها الداعم للحلم الصهيوني وتحقيق «إرادة الرب» وفقَ سرديتها المتطرفة كما جاءت في مذكرات وزير الدفاع الأمريكي الحالي- ولا تنشد استيطانا جغرافيا يزيد من عبء نفقاتها غير الضرورية، ولكنها ذات رؤية اقتصادية محضة تسعى إلى الهيمنة البحرية ومساراتها؛ لغاية في نفسها التجارية والصناعية.
يفتح رصدُنا لهذه المستجدات تكهناتٍ كثيرةً بشأن شكلِ الشرق الأوسط في غضون أشهر أو سنوات قليلة قادمة، وشكل العالم أجمع في ظل تصاعد الصراع بين قوى العالم الذي انقسم إلى معسكراتٍ تحشد أعتى عتادها العسكري تجهزا لمعركة لا نستبعد أن تأخذ شكلا أقسى من الحروب العالمية السابقة، وخلاصة ما يمكن أن نستشفه -رغم المتغيرات السياسية الكثيرة وتقلباتها غير المتوقعة - أن الصراعَ أوسعُ من أن يحصرَ في دائرةِ الصراعِ العربي الإسرائيلي أو الأمريكي والإسرائيلي الإيراني والتركي أو الروسي الأوكراني، ولكنه ذو أبعاد عالمية أوسع تعكس التنافس على مقعدِ القطبيةِ العالمية وثقلها الجديد، وسبق أن رجحّتُ في مقالٍ سابق أن هذا الصراعَ - رغم ما سيتبعه من تغيرات اقتصادية ومالية وعسكرية وجغرافية مرعبة- سيجعل العالمَ يستفيق على بروز التنين الصيني الذي آثر حالة الهدوء المؤقتة، والتي نعتبرها حالة طبيعية يمارسها المنتصر تعكس مدى ثقته وعدم رغبته في مسابقة الأحداث وإفساد مسلسل مسارها. نسأل الله أن يحفظ أوطاننا ويقينا شر هذه الصراعات وأن يخلّص أمتنا العربية من الظلم الجاثم على صدرها وأن ينزع الخنجر المغروس فيها ويعيدها إلى موقعها العالمي وصدارته منتصرةً تزهو بنصرها وتفوقها الحضاري.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني