"الوضع لا يوصف".. الصحة العالمية تندد بالعقبات التي تحد من إيصال المساعدات إلى غزة
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
نددت منظمة الصحة العالمية الخميس بالعقبات الكثيرة التي تحد بشكل كبير من وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حيث تشتد الحاجة إليها.
وطالب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي في جنيف "على الأقل بهدنة إنسانية"، مؤكداً أن الوضع "على الأرض في غزة لا يوصف".
واستنكر مسؤول الطوارئ في المنظمة مايك راين العقبات التي تحول دون توزيع المساعدات عند دخولها القطاع الفلسطيني.
وقال راين إن "نقل الشاحنات عبر الحدود شيء، وإيصالها إلى حيث تكون هناك حاجة إليها شيء آخر، ولم يتم تسهيل ذلك ودعمه، بل العكس".
تعوزنا الكلمات لوصف الرعب الذي يتكشف في غزة.لدى إسرائيل متطلبات صارمة للغاية بشأن ما يمكن أن يدخل إلى قطاع غزة، وفي رفح، لا تزال أطنان من المساعدات تتراكم على الجانب المصري من المعبر الحدودي، في انتظار خضوعها للتفتيش الإسرائيلي، وفق مسؤول أميركي.
وأكد مايك راين "في الوقت الحالي... وكل من يقول إن المساعدات الإنسانية تصل مخطئ".
وأضاف وقد بدا عليه الغضب "بصراحة، لقد سئمت من سماع أننا نتلقى كل هذه الضمانات غير الموجودة على أرض الواقع للأشخاص الذين نعمل معهم"، مردفاً "المسؤولية تقع على عاتق جميع أطراف النزاع لتمكين إعادة إمداد هذه المستشفيات".
وشدد على أن "سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية خاصة لضمان لا فقط حماية هذه المرافق، ولكن أيضاً تزويدها لتلبية احتياجات السكان الذين تخدمهم".
ويخضع القطاع الصغير منذ 9 تشرين الأول/أكتوبر إلى "حصار مطبق" من إسرائيل التي حرمته من إمدادات الماء والكهرباء والوقود.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "تعوزنا الكلمات لوصف الرعب الذي يتكشف في غزة".
وأوضح أن المستشفيات مكتظة بالجرحى الذين يرقدون في الممرات، والمشارح مكتظة، والأطباء يجرون عمليات من دون تخدير.
شاهد: مظاهرات في باريس تنديدًا بالحرب الإسرائيلية على غزةخلال زيارته إلى تل أبيب.. بلينكن: سأبحث بشأن خطوات ملموسة لتقليل الأذى بحق المدنيين في غزةفيديو: "شوية أكفان وبسكوت خربان".. فلسطينيون يأخذون صناديق من شاحنة مساعدات بعد انقلابها قرب رفحكذلك عاد مايك راين إلى الجدل الدائر حول مستشفى الشفاء في شمال غزة الذي وصفته إسرائيل بأنه "مركز قيادة" لحركة حماس.
وقال "نحن نعلم ما يحدث فوق الأرض... وليس لدينا معلومات عما قد يحدث في مكان آخر أو تحت هذه المنشآت".
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد كيف اعترضت منظومة "السهم" صاروخ كروز أُطلق من جنوب البحر الأحمر باتجاه المجال الجوي الإسرائيلي مطالبًا بإزالة تمثال سليماني.. الاتحاد الآسيوي يعتبر سيباهان الإيراني خاسراً أمام الاتحاد السعودي منظمة الصحة العالمية تدعو إلى هدنة إنسانية عاجلة في غزة منظمة الصحة العالمية مستشفيات رفح - معبر رفح غزة المساعدات الانسانية الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمية مستشفيات رفح معبر رفح غزة المساعدات الانسانية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة حركة حماس إسرائيل فلسطين الشرق الأوسط قصف طوفان الأقصى قتل قطاع غزة حزب الله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة حركة حماس إسرائيل فلسطين الشرق الأوسط الصحة العالمیة یعرض الآن Next فی غزة
إقرأ أيضاً:
العدوان الإسرائيلي يغتال فرحة أطفال غزة
غزة- «عمان»- بهاء طباسي: في صباح عيد الفطر، استيقظ الطفل أحمد سعيد (10 أعوام) على أمل العثور على بقعة يلعب فيها ويمضي وقتًا سعيدًا، كما كان يفعل في الأعياد السابقة. ارتدى ملابسه المتواضعة، التي لم تكن جديدة هذا العام بسبب إغلاق المعابر ومنع دخول الملابس إلى قطاع غزة، وانطلق يبحث عن متنزه قريب. كانت خطواته الصغيرة تقوده عبر شوارع حي الزيتون، حيث تحولت المنازل إلى أنقاض، والطرقات إلى مساحات موحشة تملؤها خيام النزوح.
توقف أحمد أمام موقع المتنزه الذي كان يملأه الضحك والألعاب في الأعياد الماضية. لم يجد سوى أرض جرداء تملؤها الحجارة وبقايا الألعاب المحطمة. تذكر كيف كان يركض مع أصدقائه بين الأراجيح والزحاليق، وكيف كانوا يتبادلون الحلوى ويضحكون بلا هموم. الآن، لم يبقَ من تلك الذكريات سوى صدى في ذاكرته الصغيرة.
بخطوات مثقلة، توجه أحمد نحو خيام النزوح التي نُصبت مكان المنازل المدمرة. رأى أطفالًا آخرين يجلسون بصمت حول أرجوحة واحدة، عيونهم تائهة تبحث عن فرحة العيد المفقودة. اقترب من صديقه خالد، الذي فقد والده في القصف الأخير، وجلس بجانبه دون أن ينبس بكلمة. كان الصمت أبلغ من أي حديث، حيث تشارك الصديقان حزنهما العميق.
في زاوية الخيمة، جلست أم أحمد تحاول تهدئة طفلها الأصغر الذي كان يبكي جوعًا. لم تكن هناك حلوى العيد التي اعتادوا تحضيرها بسبب نقص الوقود وارتفاع أسعار المواد التموينية. حتى العيدية، تلك النقود البسيطة التي كانت تُدخل البهجة إلى قلوب الأطفال، غابت هذا العام بسبب الفقر المدقع وانشغال الأهل بتأمين لقمة العيش.
هذا المشهد المؤلم يعكس واقع آلاف الأطفال في قطاع غزة الذين حُرموا من فرحة العيد بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر. تحولت الأماكن التي كانت تملؤها الحياة والبهجة إلى ساحات دمار وخيام نزوح، وغابت مظاهر الاحتفال التي كانت تُدخل السرور إلى قلوب الصغار.
تعمد الاحتلال إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع، بما في ذلك الملابس الجديدة، جعل الأطفال يرتدون ملابسهم القديمة في العيد، مما زاد من شعورهم بالحرمان والتمييز. كما أن تدهور الأوضاع الاقتصادية وانشغال الأهل بتأمين الاحتياجات الأساسية أدى إلى غياب العيديات والحلوى، مما أفقد العيد معناه وفرحته.
في ظل هذه الظروف القاسية، يعاني الأطفال من آثار نفسية عميقة تترك ندوبًا في نفوسهم الغضة. فقدان الأمان، مشاهدة الدمار، وفقدان الأحبة، كلها عوامل تساهم في زيادة معدلات الاضطرابات النفسية بينهم، مما يستدعي تدخلات عاجلة لدعمهم نفسيًا واجتماعيًا.
تجلس سارة محمد (10 سنوات) أمام خيمتها المؤقتة، تحدق في الفراغ بعينين غارقتين في الحزن. تقول بصوت خافت: «كنت أنتظر العيد بفارغ الصبر لأرتدي فستاني الجديد وألعب مع صديقاتي في المتنزه. لكن الآن، لا يوجد فستان جديد، ولا متنزه، ولا صديقات. كل شيء اختفى»
تتذكر سارة كيف كانت والدتها تحضر كعك العيد في الأيام السابقة للعيد، وكيف كانت تساعدها في تشكيله وتزيينه. تقول لـ«عُمان»: «هذا العام، لم نصنع الكعك. لا يوجد طحين، ولا سكر، ولا حتى غاز للطهي. أشعر أن العيد لم يأتِ».
تضيف سارة بحزن: «أفتقد والدي الذي استشهد في القصف. كان دائمًا يعطيني عيدية ويأخذني لشراء الألعاب. الآن، أشعر بالوحدة والخوف».
«عيد بلا عائلة»
أما أسامة زيد (12 عامًا)، الذي كان يُعرف بين أصدقائه بروحه المرحة وابتسامته الدائمة، يبدو اليوم شاحب الوجه، مثقل الخطى. يقول: «في العيد، كنا نجتمع مع العائلة ونزور الأقارب. الآن، فقدت عمي وأبناء عمومتي في الحرب، وبيتنا دُمر بالكامل. لا أشعر أن هناك عيدًا».
يتحدث محمد عن تجربته في النزوح: «نعيش الآن في خيمة مع مئات العائلات. لا خصوصية، ولا راحة. حتى الماء والطعام بالكاد يكفيان. كيف يمكن أن نفرح في مثل هذه الظروف؟».
يضيف لـ«عُمان»: «أحلم بالعودة إلى مدرستي، بلعب كرة القدم مع أصدقائي، بعيش حياة طبيعية. لكن كل شيء تغير، وأخشى ألا يعود كما كان».
وأمسكت ليلى الخالدي (8 سنوات)، بدميتها القديمة، التي نجت من القصف، وهي تجلس بجوار والدتها في خيمتهم بمدينة خانيونس، محاولة التشبث بأي مظهر من مظاهر فرحة العيد، حتى لو كان مجرد ذكرى قديمة، لكنها لم تستطع، وسرعان ما ألقت الدمية المتسخة على طول ذراعيها.
تقول الطفلة الصغيرة ذات الضفائر الجميلة خلال حديثها لـ«عُمان»: «كنت أحب العيد لأنه يعني الملابس الجديدة والحلوى واللعب مع أصدقائي. الآن، لا شيء من ذلك موجود. العيد أصبح مجرد ذكرى قديمة مغبرة تُشبه هذه الدمية».
تتحدث ليلى عن خوفها المستمر: «عندما أسمع صوت الطائرات أو الانفجارات، أختبئ تحت البطانية وأغلق عينيّ بقوة. لا أستطيع النوم في الليل، وأحلم بكوابيس مخيفة». وتضيف: «أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن أعود إلى مدرستي وألعب مع صديقاتي دون خوف».
أرقام الموت.. وجراح لا تندمل
تظهر الإحصائيات الحديثة أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلَّف كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تشير تقارير وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن أكثر من 15 ألف طفل قُتلوا منذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 وحتى 25 مارس 2025، بينما يعاني عشرات الآلاف من إصابات بليغة، بعضها أدى إلى فقدان الأطراف أو إصابات دائمة سترافقهم مدى الحياة. إضافة إلى ذلك، فإن الأثر النفسي لهذه الحرب لا يمكن حصره في الأرقام فقط. تفيد الدراسات الميدانية أن أكثر من 80% من الأطفال في غزة يعانون من اضطرابات نفسية حادة تشمل القلق المزمن، نوبات الذعر، وصدمات ما بعد الحرب، حيث أصبح الخوف والرعب جزءًا من حياتهم اليومية. كثير من الأطفال فقدوا ذويهم أمام أعينهم، وبعضهم انتشل أشلاء أصدقائه أو أفراد عائلته بيديه، وهي تجارب تفوق قدرة أي طفل على الاحتمال.
في حديثه لـ«عُمان» الدكتور سامر سليمان الله، أخصائي الطب النفسي للأطفال في غزة، أوضح أن «أطفال القطاع يعانون من أزمات نفسية مركبة؛ بسبب تكرار دورات العنف والحرمان المستمر».
وأضاف: «المشاهد اليومية من القصف، فقدان الأحبة، والعيش في بيئة غير آمنة تؤدي إلى تشكل صدمات نفسية شديدة تجعل من المستحيل تقريبًا أن يعيش هؤلاء الأطفال طفولة طبيعية».
وأوضح أن بعض الأطفال الذين كانوا يحلمون بمهن مستقبلية أصبحوا اليوم يعانون من اضطرابات في النوم، فقدان الشهية، وكوابيس مستمرة تلاحقهم كل ليلة. «طفل في السابعة من عمره أخبرني أنه لم يعد يحلم بأن يصبح طبيبًا أو مهندسًا، بل يريد فقط أن يعيش ليوم آخر دون أن يُقتل»، قال الدكتور سامر بحزن. وأشار أيضًا إلى أن مظاهر العيد التي كانت توفر مساحة للفرح واللعب قد اختفت تمامًا، ما زاد من شعور الأطفال بالعزلة واليأس: «الأعياد كانت تمثل محطة استراحة نفسية لهم، لكن مع غياب الحلوى، الملابس الجديدة، والألعاب، أصبح العيد يومًا عاديًا لا يختلف عن بقية أيام الحرب والدمار».
من جانبه، قال الدكتور محمود الجمل، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إن الأطفال الذين نشأوا وسط الحروب عادةً ما يعانون من انعدام الإحساس بالأمان، مما يؤدي إلى ظهور اضطرابات مثل العنف الداخلي أو العزلة الاجتماعية.
وأوضح، لـ«عُمان»: «حين يفقد الطفل عائلته أو منزله أو حتى لعبته الوحيدة، فإنه يفقد جزءًا من ذاته. فما بالك بأطفال لملموا أشلاء عوائلهم وأقرانهم. هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى دعم نفسي مكثف وطويل الأمد حتى يستطيعوا إعادة بناء حياتهم العاطفية والنفسية».
العيد بلا عيد
وتابع بنبرة تنم عن الأسى: «في غزة، لم يكن هناك عيد للأطفال هذا العام. اختفت أراجيح المتنزهات تحت ركام القصف، وغابت الحلوى عن الموائد، وخلت الجيوب من العيديات. كانت الأعياد دومًا محطة فرح للأطفال، لكن هذه المحطة تحولت إلى ساحة من الحزن والخذلان». الطفل أحمد، الذي بدأنا تقريرنا بقصته، عاد إلى خيمته بعد جولة البحث عن فرحة العيد، جلس قرب والدته، وهمس بصوت يملأه الحزن: «ماما، متى سيعود العيد علينا مثل بقية الخلق؟». لكن في غزة، لا أحد يملك إجابة لهذا السؤال.