تحالف القوى المدنية بشرق السودان، قال إن الاحصائيات التي وردت في تقرير منظمات دولية عن السودان، تضع أطراف الحرب أمام مسؤولية وقفها والحفاظ على ما تبقى من أرواح السودانيين.

الخرطوم: التغيير

وصف تحالف القوى المدنية والسياسية في شرق السودان، التقرير الذي اصدرته منظمات دولية عاملة بالسودان (USAID, iMMAP, Data Friendly)، بأنه حوى أرقاماً مرعبة عن الشهور الستة التي أعقبت الحرب في البلاد.

وقال الناطق باسم التحالف صالح عمار في بيان صحفي، الخميس، إن التقرير الذي اطلع عليه يكشف عن تفاقم تدهور الأوضاع الإنسانية بسبب الحرب في السودان، واعتبر أنه مثير للذعر.

وأضاف بأن من بين الأرقام المرعبة مقتل (9) آلاف مدني وارتفاع اعداد الذين يعانون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد من (16.2) مليون إلى (20.3) مليون شخص (42% من سكان السودان) ووجود (11) مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الطبية العاجلة و(17) مليون شخص يواجهون نقص في الحصول على المياه النظيفة و(19) مليون طفل خارج المدارس، وتسجيل البلاد لأكبر عدد من النازحين في العالم بما يفوق سبعة ملايين وغيرها من الإحصاءات المثيرة للذعر.

مسؤولية أخلاقية

وتابع بأن التقرير كشف أن (1.418.003) شخص في ولاية كسلا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (49% من سكان الولاية) و(507.789) في ولاية البحر الاحمر (31% من السكان) و(773.103) في ولاية القضارف (28% من السكان)، فيما يتزايد الانهيار في مؤشرات خدمات الصحة والتعليم والإيواء مصحوباً بارتفاع سريع في معدلات زيادة الأسعار.

واعتبر أن هذه الاحصائيات تضع أطراف الحرب أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية لوقفها والحفاظ على ما تبقى من أرواح السودانيين وممتلكاتهم وإرثهم.

وجدد المناشدة لكل القوى الحية بشرق السودان للعمل من أجل السلام والتمسك به، وقال: “يكفي أن ولاية كسلا وهي الآن ليست جزءاً من مناطق الحرب تسجل معدلات انعدام أمن غذائي شملت حوالي مليون ونصف من سكانها وهو معدل أعلى حتى من بعض الولايات التي تعاني من الحرب (يمكننا تخيل الحال إذا امتدت إليها الحرب)”.

وجدد البيان دعم مفاوضات جدة ومجهودات القادة المدنيون لتوحيد القوى المدنية في أديس أبابا تحت سقف (تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم)، ووصفها بأنها خطوات إيجابية نحو الوصول إلى وقف إطلاق النار والشروع في عملية سياسية تضمن ميلاد دولة جديدة تعبر عن تنوع السودانيين وأحلامهم المشروعة التي ضحوا من أجلها في ديسمبر (حرية سلام وعدالة- مدنية خيار الشعب).

الوسومالأطفال البحر الأحمر التعليم القضارف القوى المدنية والسياسية بشرق السودان اللاجئين حرب السودان صالح عمار كسلا منظمات دولية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأطفال البحر الأحمر التعليم القضارف اللاجئين حرب السودان صالح عمار كسلا منظمات دولية القوى المدنیة بشرق السودان منظمات دولیة

إقرأ أيضاً:

بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

تناقلت الأسافير تهديدًا نُسب إلى بعض قيادات “تقدم”، مفاده أنهم يعتزمون فك الارتباط عن المجموعة التي قررت تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع. إلا أن الخبر لم يحمل تفاصيل كافية، بل اكتفى بنشر صور بعض القيادات المعروفة للحركة مع النبأ المقتضب.

بطبيعة الحال، يمكن للأسافير أيضًا أن تنشر أخبارًا وصورًا لمختلف القيادات المكونة لـ”تقدم”، خاصة أولئك الذين ينادون بوقف الحرب وتأسيس حكومة سلام ووحدة، تسعى لنزع الشرعية عن سلطة الأمر الواقع القابعة في بورتسودان. كما يمكن لهذه المنصات أن تجري مقارنات عددية وديموغرافية بين الفصيلين داخل “تقدم”، متناسية النقاشات والقرارات التي تمخض عنها الاجتماع التأسيسي الثاني للحركة، الذي عُقد في عنتيبي، أوغندا، في ديسمبر ٢٠٢٤، حيث تم الاتفاق على أن تُحسم مثل هذه القضايا الأساسية بالتوافق.

لم يكن لهذا الاجتماع التأسيسي الثاني أن يُقر مبدأ التوافق إلا لضمان وحدة “تقدم” ومنع أي محاولات للانقسام، ناهيك عن منح أي طرف حق إصدار “ورقة انفصال” أو “طلاق سياسي” للأطراف الأخرى.

**تقدم: التعددية والوحدة رغم الاختلاف**

عند التأمل في المشهد العام لـ”تقدم”، نجد أنها تمثل طيفًا سودانيًا متنوعًا، يسعى أصحابه إلى وحدة المصير رغم الاختلافات، ويتبنون نهجًا سلميًا لمعالجة التباينات في الرأي والمنهج.

كذلك، لا يغيب إلا على مغرض أو من هم في غيبوبة سياسية، أن دعاة الحكومة الشرعية يسعون إلى طرح بديل حقيقي لحكومة الانقلاب الكيزانية، التي ارتكبت الفظائع ضد المدنيين، من قتل الأطفال واغتصاب النساء إلى بقر بطون الحوامل، وحمل الرؤوس المقطوعة على فوهات البنادق. ولا يغيب على عاقل أو حادب أن دعاة حكومة السلام يرون أن الحل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان يكمن في إعلان حكومة شرعية في المناطق التي يمكن لثمانية عشر مليون لاجئ ونازح العودة إليها، تحت حماية إقليمية ودولية.
• *إن حكومة كهذه لن تُقدِم على تغيير العملة لإرهاق سكان ١٢ أو ١٣ ولاية سودانيةودفعهم إلى الهجرة القسرية.
• *ولن تمنع طلاب السودان من أداء امتحانات الشهادة الثانوية.
• *ولن تلغي جوازات سفر الغالبية العظمى من المواطنين.

بل سيكون هدفها إعادة بناء البنية الاقتصادية والصناعية التي دمّرها سلاح الجو التابع للفلول، مستعينًا بسلاح الجو المصري. كما ستركز على إعادة إعمار الجسور والمستشفيات والجامعات التي استهدفتها الغارات الجوية، في محاولة لتحقيق حلم **دولة البحر والنهر**الانفصالية، أو إعادة إحياء مشروع **دولة وادي النيل**الاستعمارية، التي تسعى إلى ضم السودان تحت النفوذ الاستعماري المصري من جديد.

ولكن، هل يمكن تحقيق هذا المشروع دون إرادة السودانيين؟ وهل يمكن فرض واقع سياسي جديد دون توافق القوى الفاعلة في البلاد؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي تتجاهله بعض الأطراف المتحمسة لحلول غير واقعية، تتجاهل تعقيدات المشهد السوداني.

**بين التوافق والانقسام: المسار المستقبلي لـ”تقدم”**

إن جوهر الصراع داخل “تقدم” ليس مجرد انقسام بين تيارين، بل هو صراع بين رؤيتين:
• *رؤية تدعو إلى الحل السياسي السلمي، عبر إعادة بناء السودان وفق مشروع وطنيشامل يستند إلى التعددية والعدالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
• *ورؤية أخرى تميل إلى الاصطفاف مع الأمر الواقع، إما بالانخراط في مشاريعسلطوية لا تعكس الإرادة الشعبية، أو بالانسياق وراء خطابات العنف والتقسيم، أوعبر تحقيق الرؤية الكيزانية التمكينية التي ترى السودان ليس وطناً لكلالسودانيين، بل ملكية خاصة للإسلاميين، حيثما كانوا.

لقد أكّد الاجتماع التأسيسي الثاني في عنتيبي أن “تقدم” ليست مجرد تحالف عابر، بل مشروع وطني يسعى إلى توحيد القوى الديمقراطية والمدنية خلف رؤية واضحة لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة. ومن هنا، فإن أي محاولات لإحداث انقسام داخلي أو فرض خيارات غير توافقية لن تؤدي إلا إلى إضعاف المشروع الوطني برمته.

**تحديات المرحلة المقبلة**

إن المشهد السوداني اليوم يواجه تحديات كبرى، تتطلب رؤية واضحة لمواجهتها، وأبرز هذه التحديات:

١- استمرار الحرب وآثارها المدمرة، حيث تسببت الصراعات المسلحة في تهجير الملايين وتدمير المدن والبنية التحتية.
٢- غياب سلطة مركزية شرعية، مما يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية والمشاريع التي تسعى إلى إعادة رسم خريطة السودان وفق مصالح إقليمية ودولية.
٣- الانقسامات داخل القوى المدنية والمقاومة، مما يُضعف قدرتها على تشكيل بديل حقيقي يحظى بقبول محلي ودولي.
٤- التدخلات الأجنبية، التي تسعى إلى فرض حلول قد لا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوداني وطموحات شعبه.

**ما العمل؟**

لمواجهة هذه التحديات، تحتاج القوى المدنية الديمقراطية داخل “تقدم” وخارجها إلى:
• *التمسك بوحدة الصف، وعدم السماح بأي محاولات لتمزيق الصفوف لصالحأجندات خارجية أو شخصية.
• *العمل على مشروع “الجمهورية الثانية”، كبديل لدولة ١٩٥٦، وهو مشروع وطنيشامل يعكس تطلعات السودانيين في إقامة دولة ديمقراطية عادلة، دون استثناءأو إقصاء؛ دولة قادرة على معالجة جراح التهميش والصراعات التي طغت علىسياسات البلاد منذ الاستقلال.
• *التواصل مع القوى الإقليمية والدولية، لتوضيح أن أي حل لا يأخذ في الاعتبارمصالح الشعب السوداني الحقيقية لن يكون قابلًا للاستمرار.
• *رفض أي تدخلات تهدف إلى فرض وصاية خارجية، سواء عبر دعم طرف معين فيالصراع، أو عبر مشاريع سياسية واستعمارية لا تحترم إرادة الشعوب السودانية.

**الخاتمة**

إن “تقدم”، بمختلف أطيافها، أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تكون قوة موحدة تسعى إلى إعادة بناء السودان على أسس سليمة، أو أن تنجرّ إلى صراعات داخلية تُضعف موقفها وتمنح الفرصة لقوى الثورة المضادة لترسيخ سيطرتها.

المعركة اليوم ليست فقط حول تشكيل حكومة هنا أو هناك، بل هي معركة من أجل مستقبل السودان كدولة موحدة، ديمقراطية، ومستقلة عن أي نفوذ خارجي.

التاريخ لن يرحم أولئك الذين يضعون المصالح الضيقة فوق المصالح الوطنية، ولن يغفر لأولئك الذين يسعون إلى تقسيم السودان أو رهن قراره للخارج. الخيار الآن في يد السودانيين: إما السير في طريق الوحدة والسلام، أو الاستمرار في دوامة الانقسام والصراع.

نواصل

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٩ يناير ٢٠٢٥ - روما، إيطاليا

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • تور يصل ولاية النيل الأبيض .. حماية مناطق الهشاشة
  • بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم
  • الحكومة الأصلية بانتظار إشارة دولية وسلام حدد ثوابت رئيسية
  • وزارة التربية والتعليم تناقش مع منظمات دولية ومحلية ‏خطتها وأولويات النهوض بالواقع التربوي
  • ‏الأمم المتحدة: مقتل 18 شخصًا بتحطم طائرة في "ولاية الوحدة" في جمهورية جنوب السودان
  • السودان: تصاعد انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في ولاية الجزيرة
  • القوى المدنية ودورها في صنع طريق السلام في السودان
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
  • «ألعاب القوى» تُدشن «دولية فزاع» لأصحاب الهمم 10 فبراير
  • الإسلاميون السودانيون وقطر- مخاوف القوى المدنية من التسريبات الأخيرة